الثلاثاء، 28 مايو 2013

من قس بن ساعدة الى بشار الاسد

بسم الله الرَّحمنِ الرَّحيم


مِنْ عَبدِ اللهِ قِس بِنْ سَاعِدة إلى بشَّارِ الأسَد ، السَّلامُ على من اتَّبَعَ الهُدى أمَّا بَعد :

بَلغَنِي أنَّ كِلابَ صَيْدِكَ عثَرتْ على رسَالتِي السَّابِعَة لأمِيرِ المُؤمنينَ عُمرَ بن الخَطابِ ، ومِنْ نُباحِهِم الحَادّ في التَّهديدِ فهمتُ أنَّ سِيَادَتكَ مُمتَعِضٌ مما جَاءَ فِيها !
فِي الحَقيقةِ لستُ بِصَددِ مُناقَشَةِ مِزاجِكَ ، فَرِضَاكَ أو سَخَطِكِ لا يدخُلان ضمنَ هُمومِي اليَوميَّة !
وأنَا إذ أكتبُ إليكََ فإنِّي أعلمُ يقيناً أنَّكَ لا تَستحِقُّ ثمنَ هذِه الوَرقَةَ التي أكتبُ لكَ عليهَا ، ثِقْ أني سَأغسِلُ دفتَرِي سَبْعاً إحدَاهُنَّ بالتُّرابِ لمجيءِ اسمك عليه !
قدْ تسأل مَادامَ الأمرُ كذلكَ ، فلِمَ أكتبُ إليكَ ؟
يُمكنكَ أن تعتبِرَ هذِهِ الكَلمات صَدقةً منِّي فالأحمقُ المُطاعُ ممن تجُوزُ عليهم الصَّدقة !
لنتَّفقَ أولاً أننا لسنَا في مَجلسِ الشَّعبِ ، فلا تتوقعَ مني أنْ أخبركَ أنَّ قيادةَ العَربِ قليلةٌ عليكَ ، وأنكَ يجب أنْ تقودَ العَالم ، فلو كَانَ عندِي عنزة مَا أوكلتُ إليكََ أمرَ رعَايتِهَا !
ولنتَّفِق ثَانياً أنْ لا شَيءَ شَخصيٌ بينِي وبينَكَ ، فلستُ مَلكاً ضَليلاً صَادرَ أبوكَ مُلكَ أبي ، إنَّ الأمرَ قصَّةَ مبدَأ ، وهَذا شَيءٌ لا يمكِنُ المُسَاومَةُ عليهِ ، وإنَّ الذي تُهددني به لهُوَ الذي أحلمُ بهِ ، فوربّي إنّ ميتةً في حقّ خيرٌ من عمرٍ في بَاطِلٍ !
لنترَكَ قصَّة حيَاتِي أو مَوتِي جَانباً فهذا شَيءٌ لا تملِكُه أنتَ ولا أنا فقد رُفعت الأقلامُ وجفَّت الصُّحفُ !
ولنتحَدَّث عنكَ أنتَ
أخبِرنِي عن حَكَايَا قصَّها عليكَ أبُوكَ قبَْلَ النَّومِ
هَلْ حدَّثكَ عن حَاكِمٍ كانَ إذا سَارَ في الطَّريقِ أخذَ أطفَالُ النَّاسِ بثَوبِهِ مُرددينَ : يا أبتَاهُ ، يا أبتَاهُ ، ثمَّ ماتَ فكُتبَ عندَ اللهِ صِدِّيقاً
وعن ثانٍ كانَ يخشَى أن تتعثَّرَ دابةٌ فيسأله الله لِمَ لَمْ تُصلح لهَا الطريقَ يا عُمر !
وثَالثٍ تَسَوّرَ عليه المُندسُون المِحرابَ فقَالَ لمن جَاؤُوا يُدافعُون عنه مَنْ يرى أنَّ لنَا عليهِ حقَّ الطَّاعةِ فليسَعْه بيتُه ولينَمْ سيفُه فِي غِمدِه فإنِّي أحبُّ أنْ ألقى اللهَ وليسَ عليّ دَمٌ إلا دَمِي !
وعن رابِعٍ كانَ يَحُجُّ عاماً ويغزُو عاماً دونَ أن تكُونَ له هضبةٌ مُحتلة !
وعن خامسٍ أقسمَ أنْ لا يبتسِمَ والمَسْجِدُ الأقصَى أسَير !
وعن سادسٍ رأى أنَّ تجهيزَ جيْشٍ للدِّفَاعِ عن حُرمةِ امرأةٍ واحدةٍ استصرخته أيسر مِن الإحتفاظِ بحقِّ الرَّدِ بمَكَانٍ مُناسب ووقتٍ مُناسبٍ نَعرِفُ أنه لن يأتي !
أَخَلَتْ أقَاصيصُكُم من كلِّ هؤلاء ؟!
هلْ حدَّثكَ إذاً عن طَعْمِ مَاءِ البَحرِ في فَمِ فِرعون
أو عن دُف النِّعالِ على رأسِ النَّمرُود

إنَّ الرَّعيةَ لا تُساسُ إلا بطريقَةِ عُمر بن عبد العَزيزِ أو بطَريقَةِ الحَجَّاجِ وقَد اختَارَ أبُوكَ الطريقَةَ الأصعَب فكَانَ باقتدارٍِ حجَّاجَ هذا العَصْرِ !
ثُمَّ مَاذا ؟
أينَ هُو اليوم ؟
ومَاذا سيقُولُ لله إذا نُصبت الموازينُ وجاءَ ثلاثُونَ ألفاً بدمَائِهِم وقَالُوا : يا رب سَلْهُ لِمَ قتَلنَا ؟!
وقد اختَرتَ أنتَ أيضاً الطريقةَ الصَّعبةَ وغداً ستكونُ بين يدي المَلِكِ بِلا جيشٍ ، ولا جِهازِ مُخابراتٍ ، ولا حِزب البَّعثِ ، ولا قناةَ دُنيا والتلفزيون الرِّسمي السُّوري ، فماذا ستقول للملك ؟!
إنَّ أباكَ قد أفضَى لما قدّم ، ولكنْ أنتَ ما زالَ أمَامَكَ فُرصَة أخيرة فلا تُضيِّعها ، أصلِحْ ما بينك وبينَ اللهِ يُصلحِ اللهُ ما بينَكَ وبينَ رعيتكَ ، ادفَع دِيات الذين قتلتهم ، وقبّل قدَمَ أمٍ أثكلتَها ، وزوجةٍ رملتَها ، وطفلٍ يتَّمتَه ، أعن الفقيرَ على الرَّغيفِ ، واربت على كتفِ الخَائِف ، وكُن دواءً للمريضِ يا طَبيب !
أرجُو أن تقرأ هذه الكَلمات فَما كتبتُ إلا لكَي تقرَأ
وستكُون هذه الكلمات إمَّا حُجةً لكَ أو عليكَ ، أما أنا فقد حَزمتُ أمري ألّا أُهادِنَ طَاغيةَ ولو كان جيشُه بعتبةِ بيتِي
بِودِّي أن أُقرؤكَ السَّلام ختاماً ولكنَّكَ وأنتَ على هذِه الحال فلن تَسمَعَ منِّي إلا البَراءَ !

قس بن ساعده

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق