صار تحليل غيدنز لكتابات ماركس، ودوركهايم، وفيبر نصاً كلاسيكياً بالنسبة إلى أي دارس يسعى إلى فهم المفكرين الذين أرسوا ركائز الإطار الأساسي للسوسيولوجيا المعاصرة.
تشتمل الأجزاء الثلاثة الأولى من الكتاب، وهي قائمة على تحليل نصي دقيق ومحكم لجملة المصادر الأصلية، على معالجات منفصلة للمؤلفين الثلاثة. يقوم غيدنز بإلقاء الضوء على الاتساق الداخلي لمساهمات هؤلاء المفكرين في صرح النظرية الاجتماعية. أما الجزء الأخير فيناقش أمهات الطرق التي يمكن اعتمادها لمقارنة ماركس وبالمؤلفين الآخرين، ويعالج عدداً من التصورات الخاطئة لبعض الآراء التقليدية حول الموضوع.
مقتطفات من الكتاب
هذا الكتاب ألف للاعتقاد بوجود شعور واسع بين علماء الاجتماع بأن النظرية الاجتماعية المعاصرة تحتاج الى مراجعة جذرية ولا بد لمراجعة من هذا القبيل أن تنطلق من اعادة النظر في مؤلفات أولئك الكتاب الذين أسسوا الاطارات المرجعية الرئيسية لعلم الاجتماع الحديث وبالنسبة لهذا الموضوع ترد ثلاثة أسماء قبل كل الأسماء الأخرى : ماركس ودركهايم وماكس ويبر .
وأهداف من هذا الكتاب الى أمرين : أولا القيام بتحليل دقيق ومع ذلك شامل للأفكار السوسيولوجية لدى هؤلاء المؤلفين الثلاثة : ثانيا : فحص بعض نقاط الاختلاف الرئيسية بين آراء ماركس المميزة من جهة وآراء الكاتبين الأخيرين من جهة أخرى .
ولا أدعي أنني أزود القارئ بأي نوع من التقويم الشامل للعلاقة بين علم الاجتماع " الماركسي " وعلم الاجتماع " البرجوازي " لكن آمل أن يتمكن هذا الكتاب من المساعدة في انجاز المهمة التمهيدية المؤلفة من شق طريق خلال الىراء المتشابكة المؤيدة والمعارضة التي أحاطت بالجدل حول هذه القضية وكان لا بد لي من تناول جانب كبير من الموضوع المألوف لكن الدراسات الحديثة ألقت ضوءا على جوانب أساسية من كتابات المؤلفين الثلاثة كلهم , وأعتقد أن تحليلي يختلف كثيرا عن بعض الأعمال المعروفة في الحقل .
لا ارغب طبعا في اثبات أن كتابات المؤلفين الذين يتناولهم هذا الكتاب تمثل التيارات المهمة الوحيدة للفكر الاجتماعي الذي أصبح جزءا من علم الاجتماع على النقيض من أهم الخصائص التي تلفت النظر في الفكر الاجتماعي خلال المائة سنة من 1820 الى 1920 الحجم الزائد من أشكال النظرية المختلفة التي نشأت خلال تلك الفترة .
فأعمال المفكرين المعاصرين لماركس من قبيل توكفيل وكومت وسبنسر تبقى ذات علاقة بمشكلات علم الاجتماع الحديث .
وقد يكون منطقيا أكثر لو أمكن ادراج هؤلاء المؤلفين موضوعا للمناقشة التفصيلية في هذا الكتاب . وقد قررت ألا أفعل هذا جزئيا لأسباب تتصل بضيق المجال وجزئيا لأن تأثير ماركس هذه الأيام أعظم جدا من تأثير أي من هؤلاء الكتاب " وهو كذلك حقا على أساس المحتوى الفكري الأعمق في أعمال ماركس " يضاف الى هذا أن معظم الفروع الغالبة أو المسيطرة أو السائدة في النظرية الاجتماعية الحديثة يمكن ارجاعها وان باضافات وتعديلات متوسطة عديدة الى المؤلفين الثلاثة الذين ركزت عليهم في هذا الكتاب .
من الواضح أن أعمال ماركس هي المصدر الأساسي لمختلف أشكال الماركسية الجديدة المعاصرة ويمكن أن نعد كتابات دركهايم الوحي السائد الكامن وراء المذهب " الوظيفي – النبيوي " وبعض الأشكال الحديثة لفلسفة الظواهر مستمدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من كتابات ماكس ويبر .
يضاف الى هذا أنه في حقول نوعية أكثر مثل دراسة الطبقات الاجتماعية والدين ....الخ كان لماركس ودركهايم وويبر تأثير جذري
وكما أشار دركهايم ذاته في افتتاحية كتاب عن كانت من تأليف صديقه وزميله هاميلين كل من يرغب في تصوير تفكير الناس من عصر مختلف عن عصره يولجه معضلة معينة اما أن يحتفظ بالمصطلحات الأصلية التي استخدمها المؤلف في كتابه وفي هذه الحالة يتعرض لخطر ظهور ما يعرضه بمظهر المتخلف عن العصر ولهذا يكون غير مناسب للأزمنة الحديثة أو هو يحدث عن وعي مصطلحاته .
بيانات الكتاب
تأليف : أنطوني غيدنر
الترجمة : أديب يوسف
الناشر : دار الكتاب العربي
عدد الصفحات : 299 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت