يعرض هذا الكتاب لنشأة وتطور الدعوة الإسلامية في العصر الحديث. فيخصص فصلًا لدعوة جمال الدين الأفغاني التي قامت من منطلق الإسلام كصيحة تحرير من الاستعمار والاستبداد. في الثلاثينات ظهر حسن البنا ووضع التنظيم الإسلامي الأم "الإخوان المسلمين" كما قدم نظرية للإسلام كمنهج حياة.. وبذلك ظهر "المشروع الإسلامي".
ولكن الاغتيال الأشيم للإمام حسن البنا وهو في أوج العطاء وما تلى ذلك من أحداث جسام كالانقلاب العسكري في مصر, والسياسة الناصرية, وبروز السعودية والخمينية إلخ.. أوجدت أزمة للدعوة الإسلامية وأظهرت أن الأساس الفكري "السلفية" لا يكفي, ولهذا يجب إبداع دعوة جديدة تكون نقلة نوعية. وتحقق المعايشة الجادة للعصر مع الاحتفاظ بالقيم العليا للإسلام. وفي نظر المؤلف أن مقومات هذه الدعوة يجب أن تكون القرآن والإنسان والزمان.
وقد عايش المؤلف دعوة الإخوان المسلمين منذ طفولتها, وطفولته إذ نشأ معًا في بيت واحد, وتعرف على الرعيل الأول واحتفظ بوشيجة عاطفية معم وإن لم ينضم إليهم بصورة رسمية. وبذلك ألم بالكثير مما لم يقدر لغيره.
تأثر جمال بوالده الراحل أحمد حسن البنا الساعاتي، عالم الحديث، والذي خصص 35 عاما من حياته يكتب سيرة بن حنبل ، وأعجب البنا أيما إعجاب بفكر والده الذي يميل لفقه السنة وليس "فقه المذاهب" الذي يؤسس للتفرقة بين المسلمين، وكذلك صفاته العصامية، وسيعهد البنا فيما بعد بكتاب لتخليد ذكرى والده وشقيقه الأكبر باسم " خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه" جمع فيه قرابة عشرة خطابات أرسلها حسن البنا إلى والده يبدأ أولاها سنة 1926 ــ أي قبل التخرج ــ وآخرها سنة 1945 ، وهي خطابات شخصية جدًا ، ولكن جمال البنا وجد فيها شيئـًا يستحق أن ينشر ويعلن .
عن رؤية الدين لدى والد البنا وشقيقه قال : " كان الإسلام لدي الشيخ أحمد البنا و حسن البنا شيئاً غير الإسلام الشائع " إسلام المذاهب " الذى يدعو له الأزهر" ، الذى حد قوله يفرق المسلمين ، و أن الإسلام كان بعيدا عن الحياة العامة ، و على حد قوله أضفى كل منهما من فهمه للإسلام صفة الموضوعية ، والأصالة ، وإغفال الاختلافات المذهبية الصغيرة ، وإعمال العقل والفكر .
كما أصدر جمال البنا كتابًا بعنوان "ما بعد الإخوان المسلمين" عرض فيه لعمل حسن البنا ، ودوره التاريخي ومواقفه وسياساته التي لا يمكن أن تفهم على حقيقتها إلا في ضوء ما بينه من ملابسات ، ودافع عنه وبرأه مما يرميه به البعض ممن لا يلم بما ألم به جمال البنا .