سيبين لنا هذا الكتاب، الذي يرصد الحركات الأصولية في المشرق وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، كيف تؤدي الأصوليات الثلاث الخدمة لبعضها بعضاً سواء عن تخطيط متعمَّد أو بصورة تلقائية نتيجة لتلاقي مصالحها، وكيف تعتمد جميع الحركات الإيديولوجية واللاهوتية والسياسية التي تنتمي إليها أساليب متماثلة في العنف والأذية عندما تستشعر أي خسارة أو هزيمة مهما صغرت.
مقتطفات من الكتاب
قرع الحادي عشر من أيلول سبتمبر بدء مرحلة وعي الخطر الذي تمثله الاسلاموية , وبالمقابل فانه لم يؤد الى تفكير معمق حول عودة سائر الأصوليات بقوة مع أن هذه الصدمة الجارحة – التي فسرها بعضهم بسرور على أنها صدام حضارات لا يمكن فهمها دون القاء نظرة على عودة الغزوة الدينية التي باشرها في آن معا – الأصوليون اليهود والمسيحيون والمسلمون منذ نهاية السبعينات .
انها ثأر الله اذا استرجعنا صيغة جيل كيبل ,
تشير هذه الحقبة الى منعطف ضمن نطاق عرفت فيه الأديان الموحدة الثلاثة عملية تطرف سياسي في تواريخ متقاربة بشكل مدهش .
ففي شهر أيار – مايو 1977 ولأول مرة في تاريخ اسرائيل أحدثت الأحزاب الدينية خرقا انتخابيا أدى الى منع حزب العمل من تشكيل حكومة مما خدم مصلحة حزب ليكود .
وفي السنة التالية أصبح كارول فوتيلا وهو كاردينال بولوني معروف بتصلبه أصبح البابا يوحنا بولس الثاني وبدأ معه زمن تطرف مواقف الكنيسة الكاثوليكية التي تعزى بشكل خاص الى عودة الكاثوليكيين التقليديين الى الكنيسة بعد أن كانوا وصلوا الى حد الانشقاق عنها تعبيرا عن الاحتجاج ضد المجمع المسكوني المعروف باسم " فاتيكان الثاني " .
حمل العام 1979 خاتم حال راهنة مزدوجة : حال الاسلاموية وحال الأصولية البروتستانتية ففي شباط – فبراير يعلن آية الله الخميني جمهورية ايران الاسلامية الظاهرة الأولى لغزو الاسلاميين مواقع السلطة .
وسنة 1979 هي أيضا موعد ولادة اليمين الديني الأمريكي رسميا بخاصة ولادة التحالفات الكبرى مثل الأكثرية الأخلاقية وهذا يعني بداية استيلاء السلفيين البروتستانتيين على الحياة الداخلية وعلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة .
بعد هذا المنعطف نزعت السمة الاطلاقية في أغلب الأحوال عن التحليلات التي تنبأت بالتبعات الخطرة للصدمة المعاكسة الدينية ومر وقت دون ظهور أية عدوى عالمية بشكل مشهود مما أغرى بعض المحللين بالاعتقاد بشكل ما من أشكال استيعاب الأصوليين واندماجهم وجاء الحادي عشر من أيلول سبتمبر ليعكر تماما هذا التفاؤل ولكن ادراكه تم على أساس أنه عمل ارهابي ينبغي أن يجعلنا واعين الخطر الوحيد : الاسلامي .
أعطى عنف هذا الحدث المشهود أثرا تبشيريا حيث أصبح العمل الانتحاري " الكاميكازه " تجسيدا لهمجية يستمدها الاسلام من جوهره الذاتي ليس هذا فحسب ولكن تجسيدا لهمجية ينبغي أن تنسينا ما عداها كله .
انفعلنا وتأثرنا عندما وصل سيلفيو برلوسكوني الى ادعاء تفوق الغرب ولكننا انضممنا الى صيغة " صدام الحضارات " بل حتى الى حرب الغرب ضد الشرق والخير ضد الشر والمسيحيين ضد المسلميين .... على النقيض – من هذه الرؤية تنافس بعض المفكرين الأوربيين وقد أرعبهم خطر عدوى عنصرية في بذل طاقاتهم لكشف هذا المدى الضروري للقيام بنقد علماني للاسلام .
بيانات الكتاب
تأليف : كارولين فوريست
الترجمة : غازى بو عقيل
الناشر : دار بترا
عدد الصفحات : 368 صفحة
الحجم : 10 ميجا بايت