الكتب في حياة ميللر أو الكتب في حياة أي قاريء حقيقي تغيرت نظرته للكتب من ترف إلى ضرورة حياتية لا يمكن الاستغناء عنها . فهو يؤرخ بعض الأحداث بكتب قرأها و يتحدث أحياناً بلسان إحدى الشخصيات و يرتضي بالذعر و الدهشة إذ يجد ما يعبر عنه تماماً في صفحة لكتاب من قارة بعيدة لرجلٍ على الأغلب فنيت عظامه .
مقتطفات من الكتاب
إن الهدف من هذا الكتاب الذي سيتألف من أجزاء عدة على امتداد السنوات القليلة التالية هو أن احكي قصة حياتي . إنه يحكي عن الكتب كتجربة حيوية و ليس دراسة نقدية و لا يحتوي برنامجا لتثقيف النفس .
إن إحدى نتائج تفحص الذات هذا – ذلك أن هذا ما يصبح عليه هذا الكتاب – هي الأيمان الراسخ بأن على المرء أن يقرأ اقل فأقل و ليس أكثر فأكثر . و كما ستكشف النظرة السريعة إلى الملحق أنا لم اقرأ بقدر ما يقرأ المثقف لست دودة الكتب أو حتى " صاحب الثقافة الجيدة " – لكني قرأت دون أدنى شك مئة كتاب أكثر مما ينبغي أن اقرأ لصالحي . و بقال إن خمس الأمريكيين فقط هم قراء " كتب " . و لكن حتى هذا الرقم الصغير يقرؤون أكثر مما ينبغي . و ليس هناك احد يعيش بحكمة أو بامتلاء .
![الكتب فى حياتى الكتب فى حياتى](http://lh3.ggpht.com/-A10f_kURoF8/U6WMgTmwT8I/AAAAAAAAAiw/kabIVS8w0d8/5.jpg?imgmax=800)
سواء أكان المرء يسعى وراء المعرفة أم الحكمة يجدر به أن يتوجه إلى المنبع . و المنبع ليس المثقف أو الفيلسوف ، ليس الأستاذ أو القديس أو المعلم بل الحياة ذاتها – تجربة الحياة المباشرة . الأمر نفسه ينطبق على الفن . هنا أيضا نستطيع أن نستغني عن الأستاذة و عندما أقول حياة فإن ما يجول في خاطري حتما هو نوع من الحياة غير التي نعرف اليوم . يجول في خاطري النوع الذي يتحدث عنه د . هـ لورنس في كتابه " أماكن إترورية " أو ذلك الذي يتكلم عنه هنري آدامز عندما ظهرت العذراء في شارتر .
في هذا العصر الذي يؤمن بأن هناك طريقا مختصرة إلى كل غاية أعظم درس يتعلمه المرء هو أن الطريق الأصعب هي على المدى الطويل الأسهل . و كل ما بث في الكتب كل ما يبدو حيويا و هاما إلى أقصى مدى ليس إلا مثقال ذرة من الأصل الذي نبت منه و في مقدرة كل شخص أن يفيد منه . و كامل نظريتنا عن الثقافة قائمة على الفكرة التافهة القائلة إن علينا أن نتعلم السباحة على اليابسة قبل أن ننزل المياه . و هذا ينطبق على امتهان الفنون و المعرفة . إن الناس لا يزالون يتعلمون الإبداع بدراسة أعمال الآخرين أو بوضع خطط و تصاميم ليس في النية وضعها قيد التنفيذ أبدا . إن فن الكتابة يعلم في المدارس بدل أن يتم ذلك في غمار الحياة . و لا يزال الطلاب يتلقون نماذج من المفترض أن تتناسب مع الأمزجة كلها ، و مع أنماط الفكر كلها . و لا غرابة أننا ننتج مهندسين أفضل مما ننتج من كتاب و ننتج خبراء في الصناعة أفضل من الرسامين .
بيانات الكتاب
تأليف : هنري ميللر
الترجمة : أسامة أسبر
الناشر : التكوين للطباعة والنشر
عدد الصفحات : 482 صفحة
الحجم : 6 ميجا بايت