يتناول الكتاب دراسة لمرحلة من مراحل هجرة الأفكار، ويحتوي الكتاب على رؤوس الموضوعات التى تناولها المؤلف، تندرج تحتها تفصيلات كبيرة وكثيرة ومتشعبة، لكنه اختار نقاطًا محددة خشية أن تتشعب الموضوعات وتفلت خيوطها من بين أيدي القارئ.
مقدمة المترجم
اجمع الباحثون في علوم الحضارة على ان الحضارة في جوهرها ليست سوى حركة موصولة للافكار و الاراء و شتى ضروب الخبرة .. فالافكار و الاراء و شتى ضورب الخبرة تنتقل من فرد الى فرد و من شعب الى شعب و تهاجر هجرة موصولة محرزة في كل هجرة من هجراتها العديدة المتكررة نجاحا جديدا و تقدما موصولا ثم تظل تحرز في كل يوم تقدما جديدا الى ان تبلغ المرحلة القوية الملموسة التي تجعل منها حضارة من الحضارات المرموقة .
و حتى هذه الحضارات لا تقف عند مرحلة معينة من المراحل مهما بلغت من الدقة و الكمال لان هجرة الافكار تلك التي لا تتوقف و لا تتلكأ تحمل معها في اثناء ترحالها بذورا جديدة لافكار جديدة و من ثم لحضارات جديدة و تظل تلك الحضارات تنتقل من مكان الى اخر و تهاجر من شعب الى اخر حاملة معها بذرة تقدمها و مقومات نهضتها الى ان تتناولها عقول اكثر تقدما و اكثر تحررا فتجعل منها ثورة جديدة في عالم الحضارة .
و اغرب ما في هجرة الافكار تلك انها تتخذ في كثير من الاحيان مسالك متعرجة و سبلا ملتوية غير واضحة المعالم . و لكن هذه المسالك المتعرجة و تلك السبل الملتوية كلها تسير في خط لا يتعارض مع خط سير التاريخ نفسه .. فالتاريخ في اوسع معانيه ليس تسجيل عملي لتطور هجرة الافكار و ليس سوى تسجيل لتقدم خبرة الانسان و لكن التاريخ في ذاته لا يروي قصة هجرة الافكار بطريقة منتظمة موصولة الحلقات و انما يجمع شتات عديد من الحضارات نشأت في امكنة معينة و ازمنة خاصة محاولا الربط بينها لاستخلاص الرابطة التي تجمع بينها او محاولا ارجاعها الى اصولها الاولى و مصادرها البكر .
و من ثم كانت دراسة التاريخ – من ناحية تطور الافكار – منقوصة غير كاملة لان التاريخ مهما توسع في البحث و التنقيب لا يستطيع ان يرد جميع الافكار بعد تطورها و تجددها الى مصادرها البكر الاولى فهذه الافكار إذ تهاجر من فرد الى اخر او من شعب الى اخر لا تتخذ اشكالا خاصة محددة مقننة و انما تعتورها اثناء هجرتها تغيرات سلبية و ايجابية و تطرأ عيلها تطورات قد تكون تقدمية و قد تكون انتكاسية . و لكن هذه التغيرات و تلك التطورات سواء كانت تقدمية ام انعكاسية لا تتقيد بأوضاع معينة او بأساليب خاصة و لا ترتهن بمقومات عنصرية او جغرافية او بيولوجية و انما تنطلق انطلاقا حرا لا تحده حدود و لا تقيده قيود .
و لكن هجرة الافكار تلك رغم ما تمتاز به من انطلاق حر و حركة موصولة متجددة تحدد معالم التاريخ و ترسم له خط سيره لان هذه الافكار هي التي تصنع الحضارة و من ثم تصنع التاريخ .
و هذا الكتاب الذي اقدمه الى قراء اللغة العربية في مصر و شتى الدول العربية الشقيقة يتناول بالدراسة الواعية مرحلة من مراحل هجرة الافكار و هو على الرغم من ضآلة حجمه و قلة عدد صفحاته يحوي من الافكار الفذة الجريئة ما لا تتسع الالف من الصفحات لتناولها بالتفصيل . فالمؤلف – و هو استاذ جامعي متخصص – اراد ان يتناول بالبحث رؤؤس موضوعات فحسب اما التفصيلات فقد ضرب عنها صفحا خشية ان تتشعب الموضوعات و تفلت خيطوها من بين ايدي القارئ .
تأليف : جلبرت هايت
الناشر : شفيق أسعد فريد
عدد الصفحات :116 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
مقتطفات من الكتاب
اجمع الباحثون في علوم الحضارة على ان الحضارة في جوهرها ليست سوى حركة موصولة للافكار و الاراء و شتى ضروب الخبرة .. فالافكار و الاراء و شتى ضورب الخبرة تنتقل من فرد الى فرد و من شعب الى شعب و تهاجر هجرة موصولة محرزة في كل هجرة من هجراتها العديدة المتكررة نجاحا جديدا و تقدما موصولا ثم تظل تحرز في كل يوم تقدما جديدا الى ان تبلغ المرحلة القوية الملموسة التي تجعل منها حضارة من الحضارات المرموقة .
و حتى هذه الحضارات لا تقف عند مرحلة معينة من المراحل مهما بلغت من الدقة و الكمال لان هجرة الافكار تلك التي لا تتوقف و لا تتلكأ تحمل معها في اثناء ترحالها بذورا جديدة لافكار جديدة و من ثم لحضارات جديدة و تظل تلك الحضارات تنتقل من مكان الى اخر و تهاجر من شعب الى اخر حاملة معها بذرة تقدمها و مقومات نهضتها الى ان تتناولها عقول اكثر تقدما و اكثر تحررا فتجعل منها ثورة جديدة في عالم الحضارة .
و اغرب ما في هجرة الافكار تلك انها تتخذ في كثير من الاحيان مسالك متعرجة و سبلا ملتوية غير واضحة المعالم . و لكن هذه المسالك المتعرجة و تلك السبل الملتوية كلها تسير في خط لا يتعارض مع خط سير التاريخ نفسه .. فالتاريخ في اوسع معانيه ليس تسجيل عملي لتطور هجرة الافكار و ليس سوى تسجيل لتقدم خبرة الانسان و لكن التاريخ في ذاته لا يروي قصة هجرة الافكار بطريقة منتظمة موصولة الحلقات و انما يجمع شتات عديد من الحضارات نشأت في امكنة معينة و ازمنة خاصة محاولا الربط بينها لاستخلاص الرابطة التي تجمع بينها او محاولا ارجاعها الى اصولها الاولى و مصادرها البكر .
و لكن هجرة الافكار تلك رغم ما تمتاز به من انطلاق حر و حركة موصولة متجددة تحدد معالم التاريخ و ترسم له خط سيره لان هذه الافكار هي التي تصنع الحضارة و من ثم تصنع التاريخ .
و هذا الكتاب الذي اقدمه الى قراء اللغة العربية في مصر و شتى الدول العربية الشقيقة يتناول بالدراسة الواعية مرحلة من مراحل هجرة الافكار و هو على الرغم من ضآلة حجمه و قلة عدد صفحاته يحوي من الافكار الفذة الجريئة ما لا تتسع الالف من الصفحات لتناولها بالتفصيل . فالمؤلف – و هو استاذ جامعي متخصص – اراد ان يتناول بالبحث رؤؤس موضوعات فحسب اما التفصيلات فقد ضرب عنها صفحا خشية ان تتشعب الموضوعات و تفلت خيطوها من بين ايدي القارئ .
بيانات الكتاب
الاسم : هجرة الأفكارتأليف : جلبرت هايت
الناشر : شفيق أسعد فريد
عدد الصفحات :116 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت