كتاب رائع للملهم دكتور طارق حجى يتناول فيه بكل جرأة العيوب التى تسيطر على عقولنا وطرق تفكيرنا وحكمنا على الأمور يقع فى 13 فصل.
مقتطفات من الكتاب
مقدمةفي سنة 1978 صدر كتابي لأول " أفكار ماركسية في الميزان " واليوم ( سنة 1998 ) يصدر كتابي العاشر " نقد العقل العربي " وبين التاريخين عشرون سنة من الكتابة وعشرة كتب فماذا كانت الرسائل التي أرادت تلك الكتب العشرة " خلال السنوات العشرين " أن تذبعها ؟
أرادت الكتب الثلاثة الأولى أن تقول ان الفكر الاشتراكي وان تميز بالعمق والأصالة الفلسفية في أكثر من جانب من جوانبه الا أنه لم ينجح على أرض الواقع في تقديم نماذج مضيئة اذ أخفق كلية في تحقيق ما وعد به من أهداف وما رفعه من شعارات – ويبقى للفكر الاشتراكي شرف الاهتمام بالجانب الاجتماعي فكل نظام يريد أن ينجح ويزدهر ويستقر ويكون تجسيدا لما ينشده فان عليه أن يحقق حدا معقولا من الاعتبارات الاجتماعية .
أما الكتب من الرابع للتاسع فقد حوت عرضا تفصيليا لعيوب ومشكلات مجتمعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعاصرة مع اهتمام مواز بسبل العلاج يسير في محاذاته اهتمام مماثل بتشخيص منطلقات ومنابت العيوب والمشكلات – وكان آخر هذه الكتب " نظرات في الواقع المصري " عبارة عن تجميع لأهم فصول هذه المجموعة من المؤلفات .
وفي هذه الكتب الستة محاولة وان كان من الصواب أن توصف بأنها " اصلاحية " الا أنها تكاد تصل الى نقطة التماس بين ما هو " اصلاحي " وما هو " ثوري " بمعنى أن روح هذه المحاولة تبتعد كثيرا عن الروح التي شاعت في واقعنا خلال العقود الأخيرة الماضية والتي تستعذب التغني بالأمجاد الماضية والحالية وتغدق في عملية التشدق بانه ليس في الامكان أبدع مما كان أو بتعبير آخر تتسم بسمة توصف في اللغة الانجليزية بلفظ بالغ الدلالة ولا أكاد أجد في المفردات العربية نظيره المطابق تماما لفظ كومبلاسنسي والذي يعني رضى صاحبه عن نفسه وعما أنجز رضى غير مبرر ولا مسوغ .
وترى أن النقد الوحيد المقبول نفسيا هو النقد الذي يمسك العصا من المنتصف .
ثمم تلت ذلك فترة من التقوقع القلمي " 1995-1998 " كان فيها من العصى على هذا القلم من جهة أن يقول ما يرضي الذوق العام لأنه لم يقصد ذلك قط في حياته كما كان من العصي عليه من جهة أخرى أن يقول " في ظل مناخ عام سادر في مدح الذات والرضى الكامل عن الانجازات والتغني غير المنقطع بماض تليد وحاضر مجيد "!! " أن يقول " كل ما يريد " و " كل ما ينبغي قوله " .
وابان فترة العصيان تلك على الكتابة " أو بالأحرى عن مشاركة جوق المنشدين انشادهم العجيب والغريب والمفتقد لكل مبرر ومسوغ من المنطق والعلم والثقافة والخبرة " أصبح انشغالي الفكري الأكبر ليس بمشكلاتنا وسبل علاجها ... وانما بالتساؤل الكبير التالي :ما هي عيوبنا الحضارية والثقافية التي سمحت للأمور بأن تصل لما وصلت اليه ؟ وكنت هنا كمن يرفض المنطق القائل " بأننا متخلفون لاننا كنا مستعمرين لفترات طويلة ... ولا يفتأ يرد على ذلك بقوله : " ولماذا كنا مستعمرين ؟ .. ولماذا كان البعض مستعمرا " بكسر الميم الثانية " والبعض مستعمرا " بفتح الميم الثانية " .
بيانات الكتاب
تأليف : طارق يحيى
الناشر : دار المعارف
عدد الصفحات : 180 صفحة
الحجم : 2 ميجا بايت