يحاول هذا الكتاب مقاربة الإجابة على هذه التساؤلات وغيرها من خلال ما قاله سبعة طغاة حكموا بلدانهم سنوات طويلة بكل قسوة ووحشية (عيدي أمين، بوكاسا، ياروزلسكي، أمور خوجا، دوفالييه، منغيستو، ميلوزوفيتش). سبعة طغاة نجوا من القتل على يد من أطاح بهم وسقطوا في الخزي. التقاهم الكاتب في منافيهم وسجونهم ونقل لنا عبر هذا الكتاب ما حصل معه وما دار بينه وبينهم.
بعد أن ننهي قراءة هذا الكتاب ونتعرف جيدا على هؤلاء الطغاة، هل سنشعر أنه سيمكننا الغفران لهم ومسامحتهم والتعاطف معهم، هم وأمثالهم؟ هل نحسدهم على ما كانوا عليه ونتمنى أن نحظى بما كان لهم من سطوة وسلطان؟ أم نربأ بأنفسنا عما كانوا عليه ونرفض أن نتخلى عن بشريتنا وإنسانيتنا ؟
مقتطفات من الكتاب
احتفظت طوال عدة سنوات بقصاصتي حصيفة عتيقتين مصفرتين لم تواتني الشجاعة قط لكي أتخلص منهما على الرغم من تصميمي التام على ذلك عدة مرات وحين كانت محفظة الجيب تهترئ كنت أنقلهما الى محفظة جديدة وعندما تجعدتا ضغطهما بين ورقة نقدية وبطاقة هاتف بلاستيكية وعلى الرغم مما بدتا عليه من رداءة نوع وهشاشة الا أنهما صمدتا أمام جميع ضروب سوء المعاملة .
فقد سقطتا على مر السنوات في أماكن شتى : في رواق فندق في اسطنبول عند قدمي رجل مافيا يرتدي قميصا أرجوانيا وفي مكتب تدقيق جوازات السفر في مطار سبليت وفي حفر حديثة العهد خلفتها قذائف البحرية الصربية وفي منزل صديق دراسة قديم في مدينة برسيا بل اذكر بأنهما وقعتا مني بينما كنت أفتش عن بطاقة عمالية قبيل اجراء مقابلة مع الزعيم الجمهوري جيري آدمز في غرفة بلا نوافذ وراء باب فولاذي في شارع فولز في بلفاست وفي كل مرة كان ثمة ما يغريني بأن أتركهما ملقيتين على الأرض بيد أني كنت ألتقطهما وأعيدهما الى المحفظة مانحا اياهما فرصة عيش جديدة .
سارت الأمور على هذا النحو ويبدو أن هاتين القصاصتين عاشتا حياة غريبة مليئة بالمغامرة والحق أنهما رافقتاني معظم الوقت الى غرفة الأخبار في الصحيفة التي عملت فيها كمراسل في مدينة ميلانو وقاسمتاني ساعات طويلة من السأم والاحباط وأحيانا خلال ساعات ما بعد الظهر عندما كان لا يزال يتعين علينا تنضيد الصفحات وبينما كنا نتساءل ان كانت الصحيفة ستصل الى الأكشاك صباحا كنت أخرج هاتين القصاصتين وأنظر اليهما بل كنت أقرؤهما بين فينة وأخرى فقد كانتا بطريقتهما الخاصة تحافظان على روحي المعنوية عالية .
عثرت على هاتين القصاصتين بينما كنت أنقب كيفما اتفق بين الصحف الاجنبية التي انتهينا منها في انتظار أن يتم اتلافها وبالطبع لم تكن هاتان القصاصتان الوحيدتين اللتين احتفظت بهما .
كان لدي ملف ضخم خصصته لجزر لفوكلاند وآخر يعنى بقتال المرتزقة في مختلف الحروب ما بعد الكولونيالية كما خصصت أخرى لبلدان أفريقية غامضة مثل غينيا الاستوائية وتوغو مسارح لم تجد الصحف مكانا لها والحق أننا كنا جميعا نقوم بنفس الشيء فأنا أذكر زميلا كانت لديه خزانة مليئة بمواد عن ارهابيين اسلاميين لم يسبق لاحد أن سمع بهم في ذلك الوقت .
كما كان لدى زميل آخر مجموعة تستحق جائزة وضعها في ملف أسماه " بلغاريا " .
بيد أن قصاصتي كانتا مختلفتين كانتا معا تعويذتي .
فكرت أنهما ربما تغدوان ذات فائدة يوما ما وفي نهاية المطاف غدت هاتان القصاصتان جزءا مني مثل بطاقة الهوية التي نحتفظ بها في جيوبنا نحن الايطاليون .
لقد صعقتني التشابه فقد أشارت كلتاهما الى شخصيات متهمة بأكل لحوم البشر .
بيانات الكتاب
تأليف : ريكاردو أروزيزيو
الترجمة : عهد على الديب
الناشر : بترا للطباعة والنشر والتوزيع
عدد الصفحات : 259 صفحة
الحجم : 6 ميجا بايت