سحر الخرافة في عالم الأدب الواقعي
بقلم: نادين شيحة
منذ مطلع الخمسينيات طغت على أدب امريكا اللاتينية والأدب الألماني تقنية أدبية تدعى الواقعيّة السحريّة أو العجائبيّة والتي تتألف من كلمتين متناقضتين: الواقع والسحر، والتي لا يرسمها الكاتب بهدف إمتاع القارئ فحسب، وإنما للإيحاء بفكرة فلسفيّة أو وصف قدر الغرابة التي نجدها في عالمنا ونقلها بصورة تذهل القارئ وتربكه فيفقد القدرة على التمييز بين ما هو واقعيّ وخياليّ.
توظّف هذه التقنية عناصر خياليّة كقدرة الشخصيّة على تحريك الأجسام الساكنة أو استخدام القوى الخفية أو التحليق في الهواء والقيام بأمور عجائبية أخرى ومن ثم خلط التصوّرات والأوهام لتحقيق قدر كبير من الغرابة أو الرعب في سياق العمل الأدبيّ فتتحقق بذلك بنبرة الواقعيّة السحريّة في النص الأدبي.
من أبرز ممثلي هذه التقنية: الايطاليّ إيتالو كالفينو، والانجليزي جون فاولز، والألماني غنتر غراس، وفرانز روم، والأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، إذ اشتهر الأخير بقصة “كتاب الرمل” والتي تدور حول رجل يهوى جمع الكتب وقراءتها وذات يوم باعه شخص كتاباً عجيباً له بداية وليس له نهاية، وفي هذا الكتاب يوظف بورخيس تقنية الواقعيّة السحرية من خلال وصفه لدهشته أثناء تصفّح الكتاب إذ يطالع صفحة معيّنة وبعد إغلاق الكتب يجد نفسه عاجزاً عن العثور على الصفحة السابقة ويستمر على هذا الحال من الواقع السحريّ.
ومن الأسماء التي ارتبط ذكرها بذكر الواقعيّة السحرية: الروائي الكولومبي الشهير غارسيا ماركيز، والتي كانت الواقعية السحرية خياره الفني في غالبية أعماله بل وكانت بالنسبة له كملك شخصيّ. وحين سُئِل عن إمكانية تصديق أحداث روايته “الحب في زمن الكوليرا” أجاب بأنّه على القارئ أن يدرك قدر السحر والخرافة في الرواية بقدر يوازي وجود الواقعية فيها فبذلك يضع بصمته الخاصة من الواقعية السحرية، وهكذا يقرّ ماركيز بأنه يجب الخلط بين المعقول واللامعقول في نفس العمل الأدبي لوجود ذلك في حياتنا.
كما ويبرز توظيف هذه التقنية في أعمال أخرى في الأدب العربي مثل: حكايات ألف ليلة وليلة، البساط السحري ومصباح علاء الدين.
مقتبس عن موقع انكتاب . كل الحقوق محفوظة 2014