ماذا كانت توقعات المشاركين في الحرب الذين وجدوا أنفسهم في الحال غارقين في صراع مميت على الجبهة الغربية وفي أماكن أخرى؟ لعقود من النمو المطرد- وفي كثير من الأحيان المسعور- زود النمو الصناعي كلاً من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بالقدرة على شن حرب على نطاق واسع وغير مسبوق. فقد استطاعت هذه الدول حشد جيوش تُعَد بملايين الرجال. كما تمكنت من تجهيز أولئك الجنود بكميات غير محدودة من الأسلحة الفتاكة والتي تراوحت ما بين البنادق والرشاشات والمدفعية التي وصلت لدرجة من الحجم والخطورة لم يسبق لها مثيل.
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
خلال ثمانية أيام تمتد من نهاية يوليو الى مطالع أغسطس 1914 م , دخلت القوى الكبرى في أوروبا أي النمسا – المجر وألمانيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا العظمى الصراع الذي نعرفه باسم الحرب العالمية الأولى وقد أدهش النطاق الذي بلغته الحرب وكلفتها الكثير من الأوربيين الا أن قلة من رجال الدولة في القارة الأوروبية أو أولئك الذين كانوا على اطلاع بالأحداث من شعوبها العديدة شعرت تماما بالدهشة لاندلاع الأعمال الحربية .
فقد كان للنزاعات بين هذه الدول القوية والكبيرة جذور عميقة , اذ نجمت الكثير من التوترات جراء ظهور أمة قوية في وسط القارة .
كما أدى النصر الذي حققته الولايات الألمانية بقيادة أوتوفون بسمارك في بروسيا على فرنسا في الحرب الفرنسية البروسية عامي 1870 و 1871 الى ظهور ألمانيا الموحدة كما أنه خلق حالة من التوتر الدائم بين فرنسا المتواضعة القدرات فجأة وجارتها القوية حديثا وقد بلغ الاذلال الفرنسي ذروته بحصول ألمانيا على مطلبها بالسيطرة على مناطق الحدود الاستراتيجية والتي تشمل كامل مقاطعة الالزاس وجزءا من اللورين .
كما ألقى ظهور ألمانيا السريع كقوة رائدة في القارة بظلاله أيضا على المصالح البريطانية فقد لعب الألمان دورا قياديا في التجارة الدولية والمسائل الاستعمارية التي تعد حجر الأساس بالنسبة الى رجال الدولة البريطانيين وتدهورت العلاقات بشكل حاد خصوصا عندما تدخل الألمان في مجال المصالح البريطانية في جنوب أفريقيا وقوف برلين علنا الى جانب أعداء بريطانيا من البوير قبل " حرب البوير " وخلالها ما بين عامي 1899 و 1902 .
واضافة لعوامل أخرى وضع بناء ألمانيا لأسطول على مستوى عال معتمدا على البوارج الحربية الحكومة في برلين في حالة خلاف مع نظيرتها في لندن .
فقد بدا أن مثل هذا الأسطول الذي احتوى على أكثر السفن قوة في ذلك العصر قدر له مواجهة أسطول بريطانيا الكبير في بحر الشمال وعلاوة على ذلك فان امكانية سيطرة الألمان على الممرات البحرية حول بريطانيا وبالتالي تهديد امدادات الغذاء للجزيرة جعل العداوة أمرا مرجحا , ان لم يكن في واقع الأمر حتميا .
كما أن الأخطار الناجمة عن الطموحات الألمانية كانت تقابلها الصراعات المستعصية في أماكن أخرى فقد واجهت النمسا – المجر العداء الروسي عندما انهارت السيطرة العثمانية التركية على منطقة البلقان خالقة فراغا في السلطة تورطت فيه كلتا الدولتين وكان للنمسا – المجر أسباب قاهرة للتدخل هنا خوفا على وجودها وذلك لأن ولايات بلقانية مثل مملكة صربيا نمت بشكل كبير على حساب المصالح التركية .
ولأن عشرات الجنسيات كانت تعيش في تلك الدولة بمن فيهم الصرب فانها خشيت على نفسها من الانهيار اذا ما فكر السكان الصرب وسكان المناطق الجنوبية الذين يقطنوها في الانفصال والانضمام الى مملكة صربيا .
ارتسم سيناريو كابوسي في فيينا يتصور أن المجموعات العرقية الأخرى الساخطة في النمسا – المجر ستتجرأ هي الأخرى على الانفصال .
كانت روسيا بالمثل جاهزة للتدخل في الشؤون البلقانية اذ أخذت القوة السلافية العملاقة في أوروبا الشرقية على عاتقها دور الراعي والحليف لصربيا كما رغبت روسيا في تأكيد مكانتها كقوة عظمى .
وكانت منافسة النمسا على النفوذ في منطقة البلقان هي الطريقة الأكثر ترجيحا التي يمكن أن تقوم بذلك من خلالها كما زادت الروابط الثقافية والدينية الروسية مع الصرب اللتان اشتركتا في الانتماء للمسيحية الشرقية الأرثوذكسية من مصالح سان بطرسبرج السياسية في المنطقة وبالتالي لا يمكن أن يحدث أي تحرك نمساوي من دون المغامرة برد فعل روسي جاد وخطير .
هددت الأزمات التي وقعت في منطقة واحدة من أوروبا بالانتشار كما أدى تطور أنظمة التحالف التي نسجت في عقود ما قبل الحرب اندلاع النزاعات المحلية أمرا غير محتمل وكذلك الأمر بالنسبة الى التفاهمات غير الرسمية التي ربطت أمن دولة واحدة بالأخرى .
بيانات الكتاب
الاسم : الحرب العالمية الأولى
تأليف : نيل هايمان
الترجمة : حسن عويضة
الناشر : هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة
عدد الصفحات : 410 صفحة
الحجم : 13 ميجا بايت
تحميل كتاب الحرب العالمية الأولى
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
فقد كان للنزاعات بين هذه الدول القوية والكبيرة جذور عميقة , اذ نجمت الكثير من التوترات جراء ظهور أمة قوية في وسط القارة .
كما أدى النصر الذي حققته الولايات الألمانية بقيادة أوتوفون بسمارك في بروسيا على فرنسا في الحرب الفرنسية البروسية عامي 1870 و 1871 الى ظهور ألمانيا الموحدة كما أنه خلق حالة من التوتر الدائم بين فرنسا المتواضعة القدرات فجأة وجارتها القوية حديثا وقد بلغ الاذلال الفرنسي ذروته بحصول ألمانيا على مطلبها بالسيطرة على مناطق الحدود الاستراتيجية والتي تشمل كامل مقاطعة الالزاس وجزءا من اللورين .
كما ألقى ظهور ألمانيا السريع كقوة رائدة في القارة بظلاله أيضا على المصالح البريطانية فقد لعب الألمان دورا قياديا في التجارة الدولية والمسائل الاستعمارية التي تعد حجر الأساس بالنسبة الى رجال الدولة البريطانيين وتدهورت العلاقات بشكل حاد خصوصا عندما تدخل الألمان في مجال المصالح البريطانية في جنوب أفريقيا وقوف برلين علنا الى جانب أعداء بريطانيا من البوير قبل " حرب البوير " وخلالها ما بين عامي 1899 و 1902 .
واضافة لعوامل أخرى وضع بناء ألمانيا لأسطول على مستوى عال معتمدا على البوارج الحربية الحكومة في برلين في حالة خلاف مع نظيرتها في لندن .
فقد بدا أن مثل هذا الأسطول الذي احتوى على أكثر السفن قوة في ذلك العصر قدر له مواجهة أسطول بريطانيا الكبير في بحر الشمال وعلاوة على ذلك فان امكانية سيطرة الألمان على الممرات البحرية حول بريطانيا وبالتالي تهديد امدادات الغذاء للجزيرة جعل العداوة أمرا مرجحا , ان لم يكن في واقع الأمر حتميا .
كما أن الأخطار الناجمة عن الطموحات الألمانية كانت تقابلها الصراعات المستعصية في أماكن أخرى فقد واجهت النمسا – المجر العداء الروسي عندما انهارت السيطرة العثمانية التركية على منطقة البلقان خالقة فراغا في السلطة تورطت فيه كلتا الدولتين وكان للنمسا – المجر أسباب قاهرة للتدخل هنا خوفا على وجودها وذلك لأن ولايات بلقانية مثل مملكة صربيا نمت بشكل كبير على حساب المصالح التركية .
ولأن عشرات الجنسيات كانت تعيش في تلك الدولة بمن فيهم الصرب فانها خشيت على نفسها من الانهيار اذا ما فكر السكان الصرب وسكان المناطق الجنوبية الذين يقطنوها في الانفصال والانضمام الى مملكة صربيا .
ارتسم سيناريو كابوسي في فيينا يتصور أن المجموعات العرقية الأخرى الساخطة في النمسا – المجر ستتجرأ هي الأخرى على الانفصال .
كانت روسيا بالمثل جاهزة للتدخل في الشؤون البلقانية اذ أخذت القوة السلافية العملاقة في أوروبا الشرقية على عاتقها دور الراعي والحليف لصربيا كما رغبت روسيا في تأكيد مكانتها كقوة عظمى .
هددت الأزمات التي وقعت في منطقة واحدة من أوروبا بالانتشار كما أدى تطور أنظمة التحالف التي نسجت في عقود ما قبل الحرب اندلاع النزاعات المحلية أمرا غير محتمل وكذلك الأمر بالنسبة الى التفاهمات غير الرسمية التي ربطت أمن دولة واحدة بالأخرى .
بيانات الكتاب
الاسم : الحرب العالمية الأولى
تأليف : نيل هايمان
الترجمة : حسن عويضة
الناشر : هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة
عدد الصفحات : 410 صفحة
الحجم : 13 ميجا بايت
تحميل كتاب الحرب العالمية الأولى