كتاب يناقش مفاهيم تردد على اللسان وفي الفضاء الثقافي بشكل كبير دون أن نتوقف أمامها، ما يفعله الغذامي هو إنه يوقف هذا الترديد ليجعلنا نفحص هذه المصطلحات مثل "حرية،عدالة،مساواة،ليبرالية،رأسمالية..إلخ"
ويوجه نقد لاذع للديموقراطيات المخطوفة في العالم ولإقتصاد السوق الحر الذي يرى إنه حول الإنسان إلى كائن إقتصادي لا يهتم إلا بمنفعته الشخصية
مقتطفات من الكتاب
العالم على كف شاشة
سيظل العالم على كف عفريت و هذا معنى تؤكده الصراعات البشرية التي تظل تتكرر بكل الصيغ الممكنة و المتخيلة كذلك و لا شك في أن الخيال يؤدي دورا كبيرا في صناعة النظرية الحربية و يكفي أن نقرأ الاشعار سابقا و ننظر في سينما هوليوود حاليا و كلها تفيض بالرغبة العميقة للذات البشرية في أن تهيمن على غيرها و تبتكر كل السبل إلى ذلك الهدف الشرير .
و لكن العالم اليوم صار أيضا على : كف شاشة .
و هذه نتيجة ثقافية تساعدنا على معرفة الواقعة البشرية ( الثقافية تحديدا ) بصورة ايسر و واوضح من ذي قبل . و الشاشات الثلاث ( النت و الجوال و الفضائيات ) و هي المفتوحة و الميسورة اليوم صارت تكشف لك الكون كله الخاص منه و العام كذلك حتى صارت الحكمة الثقافية تقول : إذا كان بيتك من زجاج فلا تستحم و البيوت اليوم كلها صارت زجاجا و الكل مكشوف و هذه فرصة علمية كبيرة من اجل قراءة المصطلحات و النظريات التي تدير شأن العلاقات البشرية .
و اهم أنظمة العلاقات البشرية تدور حول اربعة مصطلحات هي :
العدالة و الحرية و المساواة و التعددية الثقافية . و هي مصطلحات تمثل التوق البشري للعيش الكريم من جهة كما إنها تمثل المدونة الفلسفية مذ كانت الفلسفة و مذ كانت نظريات الحكم و نظريات الاجتماع و لعل اهم كتاب في هذه المعاني هو قارة اوروبا نفسها و ذلك أننا على مدى القرون الثلاثة الاخيرة صرنا نرى اوروبا بوصفها بقعة جغرافية مكشوفة الاسرار و زاد ذلك مع ثقافة الشاشة حيث نرى و نسمع كل لحظة من لحظات الواقعة البشرية هناك كمعلومة ناطقة و مصورة و حالة ثقافية تكشف لنا ثلاثة أشياء مهمة اولها النظريات حيث تكشف الكتب و البحوث و الاكاديميات ثم تطبيق هذه النظريات و ثالثا نقد هذه النظريات .
انك مع الكتاب الاوروبي تستقبل النظرية مكتوبة و مبحوثة و تستقبلها مطبقة و منفذة على الارض و كذلك تستقبلها منقودة بقراءات واقعية مبنية على حالة التجريب بوصفه امتحانا للصدقية و كذلك لما تحمله وجوه التطبيق من انحرافات و من توظيف يستثمر النظرية لتحقيق اغراض غير نظرية و غير فلسفية و غير بحثية و لكنها شأن بشري في لعبة النسق الثقافي إذ تنحرف المعاني حسب مضمرات الرغبات غير المعلنة و لكنها رغبات جذرية و مصيرية أي ما يمكن أن نسميه بعملية ( تنسيق ) النظريات و ذلك بإخضاعها للميول النسقية الثقافية حتى لتصبح نظرية الحرية و المساواة مقولة في الدمج و من ثم حصر البشر في معنى واحد ينسخ ما عداه و ستصبح العدالة حينها معنى من معاني القمع فإذا كان الحجاب مثلا لا يتفق مع النظام الثقافي لبيئة معينة ثم حدث أن تم منع الفتيات من ارتداء الحجاب في المدارس فهذه ستكون رغبة نسقية في تمييز الذات و ثقافة الذات مع كبح الاخر المختلف و من ثم ستتحايل الثقافة على هذه النسقية و تلبسها لبوس التحضر و تقول إن الحرية و المساواة هي أن تكون مثلي ثقافيا و من هنا تصبح الحرية عبودية و استلابا ثقافيا و تصبح المساواة الغاء للاختلاف و لا شك هنا في أن التعددية الثقافية ستسقط و تحل بدلا منها نظرية الدمج و ما يسمى بالبوتقة الصاهرة و هي حيلة نسقية لالغاء التنوع و لتقنين الحرية بشرط متعسف .
بيانات الكتاب
تأليف : عبدالله الغذامي
الناشر : المركز الثقافي العربي
عدد الصفحات : 242 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت
شراء النسخة الورقية من الكتاب : من هــــنــــا