كتاب أحادية الآخر اللغوية يمثل لحظة مميزة في ميراث دريدا الفلسفي والابداعي بعامة أسميها اللحظة النوستالجية ، ذلك أن أحادية الآخر اللغوية متن يتداخل فيه اللغوي بالتاريخي ، الفلسفي بالديني ، والسياسي بكل ما يحيل إلى البحث والتنقيب في أقانيم الهوية وخطاطاتها المنكسرة كما يحلو لدريدا أن ينعتها بذلك . ولقد قام المؤلف بتحليل أحادية الآخر اللغوية في مستوين اثنين : المستوى الأول سماه البعد النوستالجي في المسألة اللغوية الهوياتية لدى المؤلف ، والمستوى الثاني سماه البعد الهرمينوطيقي في المسألة ذاتها .
مقدمة
جاك دريدا : من اقاليم اللغة الى أقنيم الهوية
ها أنذا أعود مرة أخرى الى جاك دريدا لأقدم للقارئ العربي الترجمة الأولى لأحد أهم كتبه وهو أحادية الآخر اللغوية , كتاب ينتقل فيه دريدا من أقاليم اللغة بحمولاتها الحاضرة ودلالاتها الغائبة الى البحث في أقانيم الهوية بمسمياتها المتفردة تارة وألاعيبها المتكثرة تارة أخرى .
ان عودتي لدريدا هنا لا تحمل من العودة سوى معنى العودة فهي ليست عودة تفكيكية ولا بنيوية وانما هي عودة تهدف الى وضع دريدا على محك " البحث الهرمينوطيقي " ومحاولة ادخاله مملكة المعنى المرجع الدلالة وبالمرة اخراجه من أقنوم اللغة الباحثة عن انسجامها داخل غرائبية لفظية متعبة مرهقة تكاد أن تجعل من الانسان رمزا ضمن قائمة مرموزاتها الكثيرة .
لقد ميزت في احدى مقالاتي السابقة بين لحظتين أساسيتين تشكلان الهرمية الفكرية لدريدا وهما : اللحظة الفينومينولوجية التي كانت بمثابة المدخل الأولاني لبحث مسألة المعنى والعلامة كما تصورها فيلسوف الفينومينولوجيا الأول أدموند هوسرل , وذلك من خلال كتابيه الهامين : أصل الهندسة عند هوسرل " 1962" والصوت والظاهرة "1967" واللحظة الغراماتولوجية التي يقف على قمتها كتاب : الغراماتولوجيا " علم الكتابة " " 1967" , وكذلك كتاب الكتابة والاختلاف " 1967 " والتي دعا فيها دريدا الى تثمين فعل الكتابة بما هو الوسيلة الأنجع لضمان ترسيم الأثر الخاص بكينونة الانسان الزئبقية وبما هي مفتاح المعنى ولكنها أيضا بما هي مفتاح التفكيك التشتيت البعثرة والمهمازات التي يحسن تحريك توجهاتها بشكل بارع قصد تحطيم كل ما يحيل الى الكثرة والمركزة والواحد المتأحد للميتافيزيقا الغربية التي ينعتها بميتافيزيقيا الحضور .
في حين أعتقد أن كتاب أحادية الآخر اللغوية بالاضافة الى كتب أخرى أهمها : وداعا لفيناس " 1997" ومذكرات لأجل بول دومان " 1988" تمثل لحظة مميزة في ميراث دريدا الفلسفي والابداعي بعامة أسميها اللحظة النوستالجية ذلك أن أحادية الآخر اللغوية متن يتداخل فيه اللغوي بالتاريخي الفلسفي بالديني والسياسي بكل ما يحيل الى البحث والتنقيب في أقانيم الهوية وخطاطاتها المنكسرة كما يحلو لدريدا أن ينعتها بذلك .
والواقع أن كتاب جان غراندان المنعرج الهرمينوطيقي للفينومينولوجيا الذي كنت قد انشغلت بترجمته سابقا كان قد أشار الى مسألة في غاية الأهمية والخطورة , لم تعط حقها من النقد والتمحيص وهي موقف دريدا من اللغة بعامة ومن اللغة الفرنسية بخاص وكيف أن هذا الموقف يتضمن مفارقات لا حصر لها .
لذا سأباشر تحليل أحادية الآخر اللغوية في مستويين اثنين :
المستوى الأول اسميه البعد النوستالجي في المسألة اللغوية الهوياتية لدى دريدا والمستوى الثاني اسميه البعد الهرمينوطيقي في المسألة ذاتها .
1 . البعد النوستالجي : كتاب أحادية الآخر اللغوية تحفة لغوية وأسلوبية رائعة باقرار جهابذة اللغة الفرنسية كما هي , في الحقيقة أغلب مؤلفات دريدا ورحلة ممتعة لمن يتذوق لعبة بل ألاعيب اللغة والتواءاتها واستثناءاتها الغريبة على الطريقة " الدريدية " لكن هذه التحفة اللغوية تخفي بين جنباتها أفكارا ومواقف ينتصب فيها تاريخ درديا الانسان عاريا بكل آناته الزمانية الانطولوجية : الماضي – الحاضر – المستقبل , ينتصب فيها تاريخه الذي يحيل الى لا تاريخ ولغته التي تحيل الى لا لغة , وأحاسيسه التي تحيل الى ما لا يستشعر .
والكتاب عبارة عن حوار هو أقرب ما يكون الى المونولوج بين جاك دريدا الحاضر وعبد الكبير الخطيبي الحاضر – الغائب لجهة أن دريدا نفسه يتحدث عنه بصيغة الغائب .
الاسم : أحادية الآخر اللغوية
تأليف : جاك دريدا
الترجمة : عمر مهيبل
الناشر : الدار العربية للعلوم ناشرون
عدد الصفحات : 149 صفحة
الحجم : 5 ميجا بايت
مقتطفات من الكتاب
جاك دريدا : من اقاليم اللغة الى أقنيم الهوية
ها أنذا أعود مرة أخرى الى جاك دريدا لأقدم للقارئ العربي الترجمة الأولى لأحد أهم كتبه وهو أحادية الآخر اللغوية , كتاب ينتقل فيه دريدا من أقاليم اللغة بحمولاتها الحاضرة ودلالاتها الغائبة الى البحث في أقانيم الهوية بمسمياتها المتفردة تارة وألاعيبها المتكثرة تارة أخرى .
ان عودتي لدريدا هنا لا تحمل من العودة سوى معنى العودة فهي ليست عودة تفكيكية ولا بنيوية وانما هي عودة تهدف الى وضع دريدا على محك " البحث الهرمينوطيقي " ومحاولة ادخاله مملكة المعنى المرجع الدلالة وبالمرة اخراجه من أقنوم اللغة الباحثة عن انسجامها داخل غرائبية لفظية متعبة مرهقة تكاد أن تجعل من الانسان رمزا ضمن قائمة مرموزاتها الكثيرة .
لقد ميزت في احدى مقالاتي السابقة بين لحظتين أساسيتين تشكلان الهرمية الفكرية لدريدا وهما : اللحظة الفينومينولوجية التي كانت بمثابة المدخل الأولاني لبحث مسألة المعنى والعلامة كما تصورها فيلسوف الفينومينولوجيا الأول أدموند هوسرل , وذلك من خلال كتابيه الهامين : أصل الهندسة عند هوسرل " 1962" والصوت والظاهرة "1967" واللحظة الغراماتولوجية التي يقف على قمتها كتاب : الغراماتولوجيا " علم الكتابة " " 1967" , وكذلك كتاب الكتابة والاختلاف " 1967 " والتي دعا فيها دريدا الى تثمين فعل الكتابة بما هو الوسيلة الأنجع لضمان ترسيم الأثر الخاص بكينونة الانسان الزئبقية وبما هي مفتاح المعنى ولكنها أيضا بما هي مفتاح التفكيك التشتيت البعثرة والمهمازات التي يحسن تحريك توجهاتها بشكل بارع قصد تحطيم كل ما يحيل الى الكثرة والمركزة والواحد المتأحد للميتافيزيقا الغربية التي ينعتها بميتافيزيقيا الحضور .
في حين أعتقد أن كتاب أحادية الآخر اللغوية بالاضافة الى كتب أخرى أهمها : وداعا لفيناس " 1997" ومذكرات لأجل بول دومان " 1988" تمثل لحظة مميزة في ميراث دريدا الفلسفي والابداعي بعامة أسميها اللحظة النوستالجية ذلك أن أحادية الآخر اللغوية متن يتداخل فيه اللغوي بالتاريخي الفلسفي بالديني والسياسي بكل ما يحيل الى البحث والتنقيب في أقانيم الهوية وخطاطاتها المنكسرة كما يحلو لدريدا أن ينعتها بذلك .
والواقع أن كتاب جان غراندان المنعرج الهرمينوطيقي للفينومينولوجيا الذي كنت قد انشغلت بترجمته سابقا كان قد أشار الى مسألة في غاية الأهمية والخطورة , لم تعط حقها من النقد والتمحيص وهي موقف دريدا من اللغة بعامة ومن اللغة الفرنسية بخاص وكيف أن هذا الموقف يتضمن مفارقات لا حصر لها .
لذا سأباشر تحليل أحادية الآخر اللغوية في مستويين اثنين :
المستوى الأول اسميه البعد النوستالجي في المسألة اللغوية الهوياتية لدى دريدا والمستوى الثاني اسميه البعد الهرمينوطيقي في المسألة ذاتها .
1 . البعد النوستالجي : كتاب أحادية الآخر اللغوية تحفة لغوية وأسلوبية رائعة باقرار جهابذة اللغة الفرنسية كما هي , في الحقيقة أغلب مؤلفات دريدا ورحلة ممتعة لمن يتذوق لعبة بل ألاعيب اللغة والتواءاتها واستثناءاتها الغريبة على الطريقة " الدريدية " لكن هذه التحفة اللغوية تخفي بين جنباتها أفكارا ومواقف ينتصب فيها تاريخ درديا الانسان عاريا بكل آناته الزمانية الانطولوجية : الماضي – الحاضر – المستقبل , ينتصب فيها تاريخه الذي يحيل الى لا تاريخ ولغته التي تحيل الى لا لغة , وأحاسيسه التي تحيل الى ما لا يستشعر .
والكتاب عبارة عن حوار هو أقرب ما يكون الى المونولوج بين جاك دريدا الحاضر وعبد الكبير الخطيبي الحاضر – الغائب لجهة أن دريدا نفسه يتحدث عنه بصيغة الغائب .
بيانات الكتاب
تأليف : جاك دريدا
الترجمة : عمر مهيبل
الناشر : الدار العربية للعلوم ناشرون
عدد الصفحات : 149 صفحة
الحجم : 5 ميجا بايت