الماغوط ذلك الحزين في ضوء القمر ,, كعادته يغازل الموت ويندب للحياة في هذا الكتاب يظهر حنينه المدقع الى دمشق المتمثلة بمحبوبته ليلى ,, ذلك الحنين الذي يختلج به كيانه ,, دمشق التي كماقال فيها" بردى الذي كان ينساب كسهل من الزنبق البلوري لم يعد يضحك كما كان" .. وكأنه يعيش زماننا وكأنه يعايش الظلم ويعيش معنا في زمان فيه البندقية أسرع من الجفن ,, بكلماته المفعمة بحسه الاعتقال والظلم الذي يكسو الروح
مقتطفات من الكتاب مقدمة
أيها الربيع المقبل من عينيها أيها الكناري المسافر ف ضوء القمر خذني اليها , قصيدة غرام أو طعنة خنجر فأنا متشرد وجريح أحب المطر وأنين الأمواج البعيده من أعماق النوم أستيقظ لأفكر بركبة امرأة شهية رأيتها ذات يوم لأعاقر الخمرة وأقرض الشعر قل لحبيبتي ليلى ذات الفم السكران والقدمين الحريريتين أنني مريض ومشتاق اليها انني ألمح آثار أقدام على قلبي دمشق يا عربة السبايا الورديه وأنا راقد في غرفتي أكتب وأحلم وأرنو الى الماره من قلب السماء العاليه أسمع وجيب لحمك العاري عشرون عاما ونحن ندق أبوابك الصلده والمطر يتساقط على ثيابنا وأطفالنا ووجوهنا المختنقة بالسعال الجارح تبدو حزينة كالوداع صفراء كالسل , ورياح البراري الموحشه تنقل نواحنا الى الأزقة وباعة الخبز والجواسيس ونحن نعدو كالخيول الوحشية على صفحات التاريخ نبكي ونرتجف وخلف أقدامنا المعقوفه تمضي الرياح والسنابل البرتقاليه وافترقنا وفي عينيك الباردتين تنوح عاصفة من النجوم المهرولة أيتها هالعشيقة المتغضنة ذات الجسد المغطى بالسعال والجواهر أنت لي هذا الحنين لك يا حقودة !
قبل الرحيل بلحظات ضاجعت امرأة وكتبت قصيده عن الليل والخريف والأمم المقهورة وتحت شمس الظهيرة الصفراء كنت أسند رأسي على ضلفات النوافذ وأترك الدمعه تبرق كالصباح كامرأة عاريه فأنا على علاقة قديمة بالحزن والعبوديه وقرب الغيوم الصامتة البعيدة كانت تلوح لي مئات الصدور العارية القذرة تندفع في نهر من الشوك وسحابة من العيون الزرق الحزينة تحدق بي بالتاريخ الرابض على شفتي , يا نظرات الحزن الطويلة يا بقع الدم الصغيرة أفيقي انني أراك هنا على البيارق المنكسة وفي ثنيات الثياب الحريرية وأنا أسير كالرعد الأشقر في لزحام تحت سمائك الصافية أمضي باكيا يا وطني , أين السفن المعبأة بالتبغ والسيوف والجارية التي فتحت مملكة بعينيها النجلاوين كامرأتين دافئتين كليلة طويلة على صدر أنثى أنت يا وطني انني هنا شبح غريب مجهول .
تحت أظافري العطرية يقبع مجدك الطاعن في السن في عيون الأطفال تسري دقات قلبك الخائر لن تلتقي عيوننا بعد الآن لقد أنشدتك ما فيه الكفاية سأطل عليك كالقرنفلة الحمراء البعيده كالسحابة التي لا وطن لها .
وداعا أيتها الصفحات أيها الليل أيتها الشبابيك الأرجوانية انصبوا مشنقتي عالية عند الغروب عندما يكون قلبي هادئا كالحمامه جميلا كوردة زرقاء على رابيه , أود أن أموت ملطخا وعيناي مليئتان بالدموع لترتفع الى الأعناق ولو مرة في العمر فانني مليء بالحروف والعناوين الدامية في طفولتي كنت أحلم بجلباب مخطط بالذهب وجواد ينهب في الكروم والتلال الحجرية أما الآن وأنا أتسكع تحت نور المصابيح انتقل كالعواهر من شارع الى شارع اشتهي جريمة واسعه وسفينة بيضاء تقلني بين نهديها المالحين , الى بلاد بعيده حيث في كل خطوة حانة وشجرة خضراء وفتاة خلاسيه تسهر وحيدة مع نهدها العطشان .
جنازة النسر
أظنها من الوطن , هذه السحابة المقبلة كعينين مسيحيتين أظنها من دمشق هذه الطفلة المقرونة الحواجب هذه العيون الأكثر صفاء من نيران زرقاء بين السفن أيها الحزن ... يا سيفي الطويل المجعد الرصيف الحامل طفله الأشقر يسأل عن وردة أو أسير عن سفينة وغيمة من الوطن ... والكلمات الحرة تكتسحني كالطاعون لا امرأة لي ولا عقيده لا مقهى ولا شتاء ضمني بقوة يا لبنان أحبك أكثر من التبغ والحدائق أكثر من جندي عاري الفخذين يشعل لفافته بين الأنقاض ان الملايين السنين الدموية تقف ذليلة أمام الحانات كجيوش حزينة تجلس القرفصاء ثمانية شهور وأنا ألمس تجاعيد الأرض والليل .
بيانات الكتاب الاسم : حزن في ضوء القمر
تأليف : محمد الماغوط
الناشر : الهيئة العامة لقصور الثقافة
عدد الصفحات : 56 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت
تحميل كتاب حزن في ضوء القمر