كتاب جيد يرصد جوانب أجتماعية متعددة المصاحبة لما نلحظة ويلحظه العالم كله عن تغير السلوك الاستهلاكي للفرد الصيني ..
نظرة الفرد الصيني لأقتناء سيارة سابقًا والان وطريقة تحول هذا النظرة بمباركة رسمية للإسهام في انتاج اقتصاد قوي يقوم في اساسة ع الاستهلاك المحلي وليس ع التصدير فقط.
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
عندما سافرت الى الصين لأول مرة في 1986 للدراسة لمدة سنة واحدة في اثنتين من جامعاتها فوجئت بنفسي وأنا أتحول على الفور حينئذ من طالب جامعي فقير يمتلك بالكاد ما يكفي لشراء بيتزا ونصف دستة من البيرة ما بين الحين والآخر في الولايات المتحدة الى " أجنبي ثري " لديه ما ينفقه وهو ما يفوق كثيرا ما لدى زملائي الصينيين وسرعان ما اكتشفت مكمن المشكلة في هذا الثراء الذي حل علي فخارج الفنادق الجديدة الفخمة التي يرتادها السياح الأجانب لم تكن هناك الا أماكن قليلة يرتادها المرء للتسوق ولا يوجد بها الا القليل مما يمكن شراؤه .
كانت الصين آنذاك مختلفة تماما عن الصين التي يراها الزوار اليوم , حيث السيارات الفارهة والملابس الحديثة التي يرتديها الصينيون ولاعلانات التي تعج بها المدن التي باتت أشبه بمجمعات تجارية تفوق الحصر كبيرة وصغيرة في شارع تلو الآخر بعد شارع .
ان من الصعب أن أعبر عن سرعة انتشار أنماط الحياة الاستهلاكية في عموم الصين منذ انطلاق الاصلاحات السوقية في نهاية سبعينيات القرن الماضي ويمكن لأي زائر اليوم أن يرى المستهلكين الصينيين الحضريون – ممن انضموا الى الطبقة الوسطى حديثا – وهم يلحقون بنظرائهم في البلدان الأكثر ثراء وعلى الرغم من أن اجمالي الانفاق الاستهلاكي الصيني البالغ 4 ترليونات دولار أمريكي ما يزال أقل من نصف اجمالي الانفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة فانه فاق الانفاق الاستهلاكي في اليابان ويقترب من الانفاق الاستهلاكي في الاتحاد الأوروبي .
فلم تستغرق الصين سوى بضع سنين لتتعلم شيئا تعلمته البلدان الاستهلاكية في عقود وهو كيفية الانفاق حتى صار الصينيون بالفعل أكبر مستهلكي العالم في كل شيء بداية من الهواتف الجوالة الى البيرة وقد اعتنقوا العادات الاستهلاكية التي قادتهم الى العيش في بيوت كبيرة تسكتها أسرة واحدة والتسوق من متاجر السلسلة وتناول أطعمة من اللحوم تقدمها مطاعم الوجبات السريعة كما ينفق المستهلكون الصينيون كذلك على أنشطة ترفيهية جديدة بداية من قضاء العطلات خارج البلاد الى حضور الفعاليات الرياضية الاحترافية .
بل ان الصينيين الريفيين الذين تخلفوا كثيرا عن النزعة الاستهلاكية الصينية يشترون كذلك سيارات بشكل أكثر وبيوتا بشكل أكبر ويملئون هذه البيوت بأجهزة الكمبيوتر والتلفزيون .
وعلى الرغم من أن الصين ما زالت بلدا اشتراكيا بالاسم فان الاستهلاكية الآن متأصلة بعمق في جميع مناحي الحياة الصينية ولعل مثالي المفضل الذي أسوقه على ذلك هو النمو الذي شهدته صناعة منتجات العناية الشخصية فعندما بدأت أولى أسفاري الى الصين لأول مرة , كانت خيارات المستهلك محدودة فلا يجد الا قليلا من منتجات الجمال بل لا يجد أقل من ذلك أماكن يقص شعره سوى المحال الرديئة التي تديرها الدولة بل لا يجد كذلك أماكن للعناية بالوجه أو القدمين أو التدليك فروة الرأس وحتى هذه المحال التي كانت تديرها الدولة كان من الصعب العثور عليها وكان يديرها أشخاص يفتقرون الى الدافع ولا تفتح أبوابها الا خلال أيام العمل الرسمية وحدث بعد ذلك بعقدين أن شهدت مبيعات مستحضرات التجميل والعناية الشخصية في الصين ارتفاعا هائلا من 24 مليون دولار أمريكي في 1981 الى أكثر من 168 مليار دولار أمريكي في 2009 وباتت هذه المنتجات متوافرة الآن في أكثر من 1,6 مليون صالون تصفيف شعر ومتجر متعدد الأقسام ومتجر ملابس " بوتيك " فالبلد الذي كان منذ بضع عقود مليئا بمواطنين اشتراكيين يمارسون الرياضة مرتدين بذلات ماو فضفاضة ويقصون شعورهم بطريقة تخلو من الجمال صار به الآن أكثر من 11 مليون شخص يحققون أرباحا بمليارات اليوانات من وراء الاعتناء طوال اليوم وكل يوم بشعور الناس وأظافرهم ووجوههم وبعد أن كانت صناعة العناية الشخصية تتألف من مجرد 50 شركة تنتج الصابون والشامبو في أواخر سبعينات القرن الماضي صارت هذه الصناعة المتنامية تشمل الآن نحو 4 آلاف شركة لمستحضرات التجميل و600 معهد للتدريب المهني ذي العلاقة بالجمال .
كما أصبحت جميع العلامات التجارية العالمية الكبرى لمستحضرات التجميل والعناية بالشعر تباع الآن في الصين .
بيانات الكتاب
الاسم : على خطى الصين يسير العالم
تأليف : كارل غيرث
الترجمة : طارق عليان
الناشر : مشروع كلمة
عدد الصفحات : 220 صفحة
الحجم : 6 ميجا بايت
تحميل كتاب على خطى الصين يسير العالم