يتناول هذا الكتاب أثراً من آثار شاعر الصوفية الأكبر الشعرية ذات الأهمية الفائقة، ألا وهي رباعيات مولانا جلال الدين الرومي، وترجمتها إلى العربية. ويعرف الرباعي لغة واصطلاحاً، ويشير إلى أنه أكثر ضروب الشعر الفارسي أصالة، وأكثر تجليات الروح الإيراني والثقافة الإيرانية إشراقاً، وينطوي على الفكر الإيرانية الصرفة ببيان بسيط وجذاب، بعيد عن كل ضروب التكلف والتصنع.
مقتطفات من الكتاب
( نفسي , اسمي , لقاء العدم )
عاش مولانا جلال الدين الرومي معظم حياته قي قونية تركيا والتي كانت في القرن الثالث عشر مركز التقاء عديد من الثقافات بالطرف الغربي من طريق تجارة الحرير المحور الواصل ما بين العوالم المسيحية , الاسلامية الهندوسية وحتى البوذية وقد حاك مولانا جلال الدين عناصر من هذه التقاليد جميعا في طاقة منفردة وجامعة حيث هذه الانفجارات القصيرة ما هي الا شظايا عفوية ولد الشيخ في بلخ , افغانستان الآن وطورد مبكرا من قبل الغزو المغولي الى قونية " عاصمة السلاجقة بآسيا الصغرى " خلف أباه فأصبح مركز مجتمع متعلم ومدرسا مثله قونية في منتصف القرن القثالث عشر , كانت بثلاث لغات على الأقل : التركية لغة العوام الفارسية لغة الأدب , العربية لغة القرآن والمراسم الدينية , كان مولانا يكتب أو يملي في الأغلب تغلب عليه الفارسية .
يبدو أن طريقة الرومي في التدريس قد مرت بأطوار محددة : ما قبل لقائه بشمس تبريز " كتاب فيه ما فيه , دروس فقهية " الى عفوية الانجذاب الصوفي حتى منتصف عمره " ديوان شمس تبريز الرباعيات " وآخرها القصص المركبة والغنائيات والتعاليم " كتاب المثنوي " وهو ما شغل السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة من عمره " 604 هـ - 672 هـ " " 1207 م – 1273 " ,
كان مولانا بعمر السابعة والثلاثين عندما صادفه القطب شمس تبريز " كان القطب في حوالي الستين " حتى ذلك الحين كان الرومي صوفيا تقليديا نوعا ما , أخذ شمس كتب مولانا ذات الألمعية الفكرية وألقاها في بئر ليبين له كم هو في حاجة أن يعيش ما كان يقرؤه .
كان كلاهما يذهبان في صحبة تطول أسابيع على حوارية باطنية واندماج تام غار تلاميذ الشيخ من استغراقه المنهك في الرفيق دفعوا شمسا للرحيل فترة الى دمشق لكنه عاد وأخيرا على ما يظهر قتلوه تتباين الخرافة والواضح أن رفقة الشيخ العميقة مع شمس لم تكن تحتمل من قبلهم كانت الجماعة الدينية تدرك خطرا ما في نشوة الوصل ما بين الحبيب والمحبوب فكان الفصل .
ان بعض الاستثارة في هذه الرباعيات أننا نتسمع لكليهما الرومي وشمس كما لو يزالان في تواطؤ وتبدو كهمس عاشقين ما بين حشد .
قبل وصاله بشمس وعذاب الانذهال معه , لم يكن الرومي شاعرا على وجه التحقيق انفجر الشعر في كينونته احتفالا بلقاء القطب , وكان الأسى والتوق في انتظار رجعة الرفيق الشعر كذلك يمكن رؤيته كسجل فريد لاتحاد الحبيب والمحبوب , الروح والملهم تأكيدا لم يكن ذلك مخططا أو كاملا أو مفهوما يصيخ الى جلاجل جمل على البعد عندما يستدعيه الوجود القريب فان أول كلمة تقال تتزامن بالضبط مع آخر كلمة في آخر قصيدة .
بالنسبة للرومي فان الشعر هو ما يؤديه في غضون ذلك رقص ونشيد حتى وصول الوجود الأسى الذي يعشقه : انسيال دمع هبة من العين كي يتملى خلالها انحلال المشهد .
معظم هذه الرباعيات ( والتي تترجم للمرة الاولى في العربية ) تضعك في فضاء شاسع حيث تظن أن " وقفتك " هناك كمثل أسى تقلبك بمنظور نسبي نحو صفاء ولغز مفاجئين وهي تتطلب قدرا كبيرا من الخلاء فراغا كي تجول سماء فضاء باطنيا من الأناة والوجد أبواب دقيقة تحيلك نحو اقليم شاسع تنفتح عليه :
" كنت أحيا على حرف الخبل , أهوى لو أدري الأسباب , أطرق على باب فيفتح صرت أدق عليه من باطنه ! "
بيانات الكتاب
تأليف : جلال الدين الرومي
الناشر : دار الأحمدي للنشر
عدد الصفحات : 104 صفحة
الحجم :2 ميجا بايت