يكشف الكاتب عند بعد يعتقد أنه مهم و أساسي في تخلفنا و هو رجعية أفكارنا و المتمثلة بوجه خاص في تفسير الدين، ذلك التفسير الرجعي الجامد للدين و المتداول في الخطاب الديني الذي يلقن للعامة من قبل رجال الدين الذي يشكلون كهنوتا دينيا و ان أنكروا بالقول ما يثبته الفعل
مقتطفات من الكتاب
(( إني لأشعر أن النكسة لابد أن تضيف إلى تجربتنا عمقا جديدا و لا بد أن تدفعنا إلى نظرة فاحصة و أمينة على عملنا على كثير من جوانب عملنا )) .الرئيس عبد الناصر في رسالته إلى مجلس الأمة 10 يونيو 1967
لقد كان الخطأ الكبير في تلك الحرب إننا حشدنا المعدات الحربية الحديثة من آخر طراز و حشدنانها بكميات ضخمة ثم غرتنا ضخامة كمياتها و حداثة طرازها فظننا إنها ستحقق النصر أو ترهب العدو بنفسها و لم نلتفت إلى اعداد الافراد الذين سيتولون تحريكها و استعمالها . و هذا الاعداد له ناحيتان ضروريتان لا تغني احداهما عن الاخرى : الاعداد العلمي التكنولوجي و الاعداد الروحي النفسي . و من هذا التقصير في الاعداد نجم كل ما نجم من انهزام فاق كل ما كان متصورا حتى قال كبار كتابنا السياسيين (( إن ما قام به العرب لهزيمة انفسهم كان اسهامهم في النصر الاسرائيلي اكبر من أي جهد قامت به إسرائيل )) ( الأستاذ محمد حسنين هيكل ، الاهرام ، 25 – 4 – 1969 ) .
على من تقع مسؤولية تلك الهزيمة ؟ لا أحاول أن ابرئ قيادتنا من نصيبها من المسؤولية و هي نفسها لم تحاول ذلك . فحين قرر رئيس جمهوريتنا في التاسع من يونيو 1967 أن يتنحى عن كل مناصبه اعلن انه يتحمل وحده على كتفيه مسؤولية كل الاخطاء التي ارتكبت و لم يحاول التخلص منها بإلقائها على هذا أو ذاك من قواد جيشنا المصري دعك من أن يوقعها على أي جيش عربي آخر . فلما اعلنت الجماهير الغفيرة – لا في مصر وحدها بل في مختلف اركان العروبة – إنها مصرة على الاحتفاظ به زعيما لها فقد عبرت بهذا عن يقينها بأنه برغم كل ما حدث لا يزال اصلح من يقودها من عقابيل النكسة إلى مرحلة النقاهة ثم خاتمة النصر .
إذا كانت قيادتنا قد ادت واجبها في الاعتراف و تحمل المسؤلية فإن علينا أن نعترف بحقيقة ابعد مدى و اعمق توغلا : و هي أن وزر تلك الهزيمة علينا كلنا نحن العرب لا حكاما فحسب بل محكومين أيضا ، لا في قطر واحد بعينه من اقطار العروبة بل في كلها جميعا . المسؤولية الكاملة إذن هي مسؤولية العرب كلهم اجمعين و لا سبيل لهم إلى التخلص منها بالقائها على فرد بعينه أو قطر بعينه . و ما داموا يحاولون أو يحاول بعضهم هذا التخلص و ما داموا يتلمسون كبش الفداء الذي ينجيهم من خطيئتهم الجماعية فإن هذا دليل على انهم لم يعوا بعد تمام الوعي درس تلك الهزيمة الفاجعة أو أن واجدانهم الوطني لم يرتفع بعد إلى مستوى الكارثة الصادعة . و ما داموا كذلك فأنى لهم أن يتلافوا عقابيل الهزيمة دعك من أن يمضوا منها إلى الانتصار الاكيد ؟
بيانات الكتاب
تأليف : محمد النويهي
الناشر : رؤية للنشر والتوزيع
عدد الصفحات : 181 صفحة
الحجم : 3 ميجا بايت