السبت، 3 نوفمبر 2012

الديموغرافية وعلم الآثار



الديموغرافية وعلم الآثار للدكتور مصطفى العلواني



ثقافة
الأربعاء: 19-5-2010
صدر حديثاً كتاب «الديموغرافية وعلم الآثار» الذي قام بترجمته عن اللغة الانكليزية الدكتور مصطفى العلواني الذي ترجم قبله ثلاثة كتب هي العثمانيون في سورية، وحماة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، والديموغرافية وعلم السكان، وطبعت له أيضاًَ ستة كتب أخر بين تأليف وتحقيق، وثلاثة دواوين شعرية.

والحقيقة أن الترجمة عن اللغات الأجنبية أمر مهم، بل غاية في الأهمية، لأنها النافذة التي يطل منها القارئ على عوالم الفكر عند الآخرين، فيفيد منها أيما إفادة، وماحضارات الأمم إلا أخذ وعطاء، والتلاقح الفكري بين الشعوب هو من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التقدم والنهوض... ومن ذلك المنطلق فقد اهتمت الدول الكبرى بالترجمة، فأنشأت دوراً خاصة بها جنّدت لها طاقماً كبيراً من المترجمين ينقلون إلى لغتهم مايكتب باللغات الأخرى وبالعكس...‏ 

ومن أسف شديد أن الترجمة من اللغة العربية وإليها، في الوطن العربي، لاتزال تعتمد على الجهود الفردية، وهذا من غير شك لايستطيع أن يغطي ترجمة جزء مما يكتب باللغة العربية، أو اللغات الأجنبية... فمن غير مؤسسات ترجمة رسمية ترعاها الحكومات في العالم العربي، يبقى الخلل عظيماً، والعجز فادحاً في قضية الترجمة.‏ 

وعود على بدء أقول إن كتاب «الديموغرافية وعلم الآثار» يقع في مئة وثلاث وخمسين صفحة من القطع العادي، وقد ألّفه «أندرو شامبرتين» الأستاذ بجامعة شيفلد بأمريكا ، وصدر عام 2007 عن جامعة كامبردج.‏ 

وقد دخلت في صفحاته مقدمة المترجم، والمؤلف، والخاتمة، وكذلك المدخل الذي كتبه المؤلف لكتابه، ومدخل الكتاب هو بمثابة الفصل الأول ويبحث في الاهتمامات الرئيسية للديموغرافية فيتناول مفهوم السكان، والخصائص السكانية، وبيانات علم السكان، وعلم السكان والآثار، والضغط السكاني، والتركيب السكاني، والصحة والأمراض، والهجرة، ومصادر الوقائع، والأجناس البشرية والوقائع التاريخية، والوقائع الأثرية، وبقايا العظام، والاستيطان، ومواقع الصيد.‏ 

وأما الفصل الثاني فعنوانه «المفاهيم الديموغرافية، النظرية، والطرق» ومن فقراته: التركيب السكاني، والنمو السكاني والتحويل الديموغرافي.‏ 

والفصل الثالث عنوانه «الديموغرافية التاريخية وعلم السلالات البشرية...»، والفصل الرابع «الديموغرافية الأثرية» ثم يتحدث المؤلف في موضوع «نشوء البناء الديموغرافي وتاريخه» و«الأمراض الديموغرافية».‏ 

والكتاب، على العموم، يبحث في الطرق والأساليب والنظريات التي تطبق في إعادة البناء الديموغرافي بالاستناد إلى البقايا العظيمة للإنسان القديم، وقد أمكن بوساطة ذلك معرفة العمر عند الموت، والتركيب العمري، وأصول المهاجرين، وتاريخ الاستيطان، والخصوبة، ومعدلات النمو السكاني والكثافة، وأسباب الموت، وتأثير الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية، والنزاعات وقتل الأطفال.‏ 

وفي المقدمة الضافية التي كتبها مترجم الكتاب الدكتور مصطفى العلواني يذكر أن الديموغرافيين استطاعوا مع علماء الآثار أن يقيموا صورة عن المواقع الأثرية القديمة عن طريق بقايا العظام والأسنان والمادة الثقافية المتبقية ، والمستحاثات والمتحجرات في العصور القديمة والموغلة في القدم، وبحثوا فيما يتصل بذلك من موضوعات وطرائق وعلوم.‏ 

ومن يستعرض الكتاب يقف على مدى المعلومات التي يوفرها ومدى ضرورته للباحثين والديموغرافيين والأثريين وغيرهم، وأهمية هذا الكتاب تنبع من صلاته المعرفية، والتطبيقية، وحاجة المكتبة العربية إليه لعدم وجود مايماثله فيها من معرفة وعلم.‏ 

والمترجم الباحث لايدخر جهداً في إفادة القارئ بأمور كثيرة تتعلق بعلم السكان -وهو المختص بذلك- كالتعريف بالديموغرافية والمصادر التي تعتمد عليها في الدراسة، وأهميتها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلاقتها بالعلوم الأخرى... وضرورة هذا العلم للحكومات والأفراد والمجالات العلمية الأخرى... كذلك قيامه ببعض التوضيحات لبعض المفهومات التي ذكرها المؤلف سريعاً وباقتضاب شديد... والإشارة إلى بعض الكتب التي تبحث في علم الديموغرافيا، وتقدم أمثلة توضيحية وعملية لإنشاء جداول الحياة.‏ 

وبعد هذا العرض السريع للكتاب المذكور لابد من القول إن هذه الجهود الفردية في الترجمة تكلف أصحابها الجهد، والوقت والمال... فهم جنود يضحون بكل ذلك في سبيل المعرفة، والنهضة العلمية، ورفعة الوطن والأمة... فرسالتهم رسالة سامية عظيمة لابد أن تقابل بالشكر والثناء والتقدير.‏ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق