خلاصة
إن تاريخ الحماية الاجتماعية بالمغرب يكشف المقابل الذي أدته الطبقة العاملة في مسار بقاءها في الجهل والفقر والمرض ، منذ ما يسمى بالاستقلال الشكلي ، للحصول على ما تقدمه تلك الحماية الاجتماعية من فتات التعويض والخدمات الرديئة .فرغم أن تشكل الطبقة العاملة المغربية لم يوازيه خط نقابي ديمقراطي وكفاحي ، فان مسار هذا التشكل حمال لفرص تحرير الطبقة العاملة ، أو جزء من هذه الطبقة ، من قيود التحكم البيروقراطي المتعاون مع نظام الاستبداد والإفساد بالمنظمات العمالية ، الأمر الذي يستدعي الاستمرار في تلقيح النضالات العمالية بمبادئ الديمقراطية العمالية، وبالأدبيات العمالية ، ضدا على ما هو سائد بالنقابات من فكر، أو ثقافة بورجوازية تلوث وعي العمال بواسطة الأوهام والمعتقدات الرجعية .
إن حقيقة كون مظاهر الحماية الاجتماعية الموروثة عن الاستعمار ، والتي خضعت للمغربة ، امتياز استعمله نظام الاستبداد والإفساد، الفتي آنذاك، لتحييد العمل النقابي عن الصراع السياسي القائم بين ذلك النظام وبين المعارضة في إطار الحركة الوطنية ، هي حقيقة لا غبار عليها . فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، الممثل الرسمي لسياسة الدولة الاجتماعية ، ليس سوى ترميما لصندوق سابق أيام الحماية الفرنسية، يسمى بصندوق المساعدة الاجتماعية ، الذي كان مكلفا بمنح التعويضات العائلية فقط ، ورغم انضباط الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمبدأ التمثيل الثلاثي ، فان هذا المبدأ بقي شكليا ، اذ تتصرف الدولة بهذا الصندوق بالشكل الذي ترتضيه . إضافة إلى إبقاء هذا الصندوق بعيدا عن الرقابة العمالية ، وعن اهتمام العمال، الذين رصيد هذا الصندوق المالي من أموالهم ، عملت الباترونا ودولتها على إشراك ممثلي العمال بالصندوق في عمليات فساد كبرى ، خلفت إهدار الملايير من أموال العمال ، كما استعمل تأسيس هذا الصندوق سنة 1959 لإفساد الحياة النقابية داخل النقابة الوحيدة آنذاك ، الاتحاد المغربي للشغل ، وكانت الظهائر المؤسسة ، أو المتممة و المصوبة ، وبمنطق الوصاية ، تقيد أنظمة الحماية الاجتماعية، وتكيفها حسب مصلحة الباترونا ودولتها .
صناديق التقاعد تمثيلية العمال داخلها شكلية ، والتعاضديات تتحكم فيها بيروقراطيات فاسدة ، ينخرها سرطان المحسوبية والزبونية ، جمعيات الأعمال الاجتماعية هي كذلك مسرح للفساد وإهدار لحقوق المنخرطين .قوانين تامين تفسح المجال لسماسرة التامين ليعيثوا فسادا في مدخرات العمال المؤمنين . المشهد بمجمله ، مشهد الحماية الاجتماعية بالمغرب ، رديء ، لان مظاهر الحماية الاجتماعية ، التي يعتبرها البعض مكاسب ، لم تأت نتاج نضالات صاعدة وكفاحية ، بل جاءت كمنح مقابل إبعاد الطبقة العاملة من حلبة الصراع السياسي المباشر .
يتبع
احسين 03_01_2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق