الأربعاء، 18 يونيو 2014

العنف الاصولي لــ مجموعة من المؤلفين

كل التعبيرات السياسية الكبرى التي شكلت التاريخ العربي المعاصر اتسمت بصناعة عنفها وإرهابها، ومع غياب الأرضية الديموقراطية لجعل السياسة حواراً وتنافساً سلمياً، ظهر الإرهاب كناطق وحيد باسم الجماعات العقائدية والفكرية. هذه الظاهرة التي تجد مراجعها في بعض محطات التاريخ السالفة،

مقتطفات من الكتاب



الفصل الأول

ثمة امر غريب يسم الاصوات التي نسمعها تدعو إلى تطبيع الحركات الإسلامية سياسيا و إلى محاورتها و القبول المبدئي بها كجزء مكون من مكونات الجسم السياسي العربي أو بالاحرى الاجسام السياسية العربية القطرية على تفاوت مداها و سعتها و المراحل التي قطعت في تكوينها و الأمر الغريب هذا – هو شأن يضاف إلى غرائب أخرى سنلتقي بها في الفقرات القادمة – يتلخص في المفارقة التالية : فلئن كان الخطاب السياسي الإسلامي خطابا سياسيا يشد و يرخي و يقترب و يبتعد و يتقدم و يرواح و العنف الاصولي يتراجع و يضغط و يصمت و يؤكد و يجزم و يراوغ إلا إننا نرى دعاة الحوار و التطبيع بل و ارباب فكرة التحالف التاريخي مع الاصوليين يؤسسون دعوتهم هذه على الايمان بالديمقراطية مجردة صرف لا تشوبها السياسة و بأن البازار الديمقراطي يجب أن يتسع لكل من يملك المساهمة و الحضور فيه و أن التطرف و الارهاب الإسلاميين شأنان يمكن تهذيبهما بالديمقراطية و صفائها و بالقدوة الحسنة و الحجة الرشيدة .
تنبني على هذا الموقف التطبيعي و المحاور نتائج و مواقف معينة . من هذه النتائج و المواقف ما جاء به كثيرون بصدد الحدث الجزائري و هو حدث محوري في توجهات السياسات الداخلية العربية في التسعينات لم يهتم المثيرون بالالمام به و بمدلولاته و ابعاده فقد ذهب الكثيرون إلى القول بأنه كان ينبغي أن يسمح للجبهة الإسلامية للانقاذ باستلام السلطة على اساس من التعليل بقول (( لعل و عسى )) . فلم يلتفت أولئك إلى أن التصريح القانوني للجبهة بالتنظيم و التحرك و خوض الانتخابات كان عملا مخالفا للدستور الجزائري الذي نص بحق على استبعاد التنظيمات السياسية القائمة على اسس دينية و إثنية و لغوية . و إن خرق الدستور على هذه الصورة كان هروبا للامام ( من الازمة السياسية و الاجتماعية ) بتشجيع فرنسي اكيد . ثم إن الاخذ بمرجعية الديمقراطية أية ديمقراطية لا تنفصل عن توازن قوى اجتماعية و سياسية و مؤسساتية ( و للدولة تدخلات مع الثلاث ) و أن مجيء الإسلاميين إلى السلطة كان من شأنه قسر العملية الاجتماعية الجزائرية على التوقف و على الاندراج في اطار هندسة اجتماعية اسلامية تستعبد الاخرين و تعمل على ادخال المجتمع و الثقافة و الدولة في قوالب من اختراع المخيلة الايديولوجية للاسلاميين و سننهم البالية .
و نقول هذا الكلام بناء على قراءة اتجاهات الواقع الايديولوجي و التعبوي للجبهة الإسلامية للانقاذ و ليس على مجرد الحكم على النوايا . إلى ذلك ليس الحكم على النوايا بالامر الذي ينبغي استهجانه بل هو حجة لنا و ليست علينا إذ نحن نتكلم هنا حول مواقف سياسية و ثقافية و اجتماعية ذات ابعاد و مدلولات و نتائج سياسية مباشرة و ما الكلام في امور السياية دون استشفاف النوايا بكلام في السياسية بل هو ضرب في الرمل . ألا يذهب مأثورنا النبوي الشريف إلى أن الأعمال إنما هي بالنيات ؟

بيانات الكتاب



الاسم : العنف الاصولي
تأليف : مجموعة من المؤلفين
الناشر : رياض الريس للكتب والنشر
عدد الصفحات :304  صفحة
الحجم : 4 ميجا بايت

تحميل كتاب العنف الاصولي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق