صور الجاحظ في كتابه البخلاء الذين قابلهم وتعرفهم في بيئته الخاصة خاصة في بلدة مرو عاصمة خراسان ، وقد صور الجاحظ البخلاء تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً ، فأبرز لنا حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم واطلعنا على مختلف أحاديثهم، وأرانا نفسياتهم وأحوالهم جميعاً، ولكنه لا يكرهنا بهم لأنه لا يترك لهم أثراً سيئاً في نفوسنا.
مقتطفات من الكتاب
مقدمةفي ختام القرن التاسع عشر " سنة 1900 " أصدرت دار برل بليدن كتاب البخلاء لأبي عثمان بن بحر الجاحظ وقد عنى بنشره وتحقيق نصه العلامة المستشرق فان فلوتن وأهداه الى شيخ المستشرقين في عصره العلامة الكبير نولد كه .
وقد أسدى فان فلوتن بنشره هذا الأثر الجليل الى الأدب العربي منة لا تكاد تقدر وأضاف الى ما كان طوق به المستشرقون أعناقا نحن أبناء اللغة العربية يدا جديدة لا يسعنا الا أن نذكرها وننحني أمامها تقديرا وشكرا ومهما داخل هذه النشرة من أسباب النقص ومظاهره فأكبر الظن أنه لولا عناية ذلك المستشرق بكتاب البخلاء لظل حينا من الدهر حبيسا حيث كانت مخطوطته مودعة وظل الجاحظ مختفيا عن قراءة العربية بأمثل آثاره الفنية وأجدرها بتمثيل قيمته الأدبية وحرمت نهضتنا الأدبية في ذلك الوقت هذه الصورة الرائعة من صور الأدب القديم الخالد .
نشر فان فلوتن هذا الأثر عن المخطوطة الوحيدة التي وفق اليها كما سنذكر بعد فأثار نشره له كثيرا من آيات التقدير والاعجاب في دوائر المستشرقين وقد رأوا فيه لونا جديدا من ألوان الأدب العربي واتجاها فريدا بين اتجاهاته .
وقد بقيت هذه الأمنية الكريمة دون تحقيق حتى اليوم وان كانت قد أخذت مكانها في خلد بعض العلماء من العرب والمستعربين وقد خطا بها بعضهم خطوة تمهيدية وهو العلامة وليم مرسيه فجعل يواجه بعض الصعوبات التي تقف دون هذه الترجمة ويحاول تذليلها اذ رأى أنه لن يستطيع تقديم صورة مثلى من هذا الأثر العربي الى القارئ الغربي بترجمته الى اللغة الفرنسية الا بعد أن يحرر النص العربي للكتاب من آثار الخطأ والاضطراب التي تعتروه وتستهلك كثيرا من دقائقه .
بالرغم مما بذل فيه الناشر " فان فلوتن " من جهد عظيم موفق في كثير من الأحيان وعلى هذا قدم الأستاذ مرسيه في سنة 1925 طائفة من الملاحظات القيمة على نشرة فان فلوتن صحح فيها بعض الكلمات وقوم فيها بعض العبارات وأشار فيها الى بعض المقارنات .
لم تكد هذه النشرة التي نشرها فان فلوتن تصل الى مصر حتى تلقفها أحد أولئك الذين يتجرون بنشر الكتب وهو الحاج محمد الساسى المغربي فقذف بها الى المبعة " سنة 1323 هـ - 1905 م " دون أن يتكلف شيئا من أوليات ما ينبغي في نشر الكتب فلم يحاول مراجعة المخطوطة " وقريب منه , في دار الكتب المصرية في مجموعة كتب الشنقيطي , نسخة مخطوطة عن مخطوطة كبريلي التي صدر عنها فان فلوتن " بل ولا ملاحظة القراءات التي أثبتها فان فلوتن في هوامش الصفحات أو الملاحظات والايضاحات التي ذيل بها نشرته وهي ملاحظات لها قيمتها بل لم يكلف نفسه الاشارة الى النشرة الي طبع عنها وبذلك جاءت هذه الطبعة المصرية الأولى صورة مشوهة من النشرة الأوروبية وظاهر أنه ما كان لنا – والأسف تنفطر منه قلوبنا – أن ننتظر غير هذا في ذلك العهد ما دامت آثارنا العقلية ومظاهر مجدنا الأدبي قد بلغت من الهوان علينا حتى ندعها لعبث الاتجار الغفل وأهوائه .فنرى أن القائمين على نشر الكثير منها قوم هم بطبيعة تكوينهم والغاية التي تحدوهم أبعد عن الروح العلمية التي يجب أن تكون صاحبة المكان الأول في هذا العمل الخطير .
على أنه يسرنا أن نشير هنا الى أن وزارة المعارف المصرية قد تنبهت الى شيء من واجبها في هذا الصدد فعهدت بكتاب البخلاء الى عالمين من علمائها هما الأستاذان أحمد العوامري بك , وعلى الجارم بك فأظهراه في نشرة يبدو فيها أثر الجهد ومظهر القصد الى التحقيق .
بيانات الكتاب
تأليف : جاحظ
الناشر : در المعارف
عدد الصفحات : 569 صفحة
الحجم : 8 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق