مقتطفات من الكتاب
مقدمةالثورة
لم تشغلني كثيرا مظاهرات تونس عندما اشتعلت , مين دول اللي بيتظاهروا وعندهم نظام قمعي كبير وبعدين مشاكلهم ليست متفاقمة كمشاكلنا فهم أفضل اقتصاديا منا بكثير وهم عددهم قليل والفرص متاحة أمامهم للسفر الى فرنسا وكذلك ليبيا وبعدين نحن نتظاهر قبلهم بسنين عديدة ورفعنا سقف المعارضة والنقد وتحركنا في الشارع بقوة بداية 2004 وهتفنا لا للتمديد ولا للتوريث وهتفنا أيضا يسقط حسني مبارك وهم أمامهم باع ليصلوا الى ما وصلنا اليه وبعدين ايه دول بتوع المظاهرات المسائية الجبناء احنا كنا نتظاهر في عز الضهر واسماعيل الشاعر يشاهدنا ومعه رجال أمن الدولة ورجال المباحث .
وفجأة وقعت على رأسي المفاجأة لقد هرب بن علي وخرج المواطن التونسي ليهتف في وسط الشارع باللهجة التونسية بن علي هرب بن علي هرب ! مش مصدق نفسي من هول المفاجأة هرب بجد !
يبدو أنها حقيقة ! حقيقة فعلية واقعية ؟ عندها أصابتني الغيرة لقد استطاع التونسيون أن يخلعوا رجلا مستبدا بهذه السهولة 30 يوم من المظاهرات المسائية ونحن ماذا حدث لنا نتظاهر من 6 سنوات بلا انقطاع واضطرابات واعتصامات يومية واضراب المحلة وخالد سعيد ووقفات واحتجاجات كل ده ومش عارفين نتعتع هذ الطاغية المستبد ثم كانت الدعوة الى مظاهرات 25 يناير تناقلتها صفحات الفيس بوك انه يوم عيد الشرطة انه يوم مناسب للتظاهر ضد السلطة الغاشمة ضد ما حدث لخالد سعيد كنت متفائل ولكني لست متأكد من أنها من الممكن أن تكون ثورة حقيقية من المؤكد لن يفوتني هذا الشرف وكيف لا وقد نزلت في أيام أشد منه صعوبة أتذكر يوم نزلت الى نقابة المعلمين بجوار دار الأوبرا للتظاهر ضد الكادر الخاص بالمعلمين وقد أعددت الشعارات للهتاف ضد الوزير والسياسة التعليمية بعد امتحان الكادر الذي رفضت الدخول اليه في أول مرة وفوجئنا في هذا اليوم أن خذلنا المدرسون بعد أن استسلموا لمذلة الامتحان وحصلوا على زيارات ضعيفة سميت بالكادر ووجدنا أنفسنا لا نتجاوز العشرين مدرسا وفي المقابل كان هناك عشرات الصحفيين ومثلهم من رجال الأمن والمباحث وخلافه , تشاور المدرسون وقرر معظمهم أن يتراجعوا عن التظاهر أعربت عن غضبي وقلت أنا حتظاهر حتى لو لوحدي فتشجع ثلاثة معي للبدء في التظاهر تحرش بنا رجال المباحث وطلبوا مني البطاقة قلت له ماعنديش مشكلة أنا مش باستخبي أنا بطالب بحقي وبسهولة الوصول لشخصيتي فالكاميرات كلها تصور أعطيته البطاقة سجل ما بها من بيانات وأعطاها لي , صديقي عبد الناصر اسماعيل اليساري ابن حزب التجمع رفض بشدة ودخل معهم في مناوشات وصمم علي موقفه رغم تهديدات القيادات الشرطية أخرجت ميكروفوني من حقيبتي وبدأت الهتاف وثلاثة يهتفون خلفي وكان معي مطوية مليئة بالهتافات بدأ أحد أمناء الشرطة يسجل بسرعة ما أهتف به ومش ملاحق ويقولي بتقول ايه قلت له انت بتعمل ايه ريح نفسك أنا حديلك الورقة بعد ما أخلص فقد كانت عندي نسخة بديلة في البيت وفعلا بعد مانتهت المظاهرة وقد تشجع بقية المدرسين وشاركوا معنا أعطيت الورقة المطوية لأمين الشرطة وبعد ذلك استسلمت لمزلة الامتحان بعد خذلان المدرسون لنا لأنهم قد سبقونا ماليا وأدبيا فاضطررنا للحاق بهم وأنا في غاية الأسف .
وتذكرت أيضا يوم اضراب 6 ابريل يوم أن دعوت المدرسين للغياب في هذا اليوم مشاركة في الاضراب وتشجيعا للشباب الواعد الذي دعى لهذه المشاركة .
بيانات الكتاب
تأليف : سامح عيد
الناشر : مكتبة جزيرة الورد
عدد الصفحات : 253 صفحة
الحجم : 6 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق