شهد العقدان الثاني والثالث من القرن السابع الهجري/13 م الانحلال التدريجي للإمبراطورية الموحدية. ذلك أن التصدع الذي أحدثته هزيمة العقاب سنة 609 هـ/1212 م لم يقف عند حدود جهاز الدولة الموحدية المركزية، وإنما امتد إلى مجموع مجالها الذي أصبح عرضة للتفتت السياسي بانقسام الإمبراطورية إلى كيانات مستقلة. إلى هذه الأزمة السياسية تنضاف أزمة إيديولوجية ابتداء من سنة 626 هـ/1229م، حين أعلن الخليفة المأمون (626-630 هـ/1229-1232م) نبذه للعقيدة التومرتية، وأزال إسم المهدي من السكة ومن خطبة الجمعة ومن المراسلات الرسمية، واعتبر الإبقاء على تلك الإراءات ليس ضروريا للمحافظة على الشرعية السياسية والدينية للموحدين[1]. ولا نفهم جيدا هذه الصيرورة التي تؤشر على انكسار الأسس الإيديولوجية للدولة الموحدية[2]، وتؤشر على فقدان النسق الموحدي لأهم خيوطه المميزة.
وعرفت علاقات السلطة الموحدية مع أتباع التصوف خلال النصف الأول من القرن السابع / 13م توتراً كبيراً. ففضلا عن كثرة الثورات ذات المرجعية الصوفية المهدوية[3]، تمدنا المصادر بشهادات مختلفة عن أوجه الصراع الذي طبع علاقة السلطات الموحدية مع بعض الشيوخ المتصوفة. إلا أننا سنقتصر على مثال الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم خلف السلمي البلفيقي، المعروف بابن الحاج (ت. 616 هـ/1219 م)[4]. فموقفه يقدم لنا صورة واضحة لمكانة المتصوفة داخل مجتمعهم وموقفهم من السلطة الموحدية بعيد الشرخ الهائل الذي أحدثته هزيمة العقاب سنة 609 هـ /1212م سواء في بنية الدولة العسكرية أو في توازناتها الاجتماعية. وتحيل الشهادة التاريخية التي تصف مثوله أمام الخليفة الموحدي المستنصر(611- 620 هـ /1214-1224 م) على روايتين مختلفتين:
فحسب الرواية الأولى، تمت إدانة البلفيقي من قبل جماعة من فقهاء مدينة المرية. فقد كان هذا المتصوف يعتمد على مشايعيه ومريديه، وكانوا من الكثرة بحيث أصبحوا يمثلون- حسب وجهة نظر الفقهاء- خطراً محتملا على الدولة. وعندما علم الخليفة بذلك، أمر واليه على المرية بإشخاص البلفيقي إلى العاصمة مراكش من أجل استنطاقه. وعلى الرغم من أن مريدي الشيخ حاولوا عرقلة مسعى الوالي الموحدي لإلقاء القبض عليه، فإن البلفيقي تجنب أن تتحول الوضعية إلى تمرد شامل حينما حسم الموقف بقوله : "لا يجوز القيام على السلطان"[5].
أما الرواية التي يوردها المقري فتشير إلى أن استقرار البلفيقي بالمرية كان استجابة لطلب واليها آنذاك من الأسياد الموحدين، "فحل بها وأوطنه تحت بره وإكرامه"، ولم يتم الأمر بإشخاصه لمراكش إلا بعد أن تصدى لتجاوزات أحد المشرفين الذي "أحدث على الناس أحداثا منكرة، فرفعوا أمرهم إلى الشيخ أبي إسحاق، شاكين إليه بحالهم معه، وراغبين في صرف ما حل بهم من قبله"[6]. ولم يكن أمام هذا المشرف إلا مراسلة "ظهيره الذي يستند إليه نظر السلطان بمراكش"، الوزير عثمان ابن جامع، يشتكي إليه بحاله، وعرقلة الشيخ لمهمته، منبها إياه على أن له أتباعا وأعوانا، "لا يؤمن من جانبه الثورة على السلطان"[7]، ولما بلغ الوزير ما وجه به إليه خديمه المشرف، طالع به سلطانه المستنصر بالله، "وألقى إليه في صورة الناصح، أن تغريب الشيخ أبي إسحاق عن المرية من أعظم المصالح، فخرج أمر المستنصر بإزعاجه من المرية وتوجيهه إلى مراكش".
وبالفعل، ترك الشيخ المرية يوم الإثنين 12 صفر سنة 616 هـ/ نهاية مارس 1219م في أسطول المرية، "فلم تكن العامة لتتركه ولا توافقه على السفر لمراكش، والانفصال عنهم، اغتباطا لجواره، وتهالكا على مقامه بين أظهرهم واستقراره"[8].
ويبدو أن الخليفة الموحدي قد فهم الأثر العكسي الذي من الممكن أن يخلفه تعامل صارم مع الشيخ، بسبب صيته العظيم ومكانته لدى العوام، كما أبانت عن ذلك أحداث المرية. ولو أنه يؤثر عن البلفيقي أنه كان يقول : "كل من نال من عرضي ما نال فأنا أحلله من ذلك وأغفر له، ما عدا من رماني بالقيام على السلطان... ولو رماني بالزنا ما كان أشد علي مما رماني به"[9]، فمن المؤكد أنه لم يقبل بالحظوة التي منحه إياها الخليفة الموحدي بتعظيمه وإكباره[10].
ويبدو أن السياسة الرسمية تجاه التصوف خلال فترة الانحلال الموحدي المتأخرة، كان لها وجهان : من جهة حاولت السلطة بطرق مختلفة، إضعاف سلطة الطوائف الصوفية المنظمة، في محاولة يائسة لتجنب ميل هؤلاء للخصم المريني، ومن جهة أخرى وللحد من تأثير التصوف المنظم في "رباطات"، حاول الموحدون أن يحوزوا ثقة أشياخ التصوف غير المنتمين لإحدى هذه الطوائف التي كانت تعمل ببلاد المغرب خلال النصف الأول من القرن السابع الهجري /13م، مثل طائفة الماجريين المشهورة بطائفة الحجاج التي أسسها أبو محمد صالح في نهاية القرن السادس الهجري[11]. وبنهجهم لهذه السياسة لم يكن خلفاء فترة الانهيار الموحدي يعملون إلا على السير في نفس الطريق التي سار عليها أسلافهم، والمتمثلة في إضفاء الامتيازات على بعض أشياخ التصوف ذوي الشهرة، أو تعيينهم في بعض الخطط الحكومية، بهدف الظهور بمظهر "الخلفاء الورعين"، وإضفاء نوع من الشرعية على سلطتهم المترنحة.
وهناك مثال يسمح لنا بتوضيح ما سبق، وهو العلاقة التي ربطت الخليفة المأمون (626-630 هـ/1229-1232 م) بشيوخ رباط تيط. فخلال نزاعه مع يحيى المعتصم على السلطة بعد وفاة الخليفة العادل الموحدي (624 هـ)، كتب المأمون لشيخ رباط تيط، طالبا منه تزكية بيعته. وقد ساند شيخ الرباط المأمون دون تردد، وطلب منه بأن " يأخذ الحركة إلى مراكش ويستعين بالله، وإنا [يقول الشيخ] نتكفل لك على ذمة الله تعالى أن يهب لك ملككم، ويجعلكم خليفة، لكونكم أهلا للخلافة، لأن لك عقلا وافرا ورأيا صالحا"[12]. كما أن علاقة المأمون بالشاعر المتصوف أبي عمر ميمون بن علي الصنهاجي الخطابي، المشهور بابن خبازة (ت. 637 هـ /1239 م) تؤشر بدورها على طبيعة علاقة الخليفة المأمون برجال التصوف. فقد عينه الخليفة على حسبة السوق[13]. وعلى عكس نموذج الصوفي الرافض للتعامل مع السلطة، فإن ابن خبازة الذي كان لباسه عادة عبارة عن "مرقعة"، لم يكتف بمدح الخليفة المأمون في أشعاره وإنما عندما قرر هذا الأخير نبذ العقيدة التومرتية، نظم قصيدة يبين فيها تأييده لقرار الخليفة ويذم فيها عقيدة المهدي[14].
إن التسامح الظاهري للخليفة المأمون مع المتصوفة لا ينفي بالطبع أنه خلال فترة خلافته ظهرت خلافات بين بعض أتباع التصوف والسلطات الموحدية. للأسف لا توفر المصادر إلا القليل من المعلومات بهذا الخصوص. وهذا ما يبدو بخصوص حالة الشاعر الصوفي القرطبي أبي زيد عبد الرحمان بن محمد بن يخلفتن الفزازي (ت.627 هـ/1230 م)[15]. فقد تتلمذ على يد متصوفين كبيرين هما أبو الحسن ابن الصائغ، وأبو الصبر أيوب الفهري. وتشير المصادر بصفة خاصة إلى ميله للتصوف، ودفاعه المستميت عن المذهب. فقد اشتهر بـ "المنافرة لأهل البدع"، وكان "كثير الحب الصالحين والزيارة لهم"[16]. وقد ألف كذلك قصائد زهدية ومدائح نبوية[17]، "وله في الزهد أشعار سمعت منه وسارت عنه ومال إلى التصوف وشهر به مع الميل إلى علم التصوف وصحبة المريدين والسعي في مطالبتهم والتشدد على أهل البدع"[18]. وقد شغل الفزازي- الذي كانت له حياة متنقلة ما بين ضفتي الزقاق- منصب "كاتب" لدى الخليفة المأمون، مع العلم أن أغلبية مترجميه يؤكدون أن تعيينه في هذا المنصب كان ضد إرادته[19]. ومن المحتمل أن يكون هذا التحفظ سببا في "الجفوة التي نالته من السلطان"[20]، ولزوم داره، أو أنها نجمت عن موقف الفازازي من استعانة المأمون بالروم على قتال المسلمين وموافقته على شروطهم المهينة[21]. واضطر في أخريات حياته (سنة 626 هـ) للقدوم إلى مراكش- ربما بين يدي المأمون- وتوفي هناك السنة الموالية[22].
إن حالة الفازازي لها من دون شك شبه بحالة شاعر متصوف إشبيلي مارس هو كذلك مهنة الكتابة لدى المأمون : يتعلق الأمر بأبي بكر محمد بن عبد الله بن قسوم اللخمي (ت. 636 هـ/ 1242 م)[23]. فقد "روى عن أبي عمران المارتيلي، وأخذ عنه طريقة التصوف ولازمه طويلا وانتفع بصحبته، و"كتب في شبيبته عن بعض أمراء وقته، ونال معه دنيا واسعة وجاها عريضا، ثم ترك ذلك زهدا فيه وانقطاعا إلى الله تعالى، وتعويلا على ما لديه". ولقد أبرز الرعيني ظروف تصوف هذا الشيخ وزهده قائلا : "لا أعلم أحدا من أهل عصرنا زهد في الدنيا حقيقة زهد أبي بكر. فإنه زهد عن تمكن فيها وظهور عند بنيها، وبعد إقبالها عليه أعرض عنها وأقبل على عبادة ربه ورفض ما كان في يده منها، واشتغل مدة بتعليم كتاب الله العزيز ونسخه"[24]. ويشير ابن عبد المالك إلى هجره الخدمة السلطانية، وانصرافه إلى التصوف، بالعبارات التالية : "كان له ديوان جمع فيه ما صدر عنه من نظم ونثر أيام تنشبه في الخدمة التي أنقذه الله منها، ولما نزع عنها مزقه وخرقه، ولم يخطر على باله شيئا منه، حتى لقي الله عز وجل". بل إنه انصرف إلى التأليف في الزهد والتصوف والمواعظ والزهد وأخبار الصالحين[25].
ويبدو أن إحدى الإجراءات المتخذة من طرف الموحدين لإيقاف التأثير المتزايد للجماعات الصوفية بين نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع الهجريين (12-13م)، هو تشجيع ظهور الطوائف الصوفية وتمتيعها بالامتيازات والرعاية. يتعلق الأمر بتشجيع تيار صوفي ذي طابع رسمي، خاضع لمراقبة الدولة. هذه هي الخلاصة التي نستشفها من ترجمة الشيخ أبي العباس (أو أبي جعفر) أحمد بن إبراهيم بن عبد المالك التميمي القنجائري (ت. 627 هـ/ 1230م)[26]. فحسب ابن عبد المالك المراكشي، كان القنجائري من "جلة العلماء وأكابر الصلحاء... وكانت له من ملوك عصره مكانة جليلة". وبالفعل، "كانوا يستدعونه ويستدنونه تبركا به، واغتناما لمشاهدته، فيقبل عليهم ويقبل منهم [...] وكان ملوك بني عبد المؤمن وأمراؤهم ورؤساء دولتهم كثيرا ما يرغبون منه في تفريق صدقاتهم التطوعية على من يراه من الفقراء والمحاويج وأهل الستر والصون، لعلمهم بأنه مغشي الجانب من طوائف الناس على اختلاف طبقاتهم [27] "
إلا أن ما يثير التساؤل حول هذه الشخصية الصوفية هو إقرار ابن عبد الملك المراكشي بأن القجائري كان "شيخ الطائفة الصوفية قاطبة بالمغرب"[28] على عهد الموحدين. ونحن لا نتوفر على نص آخر يؤكد كلام المراكشي. وإذا كان الأمر يتعلق فعلا بطائفة منظمة من طرف السلطة الموحدية بهدف استقطاب المتصوفة وتفتيت الشبكات الرافضة منها، فإنها ستكون بادرة المجهودات المرينية اللاحقة لتدجين التيار الصوفي المغربي[29]. ومن الجائز افتراض أن الخلفاء الموحدين قد اعتمدوا عليه لخلق طائفة صوفية رسمية منظمة، تراقبها السلطات مباشرة، إذ كان بإمكانه أن يضفي عليها نصيب من التأييد الشعبي الذي كانت تتمتع به الجماعات الصوفية الأخرى التي لا تدور في فلك السلطات الموحدية.
ومن المفيد الإشارة إلى إنه عند وفاة القنجائري بسبتة سنة 627 هـ /1230 م، تزوجت إحدى بناته - وهي مريم- بالرئيس أبي القاسم بن أبي العباس أحمد العزفي الذي سيصبح حاكما مستقلا بمدينة الزقاق (ابتداء من سنة 654 هـ /1256)[30]. وكان والده الفقيه أبو العباس أحمد العزفي (ت.633 هـ/1236م) أحد الرجالات المقربين من الدوائر الصوفية؛ فهو صاحب كتاب "دعامة اليقين في زعامة المتقين" المخصص للشيخ أبي يعزي، فضلا عن صلاته الوثيقة بآل أمغار بتيط الفطر[31]. وبذلك فإن الارتباط بين العائلتين (القنجائري- العزفي) لم يكن نتيجة اعتباطية صرفة، على ما يبدو.
والواقع إن السياسة الموحدية لاحتواء الطوائف الصوفية قد منيت بالفشل، على الرغم من الامتيازات التي أسبغوها على شيوخ الطائفة الصوفية الصنهاجية التي أسسها بنو أمغار في رباط تيط الفطر[32]. ومما يؤشر على تأزم العلاقة بين الجانبين محاولة الخليفة الرشيد (630-640 هـ/1232-1242م)- بإيعاز من "بعض شيوخ صنهاجة" - فرض ضريبة على الجماعة الصوفية لرباط تيط الفطر، وإبطال "الظهير" الذي يعفي بني أمغار من أداء المغارم[33]. ولو أن محاولة الخليفة لم يكن لها - على ما يبدو- تأثير، فإنه كان لها انعكاسات كبرى من الناحية السياسية؛ إذ اعتبرها بنو أمغار دليلا على عداوة الخليفة الرشيد لهم، وتدشينا للقطيعة النهائية بين متصوفة رباط تيط الفطر والسلطة الموحدية. إذ بعد ذلك بقليل، وخلال خلافة المرتضى (646 -665 هـ/1248 -1266م) ثار الوالي الموحدي أبو فارس عزوز بن يبروك بن أمغار ضد الخليفة الموحدي المرتضى، والتجأ إلى حرم رباط تيط، واعترف بسيادة الأمير المريني يعقوب بن عبد الحق (656 -685 هـ/ 1258- 1286م). وقد عاقب المرتضى خيانته بإعطاء أمره لتهديم سور رباط تيط الفطر واقتحام حرمة الشيخ. إلا أن شيخ الرباط أظهر معارضة شديدة لقائد المرتضى، أبو القاسم الهنائي المكلف بتعقب الثائر ابن يبروك[34].
وقد حاول الخليفة أبو دبوس (الذي خلف المرتضى) تأمين مساندة شيوخ رباط تيط بأن أصدر ظهيرا في ربيع الأول من عام 665 هـ (أي بعد ثلاثة اشهر فقط من الحكم) يحملهم فيه على "الكرمة والمبرة والرتبة الدائمة والحماية التي يقيهم ضروب الضيم والمضرة"، فضلا عن إعفائهم من "الوظائف المخزنية، والكلف الناشئة، وجميع ما يلزم من المؤن والسخر"، طالبا منهم التصدق بأعشارهم وتفريقها على المساكين، جريا على عادتهم في الصلاح[35]. إلا أن محاولته منيت بالفشل، لأن شيوخ تيط مالوا لجانب خصومه السياسيين، واعترفوا مبكرا بسلطة المرينيين الذين لم يترددوا من جانبهم في إقرار ما بظهير أبي دبوس لهم، "بل أضافوا إليه امتيازات مادية، وبادروا إلى الاعتراف المبكر لهم بشرف نسبهم، بل قدموهم على رأس الركب الرسمي للحج في سنة 703 هـ"[36].
وتؤكد معطيات أخرى المواجهة بين الخلفاء الموحدين وأتباع الطوائف الصوفية خلال النصف الأول من القرن السابع الهجري/13م، ومنها تلك التي تصف لنا سجن عبد الله بن أبي محمد صالح الماجري[37] (ت.651/1253م) ابن مؤسس رباط آسفي. فقد تم سجن عبد الله في مراكش بأمر من الخليفة الموحدي، الذي لا تفصح المصادر عن هويته، أثناء توجهه للمشرق مع مجموعة الفقراء المتصوفة. وهدده الخليفة بالقتل "إن لم يكتب الشيخ فيهم له كتابا ويعرفه فيه بأن أبا عبد الله المذكور ولده قتلهم جميعا"[38]. وقد أخبره بعض المتصوفة بوضعية ابنه أبي عبد الله صالح، ونصحوه بإرسال رسالة إلى الخليفة يستعطفه ويطلب عفوه، ويبعث جملة من المال لإطلاق سراحه[39]. ولم يستمع شيخ آسفي لمطالبهم قائلا : " قل لهم لا بد، إن شاء الله، من إطلاقكم عن قريب، شاء أولئك أم أبوا. وأما الكتب فما كنت ممن يكتب إليهم أبداً"[40]. وتم تسريح عبد الله بالفعل، وعند وفاة والده خلفه على رباط آسفي.
ولو أن المصادر لا تذكر الأسباب المحتملة التي دفعت الخليفة الموحدي لإعطاء أوامره بسجن عبد الله، يمكننا افتراض أن هذا الأمر يدخل ضمن سلسلة الإجراءات الردعية التي طبقتها السلطات الموحدية ضد بعض أشياخ التصوف المشهورين. ومن الممكن أن الموحدين إنما كانوا يحاولون في الحقيقة تخويف أبي محمد صالح، الذي كان بإمكانه أن يمثل خطرا على استقرار دولتهم، من وجهة نظرهم. لقد كان أبو محمد صالح تلميذاً لأبي مدين[41]، الذي تعرض بنفسه للأشخاص على عهد المنصور- وبعد رجوعه من المشرق، استقر الشيخ بمدينته الأصلية آسفي، وأسس الطائفة الصوفية "الماجرية" التي اشتهرت بطائفة "الحجاج" حينما توسعت لتشمل غير الماجريين[42]. ومن بين جميع الجماعات الصوفية التي كانت توجد ببلاد المغرب في هذه الفترة، كانت طائفة أبو محمد صالح من دون شك الأحسن تنظيماً.[43]
ويمكن افتراض أن أنشطة أبي محمد صالح كانت تثير بعض الشكوك لدى الموحدين. فطائفته الصوفية لم تكن فقط تمارس نشاطها في منطقة آسفي، وإنما وفرت بنية تحتية لصالح الحجاج المتجهين للمشرق، تتجاوز حدود الإمبراطورية الموحدية. لقد شجع أبو محمد صالح كذلك إنشاء رابطات أخرى- لها علاقة بالرباط الأصلي الموجود بآسفي- موزعة بمختلف مناطق المغرب، مثل سجلماسة وأغمات، وغيرهما من المناطق التي كانت قد خرجت عن ربقة الحكم الموحدي[44]. وكان لهذه الطائفة تمويلها الذاتي بفضل تبرعات أفرادها، ولها مراسيمها وطقوسها الروحية التي كانت مستوحاة من تعاليم مؤسسها، وهو ما كان يضمن تماسكها الداخلي. باختصار لقد كان للموحدين أسبابا وجيهة ليحاولوا وضعها تحت رقابتهم[45].
يبقى توضيح الدور الذي يمكن أن يكون قد لعبه رباط آسفي في الصراعات التي واجهت الموحدين مع بني مرين. ولو أننا لا نتوفر على أية إيضاحات تسمح لنا بالجزم بأن أتباع أبي محمد صالح قد مالوا لصالح المرينيين - كما حدث مع بني أمغار بتيط - فإننا نجد أن الأمير يعقوب بن عبد الحق المريني قد عين أصغر أبناء شيخ آسفي، وهو عيسى (ت. 698 هـ/1299م) لـ"ولاية الإمارة ببلد آسفي"[46]. ومن المحتمل أن الأمير المريني حاول - بهذه المبادرة- أن يكافئ أحفاء أبي محمد صالح على دعمهم له في صراعه مع الموحدين.
وإلى جانب الدور السياسي الذي قد تكون لعبته الطوائف بالمغرب في انحلال السلطة الموحدية وفي الصراع الموحدي المريني خلال النصف الأول من القرن السابع /13م، فإننا نلمس تأثير المتصوفة السياسي كذلك في الثورات ضد الموحدين التي اندلعت خلال نفس الفترة بالأندلس، وخاصة في منطقة الشرق. ونشير بالخصوص إلى الثورة التي حمل لواءها أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود (ت. 635 هـ/1238 م) في منطقة مرسية سنة 625 هـ /1228م، أي بالضبط في فترة أوج التيار الصوفي في هذه المنطقة[47]. وبتحليل أصل هذه الثورة وتطورها ضد الخليفة المأمون، تتبين بعض المؤشرات التي تسمح بافتراض وجود روابط بين ابن هود والجماعات الصوفية لمنطقة مرسية. ولو أنه يصعب معرفة مدى الدور الذي لعبه متصوفة المدينة خلال هذه الفترة، فإننا نتوفر على معطيات مشتتة، تدفعنا إلى القول أن ابن هود كان يبحث عن دعم أتباع هذا المذهب، ليضفي شرعية على حكمه. ومما له دلالة أكبر هو أن ابن هود ولَّى على مرسية عبد العزيز بن عبد المالك بن خطاب (ت. 636 هـ /1238م)[48]، وهو رجل تحمل مسؤوليات سياسية، ومال إلى التصوف والزهد[49]. ومن المؤكد أن ثورة ابن هود، وخاصة حملاته لإيقاف الزحف المسيحي على شرق الأندلس- قد أثارت حماس متصوفة باقي المناطق. فالشيخ الغرناطي أبو إسحاق بن عبيد يس النفزي (ت. 659 هـ/1261 م) يمدح ابن هود في أشعاره، ويحثه فيها لتوظيف جهوده لصالح الجهاد[50].
من جهة أخرى، كان لتصوف مرسية، خلال هذه الفترة، بعد سياسي لا غبار عليه، ظهر واضحا في حالة محمد بن أحلى (ت.645 هـ /1247م) كما لاحظ ذلك (بيير غيشار)[51]. فقد تزعم هذا الشيخ جماعة "متطرفة" من المتصوفة كانت تعمل في منطقة لورقة. وحسب ابن الزبير، كان لمذهب ابن أحلى "نزوح عن سنن المسلمين ... من ذلك قولهم بتحليل الخمر وتحليل إنكاح أكثر من أربعة، وأن المكلف إذا بلغ درجة العلماء سقطت عنه التكاليف الشرعية"[52]. وبدأ أتباعه في ممارسة الإذاية في الأموال والأبدان والتخويف الشديد لسكان المنطقة[53]. وتحول ابن أحلى ما بين 637-645 هـ/1240-1245م إلى والٍ مستقل للورقة بدعم من أتباعه. وامتازت إدارته - حسب ابن عبد المالك المراكشي- بالعدل والمساواة[54]. من هذه الزاوية يمكن اعتبار ابن أحلى[55] ممثلاً نموذجياً للواجهة السياسية للتصوف في خط ابن قسي، مثله في ذلك مثل عزيز بن خطاب الذي ترك الحياة الصوفية لينصرف لهموم السياسة[56].
وعرفت علاقات السلطة الموحدية مع أتباع التصوف خلال النصف الأول من القرن السابع / 13م توتراً كبيراً. ففضلا عن كثرة الثورات ذات المرجعية الصوفية المهدوية[3]، تمدنا المصادر بشهادات مختلفة عن أوجه الصراع الذي طبع علاقة السلطات الموحدية مع بعض الشيوخ المتصوفة. إلا أننا سنقتصر على مثال الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم خلف السلمي البلفيقي، المعروف بابن الحاج (ت. 616 هـ/1219 م)[4]. فموقفه يقدم لنا صورة واضحة لمكانة المتصوفة داخل مجتمعهم وموقفهم من السلطة الموحدية بعيد الشرخ الهائل الذي أحدثته هزيمة العقاب سنة 609 هـ /1212م سواء في بنية الدولة العسكرية أو في توازناتها الاجتماعية. وتحيل الشهادة التاريخية التي تصف مثوله أمام الخليفة الموحدي المستنصر(611- 620 هـ /1214-1224 م) على روايتين مختلفتين:
فحسب الرواية الأولى، تمت إدانة البلفيقي من قبل جماعة من فقهاء مدينة المرية. فقد كان هذا المتصوف يعتمد على مشايعيه ومريديه، وكانوا من الكثرة بحيث أصبحوا يمثلون- حسب وجهة نظر الفقهاء- خطراً محتملا على الدولة. وعندما علم الخليفة بذلك، أمر واليه على المرية بإشخاص البلفيقي إلى العاصمة مراكش من أجل استنطاقه. وعلى الرغم من أن مريدي الشيخ حاولوا عرقلة مسعى الوالي الموحدي لإلقاء القبض عليه، فإن البلفيقي تجنب أن تتحول الوضعية إلى تمرد شامل حينما حسم الموقف بقوله : "لا يجوز القيام على السلطان"[5].
أما الرواية التي يوردها المقري فتشير إلى أن استقرار البلفيقي بالمرية كان استجابة لطلب واليها آنذاك من الأسياد الموحدين، "فحل بها وأوطنه تحت بره وإكرامه"، ولم يتم الأمر بإشخاصه لمراكش إلا بعد أن تصدى لتجاوزات أحد المشرفين الذي "أحدث على الناس أحداثا منكرة، فرفعوا أمرهم إلى الشيخ أبي إسحاق، شاكين إليه بحالهم معه، وراغبين في صرف ما حل بهم من قبله"[6]. ولم يكن أمام هذا المشرف إلا مراسلة "ظهيره الذي يستند إليه نظر السلطان بمراكش"، الوزير عثمان ابن جامع، يشتكي إليه بحاله، وعرقلة الشيخ لمهمته، منبها إياه على أن له أتباعا وأعوانا، "لا يؤمن من جانبه الثورة على السلطان"[7]، ولما بلغ الوزير ما وجه به إليه خديمه المشرف، طالع به سلطانه المستنصر بالله، "وألقى إليه في صورة الناصح، أن تغريب الشيخ أبي إسحاق عن المرية من أعظم المصالح، فخرج أمر المستنصر بإزعاجه من المرية وتوجيهه إلى مراكش".
وبالفعل، ترك الشيخ المرية يوم الإثنين 12 صفر سنة 616 هـ/ نهاية مارس 1219م في أسطول المرية، "فلم تكن العامة لتتركه ولا توافقه على السفر لمراكش، والانفصال عنهم، اغتباطا لجواره، وتهالكا على مقامه بين أظهرهم واستقراره"[8].
ويبدو أن الخليفة الموحدي قد فهم الأثر العكسي الذي من الممكن أن يخلفه تعامل صارم مع الشيخ، بسبب صيته العظيم ومكانته لدى العوام، كما أبانت عن ذلك أحداث المرية. ولو أنه يؤثر عن البلفيقي أنه كان يقول : "كل من نال من عرضي ما نال فأنا أحلله من ذلك وأغفر له، ما عدا من رماني بالقيام على السلطان... ولو رماني بالزنا ما كان أشد علي مما رماني به"[9]، فمن المؤكد أنه لم يقبل بالحظوة التي منحه إياها الخليفة الموحدي بتعظيمه وإكباره[10].
ويبدو أن السياسة الرسمية تجاه التصوف خلال فترة الانحلال الموحدي المتأخرة، كان لها وجهان : من جهة حاولت السلطة بطرق مختلفة، إضعاف سلطة الطوائف الصوفية المنظمة، في محاولة يائسة لتجنب ميل هؤلاء للخصم المريني، ومن جهة أخرى وللحد من تأثير التصوف المنظم في "رباطات"، حاول الموحدون أن يحوزوا ثقة أشياخ التصوف غير المنتمين لإحدى هذه الطوائف التي كانت تعمل ببلاد المغرب خلال النصف الأول من القرن السابع الهجري /13م، مثل طائفة الماجريين المشهورة بطائفة الحجاج التي أسسها أبو محمد صالح في نهاية القرن السادس الهجري[11]. وبنهجهم لهذه السياسة لم يكن خلفاء فترة الانهيار الموحدي يعملون إلا على السير في نفس الطريق التي سار عليها أسلافهم، والمتمثلة في إضفاء الامتيازات على بعض أشياخ التصوف ذوي الشهرة، أو تعيينهم في بعض الخطط الحكومية، بهدف الظهور بمظهر "الخلفاء الورعين"، وإضفاء نوع من الشرعية على سلطتهم المترنحة.
وهناك مثال يسمح لنا بتوضيح ما سبق، وهو العلاقة التي ربطت الخليفة المأمون (626-630 هـ/1229-1232 م) بشيوخ رباط تيط. فخلال نزاعه مع يحيى المعتصم على السلطة بعد وفاة الخليفة العادل الموحدي (624 هـ)، كتب المأمون لشيخ رباط تيط، طالبا منه تزكية بيعته. وقد ساند شيخ الرباط المأمون دون تردد، وطلب منه بأن " يأخذ الحركة إلى مراكش ويستعين بالله، وإنا [يقول الشيخ] نتكفل لك على ذمة الله تعالى أن يهب لك ملككم، ويجعلكم خليفة، لكونكم أهلا للخلافة، لأن لك عقلا وافرا ورأيا صالحا"[12]. كما أن علاقة المأمون بالشاعر المتصوف أبي عمر ميمون بن علي الصنهاجي الخطابي، المشهور بابن خبازة (ت. 637 هـ /1239 م) تؤشر بدورها على طبيعة علاقة الخليفة المأمون برجال التصوف. فقد عينه الخليفة على حسبة السوق[13]. وعلى عكس نموذج الصوفي الرافض للتعامل مع السلطة، فإن ابن خبازة الذي كان لباسه عادة عبارة عن "مرقعة"، لم يكتف بمدح الخليفة المأمون في أشعاره وإنما عندما قرر هذا الأخير نبذ العقيدة التومرتية، نظم قصيدة يبين فيها تأييده لقرار الخليفة ويذم فيها عقيدة المهدي[14].
إن التسامح الظاهري للخليفة المأمون مع المتصوفة لا ينفي بالطبع أنه خلال فترة خلافته ظهرت خلافات بين بعض أتباع التصوف والسلطات الموحدية. للأسف لا توفر المصادر إلا القليل من المعلومات بهذا الخصوص. وهذا ما يبدو بخصوص حالة الشاعر الصوفي القرطبي أبي زيد عبد الرحمان بن محمد بن يخلفتن الفزازي (ت.627 هـ/1230 م)[15]. فقد تتلمذ على يد متصوفين كبيرين هما أبو الحسن ابن الصائغ، وأبو الصبر أيوب الفهري. وتشير المصادر بصفة خاصة إلى ميله للتصوف، ودفاعه المستميت عن المذهب. فقد اشتهر بـ "المنافرة لأهل البدع"، وكان "كثير الحب الصالحين والزيارة لهم"[16]. وقد ألف كذلك قصائد زهدية ومدائح نبوية[17]، "وله في الزهد أشعار سمعت منه وسارت عنه ومال إلى التصوف وشهر به مع الميل إلى علم التصوف وصحبة المريدين والسعي في مطالبتهم والتشدد على أهل البدع"[18]. وقد شغل الفزازي- الذي كانت له حياة متنقلة ما بين ضفتي الزقاق- منصب "كاتب" لدى الخليفة المأمون، مع العلم أن أغلبية مترجميه يؤكدون أن تعيينه في هذا المنصب كان ضد إرادته[19]. ومن المحتمل أن يكون هذا التحفظ سببا في "الجفوة التي نالته من السلطان"[20]، ولزوم داره، أو أنها نجمت عن موقف الفازازي من استعانة المأمون بالروم على قتال المسلمين وموافقته على شروطهم المهينة[21]. واضطر في أخريات حياته (سنة 626 هـ) للقدوم إلى مراكش- ربما بين يدي المأمون- وتوفي هناك السنة الموالية[22].
إن حالة الفازازي لها من دون شك شبه بحالة شاعر متصوف إشبيلي مارس هو كذلك مهنة الكتابة لدى المأمون : يتعلق الأمر بأبي بكر محمد بن عبد الله بن قسوم اللخمي (ت. 636 هـ/ 1242 م)[23]. فقد "روى عن أبي عمران المارتيلي، وأخذ عنه طريقة التصوف ولازمه طويلا وانتفع بصحبته، و"كتب في شبيبته عن بعض أمراء وقته، ونال معه دنيا واسعة وجاها عريضا، ثم ترك ذلك زهدا فيه وانقطاعا إلى الله تعالى، وتعويلا على ما لديه". ولقد أبرز الرعيني ظروف تصوف هذا الشيخ وزهده قائلا : "لا أعلم أحدا من أهل عصرنا زهد في الدنيا حقيقة زهد أبي بكر. فإنه زهد عن تمكن فيها وظهور عند بنيها، وبعد إقبالها عليه أعرض عنها وأقبل على عبادة ربه ورفض ما كان في يده منها، واشتغل مدة بتعليم كتاب الله العزيز ونسخه"[24]. ويشير ابن عبد المالك إلى هجره الخدمة السلطانية، وانصرافه إلى التصوف، بالعبارات التالية : "كان له ديوان جمع فيه ما صدر عنه من نظم ونثر أيام تنشبه في الخدمة التي أنقذه الله منها، ولما نزع عنها مزقه وخرقه، ولم يخطر على باله شيئا منه، حتى لقي الله عز وجل". بل إنه انصرف إلى التأليف في الزهد والتصوف والمواعظ والزهد وأخبار الصالحين[25].
ويبدو أن إحدى الإجراءات المتخذة من طرف الموحدين لإيقاف التأثير المتزايد للجماعات الصوفية بين نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع الهجريين (12-13م)، هو تشجيع ظهور الطوائف الصوفية وتمتيعها بالامتيازات والرعاية. يتعلق الأمر بتشجيع تيار صوفي ذي طابع رسمي، خاضع لمراقبة الدولة. هذه هي الخلاصة التي نستشفها من ترجمة الشيخ أبي العباس (أو أبي جعفر) أحمد بن إبراهيم بن عبد المالك التميمي القنجائري (ت. 627 هـ/ 1230م)[26]. فحسب ابن عبد المالك المراكشي، كان القنجائري من "جلة العلماء وأكابر الصلحاء... وكانت له من ملوك عصره مكانة جليلة". وبالفعل، "كانوا يستدعونه ويستدنونه تبركا به، واغتناما لمشاهدته، فيقبل عليهم ويقبل منهم [...] وكان ملوك بني عبد المؤمن وأمراؤهم ورؤساء دولتهم كثيرا ما يرغبون منه في تفريق صدقاتهم التطوعية على من يراه من الفقراء والمحاويج وأهل الستر والصون، لعلمهم بأنه مغشي الجانب من طوائف الناس على اختلاف طبقاتهم [27] "
إلا أن ما يثير التساؤل حول هذه الشخصية الصوفية هو إقرار ابن عبد الملك المراكشي بأن القجائري كان "شيخ الطائفة الصوفية قاطبة بالمغرب"[28] على عهد الموحدين. ونحن لا نتوفر على نص آخر يؤكد كلام المراكشي. وإذا كان الأمر يتعلق فعلا بطائفة منظمة من طرف السلطة الموحدية بهدف استقطاب المتصوفة وتفتيت الشبكات الرافضة منها، فإنها ستكون بادرة المجهودات المرينية اللاحقة لتدجين التيار الصوفي المغربي[29]. ومن الجائز افتراض أن الخلفاء الموحدين قد اعتمدوا عليه لخلق طائفة صوفية رسمية منظمة، تراقبها السلطات مباشرة، إذ كان بإمكانه أن يضفي عليها نصيب من التأييد الشعبي الذي كانت تتمتع به الجماعات الصوفية الأخرى التي لا تدور في فلك السلطات الموحدية.
ومن المفيد الإشارة إلى إنه عند وفاة القنجائري بسبتة سنة 627 هـ /1230 م، تزوجت إحدى بناته - وهي مريم- بالرئيس أبي القاسم بن أبي العباس أحمد العزفي الذي سيصبح حاكما مستقلا بمدينة الزقاق (ابتداء من سنة 654 هـ /1256)[30]. وكان والده الفقيه أبو العباس أحمد العزفي (ت.633 هـ/1236م) أحد الرجالات المقربين من الدوائر الصوفية؛ فهو صاحب كتاب "دعامة اليقين في زعامة المتقين" المخصص للشيخ أبي يعزي، فضلا عن صلاته الوثيقة بآل أمغار بتيط الفطر[31]. وبذلك فإن الارتباط بين العائلتين (القنجائري- العزفي) لم يكن نتيجة اعتباطية صرفة، على ما يبدو.
والواقع إن السياسة الموحدية لاحتواء الطوائف الصوفية قد منيت بالفشل، على الرغم من الامتيازات التي أسبغوها على شيوخ الطائفة الصوفية الصنهاجية التي أسسها بنو أمغار في رباط تيط الفطر[32]. ومما يؤشر على تأزم العلاقة بين الجانبين محاولة الخليفة الرشيد (630-640 هـ/1232-1242م)- بإيعاز من "بعض شيوخ صنهاجة" - فرض ضريبة على الجماعة الصوفية لرباط تيط الفطر، وإبطال "الظهير" الذي يعفي بني أمغار من أداء المغارم[33]. ولو أن محاولة الخليفة لم يكن لها - على ما يبدو- تأثير، فإنه كان لها انعكاسات كبرى من الناحية السياسية؛ إذ اعتبرها بنو أمغار دليلا على عداوة الخليفة الرشيد لهم، وتدشينا للقطيعة النهائية بين متصوفة رباط تيط الفطر والسلطة الموحدية. إذ بعد ذلك بقليل، وخلال خلافة المرتضى (646 -665 هـ/1248 -1266م) ثار الوالي الموحدي أبو فارس عزوز بن يبروك بن أمغار ضد الخليفة الموحدي المرتضى، والتجأ إلى حرم رباط تيط، واعترف بسيادة الأمير المريني يعقوب بن عبد الحق (656 -685 هـ/ 1258- 1286م). وقد عاقب المرتضى خيانته بإعطاء أمره لتهديم سور رباط تيط الفطر واقتحام حرمة الشيخ. إلا أن شيخ الرباط أظهر معارضة شديدة لقائد المرتضى، أبو القاسم الهنائي المكلف بتعقب الثائر ابن يبروك[34].
وقد حاول الخليفة أبو دبوس (الذي خلف المرتضى) تأمين مساندة شيوخ رباط تيط بأن أصدر ظهيرا في ربيع الأول من عام 665 هـ (أي بعد ثلاثة اشهر فقط من الحكم) يحملهم فيه على "الكرمة والمبرة والرتبة الدائمة والحماية التي يقيهم ضروب الضيم والمضرة"، فضلا عن إعفائهم من "الوظائف المخزنية، والكلف الناشئة، وجميع ما يلزم من المؤن والسخر"، طالبا منهم التصدق بأعشارهم وتفريقها على المساكين، جريا على عادتهم في الصلاح[35]. إلا أن محاولته منيت بالفشل، لأن شيوخ تيط مالوا لجانب خصومه السياسيين، واعترفوا مبكرا بسلطة المرينيين الذين لم يترددوا من جانبهم في إقرار ما بظهير أبي دبوس لهم، "بل أضافوا إليه امتيازات مادية، وبادروا إلى الاعتراف المبكر لهم بشرف نسبهم، بل قدموهم على رأس الركب الرسمي للحج في سنة 703 هـ"[36].
وتؤكد معطيات أخرى المواجهة بين الخلفاء الموحدين وأتباع الطوائف الصوفية خلال النصف الأول من القرن السابع الهجري/13م، ومنها تلك التي تصف لنا سجن عبد الله بن أبي محمد صالح الماجري[37] (ت.651/1253م) ابن مؤسس رباط آسفي. فقد تم سجن عبد الله في مراكش بأمر من الخليفة الموحدي، الذي لا تفصح المصادر عن هويته، أثناء توجهه للمشرق مع مجموعة الفقراء المتصوفة. وهدده الخليفة بالقتل "إن لم يكتب الشيخ فيهم له كتابا ويعرفه فيه بأن أبا عبد الله المذكور ولده قتلهم جميعا"[38]. وقد أخبره بعض المتصوفة بوضعية ابنه أبي عبد الله صالح، ونصحوه بإرسال رسالة إلى الخليفة يستعطفه ويطلب عفوه، ويبعث جملة من المال لإطلاق سراحه[39]. ولم يستمع شيخ آسفي لمطالبهم قائلا : " قل لهم لا بد، إن شاء الله، من إطلاقكم عن قريب، شاء أولئك أم أبوا. وأما الكتب فما كنت ممن يكتب إليهم أبداً"[40]. وتم تسريح عبد الله بالفعل، وعند وفاة والده خلفه على رباط آسفي.
ولو أن المصادر لا تذكر الأسباب المحتملة التي دفعت الخليفة الموحدي لإعطاء أوامره بسجن عبد الله، يمكننا افتراض أن هذا الأمر يدخل ضمن سلسلة الإجراءات الردعية التي طبقتها السلطات الموحدية ضد بعض أشياخ التصوف المشهورين. ومن الممكن أن الموحدين إنما كانوا يحاولون في الحقيقة تخويف أبي محمد صالح، الذي كان بإمكانه أن يمثل خطرا على استقرار دولتهم، من وجهة نظرهم. لقد كان أبو محمد صالح تلميذاً لأبي مدين[41]، الذي تعرض بنفسه للأشخاص على عهد المنصور- وبعد رجوعه من المشرق، استقر الشيخ بمدينته الأصلية آسفي، وأسس الطائفة الصوفية "الماجرية" التي اشتهرت بطائفة "الحجاج" حينما توسعت لتشمل غير الماجريين[42]. ومن بين جميع الجماعات الصوفية التي كانت توجد ببلاد المغرب في هذه الفترة، كانت طائفة أبو محمد صالح من دون شك الأحسن تنظيماً.[43]
ويمكن افتراض أن أنشطة أبي محمد صالح كانت تثير بعض الشكوك لدى الموحدين. فطائفته الصوفية لم تكن فقط تمارس نشاطها في منطقة آسفي، وإنما وفرت بنية تحتية لصالح الحجاج المتجهين للمشرق، تتجاوز حدود الإمبراطورية الموحدية. لقد شجع أبو محمد صالح كذلك إنشاء رابطات أخرى- لها علاقة بالرباط الأصلي الموجود بآسفي- موزعة بمختلف مناطق المغرب، مثل سجلماسة وأغمات، وغيرهما من المناطق التي كانت قد خرجت عن ربقة الحكم الموحدي[44]. وكان لهذه الطائفة تمويلها الذاتي بفضل تبرعات أفرادها، ولها مراسيمها وطقوسها الروحية التي كانت مستوحاة من تعاليم مؤسسها، وهو ما كان يضمن تماسكها الداخلي. باختصار لقد كان للموحدين أسبابا وجيهة ليحاولوا وضعها تحت رقابتهم[45].
يبقى توضيح الدور الذي يمكن أن يكون قد لعبه رباط آسفي في الصراعات التي واجهت الموحدين مع بني مرين. ولو أننا لا نتوفر على أية إيضاحات تسمح لنا بالجزم بأن أتباع أبي محمد صالح قد مالوا لصالح المرينيين - كما حدث مع بني أمغار بتيط - فإننا نجد أن الأمير يعقوب بن عبد الحق المريني قد عين أصغر أبناء شيخ آسفي، وهو عيسى (ت. 698 هـ/1299م) لـ"ولاية الإمارة ببلد آسفي"[46]. ومن المحتمل أن الأمير المريني حاول - بهذه المبادرة- أن يكافئ أحفاء أبي محمد صالح على دعمهم له في صراعه مع الموحدين.
وإلى جانب الدور السياسي الذي قد تكون لعبته الطوائف بالمغرب في انحلال السلطة الموحدية وفي الصراع الموحدي المريني خلال النصف الأول من القرن السابع /13م، فإننا نلمس تأثير المتصوفة السياسي كذلك في الثورات ضد الموحدين التي اندلعت خلال نفس الفترة بالأندلس، وخاصة في منطقة الشرق. ونشير بالخصوص إلى الثورة التي حمل لواءها أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود (ت. 635 هـ/1238 م) في منطقة مرسية سنة 625 هـ /1228م، أي بالضبط في فترة أوج التيار الصوفي في هذه المنطقة[47]. وبتحليل أصل هذه الثورة وتطورها ضد الخليفة المأمون، تتبين بعض المؤشرات التي تسمح بافتراض وجود روابط بين ابن هود والجماعات الصوفية لمنطقة مرسية. ولو أنه يصعب معرفة مدى الدور الذي لعبه متصوفة المدينة خلال هذه الفترة، فإننا نتوفر على معطيات مشتتة، تدفعنا إلى القول أن ابن هود كان يبحث عن دعم أتباع هذا المذهب، ليضفي شرعية على حكمه. ومما له دلالة أكبر هو أن ابن هود ولَّى على مرسية عبد العزيز بن عبد المالك بن خطاب (ت. 636 هـ /1238م)[48]، وهو رجل تحمل مسؤوليات سياسية، ومال إلى التصوف والزهد[49]. ومن المؤكد أن ثورة ابن هود، وخاصة حملاته لإيقاف الزحف المسيحي على شرق الأندلس- قد أثارت حماس متصوفة باقي المناطق. فالشيخ الغرناطي أبو إسحاق بن عبيد يس النفزي (ت. 659 هـ/1261 م) يمدح ابن هود في أشعاره، ويحثه فيها لتوظيف جهوده لصالح الجهاد[50].
من جهة أخرى، كان لتصوف مرسية، خلال هذه الفترة، بعد سياسي لا غبار عليه، ظهر واضحا في حالة محمد بن أحلى (ت.645 هـ /1247م) كما لاحظ ذلك (بيير غيشار)[51]. فقد تزعم هذا الشيخ جماعة "متطرفة" من المتصوفة كانت تعمل في منطقة لورقة. وحسب ابن الزبير، كان لمذهب ابن أحلى "نزوح عن سنن المسلمين ... من ذلك قولهم بتحليل الخمر وتحليل إنكاح أكثر من أربعة، وأن المكلف إذا بلغ درجة العلماء سقطت عنه التكاليف الشرعية"[52]. وبدأ أتباعه في ممارسة الإذاية في الأموال والأبدان والتخويف الشديد لسكان المنطقة[53]. وتحول ابن أحلى ما بين 637-645 هـ/1240-1245م إلى والٍ مستقل للورقة بدعم من أتباعه. وامتازت إدارته - حسب ابن عبد المالك المراكشي- بالعدل والمساواة[54]. من هذه الزاوية يمكن اعتبار ابن أحلى[55] ممثلاً نموذجياً للواجهة السياسية للتصوف في خط ابن قسي، مثله في ذلك مثل عزيز بن خطاب الذي ترك الحياة الصوفية لينصرف لهموم السياسة[56].
الدكتور محمد الشريف:
جامعة عبد الملك السعدي/ كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- ابن عذاري المراكشي، أبو العباس أحمد، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب (قسم الموحدين)، تحقيق محمد إبراهيم الكتاني وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت- دار الثقافة، الدار البيضاء، 1985، ص 286؛ ابن أبي زرع الفاسي ، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور، الرباط، 1973، 251؛ مجهول (لعله) ابن سماك العاملي، الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، تحقيق سهيل زكار وعبد القادر زمامة، الدار البيضاء، 1979 ص، 164-165
Roger le Tourneau, « Sur la disparition de la doctrine almohade », Studia Islamica, XXXII, 1970 ,pp. 193-201( p.194-195)
[2] - أثارت مبادرة المأمون جدلا كثيرا وفسرت وأولت تفسيرات وتأويلات شتى. فهناك من يعتبرها مبادرة ضد الأرستقراطية الموحدية (الأشياخ)، وهناك من رأى فيها تمردا لأصحاب المذهب المالكي، بينما يعتقد "لوماكس" أن المأمون، المتأثر من جهة بأصوله (هو ابن أندلسية) وكونه تربى بالأندلس، كان يعتبر أن المذهب الموحدي ليس عنصر انقسام داخل الجماعة المسلمة فحسب، وإنما يدخل بدعة تستحق العقاب الإلهي المتمثل في شكل حروب أهلية وهجمات مسيحية. ومهما يكن من أمر، فإن قرار المأمون أدى في الواقع إلى تقويض مركز سلالته نفسها بحرمانها من كل شرعية ومن كل أساس أخلاقي وايديولوجي. عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب ..ج 2، ص 178
Lomax D. « Heresy and Orthodoxy in the Fall of Almohad Spain”, God and man in
- Medieval Spain : essays in honour of J. I. R . I ., Highfield, éd. D. w Lomax et D..
- Mackenzie, Warminster, 1989 , pp 47-48
- Roger Le Tourneau, « Sur la disparition de la doctrine almohade » , Studia Islamica, XXXII, 1970, pp.193-201
[3] - عن هذه الثورات راجع كتابنا : التصوف والسلطة بالمغرب الموحدي، منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، الرباط، 2004
[4] - ترجمته في : ابن الأبار، أبو عبد الله محمد القضاعي، التكملة لكتاب الصلة، نشر عزت العطار الحسيني، القاهرة، 1956، ج1، (343)؛ أحمد بابا، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، إشراف وتقديم عبد الحميد الهرامة، طرابلس، 360،1989 ؛ أحمد المقري، أزهار الرياض في أخبار عياض، الجزء الرابع، تحقيق سعيد أعراب ومحمد بن تاويت، المحمدية (د. ت.)، ج4، 34-35 ؛ وكذلك : محمد الطالب ابن الحاج السلمي، رياض الورد فيما انتمى إليه هذا الجوهر الفرد، تحقيق جعفر ابن الحاج السلمي، ج.1، دمشق، 1993، ص 113-132، وخاصة 129-126
[5] - التكملة، (طبعة القاهرة)، ج1، ص166؛ نيل الابتهاج بتطريز الديباج، ص 37-38
[6] - أزهار الرياض، ج4، ص 110-111
[7] - نفسه، ص 111
[8] - نفسه، 112-113
[9] - أحمد المقري، أزهار الرياض في أخبار عياض، الجزء الرابع، تحقيق سعيد أعراب ومحمد بن تاويت، المحمدية (د. ت.)، 114؛ رياض الورد، ج1، م.س.ص 129
[10] - أزهار الرياض، 113، فعندما "سأل الدعاء منه وهو لا يجد في فيه ريقا "
[11] - انظر أعمال الملتقى الذي نظمته كلية الآداب بالرباط مع المجلس البلدي لمدينة آسفي، تحت عنوان : "أبو محمد صالح : المناقب والتاريخ"، وصدر عن دار النشر العربي الإفريقي، 1990، وقد تكاثرت الطوائف بالمغرب بعد ذلك حيث يذكر ابن قنفذ الذي وقف على قبر أبي محمد صالح بآسفي سنة 763 هـ ست طوائف كبرى كانت تستوطن كلها الجنوب المغربي انطلاقا من نهر أم الربيع. (ابن قنفذ، أنس الفقير وعز الحقير، الرباط، 1965)، وهذه الطوائف الست هي بالإضافة على طائفة الحجاج :
- طائفة الشعيبيين، وتنسب إلى الشيخ أبي شعيب الصنهاجي دفين أزمور.
- طائفة الأمغاريين التابعة للشيخ أبي عبد الله أمغار دفين عين الفطر.
- طائفة الماجريين السابقة الذكر، وتنسب على أبي محمد صالح بن ينصارن الدكالي ثم الماجري
- طائفة الغماتيين، اتباع ابي زيد الهزميري
- طائفة الحاحيين أتباع أبي زكريا الحاحي
[12] - الآزموري، أبو عبد العظيم ، بهجة الناظرين وأنس العارفين، مخطوط الخزانة العامة بالرباط، رقم 1343. ورقة 28
[13] - ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الثامن، تحقيق محمد بن شريفة، الرباط، 1984 /2، ص 404
[14] - المنوني (محمد)، حضارة الموحدين، دار توبقال للنشر، 1989، 158
[15]- حول هذه الشخصية انظر : التكملة، ج 2، (1641)؛ ابن سعيد، المغرب، ص 118؛ الرعيني، أبو الحسن علي ، برنامج شيوخ الرعيني، تحقيق إبراهيم شبوخ، دمشق، 1962، (38)؛ صلة الصلة (ضمن كتاب : الذيل والتكملة، س./8، (61)؛ ابن الخطيب، الإحاطة في أخبارغرناطة، تحقيق محمد عبد الله عنان، ط2. القاهرة، 1973، ج 3، ص 517-522؛ نيل الابتهاج، 163؛ عبد الحميد عبد الله الهرامة، آثار أبي زيد الفزازي الأنداسي... دار بيروت- دمشق، 1991
[16] - نفسه، 102
[17] - آثاره الشهيرة في هذا الصدد هي "المعشرات" في الزهد والمواعظ. انظر أشعاره التي نشرها عبد الحميد عبد الله الهرامة، آثار أبي زيد الفزازي الأندلسي... م. س.
[18] - ابن الأبار، التكملة (طبعة مدريد)، رقم 1641، ص 586
[19] - يقول ابن الخطيب : "وكان متلبسا بالكتابة عن الولاة والأمراء ملتزما بذلك كارها له حريصا على الانقطاع عنه ": الإحاطة، 3/ 518، ويقول تلميذه الرعيني : "كان ... متبرما بتنشبه في الخدمة " : برنامج شيوخ الرعيني، ص 102
[20] - ابن البار، التكملة، (م)، ج 2، ص 586
[21] - عبد الحميد عبد الله الهرامة، آثار أبي زيد الفزازي الأندلسي...م.س. ، ص 14
[22] - يذكر ابن الأبار (التكملة (م)، ج 2. ص 586 ) أنه حاول لقاء الشيخ الفازازي مرتين في اشبيلية وفي قرطبة لكنه لم يقدر على ذلك "لالزامه داره بجفوة نالته من السلطان ".
والجدير بالذكر أن أخاه أبو عبد الله محمد بن يخلفتن (المتوفى سنة 621/1224 م) قد شغل منصب الكاتب لدى الخليفة الناصر والمستنصر. انظر: المراكشي، عبد الواحد (ت. 581 هـ)، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تحقيق محمد سعيد العربان ومحمد العربي الخطابي، القاهرة، 1949، 229، 238، وترجمته في :ابن الأبار، التكملة (ق) ج2، (1616)، ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/8، 1. (149). وكان ابنه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن يخلفتن كذلك " كاتبا " على عهد الخليفة الرشيد.. انظر :ابن عذاري، البيان المغرب، 299. وظل هذا المنصب يتوارثه أفراد هذه الأسرة حتى عهد الخليفة الموحدي المرتضى.ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/ 1.8 . 362
[23] - ابن البار، التكملة، (ق)، ج2، (1669)؛ الرعيني، برنامج، (34)؛ ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/6، (705 )
[24] - الرعيني، برنامج، ص 92-93، وكذلك؛ ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س 6، ص 243
[25] - منها "محاسن الأبرار في معاملة الجبار"، ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س 6، ص 243-244
[26] - ترجمته في : ابن الأبار، التكملة (ق)، ج1، (226)؛ ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، ج1،1، (34)، الرعيني، برنامج، (78)
[27] - ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/ 1.1، ص 57-58؛ ذكر تقي الدين الفاسي المكي حماما ورباطا، وتاريخ وقفه العشر الأوسط من شوال سنة 620 هـ على ما في النقش المتعلق بذلك. وفيه "أنه وقف وحبس وسبل وتصدق بجميع هذا الرباط الشارع على المروة المعظمة على جميع الفقهاء من أهل الخير والفضل والدين والعرب والعجم المتأهلين وغير المتأهلين على ما يليق بكل واحد منهم في المنازل في هذا الرباط".
[28] - ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، ج1. 1، ص 48؛ (في التكملة، 118 " كان على طريقة الصوفية "
[29] - Ferhat Halima et Triki, Hamid, « Hagiographie et religion au Maroc médiéval » Hespéris Tamuda, 26, 1986.49
[30] - ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة، س/1.1، ص 58
[31] - الآزموري، بهجة الناظرين،.. ورقة 60،38، 97،96؛ وقد أنشد أبو العباس فيهم قائلا :
وددت بعين الفطر لو كنت ثاويا ** جوار لا بن أمغار في عز بيتهم
هي الدار نعم الدار دارهم التي ** نشؤوا فيها أبدالا وأقطاب وقتهم
هم شرفاء الأنساب وجدهم ** تسمى بقطب الصالحين وغوثهم
عسى في زمام الصالحين وقربهم ** أحط وأحظى عند بابك بعثهم
[32] - وكانت "استراتيحية الاحتواء "التي تبنتها السلطة المرابطية تجاه المتصوفة قد نجحت مع شيوخ آل أمغار الذين منحهم المرابطون "ظهائر الوقير والإحترام"، (د. بوتشيش (إبراهيم القادري)، المغرب والأندلس في عصر المرابطين : المجتمع - الذهنيات- الأولياء، دار الطليعة، بيروت، 1993، ص154، وانظر كذلك دراسة : محمد المازوني، "رباط تيط : من التأسيس إلى ظهور الحركة الجزولية"، ضمن كتاب : الرباطات والزوايا في تاريخ المغرب، منشورات كلية الآداب الرباط، 1997.ص41-43 ؛ ودراسة كورنيل
Vincent J. Cornell, Ribat Tit-N-Fitr : The Origine of Maroccan Maraboutism, Islamic Studies, (Islamabad, Pakistan), vol .27,1988, N° 1, pp. 23-
[33]- بهجة الناظرين، 39-40، ومن الممكن أن الفترة التي يحيل عليها ابن عبد العظيم الأزموري تقع في بداية سنة 635/1237 خلال مرور الخليفة الرشيد عن منطقة أزمور. انظر؛ ابن عذاري، البيان المغرب...م. س.،346
[34] - بهجة الناظرين، 38. وبعد عزله في محرم من سنة 665 / أكتوبر 1266 هرب الخليفة المرتضى إلى أزمور بالذات.وهنا زار قبر الشيخ أبي شعيب الدكالي للتبرك به. ومن المعلوم أن أبا شعيب كان تلميذا لأبي عبد الله بن أمغار، مؤسس الطائفة الصوفية الصنهاجية . انظر :ابن عذارين البيان المغرب ...م.س ،441؛ ابن أبي زرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس، دار المنصور، الرباط، ص، 260. في ص 259 وقد حاول أبو دبوس الذي كان يريد الاطمئنان إلى أنصاره الصنهاجيين استرضاء الأمغاريين بمنحهم ظهيرا سنة 665 هـ يرفع عنهم الكلف والوظائف السلطانية. (بهجة الناظرين، ورقة 72-74)
[35] - انظر نصه في بهجة الناظرين، ورقة 37. وأورده محمد المازوني ملحقا بدراسته : "رباط تيط : من التأسيس إلى ظهور الحركة الجزولية "..م.س.، ص48
[36] - محمد المازوني، رباط تيط ...م.س. ص43
[37]- الماجري، أحمد بن إبراهيم بن أحمد ، المنهاج الواضح في تحقيق كرامات الشيخ أبي محمد صالح، ط مصر، 1933 ص،144-145؛ الإعلام، ج8،(1169)؛ محمد بنشريفة، "الماجريون" ضمن كتاب : أبو محمد صالح : المناقب والتاريخ، منشورات المجلس البلدي لمدينة آسفي وكلية الآداب بالرباط، النشر العربي الإفريقي، 1990. ص31- 45(ص37)
[38] - توفي أبو محمد صالح سنة 631/1234م.
انظر : (E. Lévi- Provençal) E.I. 2.s.v.1145
ولا بد أن يكون الخليفة الذي أمر بسجن ابنه عبد الله هو أحد الخلفاء الذين حكموا خلال الثلث الأول من القرن السابع الهجري /13م، والسابق على السعيد (639-645هـ/1242-1248م)
[39] - العباس ابن ابراهيم، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، الرباط، 1983، ج8 /215
[40] - نفسه
[41] - المنهاج الواضح، 25؛ ابن قنفذ، أنس الفقير وعز الحقير، تحقيق محمد الفاسي وأدولف فور، منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، 1968، ص 35؛ عبد اللطيف الشاذلي، " أبو محمد صالح ...." ضمن كتاب : أبو محمد صالح، .. م س. 55-67 ( ص 58 )
[42] - أنس الفقير، ص64
[43] - المنهاج الواضح، 57 -58؛ عبد اللطيف الشاذلي، م.س. 60
[44] - المنهاج الواضح، 141-143؛ فرحات والتريكي، م. س. 8
[45] - فرحات (حليمة) والتريكي (حميد)، "كتب المناقب كمادة تاريخية"، ضمن كتاب: التاريخ وأدب المناقب، عكاظ، الرباط، 1989، ص9
[46] - المنهاج، 145-147، ويؤكد محمد بن شريفة، خطأ، أنه توفي سنة (678/1279م)
[47]- Pierre Guichard , « Le Sarq al Andalous, l’Orient et le Mghreb au XIIIe et XIIIe siècles : réflexions sur l’évolution politique de l’Espagne musulmane » , in, Relaciones de la peninsula Ibérica…. Madrid , 1988, pp. 1-20 (p. 10)
[48] - التكملة، (م)، (1952)؛ ابن الأبار، الحلة السيراء، تحقيق حسين مؤنس،ج2 ،308- 314؛ ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة، س/5 ، (297)؛ ابن الزبير، صلة الصلة، (321)
Emilio Molina Lopez, Aziz b .Jattâb, destacada personalidad politica, cientifica y literaria murciana del siglo XIII , Miscelanea Medieval Murciana, 1978
[49] - ابن الأبار، التكملة (ق)، ج2.(1671)
[50] - محمد بنشريفة، "من أعلام التصوف بالأندلس في القرن السابع :ابن عبيد الله ياس النفزي"، ضمن كتاب : في النهضة والتراكم (دراسات مهداة لمحمد المنوني)، الدار البيضاء، 1986، ص223-240 (من المحتمل أن ابن هود حضر مجلس هذا الصوفي )
[51] - Pierre Guichard," le Sarq al Andalous… ",op .cit. p. 10. Id, Les musulmans de Valence et La Reconquête (XI-XIIIe siècles), t. 1, Damas, 1990, pp. 141-142
[52] - ابن عبد المالك المراكشي، الذيل والتكملة، س/6، ص 437
[53] - ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/6، ص 437-438 لقد تم سجن ابن أحلى في أول زمره عندما بدأ بنشر أفكاره.
[54]- نفسه، ص 438 "تظاهر في أحكامه وتدبير أمره بالعدل التام والتسوية بين القوي والضعيف والقريب والبعيد... وساس بلده أجمل سياسة، وكان جيد التدبير حسن الرأي في دنياه ".
[55]- ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/ 4 ص 436، ابن الزبير، صلة الصلة، ج 3/ ص 140
[56] - 77 Molina Lopez M, « Aziz b . Hattab … », op cit . p. 77
جامعة عبد الملك السعدي/ كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان
--------------------------------------------------------------------------------
[1]- ابن عذاري المراكشي، أبو العباس أحمد، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب (قسم الموحدين)، تحقيق محمد إبراهيم الكتاني وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت- دار الثقافة، الدار البيضاء، 1985، ص 286؛ ابن أبي زرع الفاسي ، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور، الرباط، 1973، 251؛ مجهول (لعله) ابن سماك العاملي، الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، تحقيق سهيل زكار وعبد القادر زمامة، الدار البيضاء، 1979 ص، 164-165
Roger le Tourneau, « Sur la disparition de la doctrine almohade », Studia Islamica, XXXII, 1970 ,pp. 193-201( p.194-195)
[2] - أثارت مبادرة المأمون جدلا كثيرا وفسرت وأولت تفسيرات وتأويلات شتى. فهناك من يعتبرها مبادرة ضد الأرستقراطية الموحدية (الأشياخ)، وهناك من رأى فيها تمردا لأصحاب المذهب المالكي، بينما يعتقد "لوماكس" أن المأمون، المتأثر من جهة بأصوله (هو ابن أندلسية) وكونه تربى بالأندلس، كان يعتبر أن المذهب الموحدي ليس عنصر انقسام داخل الجماعة المسلمة فحسب، وإنما يدخل بدعة تستحق العقاب الإلهي المتمثل في شكل حروب أهلية وهجمات مسيحية. ومهما يكن من أمر، فإن قرار المأمون أدى في الواقع إلى تقويض مركز سلالته نفسها بحرمانها من كل شرعية ومن كل أساس أخلاقي وايديولوجي. عبد الله العروي، مجمل تاريخ المغرب ..ج 2، ص 178
Lomax D. « Heresy and Orthodoxy in the Fall of Almohad Spain”, God and man in
- Medieval Spain : essays in honour of J. I. R . I ., Highfield, éd. D. w Lomax et D..
- Mackenzie, Warminster, 1989 , pp 47-48
- Roger Le Tourneau, « Sur la disparition de la doctrine almohade » , Studia Islamica, XXXII, 1970, pp.193-201
[3] - عن هذه الثورات راجع كتابنا : التصوف والسلطة بالمغرب الموحدي، منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، الرباط، 2004
[4] - ترجمته في : ابن الأبار، أبو عبد الله محمد القضاعي، التكملة لكتاب الصلة، نشر عزت العطار الحسيني، القاهرة، 1956، ج1، (343)؛ أحمد بابا، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، إشراف وتقديم عبد الحميد الهرامة، طرابلس، 360،1989 ؛ أحمد المقري، أزهار الرياض في أخبار عياض، الجزء الرابع، تحقيق سعيد أعراب ومحمد بن تاويت، المحمدية (د. ت.)، ج4، 34-35 ؛ وكذلك : محمد الطالب ابن الحاج السلمي، رياض الورد فيما انتمى إليه هذا الجوهر الفرد، تحقيق جعفر ابن الحاج السلمي، ج.1، دمشق، 1993، ص 113-132، وخاصة 129-126
[5] - التكملة، (طبعة القاهرة)، ج1، ص166؛ نيل الابتهاج بتطريز الديباج، ص 37-38
[6] - أزهار الرياض، ج4، ص 110-111
[7] - نفسه، ص 111
[8] - نفسه، 112-113
[9] - أحمد المقري، أزهار الرياض في أخبار عياض، الجزء الرابع، تحقيق سعيد أعراب ومحمد بن تاويت، المحمدية (د. ت.)، 114؛ رياض الورد، ج1، م.س.ص 129
[10] - أزهار الرياض، 113، فعندما "سأل الدعاء منه وهو لا يجد في فيه ريقا "
[11] - انظر أعمال الملتقى الذي نظمته كلية الآداب بالرباط مع المجلس البلدي لمدينة آسفي، تحت عنوان : "أبو محمد صالح : المناقب والتاريخ"، وصدر عن دار النشر العربي الإفريقي، 1990، وقد تكاثرت الطوائف بالمغرب بعد ذلك حيث يذكر ابن قنفذ الذي وقف على قبر أبي محمد صالح بآسفي سنة 763 هـ ست طوائف كبرى كانت تستوطن كلها الجنوب المغربي انطلاقا من نهر أم الربيع. (ابن قنفذ، أنس الفقير وعز الحقير، الرباط، 1965)، وهذه الطوائف الست هي بالإضافة على طائفة الحجاج :
- طائفة الشعيبيين، وتنسب إلى الشيخ أبي شعيب الصنهاجي دفين أزمور.
- طائفة الأمغاريين التابعة للشيخ أبي عبد الله أمغار دفين عين الفطر.
- طائفة الماجريين السابقة الذكر، وتنسب على أبي محمد صالح بن ينصارن الدكالي ثم الماجري
- طائفة الغماتيين، اتباع ابي زيد الهزميري
- طائفة الحاحيين أتباع أبي زكريا الحاحي
[12] - الآزموري، أبو عبد العظيم ، بهجة الناظرين وأنس العارفين، مخطوط الخزانة العامة بالرباط، رقم 1343. ورقة 28
[13] - ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الثامن، تحقيق محمد بن شريفة، الرباط، 1984 /2، ص 404
[14] - المنوني (محمد)، حضارة الموحدين، دار توبقال للنشر، 1989، 158
[15]- حول هذه الشخصية انظر : التكملة، ج 2، (1641)؛ ابن سعيد، المغرب، ص 118؛ الرعيني، أبو الحسن علي ، برنامج شيوخ الرعيني، تحقيق إبراهيم شبوخ، دمشق، 1962، (38)؛ صلة الصلة (ضمن كتاب : الذيل والتكملة، س./8، (61)؛ ابن الخطيب، الإحاطة في أخبارغرناطة، تحقيق محمد عبد الله عنان، ط2. القاهرة، 1973، ج 3، ص 517-522؛ نيل الابتهاج، 163؛ عبد الحميد عبد الله الهرامة، آثار أبي زيد الفزازي الأنداسي... دار بيروت- دمشق، 1991
[16] - نفسه، 102
[17] - آثاره الشهيرة في هذا الصدد هي "المعشرات" في الزهد والمواعظ. انظر أشعاره التي نشرها عبد الحميد عبد الله الهرامة، آثار أبي زيد الفزازي الأندلسي... م. س.
[18] - ابن الأبار، التكملة (طبعة مدريد)، رقم 1641، ص 586
[19] - يقول ابن الخطيب : "وكان متلبسا بالكتابة عن الولاة والأمراء ملتزما بذلك كارها له حريصا على الانقطاع عنه ": الإحاطة، 3/ 518، ويقول تلميذه الرعيني : "كان ... متبرما بتنشبه في الخدمة " : برنامج شيوخ الرعيني، ص 102
[20] - ابن البار، التكملة، (م)، ج 2، ص 586
[21] - عبد الحميد عبد الله الهرامة، آثار أبي زيد الفزازي الأندلسي...م.س. ، ص 14
[22] - يذكر ابن الأبار (التكملة (م)، ج 2. ص 586 ) أنه حاول لقاء الشيخ الفازازي مرتين في اشبيلية وفي قرطبة لكنه لم يقدر على ذلك "لالزامه داره بجفوة نالته من السلطان ".
والجدير بالذكر أن أخاه أبو عبد الله محمد بن يخلفتن (المتوفى سنة 621/1224 م) قد شغل منصب الكاتب لدى الخليفة الناصر والمستنصر. انظر: المراكشي، عبد الواحد (ت. 581 هـ)، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تحقيق محمد سعيد العربان ومحمد العربي الخطابي، القاهرة، 1949، 229، 238، وترجمته في :ابن الأبار، التكملة (ق) ج2، (1616)، ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/8، 1. (149). وكان ابنه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن يخلفتن كذلك " كاتبا " على عهد الخليفة الرشيد.. انظر :ابن عذاري، البيان المغرب، 299. وظل هذا المنصب يتوارثه أفراد هذه الأسرة حتى عهد الخليفة الموحدي المرتضى.ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/ 1.8 . 362
[23] - ابن البار، التكملة، (ق)، ج2، (1669)؛ الرعيني، برنامج، (34)؛ ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/6، (705 )
[24] - الرعيني، برنامج، ص 92-93، وكذلك؛ ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س 6، ص 243
[25] - منها "محاسن الأبرار في معاملة الجبار"، ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س 6، ص 243-244
[26] - ترجمته في : ابن الأبار، التكملة (ق)، ج1، (226)؛ ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، ج1،1، (34)، الرعيني، برنامج، (78)
[27] - ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/ 1.1، ص 57-58؛ ذكر تقي الدين الفاسي المكي حماما ورباطا، وتاريخ وقفه العشر الأوسط من شوال سنة 620 هـ على ما في النقش المتعلق بذلك. وفيه "أنه وقف وحبس وسبل وتصدق بجميع هذا الرباط الشارع على المروة المعظمة على جميع الفقهاء من أهل الخير والفضل والدين والعرب والعجم المتأهلين وغير المتأهلين على ما يليق بكل واحد منهم في المنازل في هذا الرباط".
[28] - ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، ج1. 1، ص 48؛ (في التكملة، 118 " كان على طريقة الصوفية "
[29] - Ferhat Halima et Triki, Hamid, « Hagiographie et religion au Maroc médiéval » Hespéris Tamuda, 26, 1986.49
[30] - ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة، س/1.1، ص 58
[31] - الآزموري، بهجة الناظرين،.. ورقة 60،38، 97،96؛ وقد أنشد أبو العباس فيهم قائلا :
وددت بعين الفطر لو كنت ثاويا ** جوار لا بن أمغار في عز بيتهم
هي الدار نعم الدار دارهم التي ** نشؤوا فيها أبدالا وأقطاب وقتهم
هم شرفاء الأنساب وجدهم ** تسمى بقطب الصالحين وغوثهم
عسى في زمام الصالحين وقربهم ** أحط وأحظى عند بابك بعثهم
[32] - وكانت "استراتيحية الاحتواء "التي تبنتها السلطة المرابطية تجاه المتصوفة قد نجحت مع شيوخ آل أمغار الذين منحهم المرابطون "ظهائر الوقير والإحترام"، (د. بوتشيش (إبراهيم القادري)، المغرب والأندلس في عصر المرابطين : المجتمع - الذهنيات- الأولياء، دار الطليعة، بيروت، 1993، ص154، وانظر كذلك دراسة : محمد المازوني، "رباط تيط : من التأسيس إلى ظهور الحركة الجزولية"، ضمن كتاب : الرباطات والزوايا في تاريخ المغرب، منشورات كلية الآداب الرباط، 1997.ص41-43 ؛ ودراسة كورنيل
Vincent J. Cornell, Ribat Tit-N-Fitr : The Origine of Maroccan Maraboutism, Islamic Studies, (Islamabad, Pakistan), vol .27,1988, N° 1, pp. 23-
[33]- بهجة الناظرين، 39-40، ومن الممكن أن الفترة التي يحيل عليها ابن عبد العظيم الأزموري تقع في بداية سنة 635/1237 خلال مرور الخليفة الرشيد عن منطقة أزمور. انظر؛ ابن عذاري، البيان المغرب...م. س.،346
[34] - بهجة الناظرين، 38. وبعد عزله في محرم من سنة 665 / أكتوبر 1266 هرب الخليفة المرتضى إلى أزمور بالذات.وهنا زار قبر الشيخ أبي شعيب الدكالي للتبرك به. ومن المعلوم أن أبا شعيب كان تلميذا لأبي عبد الله بن أمغار، مؤسس الطائفة الصوفية الصنهاجية . انظر :ابن عذارين البيان المغرب ...م.س ،441؛ ابن أبي زرع، الأنيس المطرب بروض القرطاس، دار المنصور، الرباط، ص، 260. في ص 259 وقد حاول أبو دبوس الذي كان يريد الاطمئنان إلى أنصاره الصنهاجيين استرضاء الأمغاريين بمنحهم ظهيرا سنة 665 هـ يرفع عنهم الكلف والوظائف السلطانية. (بهجة الناظرين، ورقة 72-74)
[35] - انظر نصه في بهجة الناظرين، ورقة 37. وأورده محمد المازوني ملحقا بدراسته : "رباط تيط : من التأسيس إلى ظهور الحركة الجزولية "..م.س.، ص48
[36] - محمد المازوني، رباط تيط ...م.س. ص43
[37]- الماجري، أحمد بن إبراهيم بن أحمد ، المنهاج الواضح في تحقيق كرامات الشيخ أبي محمد صالح، ط مصر، 1933 ص،144-145؛ الإعلام، ج8،(1169)؛ محمد بنشريفة، "الماجريون" ضمن كتاب : أبو محمد صالح : المناقب والتاريخ، منشورات المجلس البلدي لمدينة آسفي وكلية الآداب بالرباط، النشر العربي الإفريقي، 1990. ص31- 45(ص37)
[38] - توفي أبو محمد صالح سنة 631/1234م.
انظر : (E. Lévi- Provençal) E.I. 2.s.v.1145
ولا بد أن يكون الخليفة الذي أمر بسجن ابنه عبد الله هو أحد الخلفاء الذين حكموا خلال الثلث الأول من القرن السابع الهجري /13م، والسابق على السعيد (639-645هـ/1242-1248م)
[39] - العباس ابن ابراهيم، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، الرباط، 1983، ج8 /215
[40] - نفسه
[41] - المنهاج الواضح، 25؛ ابن قنفذ، أنس الفقير وعز الحقير، تحقيق محمد الفاسي وأدولف فور، منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، 1968، ص 35؛ عبد اللطيف الشاذلي، " أبو محمد صالح ...." ضمن كتاب : أبو محمد صالح، .. م س. 55-67 ( ص 58 )
[42] - أنس الفقير، ص64
[43] - المنهاج الواضح، 57 -58؛ عبد اللطيف الشاذلي، م.س. 60
[44] - المنهاج الواضح، 141-143؛ فرحات والتريكي، م. س. 8
[45] - فرحات (حليمة) والتريكي (حميد)، "كتب المناقب كمادة تاريخية"، ضمن كتاب: التاريخ وأدب المناقب، عكاظ، الرباط، 1989، ص9
[46] - المنهاج، 145-147، ويؤكد محمد بن شريفة، خطأ، أنه توفي سنة (678/1279م)
[47]- Pierre Guichard , « Le Sarq al Andalous, l’Orient et le Mghreb au XIIIe et XIIIe siècles : réflexions sur l’évolution politique de l’Espagne musulmane » , in, Relaciones de la peninsula Ibérica…. Madrid , 1988, pp. 1-20 (p. 10)
[48] - التكملة، (م)، (1952)؛ ابن الأبار، الحلة السيراء، تحقيق حسين مؤنس،ج2 ،308- 314؛ ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة، س/5 ، (297)؛ ابن الزبير، صلة الصلة، (321)
Emilio Molina Lopez, Aziz b .Jattâb, destacada personalidad politica, cientifica y literaria murciana del siglo XIII , Miscelanea Medieval Murciana, 1978
[49] - ابن الأبار، التكملة (ق)، ج2.(1671)
[50] - محمد بنشريفة، "من أعلام التصوف بالأندلس في القرن السابع :ابن عبيد الله ياس النفزي"، ضمن كتاب : في النهضة والتراكم (دراسات مهداة لمحمد المنوني)، الدار البيضاء، 1986، ص223-240 (من المحتمل أن ابن هود حضر مجلس هذا الصوفي )
[51] - Pierre Guichard," le Sarq al Andalous… ",op .cit. p. 10. Id, Les musulmans de Valence et La Reconquête (XI-XIIIe siècles), t. 1, Damas, 1990, pp. 141-142
[52] - ابن عبد المالك المراكشي، الذيل والتكملة، س/6، ص 437
[53] - ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/6، ص 437-438 لقد تم سجن ابن أحلى في أول زمره عندما بدأ بنشر أفكاره.
[54]- نفسه، ص 438 "تظاهر في أحكامه وتدبير أمره بالعدل التام والتسوية بين القوي والضعيف والقريب والبعيد... وساس بلده أجمل سياسة، وكان جيد التدبير حسن الرأي في دنياه ".
[55]- ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، س/ 4 ص 436، ابن الزبير، صلة الصلة، ج 3/ ص 140
[56] - 77 Molina Lopez M, « Aziz b . Hattab … », op cit . p. 77
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق