الثلاثاء، 5 مارس 2013

ثمن الولاء … رون سسكند

12يردد بوش دائماً: سوف نصلح اللاتوازن الذي أحدثته الإدارة السابقة في صراع الشرق الأوسط، سوف تميل كفة الميزان لصالح اسرائيل من جديد وسوف نثبت على هذا المبدأ.. أحياناً كثيرة قد يؤدي إظهار القوة إلى تصفية الأوضاع».

ثمن الولاء للكاتب رون سسكند هو سرد غير قصصي.. وهو نوع من الكتابة يتناول أحداثاً حقيقية وأناساً واقعيين.. وهذه نقطة قوة هذا الكتاب. ‏

تدور أحداِث هذا الكتاب حول ـ بول أونيل ـ الذي يتمتع بوجهات نظر مرموقة رائعة تتعلق بالاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة وكل من يمت لها بصلة فيسرد وقائع وتفاصيل مجريات ما واجهه خلال سيرة حياته العملية من قلب مركز السلطة والإدارة الأميركية.. ومن هذا تستمد القصة مصداقيتها وواقعيتها من خلال الأبعاد الحقيقية وتفاصيل الأحداث العامة التي جرت في فترة من الزمن المعاصر والتي لها تأثيرها على الولايات المتحدة والعالم برمته.

في منتصف تشرين الثاني 2000 رزحت نتائج فلوريدا تحت وضع الجدال في حين أصدرت المحكمة العليا أمراً قضائياً بإعادة النظر في قضية انتخابات بوش/ غور.. وبعد مجادلات وحسابات يدوية ربح بوش الرهان وأصبح الرئيس المنتخب الثالث والأربعين للولايات المتحدة.. ‏

منذ البداية كانت القضايا الداخلية هي محور تركيز الرئيس ومجموعته.. في وقت كان الحديث عن الشؤون الخارجية فعلاً.. كان الصراع العربي ـ الإسرائيلي في حالة فوضى «والولايات المتحدة لن تشارك وعلى المتقاتلين أن يحلوا ذلك بأنفسهم» قال بوش ربما تكون هذه الطريقة الأمثل لإعادة التوازن للأمور. ‏

إن تغيراً أساسياً في السياسة الأميركية كان واضحاً وبارزاً للعيان.. بعد أكثر من ثلاثين عاماً من التدخل الحاد بدءاً من كيسنجر ونيكسون وحتى مواقف كلينتون كانت الإدارة الأميركية تنفض يدها من الصراع في اسرائيل الآن سوف يتم التركيز على العراق. ‏

كانت العقوبات المفروضة على العراق تحتاج إلى التحول من قائمة بما هو مسموح إلى قائمة بما هو ممنوع لتصبح نظام ضبط للأسلحة بدل أن تكون نظام عقوبات اقتصادية عامة.. كان تركيز الإدارة الأمريكية هو النيل من صدام حسين بكل الوسائل. ‏

وتوالت التساؤلات بين موافق ومعارض: هل كان هذا التركيز يعني ببساطة مسألة إتمام لما تركته إدارة بوش الأب دون إنجاز؟ وهل كان لهجوم متعدد العناصر على صدام حسين أولوية في مطلع عام 2001 حقاً؟ لماذا الآن ولماذا صدام، ولماذا كان هذا مركزياً بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة؟ ‏

كتب رامسفيلد «أن التهديد لأمن الولايات المتحدة قد ترسخ ونما بسرعة في السنوات التي تلت تلاشي النظام الذي ساد كلا قطبي العالم.. وإن قوى اقليمية جديدة معادية للولايات المتحدة تتسلح لتوقف مسيرتنا.. لقد سمحت تجارة التقنيات المتطورة حتى لأفقر الأمم على الأرض أن تحصل على الأسلحة العسكرية الأكثر دماراً المبتكرة حتى اليوم» وهذا يعني أن هذا التوقع الفظيع لكوكب يعج بالأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية والرغبة في استخدامها ضد الولايات المتحدة كان أمراً لا يمكن تفاديه إنه لأمر واقع.. والولايات المتحدة حتى الآن لا تستطيع منعهم من القيام بذلك. ‏

إذاً.. العقوبات المفروضة على العراق جيدة ولكن ما نريد حقاً التفكير فيه هو مطاردة صدام والكلام لرامسفيلد أيضاً.. لقد بدا واضحاً أن كل شيء يتحرك يتم بالخيوط والاقتراحات.. ولكن في النهاية لا توجد بصمات.. لا مسؤولية. ‏

قال بوش مؤكداً: سننجح في إضعاف الإرهابيين وفي إغلاق المؤسسات التي تدعم وتسهل عمل الإرهاب.. المهم أن نحدد الآن من أين نبدأ. لدينا الوقت مع مهارة التنفيذ لتحقيق تحالف عالمي النطاق. ‏

غاب الرئيس بوش في غيمة من الانشغالات الدولية بدءاً بخطاب الأمم المتحدة في 12 أيلول.. وكان هناك القرار المتعلق بالعراق في الكونغرس، تفجيرات بالي وأزمة كوريا الديمقراطية باعترافها أنها تملك برنامج أسلحة نووية فعال. ‏

وبالطبع كان هناك انتخابات منتصف الفترة الرئاسية في الخريف حيث بدا أن الديمقراطيين كانوا يتمتعون بشعبية كبيرة وسلطة أكثر.. خاصة ما يتعلق بالقضايا الاقتصادية.. وتتدخل الأحداث وتتراجح الأخبار الاقتصادية وتتلاشى الآمال في وصول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض. ‏

هي ذي المدينة نائمة ولعل ذلك هو الأنسب. ‏

الطائرات النفاثة تهمهم في العتمة دون أن تُرى والأسلحة المضادة للطيران قرب نصب لينكولن تجري مسحاً شاملاً للسماء. ‏

اليوم 17 آذار 2003 هو عيد القديس باتريك.. ويسود التوتر أجواء واشنطن من جراء اشاعات عن هجوم يقوم به ارهابيون.. ويجلس الجنود الاحتياطيون من الحرس الوطني في عرباتهم وهم يتساءلون: كيف يمكن أن يكون شكل الارهابيين.. والجرائد على شكل رزم في شوارع المدينة وكأنها بالة تبن تفيد بأن الرئيس سوف يُلقي خطاباً هذه الليلة عن خطة الحرب على العراق. ‏

وهكذا وعند الساعة الثامنة يبدأ بوش ما هو في جوهره إعلان للحرب.. وهذا يعني أن الولايات المتحدة استخدمت سلطتها المطلقة لتضمن أمنها القومي. ‏

يقول بول أونيل وزير المالية «الخزانة» الذي توقفت طموحاته التطويرية بسبب غرور بوش وتحدياته: «الإيمان الراسخ هو أمر تحتاج إليه لكي تفعل، ولكن فعلك يجب أن يكون متناسباً مع قوة الدليل الذي يكمن وراء اقتناعك.. إني لأتعجب لأمر هذا الاقتناع الذي لدى الرئيس تجاه هذه الحرب يا للذهول أعتقد أن بوش يتمتع بخبرة شخصية... ولكن نظراً لمستوى خبرته لا أستطيع أن أؤيد مستوى اقتناعه.» ‏

في الأيام والأشهر التي تلت ذلك تحدث أونيل كثيراً عن الحرب في العراق وعما يكون القناعة لدى المرء وعن طبيعة الولاء ومما قاله: «الولاء، والاستعصاء توأمان لا ينفصلان... وهذه هي نقطة الخلاف الجوهرية بيني كوزير وبينه كرئيس فهو يطلب مقياساً معيناً من الولاء.. والولاء للفرد أياً كانت الأحوال غير مستساغ» وغاصت الولايات المتحدة في العراق.. وانحرف القارب عن مساره.. في هذه الحالة كل ما يتبقى لك لتفعله هو أن تقفز من القارب قبل أن يغرق بمن فيه. ‏

Capture

تحميل كتاب ثمن الولاء

Capture2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق