يدور الكتاب حول فكرة التمرد .. التي في أصلها إنكار لنوع معين من الظلم والعبودية( أنا أتمرد إذا نحن موجودون ) تسير بالمتمرد إلى إبطال هذه القوة المستبدة عليه وهي تحمل بعدا جماعيا في صورتها البعيدة يلبسها كامو ثوب الما ورائية لإنكار القدسية الإلهية والتحول بها إلى الإلحاد ( وموجودون وحدنا ) وإيجاد ديانة الفرد الإنساني الأوحد في صورة الوجودية وتناقضها مع العدمية
مقتطفات من الكتاب
العبث والقتل
ثمة جرائم ترتكب بدافع الهوى وأخرى استنادا الى محاكمات عقلية , ان مجموعة القوانين الجزائية تميز بينهما تمييزا ملائما الى حد كاف استنادا الى مبدأ سبق التصور والتصميم وانا لفي زمان سبق التصور والتصميم في زمان الجريمة الكاملة , فلم يعد مجرمونا هؤلاء الأطفال العزل يتذرعون بالحب انهم بالعكس راشدون ولا سبيل الى دحض ذريعتهم : الفلسفة التي تستخدم لكل شيء حتى لتحويل القتلة الى قضاة .
ان هيثكليف في مرتفعات ويذرنغ مستعد لقتل البرية كلها كي يمتلك حبيبته كاتي ولكن لن يخطر بباله أن يقول ان هذا القتل معقول أو انه يبرر بمذهب انه يرتكب الجريمة وعند هذا الحد يقف كل معتقده .
ويفترض هذا العمل قوة الحب والمزاج الملائم وبما أن قوة الحب نادرة الوجود لذلك يبقى القتل عملا استثنائيا ويحتفظ اذن بطابعه التحطيمي ولكن اعتبارا من اللحظة التي نسارع فيها بسبب انعدام المزاج الملائم الى التسلح باحدى النظريات ومذ تشرع الجريمة بالتذرع بالمحاكمات المنطقية فانها تتشعب العمليات العقلية وتكتسب كل أشكال القياس المنطقي لقد كانت متوحدة منفردة كالصرخة فاذا بها تصبح عامة شاملة كالعلم بالأمس كانت في قفص الاتهام وها هي ذي قد أصبحت صاحبة الأمر والنهي لن تستشيط غيظا لذلك ههنا فهدف الدراسة ونكرر القول هو قبول واقع الحال ونعني الجريمة المنطقية وأن نفحص مبرراتها : انني أبذل جهدي هذا في سبيل فهم زماني لعلنا نعتبر أن عصرا شرد أو استعبد أو قتل سبعين مليون نسمة خلال خمسين عاما يستدعي فقط وقبل كل شيء أن يحاكم الا أنه يجب أن نفهم دئبه ففي العهود الأولية الساذجة حين كان الطاغية يمسح مدنا بأكملها لاعلاء مجده وحين كان العبد الموثق بعربة المنتصر يسير معروضا في شوارع المدن المختلفة بأعياد النصر وحين كان يرمى بالعدو الى الحيوانات المفترسة أمام جموع الشعب المحتشد نقول : ازاء جرائم بمثل هذه السذاجة كان في وسع الوجدان أن يكون ثابتا وفي وسع الحكم أن يكون جليا .
أما أن تقام معسكرات العبيد تحت راية الحرية وأن تبرر المجازر بمحبة الانسان أو بالميل الى انسانية متفوقة فهذا لعمري ما يحيي بوجه ما , قوة التمييز والحكم حينما تتزين الجريمة بثوب البراءة وذلك بحكم طريقة مقاربة غريبة يتميز بها عصرنا يومئذ يتطلب الى البراءة أن تقدم مبرراتها ان مطمح هذه الدراسة قبول وتفحص هذا التحدي الغريب .
ان بيت القصيد أن نعرف هل البراءة اعتبارا من قيامها بعمل لا يسعها أن تمتنع عن القتل فنحن لا نستطيع أن نقوم بعمل الا ضمن اطار زماننا وبني الأناس المحيطين بنا ولن نعرف شيئا ما دمنا لا نعلم هل لنا الحق في أن نقتل هذا الانسان الآخر الموجود أمامنا و في أن نوافق على مقتله .
وبما أن كل عمل في يومنا هذا يؤدي الى القتل المباشر أو غير المباشر لذلك لا نستطيع القيام بعمل قبل أن نعلم هل ينبغي لنا ولماذا ينبغي لنا أن نقتل .
ليس المهم بعد أن نرجع الى أصل الأشياء بل أن نعرف والعالم على ما هو عليه – كيف نتصرف فيه .
ففي زمان الانكار ربما كان من السهل أن نتساءل حول مشكلة الانتحار .
أما في زمن النظريات العقائدية فيجب السير بموجب الأصول مع القتل فاذا كان للقتل أسبابه فنحن وزماننا على هدى من أمرنا واذا لم يكن له أسبابه .
بيانات الكتاب
تأليف : ألبير كامو
الترجمة : نهاد رضا
الناشر : عويدات للنشر والطباعة
عدد الصفحات : 383 صفحة
الحجم : 6 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق