مقتطفات من الكتاب
مقدمةسبق في مرحلة من مراحل البحث أن درسنا التطفيل والطفيليين في الأدب العربي القديم فقادنا النظر في الكتب الى استكشاف فئة تردد ذكرها في المؤلفات المختلفة وما هي الا أن استوقفنا أخبارها واتسهوتنا آثارها وشغلتنا طرافة منحاها العامر بالمضامين النفسية انها فئة الحمقي والمجانين .
ولئن ضارعت هذه الفئة الطفيليين في نمط عيشهم الهامشي وشاكلتهم في ما طبع سلوكهم من ظرف فان ظاهرة الحمق والجنون تتجاوز ظاهرة التطفيل دلالة وتفوقها ثراء .
ومن عجب أنه ما ان وقع استكشاف هذا الحقل حتى ازداد من القلب تمكنا وبالفكر استبدادا ولعل هذا الاستبداد وذلك التمكن راجعان الى أن هذا المجال – على جدارته بأن يحظى بنصيبه من عناية الدارسين لم يقع الالتفات اليه الالتفات المرجو حتى ينتفض عنه غبار الترك وتنقشع عنه غشاوة النسيان .
وقد استقر الرأي على أن يكون عنوان البحث : " الحمق والجنون في التراث العربي " " من الجاهلية الى نهاية القرن الرابع " ينطلق ابتداء من العهد الجاهلي لأن لنا وثائق يقدمها أصحابها على أنها من ذلك العهد .
ولئن اختلف المختلفون في مدى مطابقتها لواقع تلك الحقبة فانها تصور جوانب منها كثيرة – وان على نحو من الأنحاء ويحد الموضوع انتهاء القرن الرابع لا لأن الباحثين اعتادوا التوقف عند هذه الفترة بل لأن الظاهرة التي نقبل على دراستها بدأت في النشوء والنمو منذ العهود الأولى لكنها ما اكتملت الا في حدود القرن السالف الذكر ففاءت بما حفلت به من دلالات وجادت بما زخرت به من وظائف ولم يفعل اللاحقون شيئا يذكر سوى أنهم سجلوا ما طرقه الألون في نوع من الاقتفاء الأمين حتى كاد يقتصر تصرفهم على ضروب التبويب وطرق التأليف وكأنهم أحسوا بأن الظاهرة نالت حظها واستوفت وظائفها المختلفة بعد أن أدركت من التشبع درجاته القصوى .
ولا يفوتنا أن نشير في هذا المجال الى أن اعتمادنا الأساس كان على المؤلفات المنحصرة في الحيز الزمني المذكور الا أنه في الحالات التي لم نعثر فيها على شواهد مخصوصة ومواد فيها شيء من الجدة ونصيب من الثراء قد وقع اللجوء من حين الى آخر الى استقلال مراكب الآثار اللاحقة .
وما وجدنا في هذا التجوز حرجا ولا شعرنا بأن هذا المسلك يسيء الى الموضوع لأن المادة المعتمدة اما مروية عن القدامى أو منقولة عن السابقين أو باسطة لمعطيات لم تتجاوز حيز الحقبة المدروسة كما ضبطت ابتداء .
ومما يحتاج الى شيء من التدقيق أيضا مفهوم الأدب في هذا المقام فالمقصود في هذا المبحث هو الأدب في مفهومه الموسوعي اذ يأخذ من كل شيء بطرف ويجمع ما يحتاج اليه الانسان من فنون الثقافة التي تغدو أبعاده الفكرية والروحية والنفسية باعتبار الأدب مزيجا محكما من الجد والهزل .
بيانات الكتاب
تأليف : أحمد خصخوصي
الناشر : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
عدد الصفحات : 268 صفحة
الحجم : 10 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق