الأربعاء، 15 مايو 2013

الأحلام .... مصطفى محمود

الاحلامبقلم الدكتور مصطفى محمود ..

كل يوم نقرأ عن.. الإنسان الآلي.. المخ الأتوماتيكي.. العقل الإلكتروني.. و نسمع عن اختراع عين رادار لحراسة الخزائن.. و ابتكار أذن لاسلكية لضبط اللصوص.. و رئة صناعية للمصابين بالشلل.. و كلية صناعية لمرضى البولينا.. و قلب بلاستيك لمرضى القلب..
هل معنى هذا أن العلم يستطيع أن يسوي لنا إنساناً يحس و يشعر و يمش...ي و يتكلم مثله مثلنا.. بمجرد تركيب بعض الوصلات الكهربائية و اللمبات و البطاريات الترانزستور
إن رجل الشارع حينما يقرأ هذه الأخبار يضحك.. و يقول بسذاجته المألوفة.. بقى معقول يخلقوا بني آدم.. طيب و حاينفخوا فيه الروح منين..
و هي ليست ملاحظة ساذجة..
إن هذه الملاحظة هي الفارق الوحيد العميق بين الآلة.. و الإنسان..
إن أي اختراع من ساعة اليد إلى القنبلة الذرية إلى صاروخ القمر هو مجرد لعبة بزمبلك.
لعبة ليس فيها مخ.. ولا روح.. و لا إرادة.. لعبة لا تستطيع أن تريد لنفسها.. و إنما تتوقف على ما تريده أنت لها حينما تدير زمبلكها و تضبط عقاربها.
الآلة الكاتبة تكتب ما تمليه أنت عليها.. و لكنها لا تستطيع أن تؤلف لنفسها شيئاً.
و الآلة الحاسبة تطرح و تجمع و تقسم.. و لكنها لا تستطيع أن تتعب و تيأس و تصرخ و تحتج على سخافة الأرقام التي تجمعها و تطرحها.
و الرئة الصناعية تتنفس، و لكنها لا تستطيع أن تلهث بالخوف و لا باللهفة.
و القلب البلاستيك يدق.. و لكنه لا يستطيع أن يخفق بالحب و لا بالرغبة.
و الشيء الذي ينقص هذه الأشياء نسميه الروح.. فما هي الروح؟
إن لوح الخشب يسبح في الماء.. و سمك البحر يسبح هو الآخر في الماء.
و لكن لوح الخشب ليست له إرادة.. إن كل ما يفعله أنه يسلم نفسه للتيار يقذف به إلى اليمين و إلى اليسار و إلى الأمام و إلى الخلف.. و يسلم نفسه للقوانين الطبيعية فترفعه إلى فوق بحكم كثافته الخفيفة.. و يسلم نفسه إلى عوامل الفساد و التلف تأكل فيه حتى يذوب و يتفتت إلى تراب.
أما سمك البحر فإنه يتحرك على كيفه.. على مزاجه.. فيسبح ضد التيار.. و لا يسلم نفسه للقانون الطبيعي، و إنما يثور عليه فيسبح صاعداً ضد الجاذبية.. و يسبح هابطاً ضد قانون الكثافة.. و هو لا يسلم نفسه لعوامل التلف و الفساد، و إنما يتغذى و ينمو و يتكاثر و يهاجم كل عدو يفكر في قتله.
إن سمك البحر فيه روح..

 

Capture

تحميل كتاب الأحلام

Capture2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق