من هم اليهود المصريون؟
ينقسم الجيل الأخير من اليهود المصريين، أي الجيل الذي عاصر موجة الهجرة اليهودية من مصر في الخمسينيات من القرن الماضي إلى فئات عديدة ولا يمكن تحديد دوافع وميول اليهود المقيمين في مصر عند منتصف القرن العشرين دون فهم الاختلافات بين تلك الفئات وأصولها. على صعيد المذهب انقسم يهود مصر بشكل أساسي إلى طائفتين، هما الربانيون وهم من يتبعون تعاليم التلمود ويولونها أهمية كبيرة بالإضافة إلى التوراة، والقراؤن الذين لا يؤمنون بتعاليم التلمود. وبشكل عام ينظر إلى القرائين على أنهم أقرب اليهود إلى صورة “ابن البلد” ثقافيا وفي الزي واللغة والأنماط الاجتماعية.
تاريخيا توجد روايتان لأصل وجود الطائفة القرائية في مصر وردتا في كتاب بنين نقلا عن صحيفة الكليم وهي جريدة الطائفة في مصر. تقول إحدى الروايتان أن الطائفة وصلت مصر مع الفتح الإسلامي وأن عمرو ابن العاص هو من منحهم الأرض المقامة عليها مقابرهم بمنطقة البساتين. وتقول الرواية الثانية أنهم أتو في عصر آنان بن دايفيد في القرن الثامن الميلادي. وأيا كانت الرواية الأصح فأن تلك الطائفة بلا شك متأصلة بشكل جعل تطورها التاريخي والاجتماعي مطابقاً لباقي المصريين، واقتصر استخدامهم للغة العبرية على الطقوس الدينية بينما كانت مدارسهم تستخدم اللغة العربية كلغة تعليم أساسية. ومن الملفت للنظر ان جاك حاسون يقول أن انغلاق القرائيين في تجمعاتهم الرئيسية (حارة اليهود ومصر القديمة حول معبد بني عزرا) لم يحدث بسبب اي تهديد من الطوائف المحلية الأخرى، ولكن بسبب هجرة اليهود السفارديم المتزايدة وأغلبهم من الربانيين، والذين قصروا اتصالهم مع العالم الخارجي على العلاقات “الطقوسية والتجارية التي استطاعوا الحفاظ عليها مع زملائهم في جزيرة القرم واسطنبول”. ومع أن هذا التبرير الذي يقدمه حاسون يرجع العداء أو ضعف التعاون بين الطائفتين إلى وقت مبكر جدا، إلا ان هناك حقيقة تاريخية هامة في هذا الصدد وهي أن النازيين لم يعتبروا قرائي أوروبا يهودا “لأنهم لا يمتلكون الصفات السيكولوجية لليهود” مما أعفاهم من المحرقة، وهي معلومة كافية لإثارة عداء كل من السفارديم والأشكنازيم أي يهود أوروبا الشرقية. على الجانب الأخر فإن الأمتيازات التي حصل عليها المهاجرون الجدد كأجانب في بلد تسيطر عليه القوى الاستعمارية دفع بعض القرائيين للتقرب من الربانيين على الأقل على مستوى العمل للاستفادة من الإمتيازات المالية والقانونية الممنوحة للأجانب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق