الثلاثاء، 21 مايو 2013

الدول المارقة ... نعوم تشومسكي

الدول المارقةالواقع أن المصطلح ينطبق موضوعيا على الدول التي لا تلتزم بالمعايير الدولية. وتدل الأحداث على أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها معفاة من الشروط والالتزامات التي أقرت عالميا بعد الحرب العالمية الثانية في ميثاق الأمم المتحدة وقرارات محكمة العدل الدولية وغيرها من المعاهدات والمواثيق. ويسعى المفكر الأميركي وعالم اللغة المشهور نعوم تشومسكي في هذا الكتاب إلى تتبع التاريخ الأميركي في انتهاك المواثيق الدولية والشرعية السياسية ورعاية الإرهاب.
الولايات المتحدة دولة مارقة
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، زادت الولايات المتحدة من انتهاكاتها للقوانين والقرارات والمواثيق الدولية، وهي لم تكن قبل ذلك ملتزمة بالشرعية الدولية. ففي الأمم المتحدة كانت السياسة والمواقف الأميركية توجهها مقولة إذا لم تكن المنظمة الدولية تعمل لخدمة المصالح الأميركية فلا مبرر لاستمرارها.
وقد أدانت محكمة العدل الدولية واشنطن مرات عدة بسبب أعمالها العدوانية، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو ضد قرار مجلس الأمن الذي يدعو جميع الدول للالتزام بالقانون الدولي، وكانت وحدها ضد عدد كبير من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ففي عام 1993، أبلغ الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الأمم المتحدة بأن الولايات المتحدة ستتصرف جماعيا عندما يكون ذلك ممكنا، وستتصرف أحاديا عندما يكون ذلك ضروريا. وفي عام 1999، أعلن وزير الدفاع الأميركي وليام كوهين أن الولايات المتحدة ستستخدم القوة أحاديا للدفاع عن المصالح الحيوية التي تشمل ضمان الدخول غير المقيد إلى الأسواق ومصادر الطاقة والمصادر الإستراتيجية.

المدهش أن الأزمة العراقية لم تحظ بحوارات جدية، ولم يُبحث عن الخيارات المتاحة لإيجاد الحلول المناسبة، مما أدى إلى فرض شروط قاسية وبعيدة عن إيجاد حل لها

إن الميزة الأكثر إدهاشا في النقاش الدائر حول الأزمة العراقية هي أنها لم تحظ بحوارات جدية أبدا. وما جرى في الواقع لم يتعد بعض المداولات التي تناولت كيفية تفاقم الأزمة العراقية، وتجاهل الخيارات المتاحة لإيجاد الحلول المناسبة لها، وهذا ما جعل القضية ضمن شروط قاسية وبعيدة عن إيجاد حل لهذه الأزمة. وهكذا بدا وكأن على الولايات المتحدة وبريطانيا أن تتصرفا وفقا لقوانينهما وتفسيرهما الخاص، وليس وفقا لشروط الاتفاقيات الدولية والتزاماتها، والتي تشكل أساس القانون الدولي الذي يعتبره الدستور الأميركي القانون الأعلى في العالم.
ولا تملك أية دولة الحق أو السلطة في استخدام تأويلاتها الخاصة والتصرف وفق قوانينها متجاهلة القانون الدولي، كما جرى في الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد بررت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت سلوك بلادها المخالف للقانون الدولي بقولها "إننا نرفض أية قيود خارجية على سياستنا كما أننا ندرك حيوية هذه المنطقة لمصالحنا القومية".

 
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن صادق بالإجماع على عدم شرعية استخدام القوة ضد العراق إلا بتفويض من المجلس وفق ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما لم تقم له واشنطن وزناً، والواقع أن احتقار دور القانون الدولي متجذر بعمق في ممارسة الولايات المتحدة، كما حدث في نيكاراغوا عام 1986 وفي أنحاء كثيرة في العالم.
والفكرة الأساسية هنا، كما يراها المؤلف، هي أن الولايات المتحدة تتصرف بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وكأنها مسؤولة عن حماية العالم. ولكن مم تحميه؟ وما هو التهديد بعد الشيوعية والاتحاد السوفياتي؟ إنه لا يبدو غير عدم الخضوع لإرادة القوة العظمى، إذ أصبح واضحا أن التعبئة التقليدية للناس، مثل فكرة إمبراطورية الشر التي أطلقها الرئيس الأميركي رونالد ريغان في الثمانينيات، فقدت فاعليتها وأنه لا بد من أعداء جدد.
وفي عام 1995، نشرت دراسة عن الردع الإستراتيجي، أعدت برعاية القوات الجوية الأميركية، اقترحت أن العدو التقليدي الجديد بعد الاتحاد السوفياتي هو الدول المارقة وهي: العراق وليبيا وإيران وكوبا وكوريا الشمالية.

 
اعتبر العراق بدءا من عام 1990 الدولة العدوة المارقة، ولم تعد إيران وليبيا كذلك، وهو عكس ما حدث في إندونيسيا الدولة التي كانت عدوة حتى عام 1965 ثم تحولت إلى صديقة، فقد كان العراق شريكا وصديقا لأميركا ثم تحول إلى عدو.
لقد دعمت الولايات المتحدة وبريطانيا العراق في الثمانينيات وزودتاه بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وهي الأسلحة التي استخدمت في حلبجة الكردية عام 1988، وكان ذلك بتغاض وتسامح أميركي وبريطاني.
والجدير بالذكر أن القوات البريطانية استخدمت الغاز السام ضد العرب والأكراد والأفغان عام 1919 بأمر من وزير الحربية البريطانية تشرشل، واستخدمته القوات الأميركية في فيتنام عامي 1961 و1962.
وقد ذكر الصحفي الإسرائيلي أمنون كابيلوك عام 1988 بعد رحلة له إلى فيتنام أن الآلاف من الفيتناميين ما يزالون يموتون بسبب آثار الحرب الكيماوية، وقدر عدد الوفيات بين الفيتناميين بسبب الحرب الكيماوية بربع مليون وفاة.

Capture

تحميل كتاب الدول المارقة

Capture2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق