الأربعاء، 15 مايو 2013

ويلات وطن ... روبرت فيسك

ويلاتعاشت بيروت كالبلاد كلها أكذوبة. فديفيد روبرتس رسم صورة لبيروت الجاثمة في جبل صنين، بجاداتها المشجرة هي تلمع عند الأصيل... وتجول ت.ي.لورنس في شبابه بمدينة بيروت واستلطفها، وكانت بيوتها مسقوفة بالقرميد الأحمر، وشوارعها ضيقة، وهناك ألبوم صور منتزعة من البطاقات البريدية القديمة تظهر مدى روعتها الغابرة... وواجهات الفيلات التي تزينها الدهاليز... والشوارع القديمة في وسطها مكسوة بالأزهار... ولكن أصبح للأشباح وجود في بيروت أيضاً، في تلك الحرب الهمجية التي يسطر لها روبرت فيسك مراسل "التايمز" ومراسل "الاندبندت" حالياً في كتابه هذا من خلال معايشته اللحظية لكل ما سطر له من أحداث، حمل في طياتها أسماء أشخاص مهّدوا في إدارتها، على الرغم من انتماءاهم الوطنية وعلى الرغم من أسمائهم البراقة، كان البعض منهم في الواجهة، والآخر في الكواليس. وحملت تلك الأحداث منعطفات سجل التاريخ لبعضها حقائقه، ولكنه سجل لبعضها الآخر حقيقته الزائفة. وروبرت فيسك يميط اللثام عن الكثير من الحقائق، ويسجل من خلال مشاهداته أحداثها، ابتداءً من نشوبها ومع تزايد حدة القتال التي حصدت أبرياء تل الزعتر، وأبرياء سكان الدامور المسيحيين، ودخول القوات السورية واجتياح القوات الإسرائيلية لجنوب لبنان ومن ثم غزوه للبنان وما رافق ذلك من أحداث، وتدمير السفارة الأميركية في بيروت، وو... وانتهاءً ميشال عون يعلن الحرب على الجيش السوري في لبنان وبعد ذلك يمكن القول بأن هذا الكتاب ليس كتاباً أكاديمياً، ولا هو تاريخ تقليدي للحرب في لبنان، ولا تاريخ للتدخل الإسرائيلي في هذا النزاع، إنه مشاهدات مراسل صحافي أجنبي شاهد بأم عينه جزءاً يسيراً من ملامح الأحداث التي رسمت ملامح الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، وأقصى ما يستطيع فعله كصحافي أنه وقف على حافة التاريخ، كما يفعل علماء البراكين الذين يصعدون إلى فوهة البركان الذي يتصاعد منه الدخان، وتشرئب أعناقهم محاولين النظر فوق حافته عبر الدخان، محروقين بما يجري في داخله، وروبرت فيسك، فعل ما ينبغي على الصحافي فعله وهو أن راقب التاريخ وشهد عليه، وتعمد تسجيله بقدر ما يستطيع من أمانة على الرغم من المخاطر والضغوط وعلى رقم نقائص الإنسان.

Capture

تحميل كتاب ويلات وطن

Capture2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق