يكثف نتائج مختلف العلوم, بطريقة ذكية و موضوعية وممتعة, يقدم عرضاًً شاملاً عن نشوء وتطور ومستقبل المادة والحياة والحضارة البشرية. إنها سيرة ثلاثة عشر مليار سنة, إبتداءً من الإنفجار الكوني الأول, إلى نشوء الأرض و كارثة الأوكسجين العظمى واختراع الدم الدافىء الذي مثل مقدمة ظهور الوعي البشري, حتى مرحلة إمكان الإتصال بين الكواكب والمجرات. وفي هذه السيرة العلمية الدقيقة و المذهلة و الشائقة, يبرز لدى المؤلف دور العقل الذي مكان حاضراً دائماً,
مقتطفات من الكتاب
مدخل – نحو رؤية جديدة
قبل حوالي 20 سنة أنتج المخرج الأمريكي العبقري أورسون ويليس فيلم مغامرات أنهاه بمشهد رائع لم أر أفضل منه في أي فيلم آخر من هذا النوع وضع البطل في المرمى المريح بالنسبة لعدوه :
المسافة قريبة والانارة كاملة وبدون أية تغطية ورغم ذلك بقي عمليا خارج الخطر .
حصل المشهد في مدينة ملاهي وتقوم الفكرة على أن البطل نجح في استدراج خصمه الى صالة مليئة بالمرايا هناك ظهر البطل أمام مطارده بوضوح كامل دون أي خوف لكن لم يكن له ظهور واحد وانما عشرات الصور المتشابهة التي عكستها جدران الصالة المغطاة بالمرايا والمصممة بطريقة ذكية وخادعة .
انتهى الصراع كما يجب أن ينتهي في مثل هذه الظروف أطلق المطارد بغضب عارم يائس العيارات النارية المتتالية على الصور العديدة لعدوه وأحدث كومة من شظايا الزجاج وفرغ مسدسه قبل أن يصيب الشخص الحقيقي .
لا شك أن الفكرة عظيمة وذكية اذ من الصعب أن نتصور طريقة للتمويه أكثر ذكاء ودهاء .
عندما لا تكون لديك امكانية للتخفي أو الاختباء أمام مطاردك فان أفضل مهرب هو التمويه بتعديد الأهداف الخلبية المماثلة للأصل .
تتبع هذه الطريقة منذ القدم في الحروب حيث يحاول كل طرف تحويل نيران العدو عن الأهداف الحقيقية الى أهداف خلبية ويتم ذلك ربما ببناء مطارات خلبية أو دبابات خلبية وغير ذلك .
أينما شاهدنا أو ضللنا بمثل هذه الخدع نفترض فورا وجود عقل ذكي مدبر يرتبها لأننا لا نستطيع تصور مثل هذه الخطط الهادفة والمدروسة بعناية الا كنتيجة لتأملات واعية حادة الذكاء .
الا أن هذا الاستنتاج يستند على حكم مسبق , هذا الحكم المسبق واسع الانتشار وذو أهمية بالغة لأنه يحطم امكانية تفهمنا للطبيعة ولكامل العالم المحيط بنا وبالتالي للدور الذي نلعبه في هذا العالم لقد وجدت في الطبيعة آثار لتأثيرات العقل قبل وجود الأدمغة التي تجعل الوعي ممكنا بزمن طويل .
نقدم هنا أول مثال للبرهنة على ما قلناه : تعيش في آسام في وسط الهند فراشة تحمي نفسها ضد أعدائها خلال فترة التشرنق بنفس الخدعة المطبقة في المشهد الأخير من الفيلم الذي تحدثنا عنه أعلاه .
تقوم هذه الفراشة , شأنها شأن الفراشات الأخرى بنسج شرنقة حول نفسها عندما يأتي وقت التشرنق علاوة على ذلك فانها تختبئ في أحد الأوراق .
ان الطريقة الهادفة التي تطبقها في عملية الاختباء تبدو على قدر مدهش من الرؤية المستقبلية الهادفة .
من المعلوم أن الورقة الخضراء المليئة بالسوائل منبسطة ومرنة الى درجة لا يمكن للفراشة معها أن تلفها لتصبح مناسبة كمغارة تختبئ فيها .
تحل الفراشة هذه المشكلة الأولى بطريقة بسيطة وهادفة بدرجة لا نستطيع أن نتصور أفضل منها : تقوم أولا بتثبيت الورقة بعناية على الجذع بواسطة خيوط ( تخرجها من فمها ) وتلفها حولها ثم تقوم بقص ذنب الورقة من ناحية الجذع لفصلها عنه . كنتيجة لهذا الفصل تبدأ الورقة بالذبول .
بيانات الكتاب
تأليف : هويمارفون ديتفورت
الترجمة : محمود كبيبو
الناشر : دار الحوار
عدد الصفحات : 256 صفحة
الحجم : 9 ميجا بايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق