الجمعة، 21 يونيو 2013

السعادة .... عزيز لزرق

السعادة نصوصيقدم لنا الكاتب لزرق في مؤلفه الصغير حجما هذا، والكبير بمحتوياته، مساءلة، بل محاكمة جادة للعولمة على أساس أنها تبدأ من/ وفي المدينة، وذلك ضمن سياقات معرفية متصلة بمرجعياتها الفكرية الثقافية والسياسية.

ويحدد المؤلف منذ الصفحات الأولى للكتابة الهدف الأساسي لهذا المؤلف، اذ يقول أنه "مساءلة بعدي مرآة المدينة وإبراز معمارية صاريتيها، ويأتي ذلك عبر خمسة فصول وخاتمة ليست كالخواتيم المتبعة في معظم الكتب العربية، وكذلك توطئة مختلفة اختلافا كليا عن التوطئات المتبعة، إذ أن كل واحدة من هاتين تشكل فصلا كاملا متكاملا. إضافة إلى فصول الكتاب الأخرى، مع الحفاظ على ماهيتهما، في كونهما توطئة.. وخاتمة".

وبدءا من التوطئة التي هي تحت عنوان: "الثقافة وسؤال الهوية: حياة المدينة أو تقريظ الثقافة" تلك التي شملت:

1- المعرفة والعدالة: ويقول في ذلك: "اذا كانت الثقافة والسياسة هما صاريتي المدينة، وإذا ما اعتبرنا أن المعرفة والعدالة هما قصدا الثقافة والسياسة، أمكننا القول إذن: أن المعرفة والعدالة هما مرآة المدينة".

2- الفضاء المدني والفضاء السياسي: ويقول لزرق هنا ان المدينة لا تتحدد بمعيار سياسي فقط، بل بمعيار معرفي وقيمي أيضا، وهدا ما يترجمه مفهوم الفضيلة كقيمة معرفية وأخلاقية (ما دامت المعرفة أيضا فضيلة) لكنه يضيف في الآن نفسه: ان المدينة الفاضلة تتأسس أيضا على قواعد شرعية أخلاقية وعقيلة، وعلى قوانين تلزم الناس باحترامها، دون اكراه ودون اللجوء الى القوة والهيمنة(...) الا أن بلوغ المدينة الفاضلة يقتضي الجمع بين القول والفعل، فلا يكفي معرفة الخير الأسمى والسعادة الحقة والكمال الانساني، بل ما يهم هو ممارستها، واذا انفصلت معرفة الفضيلة عن ممارستها (نكون أمام مدينة فاسقة).

3- وفي الجزء الثالث من التوطئة.. تحت عنوان "نوابت وغرباء": يناقش المؤلف اختزال المدينة في البعد السياسي ويصفه بأنه هو البعد الذي جعل المدينة حلما، لا يرتهن بواقع الأمر، بل يرتمي في مستقبل مأمول ومنشود. يمتع مرجعياته من الحكمة والفضيلة، من العقل والدين، وهي مرجعيات ثقافية، قد يوظف بعضها أو كلها لاضفاء الشرعية على نسق سياسي، كما قد يستخدمها البعض أيضا في نقد النسق السياسي، لهذا يمكن اعتبار الثقافة مرآة المدينة، إنها شرط ضروري لكل مدينة، كما أن المدينة شرط سالب لكل ثقافة.

ويشرح المؤلف فكرته بهدوء وروية اذ يقول: "اذا كانت المدينة رهان الثقافة والسياسة، فان الفضاء المدني والوعي والمديني هما رهانا كل من المثقف والسياسي. انه الفضاء الذي ينتصر للوعي بمدينة أفضل، وبأداء أحسن للدولة، وبحقوق أوسع، وبالتالي الوعي بضرورة الفصل بين الوعي المدني والانتماء السياسي، والحفاظ على المسافة بين المثقف والسياسي وعدم الخلط بين الفضاء المدني والفضاء السياسي، أي عدم التماهي مع السلطة ومع الدولة، فهل لا زال بامكاننا الحديث عن ثقافة المعارضة، وعن المثقف المعارض؟ أم أنه ينبغي أن نردد مع البعض أن زمان المعارضة انتهى وعلينا أن نتكيف مع ثقافة الاندماج؟!"

الفصل الأول من الكتاب يثبت تحت عنوان كبير هو: "الثقافة وسؤال العولمة: ثقافة العولمة" ويناقش فيه المؤلف أولا: العولمة ونفي المدينة، وثانيا التحولات الكبرى والنظام المعرفي الجديد، ثم ثالثا نقد الخطابات السائدة حول العولمة، وصولا، الى الشرط الرابع الذي يتجسد في: "الحلم والكابوس: من العولمة الى الصراع الثقافي" اذ يقول المؤلف هنا: "اذا كانت ثقافة العولمة قد بشرت بنهاية الصراع، وبقيادة العالم قيادة ذات منحى أحادي: رأسمالي/ ليبرالي، واذا كانت تبين أن الانخراط في ثقافة العولمة يقتضي عولمة الثقافة، فان أحداث 11 سبتمبر (ما عرف بالثلاثاء الأسود) أعاد من جديد طرح سؤال الثقافة كمعيق للعولمة، حسب البعض، كما أكد في نظرنا صحة بعض التخوفات اتجاه مصير الانسانية في خضم عولمة تقوم على أسس غير متكافئة في العالم، وما ينجم عن ذلك من نجاحات ولكن من اخفاقات أيضا، وما يجذره في وعي ولا وعي الناس من تنافس واحساس بالقوة والتفوق، ولكن من شعور أيضا بالاحباط والهزيمة والحقد، وما يزرعه من آمال ووعود، وما يحفر من آلام ومخاوف".


 أشترى كتابك وادفع عند الاستلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق