ليس موضوع هذا الكتاب الإسلام التاريخي أو الإسلام الديني، في قدرته على تفكير السياسة، أو الاندراج في الأنظمة السياسية الحديثة. فالمطروح هو الحركات الإسلاموية المعاصرة وما تقوله عن الإسلام الذي يفترض به تبرير نشاطها.
فكيف تبرّر الحركات نشاطيتها السياسية؟ وما هي الانقطاعات والاستمرارات في خطاباتها ونصوصها قياساً إلى الإسلام التقليدي؟ وكيف يعمل النموذج الإسلامي المقترح أو القائم في إيران وأفغانستان؟ وما الأسباب الاجتماعية للنجاح الظاهري لهذه الحركات؟ ثم، إذا اعتبر الأصوليون أن نظامهم متفوّق على سائر الأنظمة، فهل في زعمهم هذا صدقية ما؟
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
هذا الكتاب لا يتناول الاسلام بعامة ولا حتى منزلة السياسة في الثقافة الاسلامية فموضوعه هو الحركات الاسلامية المعاصرة أي فصائل الملتزمين الناشطين الذين يرون في الاسلام ايديولوجية سياسية بقدر ما يرون فيه دينا بحيث انهم يولجون أنفسهم ويدخلون في قطيعة واضحة مع بعض السنن والتقاليد , انها تلك الحركات التي حملت منذ بضعة عقود من السنين ولا سيما خلال العقد الأخير , لواء الاحتجاج ضد الغرب واضطلعت بمناهضة الأنظمة القائمة في الشرق الأوسط .
فهل يقدم الاسلام السياسي خيارا بديلا للمجتمعات الاسلامية ؟ ذلك هو موضوع هذا الكتاب .
ويبدو لنا أنه ليس من الحصافة الفكرية في شيء أن نعالج العلاقات بين الاسلام والسياسة كما لو كان ثمة اسلام أزلي مفارق للزمن هذا فضلا عن أن ذلك يكون خطأ تاريخيا , ونحن نباين حين نقرر ذلك الخطاب الشائع بين المثقفين الاسلاميين بمقدار ما نبتعد عن " رؤية المرايا " أي تلك النظرات التي يعكس بعضها بعضا , والتي لا تزال تسود جانبا من الاسلامولوجيا الغربية أو بتعبير أدق ما سوف أطلق عليه في الصفحات اللاحقة صفة " الاستشراق " أي ادراك الاسلام والمجتمعات الاسلامية كمنظومة ثقافية كلية شاملة ومفارقة للزمن .
وذلك ليس لأننا نريد التنكر لأربعة عشر قرنا من الثبات اللافت والاستقرار المشهود في العقيدة والتدين ورؤية العالم في المجتمعات المسلمة بل لأن الممارسات السياسية الملموسة خلال هذه القرون كانت متعددة ومعقدة ولأن هذه المجتمعات متنوعة على المستوى الاجتماعي , اذ غالبا ما ننسى أن ثمة مروحة واسعة من الآراء الشائعة بين المثقفين المسلمين حول ما ينبغي أن تكون عليه الترجمة السياسية والاجتماعية للرسالة القرآنية والحال ان لدى المستشرقين الغربيين ميلا مفرطا الى حسم الجدال ونزعة مغالية الى ابلاغ المسلمين بما يقوله القرآن حقا , أو الى تبني وجهة نظر مدرسة اسلامية خاصة بعينها وتجاهل سواها .
ولقد أوقفنا دراستنا على التيار الاسلاموي لأن أثره في العالم المعاصر كان هائلا ونحن انما نفعل ذلك دون أن نتناول الرؤى الأخرى للاسلام .
ودون تمحيص النصوص القرآنية أو السنة : بل اننا نأخذ ما يقوله الاسلامويون عن الاسلام في حرفيته .
وعلى هذا حين نتكلم على السياسة الاسلامية أو الاقتصاد الاسلامي فاننا لا نقوم بدراسة للمجتمع الاسلامي بعامة بل لفكر حركات الاسلام السياسي المعاصرة ونشاطها .
واني استخدم كلمة " مسلم " لأشير الى ما هو واقع فحين أقول مثلا بلدا مسلما أعني بلدا تكون غالبية سكانه وأهاليه من المسلمين وحين أقول " مثقفا مسلما " أعني مثقفا ذا أصل مسلم وينتمي الى ثقافة مسلمة .
أما مصطلح " اسلامي " فيشير الى ما يتعلق بالقصد " فالدولة الاسلامية " هي دولة تجعل من الاسلام أساس شرعيتها أو مشروعيتها و " مثقف اسلامي " هو المثقف الذي ينظم فكره واعيا وقاصدا في الاطار المفهوم للاسلام .
ان رد كافة مشكلات العالم المسلم المعاصر " من الدول القائمة , الى اندماج العمال المهاجرين في بوتقة المجتمعات الغربية " الى تواصل ثقافة اسلامية وبقائها أمر لا يخلو برأينا أن يكون واحدا من أمرين : فاما أن يكون مغلوطا واما أن يكون من قبيل تحصيل الحاصل ونعني بتحصيل الحاصل تطبيق منهجية قراءة ثقافوية على الشرق الأوسط الحديث لا تظهر لنا في الواقع الا ما سبق لها أن حددته سلفا .
بيانات الكتاب
الاسم : تجربة الإسلام السياسي
تأليف : أوليفيه روا
الترجمة : نصير مروة
الناشر : دار الساقي للطباعة والنشر
عدد الصفحات : صفحة
الحجم : ميجا بايت
تحميل كتاب تجربة الإسلام السياسي
فكيف تبرّر الحركات نشاطيتها السياسية؟ وما هي الانقطاعات والاستمرارات في خطاباتها ونصوصها قياساً إلى الإسلام التقليدي؟ وكيف يعمل النموذج الإسلامي المقترح أو القائم في إيران وأفغانستان؟ وما الأسباب الاجتماعية للنجاح الظاهري لهذه الحركات؟ ثم، إذا اعتبر الأصوليون أن نظامهم متفوّق على سائر الأنظمة، فهل في زعمهم هذا صدقية ما؟
مقتطفات من الكتاب
مقدمة
فهل يقدم الاسلام السياسي خيارا بديلا للمجتمعات الاسلامية ؟ ذلك هو موضوع هذا الكتاب .
ويبدو لنا أنه ليس من الحصافة الفكرية في شيء أن نعالج العلاقات بين الاسلام والسياسة كما لو كان ثمة اسلام أزلي مفارق للزمن هذا فضلا عن أن ذلك يكون خطأ تاريخيا , ونحن نباين حين نقرر ذلك الخطاب الشائع بين المثقفين الاسلاميين بمقدار ما نبتعد عن " رؤية المرايا " أي تلك النظرات التي يعكس بعضها بعضا , والتي لا تزال تسود جانبا من الاسلامولوجيا الغربية أو بتعبير أدق ما سوف أطلق عليه في الصفحات اللاحقة صفة " الاستشراق " أي ادراك الاسلام والمجتمعات الاسلامية كمنظومة ثقافية كلية شاملة ومفارقة للزمن .
وذلك ليس لأننا نريد التنكر لأربعة عشر قرنا من الثبات اللافت والاستقرار المشهود في العقيدة والتدين ورؤية العالم في المجتمعات المسلمة بل لأن الممارسات السياسية الملموسة خلال هذه القرون كانت متعددة ومعقدة ولأن هذه المجتمعات متنوعة على المستوى الاجتماعي , اذ غالبا ما ننسى أن ثمة مروحة واسعة من الآراء الشائعة بين المثقفين المسلمين حول ما ينبغي أن تكون عليه الترجمة السياسية والاجتماعية للرسالة القرآنية والحال ان لدى المستشرقين الغربيين ميلا مفرطا الى حسم الجدال ونزعة مغالية الى ابلاغ المسلمين بما يقوله القرآن حقا , أو الى تبني وجهة نظر مدرسة اسلامية خاصة بعينها وتجاهل سواها .
ولقد أوقفنا دراستنا على التيار الاسلاموي لأن أثره في العالم المعاصر كان هائلا ونحن انما نفعل ذلك دون أن نتناول الرؤى الأخرى للاسلام .
ودون تمحيص النصوص القرآنية أو السنة : بل اننا نأخذ ما يقوله الاسلامويون عن الاسلام في حرفيته .
وعلى هذا حين نتكلم على السياسة الاسلامية أو الاقتصاد الاسلامي فاننا لا نقوم بدراسة للمجتمع الاسلامي بعامة بل لفكر حركات الاسلام السياسي المعاصرة ونشاطها .
واني استخدم كلمة " مسلم " لأشير الى ما هو واقع فحين أقول مثلا بلدا مسلما أعني بلدا تكون غالبية سكانه وأهاليه من المسلمين وحين أقول " مثقفا مسلما " أعني مثقفا ذا أصل مسلم وينتمي الى ثقافة مسلمة .
ان رد كافة مشكلات العالم المسلم المعاصر " من الدول القائمة , الى اندماج العمال المهاجرين في بوتقة المجتمعات الغربية " الى تواصل ثقافة اسلامية وبقائها أمر لا يخلو برأينا أن يكون واحدا من أمرين : فاما أن يكون مغلوطا واما أن يكون من قبيل تحصيل الحاصل ونعني بتحصيل الحاصل تطبيق منهجية قراءة ثقافوية على الشرق الأوسط الحديث لا تظهر لنا في الواقع الا ما سبق لها أن حددته سلفا .
بيانات الكتاب
الاسم : تجربة الإسلام السياسي
تأليف : أوليفيه روا
الترجمة : نصير مروة
الناشر : دار الساقي للطباعة والنشر
عدد الصفحات : صفحة
الحجم : ميجا بايت
تحميل كتاب تجربة الإسلام السياسي