الرسائل كما لايخفى على أحد هو جنس ادبي قائم بذاته ومتميز بصياغته الخالصة والخاصة مثله مثل ضروب الآداب الاخرى التي تنبش في سحيق الذات الانسانية وتحاول توثيقها والقبض على الاحاسيس البشرية، والمشاعر الحميمية الاعمق رقة في نفس الانسان، وتنقب بين تلافيف الذاكرة بحثا عن ذكرى آبقة، وفكرة شاردة، وتقبض على طيف حنين عابر..
والمراسلات الادبية تبحث في علاقات الانسان ومحيطه.. مثله مثل أدب البحر وأدب السجون وأدب الحرب وادب الطفل وأدب المناجم، والأدب الإيروسي والأدب الشطاري، والادب السوريالي او ما هو قائم على التحقيب مثل ادب النهضة والادب الجاهلي أو الاندلسي الى غير ذلك من صنوف الاداب وضروب المعرفة التي سنخصص لها ملفات موازية.. وهي فوق هذا كله مادة ادبية تطالعنا فيها حياة الادباء وعلاقاتهم واسرارهم وهواجسهم وسياحة فكرية ومعرفية لاتضاهى في الجمال ..
الرسائل هي الوسائل.. وادب الترسل فن من فنون التواصل عرف واشتهر منذ القدم، واستخدمت له وسائط كان اهمها "الرقاص" وكان "الحمام الزاجل" وكان السعاة وكان البريد، وسخر له الكتاب والنساخ في الدواوين السلطانية، وهي معروفة منذ القدم وحتى قبل توثيق الكتابة وقبل مقولة "بدأت الكتابة بعبد الحميد وانتهت بابن العميد" ولعل اول نبإ جاء فيه ذكر الرسائل هو الذي ورد في الكتب السماوية عن خطاب سليمان الملك لبلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ، [( قال تعالى: اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)] .. قبل ان ينقطع ادب الرسائل او يكاد في زمن العولمة، وتلتهمه التقنية المتطورة للاتصالات والمواصلات..
بقلم نقوس المهدي.