‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوار. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوار. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 4 فبراير 2015

يونس بن عمارة... يقومون باستفزازي


يونس بن عمارة مؤسس دار الزنبقة للنشر الإلكتروني


حاورته : بشرى رسوان 



من أنت ؟

سؤال صعب جدا ، لأن له إجابات عملية وﺇ-;-جابات أدبية ، الإجابات العملية تقول أني يونس بن عمارة جزائري الجنسية ، مدون ومترجم في بداياته.. ،
اما الإجابات المعنوية فهي : لا أعرف حتى الان من أنا ؟ ،و بشاعرية أكثر أنا نفحة روحية في هيكل جسماني متحيرة مترددة في هذا الوجود القابل لكل تناقض

يقال اقرأ كثيرا قبل أن تكتب .لمن يقرأ يونس بن عمارة؟ و بمن تأثر؟

انا أقرأ ما أجده في متناول يدي . و كتّابي المفضلين هم : كوبو ابي ، هاروكي موراكامي ، نجيب محفوظ ، ايتالو كالفينو ، كيليطو عبد الفتاح ، الهادي العلوي ، رفيق الشامي ، عزت القمحاوي ، واخرون كثيرون .


الكتابة الساخرة من أصعب أشكال التعبير وقد كان غسان كنفاني من أبرع و أفضل كتابها تحت قناع ( فارس فارس ) .لماذا اختار يونس بن عمارة هذا الفن ؟

لأن فن السخرية و هو فن المفارقة المضحكة هو التمثيل الأقرب للصدق والحقيقة في تمثيل العالم .


النت اليوم حل محل الجريدة.. التلفاز .. الراديو .. البريد. . هل هو بوابتك الوحيدة للنشر؟
حاليا أكتفي بالنشر الالكتروني إلى أن يشتد عودي (كما يقال)و أكتسب القدرة والمهارة على الصياغة الجيدة لأفكاري.


الى أي مدى تعتبر نفسك محظوظا في الحياة؟
الحمد لله . وهذا ما يمكن قوله ولا يسعني ﺇ-;-لا الشكر والحمد .

يقول روبرتسون دافيس عن الكتاب (الكتاب الجيد يُقرأ مرة في سن الشباب ومرة في
سن النضج ومرة أخرى في الشيخوخة، كالبناء الجميل الذي يجب أن يُشاهد فجراً وظهراً وتحت ضوء القمر..)بالنسبة لك ما هو الكتاب الذي امتلك مقومات البناء الجميل ؟

هناك قائمة طويلة. لكن الأكثر تأثيرا في الوقت الحالي هو (البجعة السوداء ) لنيكولا طالب سليم اللبناني .(وكيمياء السعادة (للغزالي .

حرية التعبير مكفولة لكل فرد .كيف ترى حرية التعبير في الجزائر ؟
ما دمت تتكلم عن الاستطيقا فلن يمسسك أحد بسوء .. أما ان تكلمت عن السلطان والمال والعسكر .. فحاول أن تودع أقاربك في أقرب فرصة لك .

.لماذا تحمل نصوصك تهكما واضحا على بعض الفلاسفة و الكتاب الكبار ؟

لانهم كما يقول اللمبي الممثل المصري "يقومون باستفزازي" عقليا وأنا أحاول بطفولية أن أرد عليهم .



قرأت لك ( زمننا ليس زمن رواية . ولا زمن شعر .. زمننا زمن الفن – الروح الشعري – الروح الادبي . زمننا لا مشكلة له في السياسة ولا الجنس ولا الدين ، بل مشكلته هو الضجر والملل كلنا شهريار .. ولا شهرزاد لنا.) كيف ؟

أعتقد انه علينا ان نحقق الوصايا الست في الأدب لايتالو كالفينو .. ومن بينها الوضوح والبساطة والا نكون مضجرين وأن يكون أدبنا مفيدا .



كيف تقرأ تجربة الكاتبة أحلام مستغنامي ابنة بلدك؟

للأسف لا أعتبرها بنت بلدي فهي ولدت في تونس .. وأتمنى أن تحتفظ تونس بها للأبد وتنسبها اليها ، أدبها زخارف وأنا لا أحب الزخارف اللفظية التي تكون بلا مضمون .زيادة على أن هناك الكثير من الكتب الجيدة التي لن يتسع لها وقتك ..فلو فرضنا أن كتبها ذات جودة متوسطة ..لماذا تقرأ المتوسط وتترك الجيد؟؟ أما ان كانت رديئة فالجواب واضح اذن .. و أحب أن أشير الى انني كتبت مقالات نقدية في الامر ... ثم بعد مدة لما ارادت زيارة الكويت تم منعها وكتب أديب كويتي نقدا لكتاباتها وتهجمها على الفلكلور الكويتي .. ثم كتب كاتب سوري عن الامر .. اعتقد انهم استيقظوا للتو ..وأنصح لهم بنيسكافيه على حسابي...

كيف ترى الأوضاع في الجزائر في ظل المتغيرات العالمية؟

لا احب الحديث في السياسة ولا يمكنني توصيف الأوضاع لأنني ببساطة أجهل المعلومة ..أ عتبر الاعلام بوابة نفاق.. وما دامت المعلومة غائبة – فلا يمكنني اصدار احكام
اضافة الى ان عملية التتبع تستغرق وقتا وجهدا و تستهلاك الخلايا الرمادية وانا لا أحب تضييع كل هذا من أجل لاشيء.وأعتبر كُتّاب الأعمدة اليومية الذين يحللون كل الاوضاع السياسية بدقة باهرة ذوي ذكاء شديد والمعية واحاطة بالأمور لا يتسنى لي أن اصل اليها والحقيقة اني لا أريد وأنا أكفر بهم وبفكرهم السخيف اذ انه لا يمكن الاحاطة بكل التفاصيل لإلقاء حكم دقيق ...


لما ذا تقحم ألفاظ انجليزية في معظم نصوصك ؟

لا أستعملها بشكل كبير ، انما أحمض بها والتحميض معروف في الأدب العربي بإدخال ألفاظ ومعطيات أخرى لا تتبع للغة العربية بقصد المرح..

هذه السنة فاز باتريك موديانو بجائزة نوبل للسلام .برأيك لمن تذهب جوائز نوبل ؟
للذين يتوافقون مع وجهة النظر السياسية لحكامها الاوروبيين .. ما لم توافقهم لن يمنحوك ولو كنت ذا نظرة مخالفة كالطيب الذكر كونديرا ستموت وأنت لم تكسبها رغم انك أحق بها..


كتبت يوما (افعلوا الأسوأ لتصبحوا رائعين ). لماذا ؟
لأن الناس لا تتذكر أنك كنت طيبا الا عندما تقدم على فعل شيء سيء وقتها يقولون لك لم نكن نظنك هكذا كنا نحسبك حسنا ورائعا. وأن.. فالسوء يتكلمون عنه .. لكن كل فعلك للطيبات السابق لم يتكلم عنه أحد والانسان مهما كان يحب ان يقال له أحسنت ..فهذا الكلام انما لتوجيه الناس أن ينتبهوا للاستعمال لفظ احسنت عندما نحسن ..كلنا اطفال وسنبقى كذلك ..ونحب دوما المكافاة عندما نفعل أشياء جيدة ..فالسوء الذي يعمله البعض هو ( لجلب الانتباه ) أحيانا ولقولهم اللامنطوق ( نحن لسنا بذلك السوء فعلا)


بإصرار شديد قمت بتأسيس دار الزنبقة للنشر الالكتروني .كيف كانت البداية ؟ إلى أين وصل المشروع؟ وكيف ترى المشروع مستقبلا؟


دار الزنبقة هي دار نشر عربية للنشر الالكتروني والترجمة تأسست بالجزائر 2013 بالتعاون مع عدة كتاب ومترجمين ..انطلقت من مقولة ( عندما لا يكون هناك طريق للنجاح اصنع واحدا ) لقد أسسنا دار النشر لأن نصوصنا رفضت لأسباب تجارية وأسباب أدبية غير موضوعية ..ودون أسباب ..وأحيانا دون رد ...فأسسنا الدار كي ننشر أعمالنا و أعمال غيرنا وننشط الساحة الثقافية الالكترونية العربية ونستفيد من التكنولوجيا الحديثة والاعلام الجديد ..
المشروع حقق 18 اصدارا لحد الان ونحمد الرب على هذا .. في قسم الترجمة قمنا بأول عمل تطوعي عربي لترجمة النص الكامل لقصة هاروكي موراكامي بالعربية – المكتبة الغريبة – وتوفيرها مجانا على النت وهذه خطوة مهمة في الترجمة واسعدت الجمهور العريض لمحبي أعمال هاروكي موراكامي .
أعتقد ..أننا سننجح بحول الله وقوته لا بحولنا ولا قوتنا ..وكما يقول باولو كويلو : نجاح اليوم الكبير هو تراكم نجاحات الأمس الصغيرة .


ماذا تمثل لك هذه الأسماء :
أدونيس :ادونيس شاعر كبير أفسدته الفلسفة .. ان تكون شاعرا هو ابعد ما يكون على ان تنظر للفلسفة.
الطاهر و طار:الأب الروحي للأدب الجزائري الروائي الحديث المكتوب باللغة العربية بالاشتراك مع عبد الحميد بن هدوقة وأحمد رضا حوحو .
سلفادور دالي :ملهمي الأول ورفيقي الدائم.
فضيلة فاروق : أفضل ألا أفتح الموضوع .
جمانة حداد :في نظري هي أفضل كاتبة عربية بعد مي زيادة وغادة السمان .مع انني لا اوافقها في ارائها الاجتماعية انا أتكلم عن الأدب وأدبيا هي في المستوى الاول .



نص شاعري
كصيدليٍّ عجوز
امسكُ بالهاون في يد
و بكلمة “لكن” في اليد الأخرى
كي أفكك الكلمة و أعيد تركيبها
و أخلق لغة جديدة …
لستُ ثرثارا و سأعطيكم مثالا على ما أريد فعله ..
خذوا- كصيادلة عجائز-..
-يا للسماء- !يمكنكم أن تكونوا مثلي صيادلة عجائز
أو ميكانيكيين ماهرين.
لكنكم أبدا لن تكونوا عشاقاً مثلي.
ليس لان قلبي كبير بل لان حبيبتي متفردة
وأنا من كان محظوظا بها.
أيا رب السماء شكرا


بطاقة :المدون يونس بن عمارة
الاسم: يونس بن عمارة
البلد: الجزائر
الدراسات :
- المدرسة الوطنية العليا للفلاحة
- بيولوجيا النبات
أعمال و اصدارات :
- مجموعة كانسل الساخرة
- لو كان كافكا يملك هاتفا نقالا
- منطق الغاب .
- الكشف عن برقع ليلى ( دراسة )
- صوصن – نصوص سريالية
- القصة الغرائبية لأميرة في العصر الحديث
- اللاشيء.
- الكاف على طاولة مشرحة لم يعرفها لوتريامون

الجمعة، 14 نوفمبر 2014

ستيفن كينغ: الكتابة تنويم مغناطيسي ذاتي / محاورة

 ستيفن كينغ: الكتابة تنويم مغناطيسي ذاتي

عندما تظن أن أعمال ستيفن كينغ الحالكة التي تجعلك تنام والأنوار مضاءة قد بدأت تنضب، يتوصل هذا الكاتب الأميركي إلى طرق جديدة وأكثر ظلمة ليخيفنا. وتنتمي روايته الأخيرة Revival (وفق وصف كينغ نفسه) إلى عالم الروايات المخيفة عن الظواهر الخارقة التي حققت له شهرة كبيرة.
وهو صاحب أكثر من 50 رواية حققت أعلى المبيعات عالمياً (بما فيها Shining، Pet Sematary، وIt).

في تغريدة أخيرة عن كتابه على موقع تويتر، أخبر كينغ القراء: {إن كنتم ستشترونه، فعليكم أن تستعدوا لمواجهة الخوف}. وذكر ناشره نان غراهام بعد قراءته: {سألت ستيف عما إذا كان يجب أن يكون قاتماً إلى هذا الحد، مع أنني كنت أعرف سلفاً أن الجواب سيكون نعم}.

أهدى كينغ Revival بنفسه {إلى بعض مَن بنوا مخيلتي}، بمن فيهم ماري شيلي، برام ستوكر، وهـ.ب. لافكرافت. تتتبع هذه الرواية، التي تدور حول القدر والروك أند رول والدين والهوس والإدمان، قصة جيمي مورتون، ولد من ماين ترتبط حياته على نحو معقد بكاهن كان راعيه في الطفولة، علماً أنه شخصية مخيفة تؤدي جلسات {شفاء} كهربائية غامضة.
مع أن كينغ تعرض قبل نحو 15 سنة لحادث كاد يودي بحياته وفكر بعده في التقاعد...
كتب الخبر: كاثرين إلسورث

*ما الذي ألهمك لتأليف كتابك الجديد Revival؟ وهل هذه حقاً {الخاتمة الأكثر إثارة للخوف} التي كتبتها على الإطلاق؟

استمددت الإلهام من The Great God Pan لأرثر ماشن، وهي قصة مخيفة عن عالم قد يكون موجوداً في بعد آخر. وتشمل المؤثرات الأخرى لافكرافت، رواية فرانكنشتاين لماري شيلي، وتربيتي الدينية الخاصة. كذلك كنت أرغب في الكتابة عن جلسات الشفاء التي تُقام في الخيم منذ مدة.
رغبت في وضع رواية مخيفة عن الظواهر الطبيعية تتطور أحداثها بسرعة، علماً أنني لم أقم بذلك منذ زمن. كذلك وددت استخدام {كثولو ميثوس} للافكرافت إنما بطريقة مبتكرة، إذا استطعت، مزيلاً عبارات لافكرافت الكبيرة المعقدة.

يشمل هذا الكتاب ما تدعوه {الطابور الخامس} أو {عميل التبديل} أو {الند}، ذلك الشخص الذي يظهر في مراحل محددة من حياتك لهدف لم يتضح بعد. فهل كان في حياتك شخص مماثل؟ ومَن كان؟

أعتقد أننا قلما ندرك الطابور الخامس في حياتنا في الوقت الذي يعمل فيه هؤلاء الأشخاص على تبديلنا. ككاتب، أعتبر فيليب روث الذي تحدث إلي للمرة الأولى في الجامعة حين قرأت روايته لعام 1967 When She Was Good. ومنذ ذلك الحين، ظهر مراراً في حياتي مع فواصل زمنية تبلغ 10 إلى 20 سنة. وكان يقول لي دوماً من خلال أعماله {تقدم أكثر، قدّم أعمالاً أفضل}.

ما تأثير معاناتك الإدمان والعزف في فرقة روك أند رول في تصويرك البطل جيمي مورتون؟

ثمة قول شهير مفاده {أكتب ما تعرفه}. تشكل هذه الكلمات نصيحة سيئة إن اعتبرتها قاعدة لا يمكن انتهاكها، إلا أنها نصيحة جيدة إن استخدمتها كأساس. صحيح أنني كنت مدمناً لسنوات، لذلك أعرف ذلك العالم، مع أنني أتمنى لو لم أتعرف إليه مطلقاً. أما عن موسيقى الروك أند رول، فلست عازفاً ماهراً، بل أعزف كمبتدئ. أملك خبرة أوسع كمستمع. وقد أتاحت لي رواية Revival الكتابة عن الروك أند رول من دون وعظ أو عبارات مملة. فمن خلال جيمي خظيت بفرصة التحدث عن أهمية الروك بالنسبة إلي وكيف أسهمت في تحسين حياتي.

تبدو Revival أيضاً نوعاً من التأمل في الحياة والشيخوخة والحب والخسارة، بما أنها رواية غامضة مخيفة. فهل هذا ما خططت له مع استهلالك الكتابة؟

لا أضع مطلقاً محوراً محدداً منذ البداية، بل تحدد الرواية المحور بالنسبة إلي، لا العكس. ولكن يبدو أنك محق. فتدور هذه الرواية إلى حد ما حول التقدم في السن ومرور الحياة بسرعة. يقول جايمس ماكمورتري: {إنه فيلم قصير. كيف وصلنا إلى هنا؟}.

ترد في الصفحة الخامسة والعشرين عبارة «الكتابة جيدة وسيئة في آن، فهي تفتح آبار الذكريات العميقة التي كانت مقفلة». كم ينطبق هذا على أعمالك الخيالية؟

تشبه الكتابة العيش في حلم أو حالة من التنويم المغناطيسي الذاتي. فهي تولد حالة من التذكر مخيفة جداً، مع أنها ليست مثالية.

بأي من كتبك/قصصك أنت أكثر تعلقاً؟ ولماذا؟

Lisey’s Story لأنها عن العالم السري القائم داخل كل زواج طويل. بالإضافة إلى ذلك، ولست الشخص الأول الذي يقول أمراً مماثلاً، ما من كاتب يظن أن إنتاج الكتاب يأتي على قدرة توقعاته لهذا الكتاب. فالتنفيذ يقصر غالباً عن تحقيق النتيجة المرجوة. لكني اقتربت جداً من بلوغها مع Lisey’s Story.

في Doctor Sleep يذكر ستيفن كينغ تشارلي مانكس (الشرير من كتاب هيل). فهل ترى كتابات جو هيل (وربما أون كينغ أيضاً) امتداداً لعالم {البرج المظلم}؟ وهل يتابع ابنيك إرثك؟

أحب ابنيّ ويفرحني أنهما كاتبان. كذلك أحب ابنتي وهي كاهنة ومزارعة. لكني لا أرغب في إلقاء عبء Mid-World وDark Tower عليهما. إلا أني أستمتع بالعمل معهما لأننا ننسجم كثيراً. أعمل مع أون راهناً على مشروع ما، وسبق أن تعاونت مع جو في روايتين صغيرتين، Throttle وThe Tall Grass. ولكن عندما كنت أعمل أنا وجو على عدد من الكتب التي تبين لاحقاً أنها تضم العناصر ذاتها، مع أننا لم نقرأ أعمال أحدنا الآخر، فاقترح جو أن من الممتع أن نضيف إلى الحبكة قصة ثانوية تربط بين رواياتنا. وهذا ما قمنا به.
من بين الوحوش كافة التي كتبت عنها، أيها الأكثر رعباً ولماذا؟

ثمة تعادل: بينيوايز المهرج (It) لأن المهرجين يخيفونني منذ صغري، وراندال فلاغ (The Sand) لأننا نحمل كلنا جزءاً منه فينا.

بعد النجاح الكبير الذي وصلت إليه ككاتب وعازف، ما الذي تعتبر أنك لم تحققه بعد؟ ما الأمر الوحيد الذي لم تقم به، وتتحرق شوقاً لإنجازه؟

أود تعلم اللغة الفرنسية بإتقان كي أتمكن من الكتابة بها. كذلك أود القيام بجولة على الدراجة النارية في أوروبا أو حتى الصين. وأرغب بالتأكيد في أن أكون الوسيط في اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولكن من المهم أن يحدد المرء سقفاً لطموحاته، أليس كذلك؟
ماذا يشمل يوم عملك العادي؟ وهل تتبع أي عادات أو طقوس غريبة؟

أبدأ العمل نحو الثامنة صباحاً وأنتهي عادة عند الظهيرة. وإذا كنت مضطراً إلى القيام بأعمال إضافية، فأنجزها في ساعة متأخرة من بعد الظهر، مع أنني لا أعتبر هذا الوقت مناسباً للعمل. أما الطقس الوحيد الذي أمارسه، فهو إعداد الشاي. أستخدم أوراق شاي غير موضبة، وأتناول كميات كبيرة منه.

أي الكتب كانت الأكثر إلهاماً وتأثيراً بالنسبة إليك ككاتب؟

ثمة الكثير، أبرزها: Lord of the Flies (غولدينغ)،The Collector (فاولز)،The Postman Always Rings Twice (كاين)، Blood Meridian (ماكارثي)، أعمال جون د. ماكدونالد كلها، Watchers (كونتز)، One on One (كينغ)، The Poet (كونيلي)، أعمال هـ. ب. لافكرافت كلها، The Great God Pan (ماشن)، وهذا مجرد غيض من فيض.

ماذا تطالع راهناً؟

أقرأ رواية مميزة جديدة لهوارد فرانك موشر تُدعى God’s Kingdom ({ملكوت الله}، ستصدر عام 2015)، تدور أحداثها في ولاية فيرمونت الأميركية.

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

عبدالله إبراهيم: الرواية مؤهّلة لصوغ هويات الأمم


الحوار محمد غبريس 

المصدر كتاب العراق 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


*بعد نتاج فكري ونقدي استغرق أكثر من ثلاثين سنة تكلل بعشرات الكتب والبحوث والدراسات النقدية والفكرية، ما الخلاصة التي خلصت إليها؟ وكيف يمكن أن تستفيد الأجيال المتعاقبة من هذا النتاج الواسع؟



-المفكّر ليس واعظا يغري الآخرين بأفكاره أو يرهبهم بها، من أجل تحقيق وعد لاهوتي غامض، إنما هو مشارك لهم في تنشيط الاهتمام بالثقافة الانسانية بوجوهها الأدبية والفكرية والاجتماعية والدينية، وحرثها، ثم تقليبها، وإعادة تأويلها، وكل ذلك يلزم إعدادا متينا وعميقا فيها، وبدون ذلك يبقى خارج المنطقة الثقافة الحقيقية، وكل ما أتمناه هو انتقال خبرة السابقين الى اللاحقين، واستثمار جهودهم، وإقامة حوار بين الطرفين، فالثقافة تقتضي حوارا متواصلا بين الأجيال، والى كل ذلك أتمنى أن أودع مجموع النشاط الفكري والنقدي الذي شغلني طويلا للأجيال الآتية عساهاتستفيد منه إن كانت فيه ثمة فائدة.



* كثيرا ما نقل عنك القول بأن النقد العربي يعيش أزمة عميقة؟ ما سبب


ذلك في تقديرك؟


- اقصد بالأزمة التي يعيشها النقد العربي غياب الرؤية الثقافية الناظمة---- لأعمال النقاد العرب، وغياب المنهجية الواضحة التي بها يتمكنون من معالجة النصوص الأدبية، وفي تقديري، فإن غياب الرؤية والمنهج سيحيل الكتابة النقدية الى نشاط تابع وناقص، فلا يتحقق هدفه الجليل في تحليل الظواهر الأدبية بما يناسب الحقبة التاريخية للأدب القومي، وأرجو ألا يفهم من كلامي بأنني أدعو الى رؤية واحدة، أو الى منهج واحد، إنما تريد الظواهر الأدبية من النقاد تحليلها واستنطاقها برؤى معمّقة، وبمناهج كفوءة، وينبغي أن تنحسر المحاكاة السلبية للمناهج النقدية المستعارة من الثقافات الأخرى، ويحلّ محلّها التفاعل الخلاق، والشراكة الإيجابية، وعدم الاقتصار على الاقتباس، وبدون ذلك لن ينتقل النقد العربي من حالته التابعة الى مرحلة تعميق وعي الناقد بالأدب القومي.


• كيف تقيّم "الحركة النقدية" في مجال الدراسات السردية؟


- ربما يكون حال الدراسات السردية أفضل من غيرها في النقد العربي الحديث، ولكنها دون ما أتطلّع إليه؛ فحيوية الرواية تركت بصماتها في الممارسة النقدية المصاحبة لها، وهذا أمر جيد بالمعنى العام، لكن تلك الدراسات مازالت، فيما أرى، دون ما ينبغي لها أن تكون، وأجد بأنه من اللازم أن تستخلص الكيفيات التي قامت بها الرواية العربية في تمثيل مرجعياتها، وفي استنباط خصائصها السردية، وفي استكشاف الآفاق أمامها، وبدون ذلك تتنكب عن وظيفتها، وتنشغل بالتعليقات والتعريفات، وهو أمر لا يضيف لها شيئا ذا بال، ولا يثري الرواية بشيء جديد. ويجعل من العمل النقدي هامشا وعالة على غيره.


• هناك من يقول أن الرواية اليوم تتسيّد المشهد الثقافي العربي. هل وصلت إلى المستوى الذي يؤهلها لتكون "ديوان العرب"؟ وما الأسباب التي جعلت الرواية تحتل هذه المرتبة وتزدهر على حساب الشعر؟


- ظهرت الرواية العربية منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وخلال قرن ونصف أصبحت فعلا "ديوان العرب" على أن يفهم من معنى "الديوان" السجل الحافل بالأخبار والأحوال في حقبة من حقب التاريخ؛ لأنها قامت بتمثيل سردي لأحوال المجتمعات العربية، وعرضت بحثا مجازيا في الصراعات السياسية، والمذهبية، والعرقية، بما في ذلك الهويات، والآمال، والحريات. ولم تمكث في منطقة الحياد، إنما ذهبت إلى المكان الذي ينبغي أن تكون فيه، فتزحزحت وظيفتها من كونها حكاية متخيّلة إلى خطاب رمزي باحث في الشأن العام. الرواية العربية "ديوان" نتلمّس فيه ما يثير الهلع في النفوس عن البطانة المركّبة للجماعات القبلية والمذهبية والعرقية، وهي "ديوان" كاشف للاحتقانات المطمورة في مجتمعات تتوهّم بأنها طاهرة لا يأتيها الإثم على الإطلاق. وإلى كل ذلك، خاضت الرواية العربية مغامرة جريئة في تطوير بنياتها السردية والأسلوبية، واقترحت لغة جديدة غير تلك اللغة المعيارية التي أصبحت موضوعا للبلاغة التقليدية في القرون الوسطى. وصار من الضروري الاعتراف بأنها الممثل الرئيس للأدب القومي في الثقافة العربية الحديثة. كل ذلك وغيره دفع بالرواية لأن تحتل مكانها الرفيع، فيما أخفق الشعر العربي الحديث في تمثيل تلك الأحوال تمثيلا مناسبا، فانحسر إلى الوراء.


• على أي نوع من الروايات ينصبّ اهتمامك النقدي؟ وهل المستقبل للرواية الرقمية، الأمر الذي يحقّق لها المزيد من الانتشار ومواكبة العصر، خصوصا بعد بروز تقنيات جديدة في الرواية؟


-انتقلت الرواية من مرحلة صنع الحكاية الى مرحلة البحث المجازي في الأحوال الاجتماعية، فقد كانت من قبل مشغولة بالحبكة السردية، وبالتشويق، وبالمغامرة، وكثيرا ما كانت التسلية هدفا مهما من أهدافها، فيما انتقلت بالتدريج الى منطقة توارى فيها، بدرجة واضحة، معظم ما ذكر، وأصبحت على مشارف حقبة تقترح فيها شكلا سرديا مختلفا، وهدفا غير الذي لازمها منذ نشأتها، أصبح شكلها مفتوحا، وإطارها السردي مرنا، وشخصياتها متفاعلة، وأحداثها متداخلة، واقترحت على نفسها أهدافا لها صلة قوية بالمرجعيات الثقافية والاجتماعية والسياسية، ففيما كانت مشغولة من قبل بحدودها النوعية انخرطت في معمعة واقع متحول جرف معه شكلها القديم، واقترح عليها انفتاحا موازيا لانفتاح المرجع الذي تقوم بتمثيله، وكل هذا مثار اهتمامي النقدي. ومن المهم أن تتبنّى الرواية طرقا كتابية جديدة لها كالطريقة الرقمية، وما تتيحه لها من تفاعلات مع القراء والنصوص والمناظرة لها، الرواية الرقمية مازالت في أول أمرها، ولكنها سوف تثبّت أركانها بتطوّر تقنيات الكتابة الرقمية وتطوّر وسائلها.


• تقترح النظر إلى الرواية باعتبارها من "المرويّات الكبرى" التي تسهم في صوغ الهُويّات الثقافيّة للأمم؟ كيف تنظر إلى سؤال الهوية، وهل يمكن تمثيلها سرديا كما تريد أنت؟


- قصدت بأن الرواية ترسم الملامح العامة للتطلعات والآمال والتحولات الاجتماعية الكبرى في حياة الأمم، ومن ذلك صوغ هوية الأمة بتمثيل أحوالها وتطلعاتها، فضلا عن نظرتها الى نفسها ونظرتها الى الأمم الأخرى، وأحسب بأن الرواية قادرة على القيام بذلك بعد انحسار الايدلوجيات العرقية والدينية، وفي تقديري فأن تنهض الرواية بصوغ هوية الأمة بمكوناتها المتعددة من أعراق، وأديان، وطوائف، وطبقات، وأقليات، وتجارب تاريخية، خير من صوغها الشائه من قبل الأيدلوجيات الزائفة، فهذا يعني صوغا لهوية متنوّعة الموارد، ومتعدّدة المشارب، ضمن إطار مرن للهوية التي تعترف بالتنوعات جميعها، وتدرجها ضمن إطارها، وذلك يختلف عن المفهوم المغلق للهوية الذي صاغته الأيدلوجيات السياسية والدينية والعرقية للأمة، فلطالما نُظر باشمئزاز وازدراء إلى مفهوم ضيق للهوية يستجيب فقط لعرق أو لدين أو لطائفة بتأثير من الأيدلوجيات التي استبدت بمجتمعاتنا في القرن العشرين، وصار من اللازم استبدال ذلك بهوية تقوم على التنوع الخلاق ، ربما تتمكن الرواية، ومجمل السرديات، من القيام بذلك، أو الإسهام فيه، بأفضل مما قامت به الأيدلوجيات.


• ماذا عن كتابك الكبير "موسوعة السرد العربي"» الذي تحلل فيه السرديات العربية على مدار 1500 عام، بدءا من العصر الجاهلي مرورا بعصور صدر الإسلام والأموي والعباسي، وصولاً إلى العصر الحديث.. أين تكمن أهميتة الموسوعة؟


- موسوعة السرد العربي كتاب موسوعي بثمانية أجزاء يعالج الظاهرة السردية في الثقافة العربية منذ العصر الجاهلي الى الآن، وقد راعيت في كتابته الأخذ بالمفهوم العربي للموسوعة كما ارتسم في التراث العربي، أي دراسة الظاهرة السردية من جوانبها كافة، وتقصي مكوناتها، وبيان ظروف نشأتها، والوقوف على بنياتها السردية والدلالية، ولم أخذ بالمفهوم الغربي للموسوعة الذي يقوم على الأخذ بمداخل منفصلة للتعريف بكل مفهوم، كما هو متعارف عليه في الموسوعات الأوربية والأميركية، وأتمنى أن يكون التوفيق قد حالفني في عمل استغرق أكثر من عشرين عاما، وقدّم بحثا تفصيليا في الظاهرة السردية عند العرب.


• مارأيك بالجوائز العربية التي مثّلت طفرة نوعية في الحقبة الأخيرة؟ هل هناك اعتبارات، وأسباب خاصة في طريقة منح الجوائز؟ 


- لا أفهم الجوائز الأدبية الا باعتبارها تنشيطا للكتابة بأنواعها المختلفة، وغايتها رعاية الآداب والفنون، ويتعذر عليّ الانجراف مع التأويلات التي تنال منها لأسباب شخصية او أيدلوجية، وإذا كانت ثمة أخطاء في بعضها فيعود ذلك الى قصور في إدارتها، وليس التشكيك في أهدافها وغاياتها. ومن الضروري أن ينأى المجتمع الادبي العربي عن التقويلات التي يطلقها مغرضون، أو أشباه كتّاب، أو محبطون، بحق الجوائز، فهي لا تسهم في إغناء الحياة الثقافية، إنما ينبغي تشجيع المبادرات الهادفة الى تنشيط تلك الحياة وإثرائها بالجوائز وبغيرها. لماذا يقع الاحتفاء بجوائز نوبل وغونكور والبوكر وثربانتس وسواها، وينتقص شأن الجوائز العربية؟


• فزتم بجائزة الملك فيصل العالمية في الآداب لعام 2014 تقديرا لبحوثكم المعمّقة في تحليل الرواية العربية، كما حصلتم على جائزة الشيخ زايد لعام 2013 في الدراسات النقدية، وقبل ذلك نلتم جائزة "شومان" للعلماء العرب في عام 1997؟ كيف تنظر إلى موضوع فوزك بهذه الجوائز؟


- غالبا ما تقوم الجوائز، في براءة منح الجائزة، بذكر الأسباب التي من أجلها جرى منحها للفائز بهذا الحقل أو ذاك، وفي تلك الجوائز كلها وردت الأسباب الكاملة للفوز، وهي بالإجمال مُنحت تقديرا لجهودي النقدية في مجال الدراسات السردية، ومن ناحيتي أعدّ ذلك اعترافا بأهمية النقد الذي لازم الظاهرة السردية، يدعم الاعتراف الذي منحه القرّاء لتلك الجهود. وأتمنى على الجوائز أن ترسخ تقليدا صارما في اختيار الأعمال النقدية أو الإبداعية أو الفكرية، وتعنى بها، وهذا ما تقوم الجوائز العربية بطرف منه في الوقت الحالي.


* نشر الحوار في مجلة دبي الثقافية، العدد 111 أغسطس 2014

عبدالله إبراهيم

(بطاقة)

ناقد وأستاذ جامعي من العراق، متخصّص في الدراسات السردية والثقافية. نال درجة الدكتوراه في الآداب العربية عام 1991 من كلية الآداب في جامعة بغداد. عمل أستاذا للدراسات الأدبية والنقدية في الجامعات العراقية، والليبية، والقطرية. حاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الآداب لعام 2014، وجائزة الشيخ زايد في حقل الدراسات النقدية لعام 2013، وجائزة "شومان" للعلماء العرب لعام 1997


من مؤلفاته المنشورة:

- السردية العربية، بيروت، المركز الثقافي العربي،1992، والمؤسسة العربية للدراسات، بيروت، 2000. 

- السردية العربية الحديثة، بيروت، المركز الثقافي العربي،2003.والمؤسسة العربية للدراسات،2013

-المتخيّل السردي، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1990.


- الرواية العربية: الأبنية السردية والدلالية، دار اليمامة، الرياض، 2007.


-التفكيك: الأصول والمقولات، الدار البيضاء،1990.


- المطابقة والاختلاف، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات، 2005.


-المركزية الغربية، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1997. المؤسسة العربية للدراسات، بيروت،2003، الدار العربية للعلوم، بيروت،2010.

- المركزية الإسلامية، المركز الثقافي العربي، بيروت، 2001، الدار العربية للعلوم، 

بيروت 2010.

- عالم القرون الوسطى في أعين المسلمين، المجمع الثقافي، أبو ظبي،2001، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2007.

- الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1999،

المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2004، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2010.

- التلقي والسياقات الثقافية، بيروت، دار الكتاب الجديد،2000، دار اليمامة، الرياض،2001، منشورات الاختلاف، الجزائر،2005.

- السرد والترجمة، بيروت، دار الانتشار العربي، 2012. 






































الاثنين، 3 سبتمبر 2012

مصطفى ذكري: الأسلوب هو شرف الكتابة - حوار


مصطفى ذكري: الأسلوب هو شرف الكتابة
حوار - أمير زكي

 ***

لم يمنع الدور الرابع الذي يسكن فيه الكاتب مصطفى ذكري من تسلل صخب حي حلوان، ذلك الحي الذي يسكن فيه، نستمع إلى صوت طلقات رصاص فيتساءل إن كان فرح أم معركة، عندما نستمع بعدها إلى الأغاني الشعبية نتأكد أنه فرح.

كان ذكري أطول نسبيا مما كنت أتوقع، يرتدي ملابس منزلية، ولكن الألفة حدثت بسبب نظارته السميكة وصلعته المشهورتين في صوره، كانت إضاءة المكان ضعيفة جدا تصدرها أباجورتين، جهاز كمبيوتر تشغل سماعاته أوبرا ما، على الحائط لوحة فرعونية، وعلى مقعد بجانبي سجادة صلاة، قبل أن أسأله عنها يقول: "أنا لا أفعل شيئا هنا، فهذا بيت أهلي".

سألته عن الأوبرا وهل اكتفى بالموسيقى الكلاسيكية، قال: "كنت أستمع إلى أشياء عديدة، ولكنها تراجعت، حتى الجاز والبلوز".

أغلق الأوبرا عندما بدأنا الحوار. مصطفى ذكري الكاتب الذي ينتمي إلى جيل التسعينيات والمعروف بانعزاله أصدر من أسابيع قليلة كتابه الثامن، وهو الجزء الثاني من يومياته وحمل عنوان "حطب معدة رأسي". تلك الجملة التي ذكرت في إحدى يوميات الكتاب. 

ربما بسبب عزلته تجد أحيانا على وجهه ابتسامة في غير مجالها، أو تعبير يد عصبي موازي للحديث، ولكنك تشعر بارتياحه التام عندما يتحدث عن شيء يحبه، كعودته المتكررة للحديث عن جيمس جويس وروايته المفضلة لديه "يوليسيس" أو عن دوستويفسكي أحد أدباءه المفضلين.

يتحدث ذكري عن عنوان كتابه الأخير: "العنوان كان تشبيها لطاقة القطار الذي يعمل بالبخار، هذه الطاقة التي تؤكل وتُحرق في نفس الوقت، وهي مثل مادة كتابتي، فالمادة التي أستخدمها لا أكتفي بالتفكير فيها بل آكلها أيضا".

ولكن مع ذلك فالعنوان يظل معقدا وغير مريح بالنسبة للقاريء على الأقل بالنسبة للعنوان الأبسط الذي حملته اليوميات الأولى "على أطراف الأصابع". يقول: "لديّ مزاج أحيانا يجعلني أختار عنوانا غريبا مثل كتاب (هراء متاهة قوطية)، ولكني في العموم ليس لديّ هاجس العنوان، وغالبا ما أضع أول عنوان أفكر فيه، وفي رأيي أن قوة الكتاب تبلع العنوان".

العناوين أيضا كانت سمة هذا الكتاب بالمقارنة بالسابق الذي اكتفى فيه ذكري بترقيم اليوميات. "أنا أحب الأرقام ولكني هذه المرة لم أستطع الاستغناء عن العناوين على اليوميات".

تنوعت كتب ذكري السابقة بين الرواية والقصة القصيرة، بالإضافة إلى إسهامه بكتابة فيلمين سينمائيين: "عفاريت الأسفلت" و"جنة الشياطين" اللذان أخرجهما أسامة فوزي، ولكن يبدو أن سنوات مرت وهو أكثر تكيفا مع صيغة كتابة اليوميات.

يقول ذكري: "لقد أخذت جرعة عالية من هذه الكتابة، ربما أعود لشكل آخر فيما بعد، ولكني في العموم ليس لديّ طمع كبير في الدرامي، وأحب أن يكون تائها في وسط الفلسفي ولا يكون قائما بذاته". 

يوميات ذكري قد تتنوع مجالاتها بين الحديث عن الفلسفة والأدب والسينما واللقطات اليومية البسيطة التي قد لا نلتفت إليها، يكتفي ذكري بتحليل مشهد من فيلم سينمائي يعجب به، أو التعليق على نظرية فلسفية، أو إعادة صياغة مشاهد سينمائية في يومياته وكذلك قصص أدبية كما فعل مع قصة كافكا "استعدادات حفل زفاف في قرية" أو حتى إعادة صياغة مقال كتبه الكاتب يوسف رخا عنه. ولكن بالمقارنة مع يوميات كتاب كبار يذكرهم ذكري بنفسه في كتابه مثل كافكا وبيسوا، يبدو ذكري أكثر ميلا للقصدية وربما للتعقيد في كتابته.

يقول ذكري: "لم أستطع التخلص من هذا، ما زلت أكتب يوميات مع سبق الإصرار والترصد، لم أستطع أن أكتب شيئا وفي ذهني أنه ليس للنشر، أكثر ما يميز فكرة اليوميات هي العفوية وأنا أفتقد العفوية تماما".

يوميات ذكري كانت تنشر في جريدة روز اليوسف وملحق "شرفات" بجريدة عُمان. "ولكنها تحولت من تمرين للكتابة إلى أن تكون هي الكتابة الحقيقية".

عندما سألته عن أداء كتابة اليومية أجاب: "غالبا ما تبدأ بشيء انطباعي جدا كمشهد في فيلم، ثم أنطلق من هذا المشهد إلى مقولة أو إلى حكم قيمة".

يشير ذكري أنه قد يظل يعيد كتابة سطرين في اليومية أكثر من مرة قبل أن يكمل بقية الفقرة بدون إعادة، ذكري يكتب حاليا على الكمبيوتر، بعد معاناة طويلة مع الورقة والقلم: "كانت لديّ قيود كبيرة بالنسبة للورقة والقلم، واختيار قلم بعينه وورق بعينه، ولكن كان آخر كتاب أكتبه بالقلم هو (مرآة 202)".

مرآة 202 صدر عام 2003 عن دار ميريت، أشار ذكري أن الكمبيوتر لم ينتقص من القدرة على الكتابة بل على العكس ساعده اكثر، أراني بعض مسوداته، فهو كان يكتب الجمل بعناية فائقة وبخط منمق: "لم أكن أشطب على جملة، إن أردت التعديل كنت أعيد كتابة الصفحة من البداية، تعودت على الكمبيوتر بسرعة وخلال سنة تقريبا لم يعد هناك فارق".

لا يقرأ ذكري الكتابة الحالية في مصر، وبالتالي لا يكوّن رأي في كتابة الكتاب الشباب. سألته كيف يمكن أن يستقبل كاتب قد يعتبره أستاذه بشكل ما: "أفرح بوجود مثل هؤلاء وبعدها لا أكمل معهم". يتحدث ذكري على جحوده تجاه هؤلاء فهو يأخذ منهم ما يرضي نرجسيته ثم لا يبادلهم الاهتمام، هذا يتحول بالتدريج إلى عداء من الطرف الآخر.

يضيف ذكري: "أفضل أن ينتمي الكاتب إلى ذائقة أدبية أو سلالة أدبية لا أن يتتلمذ على يد كاتب بعينه".

كنت مترددا مع ذلك في أن أسأله سؤال في غاية التقليدية كنصائحه للكتاب المبتدئين ولكنه مع ذلك أجاب: "الكتاب الشباب عليهم أن يصدقوا ذائقتهم الأدبية، عليهم أن يكونوا أشرار بقدر الإمكان، أن يكون جاحدين لأعراف مهنة الكتابة، ألا يخشى الواحد منهم أن يقف في مكان وحده، فبلا شك سيجد الواحد منهم من سيتعامل معه".

سألته هل الأفضل يقرأ الكاتب الشاب أم يكتب، فأجاب: "دوستويفسكي بكل عظمته كانت قراءاته محدودة، ربما ما قرأه جديا أقل مما كتبه، ولكن أنا أفضل أن يقرأ الكاتب أكثر مما يكتب، إلا لو كان مثل دوستويفسكي". 

وأضاف: "عليهم أن يهتموا بالأسلوب أولا وثانيا وثالثا، فشرف الكتابة كله في الأسلوب".

في يوم 25 يناير 2011 بدأت مظاهرة كبيرة في ميدان التحرير، تم تفريقها بواسطة الشرطة، حدثت ردود فعل متباينة من معلقين عديدين، ولكن كان من الغريب أن يظهر الكاتب المنعزل الذي لا يحمل موقفا سياسيا مصطفى ذكري ويكتب على حسابه على الفيسبوك: "تسقط الكتابة وتحيا الثورة"، كان هذا مدهشا جدا في سياق اللحظة وربما ساعد آخرين على المشاركة في الثورة. يعلق ذكري: "يومها كانت هذه أقصى عاطفة أستطيع تقديمها، لقد صدقت ما حدث، ورأيت أن هذا هو يمكنني تقديمه". ولكنه يضيف: "لقد كرهت الثورة بعدها بشهرين، عندما شعرت أن هناك فيها اتجاه إسلامي"

لقاءنا تلا بدقائق خطاب لرئيس الجمهورية الحالي محمد مرسي، هذا الخطاب الذي لم يكن مرضيا لمصطفى ذكري: "إذا كان الاختيار بين الفاشية العسكرية والفاشية الدينية، فأنا كنت أفضل الفاشية العسكرية.. الفاشية العسكرية كانت ستترك لك حريتك الشخصية طالما ابتعدت عن السياسة، أما في الفاشية الدينية فلن تحصل فيها على هذا أو ذاك".

لا يبدو ذكري متفائلا بالوضع السياسي في مصر، وخاصة لتأثيره السلبي على الأدب، يقول: "سيكون هناك تشكيك في النوع الأدبي كله، وسيتم تحوله أيضا للاتجاه الإسلامي". 

أما عن رؤيته عن المستقبل فيقول: "الثورة راحت، على أقل تقدير سنكون مثل باكستان".

مصطفى ذكري من الأدباء المنعزلين القلائل في مصر، فلا تشاهده في وسط البلد، أو ضمن دائرة أدبية، أو منتم لأي من المؤسسات الثقافية، "أنا لا أحب من يمارس حياة فنية تشبه الكتابة، لقد مارست الأعراف المهنية على فترات متقطعة ولم أحبها وتجعلني أكره المهنة". ولكن هذه الارتباطات المهنية ليست بالنسبة للكثيرين مجرد أسلوب حياة بل هي فرصة للارتباط بعلاقات قد تتيح وجود دخل مادي، وعندما يأتي الحديث عن كاتب منعزل يأتي السؤال كيف يعيش؟ "أنا أنتمي لطبقة متوسطة مستريحة قليلا، هذا إلى جانب أن مصاريفي قليلة جدا وتكون دائما داخل حدود بعينها، لا أدفع إيجار للشقة، ولست متزوجا لأنني أكره شكل المؤسسات".
 
رغم ذهنية مصطفى ذكري وحسابه لعواطفه إلا ان حياته لا تخلو من قصص حب ومن وجود المرأة، "أكثر فترة أثرت علاقة فيّ كانت تلك العلاقة التي ظهرت في كتاب (الرسائل)، هذه أكثر مرة كان هناك أمر شخصي ضاغط على الكتابة إلى هذا الحد". ذكري ليس متعدد العلاقات، وفقا لكلامه فالعلاقات تسير دوما في الاتجاه العادي، ويذكر أنه كثيرا ما استطاع العيش بدون علاقة.

لا يصف ذكري روتينا محددا لحياته اليومية، "أحيانا أحتاج إلى الخروج من المنزل فقط من أجل الضوء الطبيعي الذي أفتقده هنا". عندما سألته عن الموعد المفضل لكتابته قال: "بعد الاستيقاظ.. سواء كان صباحا أو مساء". يضيف أنه أحيانا ما يضيع أوقات طويلة في التحضير لطقس الكتابة سواء في تحضير القهوة أو الإفطار هذا الذي يأخذ ساعات طويلة.

ذكري الغائب عن السينما لسنوات طويلة يكتب حاليا سيناريو فيلم سيكون من إخراج أسامة فوزي مخرج فيلميه السابقين، التزامه بالعقد سيجعله ينهيه في سبتمبر. "كتابة السيناريو أصعب من الأدب، هناك قواعد لا أستطيع اختراقها، فهناك التزام درامي بالشخصيات وبناء الفيلم".

ثمانية كتب وفيلمان هم رصيد مصطفى ذكري الفني حتى الآن، عندما سألته عن تقييمه لتجربته، قال: "راض عن تجربتي، فعلت ما أريده، لا يوجد قيد تم فرضه عليّ، ولم أتعرض لابتزازات المهنة والرغبة في وجود قراء أكبر وشهرة أكبر".