"في مديح الحدود"، عنوان الكتاب الأخير للفيلسوف والكاتب والأديب الفرنسي ريجيس دوبريه الذي عرفه العالم خاصة كأحد رفاق «تشي غيفارا» و«فيدل كاسترو» اللذين أمضى معهما شطرا من «نضاله» في أميركا اللاتينية.
في هذا الكتاب الجديد يؤكد المؤلف «فضيلة» مفهوم «الحد». وذلك تحديدا في مواجهة «الانفلات من جميع الحدود والمقاييس». ولا يتردد في التأكيد منذ البداية أن مفهوم الحدود يشكل «ضامنا حقيقيا للمرجعيات الحيوية» لدى البشر. والتأكيد أيضا أنه في هذه الفترة المضطربة من تاريخ العالم يغدو «احترام» مفهوم الحدود أمرا ملحّا وضروريا. ويشير ريجيس دوبريه أيضا إلى أن هذا الكتاب الجديد يشكّل تأملا حول الكيفية التي يتم فيها «إغلاق المجال من أجل فتح العقل».
هذا كتاب صغير الحجم بعدد صفحاته التي تقارب المائة صفحة وحيث يشير المؤلف إلى أنه تطوير لمحاضرة كان قد ألقاها بتاريخ 23 مارس-آذار 2010 في «البيت الفرنسي- الياباني» بباريس. كذلك يشير إلى أن الأفكار التي يطرحها في كتابه «قد تكون ذات وقع سيئ» على الأسماع، خاصة لدى جمهور معسكر اليسار، بل إن الإفصاح عنها علنا قد تنهي تماما ما بقي من شهرته التقليدية كمناضل متمرّد وثوري. الأطروحة المركزية في هذا الكتاب تتمركز حول القول إن الحدود ـــ كل الحدود المادية والمعنوية ــــ لا تشكل حقا أساسيا من حقوق الإنسان فحسب، ولكنها تشكل أيضا «واجبا» لا ينبغي التفريط به، ذلك «من أجل مواجهة جميع أشكال الانزلاق القاتلة».
ريجيس دوبريه يشرح أفكاره في هذا الكتاب عبر خمسة محاور «مقتضبة». ويحدد أولا أنه من التوهم الاعتقاد أن «شعار العولمة»، الذي أراد المستفيدون منه ترويجه، سوف يحل جميع الإشكاليات التي تواجهها الإنسانية. ذلك باسم مقولة مفادها «إن الإنسانية التي تتعثر يمكنها أن تكون بوضع أفضل دون حدود» كما يعبّر دوبريه مؤكدا على ضرورة محاربة مثل هذا الوهم.
ويشير المؤلف إلى أن المبدأ «الكوني» ـــ يونيفرسال ـــ القائل بانتفاء الحدود وينطلق من نوايا حسنة جدا بالتأكيد هدفها الوصول إلى نوع من التنسيق للعلاقات الإنسانية وقيام نوع من الحكومة العالمية التي ترعى استمرار السلام العام والشامل.
لكن دوبريه يركز مباشرة بعد هذا الإعلان عن «حسن النيّة» عن القول أنه «من السذاجة» أن لا يرى المرء وراء هذه الحجج «الجميلة» هناك مرامٍ وغايات تثير الكثير من الجدل. وجوهر هذه النوايا هو تأمين سيطرة فئة معينة على الآخرين؟ و«سيطرة لا اقتسام فيها ولا حدود لها».
وبالاعتماد على الماضي يبيّن دوبريه أنه في جميع الحالات التي جرت فيها إزالة الحدود فإن الأمر لم يكن على يد «محررين» و«منقذين» ولكن كان «دائما» بواسطة قوّات الاحتلال الشرسة على غرار الرومان وخطط نابليون والنازية. ويرى دوبريه أن العولمة الحالية تستجيب لنفس الدوافع «المؤسفة». ذلك على اعتبار أنها تمثل بالنسبة لعالم المال ما كانت تمثله «الأممية العمالية- البروليتارية» للماركسيين «المزعومين» السوفييت وما تمثله «مهمة التحضير» التي قال بها المستعمرون الغربيون».
ويسأل المؤلف: من يحق له الكلام عن إزالة الحدود عندما نرى أن هناك أكثر فأكثر من الجدران لإعاقة انتقال البشر؟ هذا ما يقوله الواقع الفلسطيني وواقع طرد أعداد كبيرة من ذوي الأصول الرومانيين «الغجر» من فرنسا قبل فترة وجيزة من الزمن. وهذا ما يعرفه الكثير من أولئك الذين ترصدهم السلطات الأميركية لمنعهم من دخول أراضيها. يقول ريجيس دوبريه: «في الوقت الذي تتم فيه إزالة الحدود يتم أيضا بناء الجدران». يتحدث خاصة بهذا الصدد عن جدار العزل العنصري في فلسطين المحتلّة.
وبعد أن يذكر المؤلف العديد من الظواهر «السلبية» التي ترتبت على العولمة بنسختها الراهنة، يصل إلى القول إن هذه العولمة سوف تصل ذات يوم إلى «إفلاسها» الكامل. وعندها سوف يجد الكثير أنفسهم مرغمين على «إعادة الاعتبار لأبوابهم القديمة» التي كان قد جرى فتحها على مصراعيها لأسباب عديدة وأسماء متنوعة. وعندها سوف يعود العمل بقوانين الرسوم الجمركية التي وضعها منذ فترة من الزمن في «الصناديق» بالنسبة للعديد من الحالات.
لكن عملية «إغلاق الأبواب» من جديد لن تكون من أجل الحماية من الآخرين بمقدار ما هي «تنظيم أمور البيت في الداخل». وهذا كان دائما «مصير الإمبراطوريات» المهزومة. إن إشارات استفهام كبيرة يتم إصدارها في هذا السياق بصدد مستقبل الاتحاد الأوروبي.
في هذا الكتاب الجديد يؤكد المؤلف «فضيلة» مفهوم «الحد». وذلك تحديدا في مواجهة «الانفلات من جميع الحدود والمقاييس». ولا يتردد في التأكيد منذ البداية أن مفهوم الحدود يشكل «ضامنا حقيقيا للمرجعيات الحيوية» لدى البشر. والتأكيد أيضا أنه في هذه الفترة المضطربة من تاريخ العالم يغدو «احترام» مفهوم الحدود أمرا ملحّا وضروريا. ويشير ريجيس دوبريه أيضا إلى أن هذا الكتاب الجديد يشكّل تأملا حول الكيفية التي يتم فيها «إغلاق المجال من أجل فتح العقل».
هذا كتاب صغير الحجم بعدد صفحاته التي تقارب المائة صفحة وحيث يشير المؤلف إلى أنه تطوير لمحاضرة كان قد ألقاها بتاريخ 23 مارس-آذار 2010 في «البيت الفرنسي- الياباني» بباريس. كذلك يشير إلى أن الأفكار التي يطرحها في كتابه «قد تكون ذات وقع سيئ» على الأسماع، خاصة لدى جمهور معسكر اليسار، بل إن الإفصاح عنها علنا قد تنهي تماما ما بقي من شهرته التقليدية كمناضل متمرّد وثوري. الأطروحة المركزية في هذا الكتاب تتمركز حول القول إن الحدود ـــ كل الحدود المادية والمعنوية ــــ لا تشكل حقا أساسيا من حقوق الإنسان فحسب، ولكنها تشكل أيضا «واجبا» لا ينبغي التفريط به، ذلك «من أجل مواجهة جميع أشكال الانزلاق القاتلة».
ريجيس دوبريه يشرح أفكاره في هذا الكتاب عبر خمسة محاور «مقتضبة». ويحدد أولا أنه من التوهم الاعتقاد أن «شعار العولمة»، الذي أراد المستفيدون منه ترويجه، سوف يحل جميع الإشكاليات التي تواجهها الإنسانية. ذلك باسم مقولة مفادها «إن الإنسانية التي تتعثر يمكنها أن تكون بوضع أفضل دون حدود» كما يعبّر دوبريه مؤكدا على ضرورة محاربة مثل هذا الوهم.
ويشير المؤلف إلى أن المبدأ «الكوني» ـــ يونيفرسال ـــ القائل بانتفاء الحدود وينطلق من نوايا حسنة جدا بالتأكيد هدفها الوصول إلى نوع من التنسيق للعلاقات الإنسانية وقيام نوع من الحكومة العالمية التي ترعى استمرار السلام العام والشامل.
لكن دوبريه يركز مباشرة بعد هذا الإعلان عن «حسن النيّة» عن القول أنه «من السذاجة» أن لا يرى المرء وراء هذه الحجج «الجميلة» هناك مرامٍ وغايات تثير الكثير من الجدل. وجوهر هذه النوايا هو تأمين سيطرة فئة معينة على الآخرين؟ و«سيطرة لا اقتسام فيها ولا حدود لها».
وبالاعتماد على الماضي يبيّن دوبريه أنه في جميع الحالات التي جرت فيها إزالة الحدود فإن الأمر لم يكن على يد «محررين» و«منقذين» ولكن كان «دائما» بواسطة قوّات الاحتلال الشرسة على غرار الرومان وخطط نابليون والنازية. ويرى دوبريه أن العولمة الحالية تستجيب لنفس الدوافع «المؤسفة». ذلك على اعتبار أنها تمثل بالنسبة لعالم المال ما كانت تمثله «الأممية العمالية- البروليتارية» للماركسيين «المزعومين» السوفييت وما تمثله «مهمة التحضير» التي قال بها المستعمرون الغربيون».
ويسأل المؤلف: من يحق له الكلام عن إزالة الحدود عندما نرى أن هناك أكثر فأكثر من الجدران لإعاقة انتقال البشر؟ هذا ما يقوله الواقع الفلسطيني وواقع طرد أعداد كبيرة من ذوي الأصول الرومانيين «الغجر» من فرنسا قبل فترة وجيزة من الزمن. وهذا ما يعرفه الكثير من أولئك الذين ترصدهم السلطات الأميركية لمنعهم من دخول أراضيها. يقول ريجيس دوبريه: «في الوقت الذي تتم فيه إزالة الحدود يتم أيضا بناء الجدران». يتحدث خاصة بهذا الصدد عن جدار العزل العنصري في فلسطين المحتلّة.
وبعد أن يذكر المؤلف العديد من الظواهر «السلبية» التي ترتبت على العولمة بنسختها الراهنة، يصل إلى القول إن هذه العولمة سوف تصل ذات يوم إلى «إفلاسها» الكامل. وعندها سوف يجد الكثير أنفسهم مرغمين على «إعادة الاعتبار لأبوابهم القديمة» التي كان قد جرى فتحها على مصراعيها لأسباب عديدة وأسماء متنوعة. وعندها سوف يعود العمل بقوانين الرسوم الجمركية التي وضعها منذ فترة من الزمن في «الصناديق» بالنسبة للعديد من الحالات.
لكن عملية «إغلاق الأبواب» من جديد لن تكون من أجل الحماية من الآخرين بمقدار ما هي «تنظيم أمور البيت في الداخل». وهذا كان دائما «مصير الإمبراطوريات» المهزومة. إن إشارات استفهام كبيرة يتم إصدارها في هذا السياق بصدد مستقبل الاتحاد الأوروبي.