التدرّب على الكتابة ماراثون يقوّي عضلات القلب والأصابع
بيت الخيال؛ ورشة الكتابة الابداعيّة
الموقع : اضغط هنا
لماذا بيت الخيال؟ لماذا نؤسس ورشة للكتابة؟ وهل تحتاج الكتابة الأدبيّة إلى تدريس؟ وما الفائدة المرجوّة من وراء هكذا ورشات؟ننطلق في إجابتنا على هذه الأسئلة من اعترافنا وتأكيدنا على العلاقة الحيّة القائمة بين الإبداع وبين متعة القدرة على التخييل والكتابة والتعبير عن العالَم.. وكلّما تأزّم الواقع اتّسعت رقعة الإبداع. في عالمنا الجديد، لم يعد ثمّة مكان لكتّاب يصنعهم القدر وكتّاب تصقلهم موهبة فطريّة .. كلّنا كتّاب مبتدئون، نعيشُ شهوة الكلام، ونحمل حكايات وقصصا في مخزون مركّب شديد الحساسيّة، بعضنا يحالفه الحظّ والصدفة ليصيرَ كاتبًا، والبعض يكفّ عن التفكير. وبين هذا الرهط وذاك تأتي وظيفة التدريب على الكتابة لتغربلَ التجارب، وتكتشف مواهب جديدة، وتخلق عالمًا حميميًا بين النصّ وصاحبه وبين صاحب النصّ والقرّاء، تقوّم نصوصًا مبتدئة وتدرس بعناية فائق أفكارًا نبضها حيّ “تُفلتِرها” وفق طرائق وتقنيّات سرديّة رشيقة توفّرها الورشة. غاية التدرّب على الكتابة أن نعيدُ إنتاج معنى الكتابة ووظائفها، ونكسبها دلالات جديدة ونعترف بأن الكتابة والأدب وسائل الانسان العاديّ ليعيدَ انتاج نفسه وهواجسه وخياله وواقعه، ويهشّم حواجز داخليّة ورهبة الاقتراب من الورق وكأنّ الكتابة حكرا على نخبة دون أخرى وتجربة مع العالم دون أخرى وتعبير دون آخر. بيت الخيال محاولة تجريبيّة تفتحنا على بعضنا وتثري تجربتنا الانسانيّة ورؤانا المتشعّبة للعالَم. نحاول ان نكسر الحدود بين الثنائيّات المفتعلة: المركزي والهامشي، الرقميّ والورقيّ، الواقعيّ والافتراضيّ المحليّ والكونيّ، ونلمّ الجميعَ الى مأدبة الأدب والكتابة، كعادةِ الشعوب الأخرى التي تعالَت على هذه الثنائيّات وخلقت أدبًا جديدًا بأدوات جديدة ناسب صوت العصر وايقاعاته الملوّنة. لقد أثبتت دورات الكتابة نجاحها كتجربة دخلت أبواب الاكاديميّات الغربيّة وحان الوقت للالتحاق بها في مجتمعاتنا. نتلقّفها كفكرة ونصوغها بصوتنا. براغماتيّون في الأدب، متفاعلون في النّقاش، نصنع النصّ صناعة جماعيّة، لا نرتجلُ. نركّب ونقرأ ونتدرّب ونعرض، لنرسّخ مفهومًا جديدًا ناصعًا للكتابة يعتمدُ أنساقًا معرفيّة ثقافيّة عميقة صبغته محليّة وقبلته كونيّة. حاجتنا إلى ورشات لتدريب الكتابة الابداعيّة هي حاجة تأسيسيّة تنطلق من راهنيّة واقعنا العربيّ الغائر في “معمعاناته”. هي حاجة لضبط معالم الكتابة بمفهومها الحاليّ. وهي تأتي لتبرهن فشلَ الثنائيّات التي تفصل بين الرّقمي والورقيّ في ظلّ الانفتاح والانتشار وهندسات الفضاء الافتراضيّ المتعددة لاستقبال النصّ الأدبيّ. في طرح فكرة ورشة الكتابة نكلّف أنفسنا كَسر هالة الأدب وتقديس الكاتب وتصنيم الكتابة.
محاولة تجريبيّة تكسر الخطاب الثقافي السّائد ولا تجاري تقليعات عارضة بل تقدّم بعقلانيّة ومنطق فرصة احتضان مواهب قد تغزو الساحة الأدبية وتجنح نحو كتابة جديدة. الكتابة فن يقوى بتقوية عضلات الأصابع.. ومهنةُ فهم التجارب الذاتيّة والبشريّة وأشكال التعاطي مع الوجود ومآزقه المتحوّلة. غايتنا أن نحوّل الأدب إلى عادة اجتماعيّة، جزء من اليوميّ المعيش وإقصاءه عن انعزاليته وتساميه. فالكتّاب يكتبون ويخطئون في صياغاتهم وأحيانًا في أفكارهم. التجاوب مع الخطأ وتصحيحه أو تنمية إمكانيّات النصّ، والإفادة من إمكانيّات الآخرين الخارجة عن نطاق ذواتنا هي ما يخصب الكتابة ويجعلها أكثر رشاقة وأكثر وضوحًا وأكثر إبرازًا لخصوصيّاتنا . الكتابة بناء وتركيب وتجريب وخلق وتفاعل.إنّها ممارسة قد تبدأ اعتباطيًا وتنتهي بنجاح وقد تبدأ منهجيًا وتنتهي بفشل. هي مغامرة متراكبة المعطيات وعمليّة معقّدة وطويلة ترتهنُ بشروط الجهد واللذة والتواضع والاستعداد للتغيير وقبول النقد قبل خروج النص إلى العلن بصيغة نهائيّة. من هنا تتأسّس تجربة ورشة الكتابة الابداعيّة ،في هذا البيت، أولاً وقبل أيّ شيء على تفجير المتعة الكامنة في ممارسة الذّات لعوالم الكتابة وسرقة مفاتيح اللذة من الآخرين والتحرر من استبداد التعريفات للأدب النخبويّ، واكتشاف مواهب الآخرين.في بيت الخيال نساهم في تقريب الأدب من ذائقة الناس، وخلق الألفة بين النصّ والقارىء.
كمال الرياحي. روائي وناقد تونسي. مدرب الورشة
ريم غنايم. شاعرة ومترجمة وناقدة فلسطينية. ناقدة الورشة