‏إظهار الرسائل ذات التسميات الكتاب العربي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الكتاب العربي. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

ثورة في توزيع الكتاب

كتب : فخري صالح
من بين حسنات العولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات أنهما زادتا عدد القراء ووسعتا رقعة انتشار الكتاب ، بغض النظر عن شكله ورقيا كان أم إلكترونيا. فقد تمكنت هذه المكتبات ودور توزيع الكتب ، من خلال سرعة الوصول إلى المشترين ووجود تقنيات متقدمة للوصول إليهم ومعرفة أذواقهم القرائية ، من تنبيه القراء إلى صدور كتب بعينها تبين لها من خلال التعامل مع كل مشتر أن هناك نوعياتْ محددة من الكتب تهمه. يتم هذا الإعلان إلكترونيا في المكتبات الكبيرة ، مثل أمازون دوت كوم على سبيل المثال ، حيث تقوم محركات البحث الخاصة بتلك المكتبات بالمهمة دون المرور بأيدي العاملين في تلك المكتبات الضخمة السابحة على الشاشات.
لا شك أن ذلك زاد من توزيع الكتاب ، وترويج السلع المختلفة من كتب وغيرها ، وأوجد طرقا جديدة للتعامل مع المشترين لم يكن لها وجود من قبل. صحيح أن دور النشر في العالم تقول إن هناك انصرافا عن قراءة الكتب الورقية وازدهارا للقراءة على الشاشات ، من خلال استخدام أجهزة مثل كندل وآيبود ، لكن ذلك يعني أن على دور النشر أن تعيد النظر في شكل طباعة الكتب وتقدر حاجة السوق من الكتب الورقية والكتب الإلكترونية لتستطيع الوصول إلى أوسع دائرة من القراء في زمان أصبحت فيه المعرفة متداولة على الشاشات. المهم أن بالإمكان الآن الوصول إلى القراء بسهولة وتعريفهم بصدور الكتب التي يهتمون بها دون وسيط.
لكننا في العالم العربي لم نخط تلك الخطوات الواسعة في نشر الكتاب وتوزيعه. لازلنا نفضل الطرق التقليدية العتيقة ذاتها في الوصول إلى القراء ، أي عرض الكتب في المكتبات العامة ، كما نعتمد بصورة أساسية على المعارض التي تقام مرة كل عام في العواصم العربية. ذلك لا يكفي للنهوض بتوزيع الكتاب وتوسيع دوائر القراء. نحن بحاجة إلى تلك الشبكات الضخمة لتوزيع الكتب القادرة على تخطي الحدود والحواجز التي لازالت تنتصب في وجه الكتاب في كثير من الدول العربية. ولن يصبح ذلك ممكنا إلا عبر نمو مؤسسات توزيع الكتب الإلكترو.نية ، التي يمكن لها أن تتواصل مع قرائها من خلال الرسائل الإلكترونية. لا يحتاج القارئ إلى الانتقال بجسده إلى المكتبة أو المعرض لبشتري الكتاب الذي يقع في دائرة اهتمامه ، فالتكنولوجيا المتطورة أعفته من ذلك الجهد غير الضروري. لكن طبيعة النشر والتوزيع التقليدية في العالم العربي ، وبطء الحركة والتطور في هذا المجال ، يحولان دون توسيع رقعة انتشار الكتاب وتوفير الجهد على القارئ الذي يرغب في الحصول على الكتاب الذي يريد. صحيح أن هناك مؤسسات لبيع الكتب على الإنترنت ، مثل نيل وفرات وأدب وفن ، لكنها رغم محاولتها سد الفراغ في هذا المجال لم تطور تقنياتها بحيث تقوم بما تقوم به مثيلاتها في دول العالم المتقدمة. إنها مجرد ترجمة إلكترونية للمكتبة التقليدية ، لا تسهل على المستخدم الوصول إلى الكتاب الذي يريد ، ولذلك يظل الشراء من خلال تلك المكتبات الإلكترونية ضئيلا بالقياس إلى طرق الشراء التقليدية. ولن يكون لهذا النوع من المكتبات التي تبيع الكتب على الإنترنت دورها الحقيقي في توسيع رقعة القراءة في العالم العربي دون تطوير تقنياتها والاستعانة بما تفعله دور بيع شبيهة في العالم المتقدم.

المصدر:
فخري صالح. ثورة في توزيع الكتاب. الدستور (لبنان). ع 151149 (الأحد 4 صفر 1432هـ الموافق 9 كانون الثاني 2011)