‏إظهار الرسائل ذات التسميات بلال عبد الهادي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بلال عبد الهادي. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 2 أبريل 2015

كيف ولدت مكتبة أمازون دوت كوم؟ / مقال مختار

كيف ولدت مكتبة أمازون دوت كوم؟





معرض الكتاب فريضة ثقافية ودينية إذا أردنا ترجمة دلالات فاتحة الآيات القرآنية "إقرأ" ترجمة فاعلة في الكسل العربي الكبير. ولكنّي هنا لن أتكلّم على المعرض وإنما عن تسويق الكتاب الورقيّ وطرق الوصول إليه. لا يوجد قارىء فعليّ إلاّ ويجد صعوبة، أحياناً، في الحصول على بعض الكتب. ومعرض الكتاب مهما بلغ عظمه وتمدّدت أمتارُه المربّعة يُشعر بإحباط لأنّه يستحيل عليه تلبية رغبات كلّ القرّاء. من هذا العجز ولدت فكرة مكتبة "أمازون" التي تبيعك الكتب بالمراسلة عبر الانترنت. المكتبة وليدة سؤال بسيط طرحه على نفسه ( جيفري  بريستن بيزوس Jeffrey Preston Bezos‏) المتخصّص في الهندسة الكهربائية وإدارة الأعمال، ومؤسس المكتبة الافتراضية "أمازون". السؤال هو التالي: أيها أفضل لك، شراء الكتاب من المكتبة المجاورة لمسكنك أم شراؤه من مكتبة افتراضية؟ الجواب الفوريّ والبديهيّ هو "طبعاً من المكتبة المجاورة".

 فكّر مؤسس "أمازون" في إظهار تهافت الجواب الفوريّ وقرّر إشهار نقيضه بدلاً منه. راح يفكّر ويقلّب تفاصيل السؤال في ذهنه لتحريره من أعباء الجواب الجاهز، وتزويده بآخرَ مبتكر. كان جوابه من الأفضل للقارىء أن يشتري الكتاب من مكتبة افتراضية بالمراسلة لا من خلال مكتبة عادية، وراح يفصّل الأسباب. بعض الأجوبة تحتاج إلى معرفة موسوعية، عابرة للتخصصات أي معرفة على شاكلة معرفة الجاحظ، كما لا بدّ من معرفة طبيعة كلّ من القارىء والكاتب والورّاق والكِتاب، وعلاقة القارىء مع القرّاء الآخرين الذين يشاركونه نفس الميول والأهواء. سلسلة من المعارف والعلاقات دارت في ذهن صاحب مؤسسة "أمازون" وهو يقوم بمغامرته الافتراضيّة التي غيّرت علاقة القارىء مع الكتاب. ظنّ كثيرون أنّه مجنون لأنّ معركته، بالتأكيد، خاسرة لعدم توفر شروط نجاحها، ولكن لا تخلو مهنة من " كعب أخيل" أي من نقطة ضعف، ومن نقطة الضعف العضويّة في المكتبة العاديّة استطاع أن ينسف عادات كثير من القرّاء الذين أقبلوا على شراء الكتب من مكتبته الافتراضية محققاً بذلك مبيعات خياليّة لم تحلم بها أي مكتبة من قبل.

 هل تعرف من يقرأ الكتاب الذي تقوم بقراءته أنت الآن مثلاً؟ هل تعرف إذا كان الكتاب الذي تريد شراءه صالحاً للقراءة؟ كيف تعرف إذا كان هذا الكتاب يستحقّ عناء قضاء وقت معه؟ قد تقول قرأت عنه في الصحف، والكاتب الفلانيّ أو العلانيّ قرّظ الكتاب وأظهر فضائله ومفاتنه وقيمته، ولكن هل كلام الصحافي موثوق به؟ هل يستحقّ الكتاب الممدوح حقّاً المدح ؟ وهل يستحقّ الكتاب المذموم حقّاًَ الذمّ ؟ أسئلة تجول في ذهن البعض وهي أسئلة مشروعة من حقّ القارىء أن يطرحها. فلا تخلو كلمات بعض الكتاب من أغراض أو غايات لا علاقة لها بالكتاب المنقود، كأن يكون مؤلّف الكتاب صديق لهذا الصحافيّ أو ذاك، ويجد أنّه من اللباقة واللياقة أن لا يشير إلى سيئات الكتاب فيكيل له المديح كيلاً حاتميّاَّ. ماذا يصير بالقارىء الذي وثق بكلام هذا الصحافي أو ذاك، واشترى الكتاب على أمل قضاء وقت ممتع مع أوراقه ثمّ يكتشف أنّه أهدر المبلغ والوقت في ما لا مذاق لحبره؟ وقد يكون كاتب المقال على علاقة سلبية مع الكاتب فينتهز الفرصة لينقضّ على الكتاب الجديد وينزل فيه "نتْفاً وسلخاً"، ويكون الكتاب على خلاف ما قاله كاتب المقال، أليس من الممكن أن يحرمك هذا الكاتب بمقاله الثأريّ الساديّ من "وجبة غذائية دسمة"؟ عالم الكتابة ليس عالماً بريئاً! كما يظنّ الأبرياء. وكعيّنة عمّا أقول أشير إلى كتاب الأديب المصريّ اللبنانيّ مصطفى صادق الرافعيّ "على السفّود"( وتعني سيخ اللحمة) الذي" نشر" في فصوله "حريم" الكاتب عبّاس محمود العقّاد.

لا بد من أخذ الحذر وعدم الوثوق الأعمى بما نقرأ مدحاً أو قدحاً. هذه نقطة دارت في ذهن صاحب أمازون وهو يهندس مشروعه. وجد أنّه من الأصوب أن تعرف رأي القرّاء قبل رأي الكتّاب. القارىء، أغلب الأحيان، حياديّ بمعنى أن ليس في سلوكه حسابات من يمتهن الكتابة في مجلة أو جريدة. القارىء الطبيعيّ يقرأ من دون أن يكون في نيّته "تمسيح خوخ" أو "تبييض وجه". فهو  لا يعتمد سياسة "حِكِّلِّي تَحِكِّلَّكْ" كما قد يفعل بعض الكتاب. ولكن كيف تعرف رأي قارىء عاديّ لا تعرفه بكتاب تريد أن تقرأه؟ وهذا القارىء هو زميلك في القراءة، ولكنّه زميل مجهول الهويّة والملامح.

الإنسان يحبّ أن يشاركه أحد أفراحه وأحزانه، الفرح المفرد فرح حزين! أليس من الممتع أن تتكلّم مع صديق عن كتاب مشترك؟ التعليق على الأحداث فطرة إنسانية، والقراءة حدث فرديّ من حيث الظاهر، وصاحب "أمازون" لا تلعب بعينيه الظواهر، لأنّ لكلّ كتاب جيّد قرّاء كثيرين ولكن تفرّق شملهم البلدان والأعمار. من هنا فكّر صاحب "أمازون" بلمّ شمل القراء. كيف؟ بكلّ بساطة حين تشتري من مكتبته الافتراضية كتاباً ما بل حتى من قبل أن تقدم على شرائه يفسح لك مجال معرفة رأي القرّاء السابقين بالكتاب من خلال نشر تعليقاتهم السلبية أو الإيجابية. وعليه، فأنت لا تدخل الى الكتاب المرغوب شراؤه بخبرتك الذاتية فقط وإنما بخبرة غيرك، وحين تقرّر شراءه فإنّ المكتبة تتيح لك مجال التواصل مع أشخاص لهم تجربة مسبقة مع الكتاب، تتطارحون، في منتدى افتراضيّ، الآراء والأفكار.

القراءة تتطلّب العزلة، ولكن الحديث عن الكتاب المقروء يكره العزلة، والحديث عن كتاب جميل لأشخاص لا يعرفون الكتاب أو لا يحبون القراءة – وهم، بحمد الله، كثر- يكون نوعاً من التطفّل البغيض على أوقاتهم! استطاعت مكتبة "أمازون" تأمين رغبة القارىء في التواصل مع القرّاء ومع الكاتب أيضاً. وهذه خدمة لا يمكن أن توفّرها مكتبة عاديّة، خدمة جعلت القارىء الأعزل لا يعيش في عزلة.

كانت النواقص اللوجستية للمكتبة العادية منطلقاً للثروة التي جناها "جيفري بريستن بيزوس" صاحب العبارة الجذّابة: " كنت أعلم أنّني لن أندم إذا فشلت، وكنت أعلم أيضاً أنّ الشيء الوحيد الذي كنت سوف أندم عليه هو أن لا أحاول أبداً".

 كلّ نقص نعمة مضمرة! ولكن البعض يحسب المضمر من سلالة العدم.



الأحد، 19 أكتوبر 2014

hitiste / معجم حديث / لغويات

الرأي النحوي المعجمي للدكتور بلال عبد الهادي 

hitiste 
هل هذه الكلمة فرنسيّة؟

هذا ممكن، كما انه من الممكن ان تكون مفردة من اية لغة تستخدم الحرف اللاتيني.
وقد تكون عربيّة، فشباب اليوم يكتبون لغة النتّ، وليس بالضرورة ان يكتب بلغة النتّ الشباب فقط، فقد تجد شخصا في الستين يكتب بلغة النت. ليس للجهالة عمر! ومن لم يسمع بجهلة الأربعين مثلا؟
هي فرنسية وغير فرنسيّة في آن.
هي فرنسية وعربية في آن.
يكفي ان تفتح معجما فرنسيا حديثا وغير متحجر حتى تجد ان لهذه الكلمة حضورا فرنسيا .
لأنقلها الى الحرف العربي كما هي، اي اضعها بلغة النت المضادة بمعنى تحويلها الى الحرف العربي، انتقال مفردة من حرف الى حرف يغيّر معالمها كما تتغير ملامح شكري شكر الله حين يلبس ثيابه العادية ويخلع عن جسده ثياب شخصية شكري!


hitiste هيتيست

كتابتها بالحرف العربي يبعدها عن اللغة العربية رغم انها ان حروفها الثلاثة الأولى عربية الأصل، وحصل الابتعاد عن الأصل بسبب طبيعة الأصوات الفرنسية المغايرة للأصوات العربية.
فليس في الفرنسية حاء ولا طاء.
استعانت الفرنسية بالهاء لتلفظ الحاء وبالتاء لتلفظ الطاء.
في حال اعدت الكلمة الى الحرف العربي سوف تصير:
حيطيست.
قلت ان الحروف الثلاثة الأولى عربية، وهي فعلا كذلك.
من قال ان المستعمر لا يزال يدفع ضريبة استعماره من لحم كلماته؟
" حيط" ( حائط) باللهجة الجزائرية.
وإذا اردت نقل معناها حرفيا الى العربيّ لقلت " حائطي"، ولكن من يعرف معنى حائطيّ اذا لم يعش في الجزائر وعاشر لغتها؟ او عاش في فرنسا ومضغ الكلمات الفرنسية الجديدة؟
في لبنان ، لهذه الكلمة مترادفات متعددة.
ننتقل في لبنان من الحائط الجزائريّ الى عالم الهندسة، فنقول " مهندس شوارع"، أو " بسنّد حيطان"، وهناك من يسنّد حيطانا كما هناك من يهبّط حيطانا علينا وعلى غيرنا، وتعني الكلمة انسان "عاطل عن العمل".
عاطل عن العمل ليس له من اصدقاء الا حيطان الشوارع يسندها.
ومن الفرنكوفونية الجزائرية دخلت الكلمة الى بلاد فولتير، ونالت الجنسية الفرنسيّة بعد ان تسربّت.




الخميس، 10 يوليو 2014

رواية " الممالك الثلاث" الصينيّة

تبدأ رواية " الممالك الثلاث" الصينيّة بعبارة هي بمثابة سنة الحياة 

 

تبدأ رواية " الممالك الثلاث" الصينيّة بعبارة هي بمثابة سنة الحياة.
والرواية الصينية مفخرة السرد الصينيّ، تروي نهاية امبراطوريّة هان وتمزقها الى ممالك متناحرة ، متقاتلة.
تقول العبارة:
"كلّ وحدة إلى تفرّق، وكلّ تفرّق إلي وحدة"
والعالم العربيّ يعيش تفرّقاً، وتشرذماً، وقتلاً، وذبحاً.
وكلّ ذلك طبيعيّ، قد يطول الزمن وقد يقصر.
ولكن وحدهم الحمقى لا يؤمنون بأن أرحام النساء تغيّر المصائر والأقدار!
فبقاء الحال من المحال.
شاء حظّنا أن نعيش تمزّقا عربيا محموما.
ولكن هذا التمزٌق لا هو قضاء مبرم، ولا هو قدر غير قابل للدحض.
الحضارات لا تقاس بجيل ولا جيلين ولا ثلاثة أجيال...
زمن الحضارات مفتوح على احتمالات لا تخطر حتّى ببال مخرجي أفلام  هوليوود.
ليس هناك نهايات.
ونهاية التاريخ كما قال فوكاياما ادّعاء يثير سخرية الأقدار.
نهاية التاريخ ادعاء نرجسيّ!
والزمن يستهويه مثل بسيط: القردة تخلّف وردة.
الزمن يعشق المفاجآت، والمباغتة، والضحك على المنطق الصارم.
الزمن ليّن كالأفعى، مرن كقضيب خيزران، عظمه طريّ كجسد الأخطبوط.
ويفلت كالزئبق من أصابع التوقّعات.
اللامتوقع هو الاستراتيجية المفضّلة للقدر.
القدر كقدمي لاعب كرة قدم ماهر، وماكر.
وكل الدول شباك مرماه.
 
كل الحقوق الخاصة بهذا المقال محفوظة لمدونة بلال عبد الهادي http://goo.gl/3dVQLI