تكون هذا الكتاب (بلاغة الخطاب وعلم النص)* من خمسة أبواب يحوي كل منها عدة فصول تشكل محتوى الكتاب. وهذه الأبواب هي:
حيث جعل الكاتب كل باب من هذه الأبواب تمهيدا للباب اللاحق، وأساسا نظريا لا بد منه حتى تكون صورة بلاغة الخطاب جلية بعد تتبع عمليات تحولها.
- الباب الأول : الأنساق المعرفية
ربط مفهوم النسق المعرفي في الفكر الحديث بالبحوث التي قدمتها دراسة الأطر الاجتماعية للمعرفة، وتأسيس هذا المفهوم في بحث الظواهر البلاغية والأدبية ضروري لمتابعة التحولات التي تفرض على الباحث اتخاذ موقف منهجي في التعامل مع المادة التي يدرسها.
ومن هنا فإن بلاغة الخطاب لا تقع في منطقة فلسفة العلوم بل تدور في فلك علوم الاتصال التي تخضع لمنطق استدلالي علمي. وبالتالي فإن المقولات والوحدات والمستويات الداخلة في نظريات البلاغة والسرد تختلف عن تلك التي تستخدم في النحو والدلالة والتحليل التداولي للغات الطبيعية. ولاحظ الباحثون في الغرب أن القدر الأوفر من الدراسات الهامة المتعلقة بالخطاب قد أجري خارج نطاق علم اللغة، خاصة في علوم مثل: الأنثروبولوجيا والاجتماع، بالإضافة للبلاغة الجديدة والشعرية. ونشأ علم هام يسمى ( إثنوجرافيا الكلام ) حيث تدرس الأنماط المختلفة للخطابات المستعملة في الثقافات العديدة مثل: القص واللغز واللعب بالكلمات والسباب وغيرها من أساليب السرد والأسطورة.
وهكذا، فإن نظرية الخطاب اللغوية تقوم بوظيفتها كأساس ملائم لدراسة الوظائف والأبنية المحددة. فعلى سبيل المثال ينبغي أن ترتبط مقولات السرد ووحداته بشكل واضح بمستوى الدلالة الكبرى للخطاب، وبالطريقة نفسها؛ فإن بعض العمليات الأسلوبية الأدبية تتمثل على وجه التحديد في تغيير قواعد الترابط والتماسك وشروطها العامة للنص الأدبي.
الباب الثاني: بلاغة الخطاب
الفصل الأول: الاتجاهات الجديدة ( )
يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن البلاغة الجديدة وأنها وجدت عام 1958م في كتاب ( بيريلمان) ( مقال في البرهان : البلاغة الجديدة). ثم يتحدث عن أنماط واتجاهات من البلاغة من مثل :
1- بلاغة البرهان ذات الطابع العقلي المنطقي وعلاقتها بالخطاب أن الخطاب نتيجة لواقع، ومن خلال مجموعة التقنيات التي تؤدي إلى تفادي إثارة الانفصام بين الشكل والمضمون، وتضمن عدم إمكانيته.
2- البلاغة البنيوية العامة: يتميز بعدد من السمات أهمها:
قطيعته مع التقاليد البلاغية القديمة، وغلبة الطابع اللاتاريخي عليه، وارتباطه بالتجربة الشكلية ، واتخاذ مبادئها وسيلة لإضفاء الطابع العلمي.ويعد علم الدلالة البنيوي من أهم الأساليب التي توصلت إليها البلاغة البنيوية لتعد ثورة على الأشكال البلاغية القديمة من استعارة وكناية ومجاز . . . إلخ.
3- التحليل التداولي للخطاب:
تحدد علاقة البلاغة بالتداولية من خلال تعريف مجال كل منهما ، فالبلاغة تداولية لأنها ممارسة الاتصال بين المتكلم والسامع بحيث يحلان إشكالية علاقتهما. وما يهم بالتحليل التداولي هو الخطاب وفاعله. فالخطاب - تبعا لذلك - نمط من الإنتاج الدال كان يسمى البلاغة من قبل، وهو الآن بما تراه من تحول معرفي أسهمت فيه البحوث السيميولوجية يسمى علم النص.
الفصل الثاني: من القاعدة إلى الظاهرة ( )
يتحدث صلاح فضل عن انتقال البلاغة من المعيارية إلى الوصفية وأن ذلك لا يتتبع النموذج العلمي المعترف به في الدراسات الإنسانية فحسب، وإنما يتبع أيضا نوعا من الضرورة المعرفية التي تتسق مع طبيعة التحول.
الباب الثالث: الأشكال البلاغية
الفصل الأول: بنية الشكل البلاغي ( )
تعمد الإجراءات التي تتخذها بلاغة الخطاب ويتبناها علم النص إلى تجديد المصطلحات المتداولة في التحليل مع الإشارة إلى علاقتها بالمصطلحات السابقة، ويهتم هنا بمفهوم البنية ؛ فالمجاز دال له مدلولان: أحدهما أولي. والثاني، مجازي. والشكل البلاغي يفترض مدلولا يمكن أن يشار إليه بدالين أحدهما حقيقي والآخر تصويري. وعند البلاغيين الجدد أن الاستعارة هي الشكل البلاغي (الأم) الذي تتفرع منه وتقاس عليه بقية الأشكال حتى أطلق بعضهم على هذا الاتجاه البنيوي في التحليل البلاغي للخطاب اسم البلاغة المختصرة؛ لاقتصارها على الاستعارة باعتبارها بؤرة للمجاز.
الفصل الثاني: إعادة رسم الخرائط ( )
يعنى بالخرائط منظومة الأبنية البلاغية الصالحة لتغطية الأبنية النصية، ورصد أشكالها بما يشمل فضاءها الإبداعي ؛ فبلاغة الخطاب التي تنحو إلى تكوين علم النص لا تستطيع الاعتماد على الخرائط القديمة. ومن الأشكال الجديدة التي تدعو إليها البلاغة الجديدة: الصورة، والرمز، والتخييل.
ويقيم صلاح فضل علاقة بين علم الأسلوب والبلاغة الجديدة فهما يتكاملان ويستقل كل منهما بميدانه، فالأسلوبية تركز على المجال التطبيقي المحدد، والبلاغة على الجانب النظري المجرد ، ثم تنحل هذه العلاقة في مستوى أشمل هو علم النص.
الباب الرابع : نحو علم النص
الفصل الأول: النص وعلمه ( )
يعد النص جهازا عبر لغوي يعيد توزيع نظام اللغة بكشف العلاقة بين الكلمات التواصلية مشيرا إلى بيانات مباشرة تربطها بأنماط مختلفة من الأقوال السابقة والمتزامنة معها. وهكذا فإن النص يمثل عملية إنتاجية عن طريق تفكيك اللغة وإعادة بنائها ، ويمثل عملية استبدال من نصوص أخرى، أي تناص.
وهناك سمة أساسية أخرى للنص الأدبي شغلت الباحثين البنيويين ومن يهتم من التفكيكيين بالأدب، وهي علاقة النص بالكتابة، وارتباطهما معا بمصطلح الخطاب، بحيث يعد الخطاب من هذا المنظور حالة وسيطة تقوم ما بين اللغة والكلام. وهذه السمة ذات أهمية خاصة في عمليات الفهم والتأويل؛ أي في عمليات إنتاج النصوص وإعادة إنتاجها مرة أخرى.
الفصل الثاني : علم النص ( )
إن تحول البلاغة الجديدة في الواقع إلى علم النص يرتبط بمدى قدرة البلاغة في الثقافات المختلفة على إبداع نموذج جديد لتكوين الخطاب بكل أنماطه. دون الاقتصار على نوع واحد منه، كما كانت تفعل البلاغة القديمة. فهناك من يعيد قراءة البلاغة ليجعل منها علما وصفيا بحتا، في مقابل اتجاه آخر يعيد قراءتها ليقيم منها علما توليديا يبحث في كيفية الإنتاج الخلاق للنصوص؛ مما يفضي بها عندئذ إلى أن تصب في علم النص.
الفصل الثالث: الأبنية النصية ( )
تتحدد قواعد الوصول للأبنية الكبرى للنصوص ـ كما يشرحها فان ديجك مؤسس علم النص ـ بالقواعد التالية:
1- الحذف 2- الاختيار 3- التعميم 4- التركيب أو البناء.
الباب الخامس: تحليل النص السردي
الفصل الأول: بلاغة السرد ( )
لا يوجد فن أدبي إلا إذا أظهرت الكلمات انحرافا ما عن الطريقة المباشرة غير الحساسة في التعبير عن الفكر وعندما تمثل هذه الانحرافات عالما من العلاقات، يختلف عن العالم العملي، عندئذ يستطيع الشاعر أن يمسك بشذرات من هذا العالم الفطري، فينميها ويحولها إلى أدب نستطيع من خلاله أن نحلل جماليات سرده.
الفصل الثاني: أساليب السرد وأنماطه ( )
تتعدد أنماط المقاربة الأسلوبية للكلمة الروائية ، أو للخطاب الروائي لتتخذ خمسة أشكال هي:
1- تحليل أدوار المؤلف في الرواية 2- وصف ألسني محايد للغة الرواية.
3- تحليل لغة الرواية لإبراز فردية المؤلف 4- الرواية جنس بلاغي يدرس.
5- اختيار العناصر المميزة لاتجاهات الراوي الفنية.
ولهذا، فإن التحليل التقني لأنماط السرد يصبح مدخلا مهما لاستكشاف الأساليب وتوضيح الأنماط السردية.
الفصل الثالث: سيميولوجيا النص السردي ( )
أفضت البحوث في الأبنية السردية إلى تصورات جديدة عن هذه الأبنية وتقنياتها التحليلية، حيث برز الطابع الدلالي الإشاري لها ؛ ولم تعد تقف عند سطح النص وتجري على عينات منه بدلا من تناول النص بأكمله، وذلك على أساس أن بنية السرد مستقلة عن الوسائل اللغوية التي تقدمها.