مقتطفات من الكتاب
مقدمة الترجمة العربية
بقلم الدكتور السيد محمد الحسيني
يكاد يكون من المتفق عليه أن علم الاجتماع السياسي قد ظهر إلى حيز الوجود في اللحظة التي تمت فيها التفرقة بين الواقع السياسي و الواقع الاجتماعي . و لا شك أن الجدل الذي ثار خلال أربعينيات القرن التاسع عشر قد أسهم – بشكل مباشر أو غير مباشر – في ابراز بعض جوانب علم الاجتماع السياسي بمعناه الحديث فخلال هذه الفترة قدم كارل ماركس نقده الشهير لفلسفة القانون عند هيجل و خلالها أيضا تناول شتاين الحركات الاجتماعية في القرن التاسع عشر . و المؤكد أن مصطلح (( المجتمع )) كان – وقتئذ – مصطلحا حديثا جدا قصد به الإشارة إلى العلاقات الاجتماعية المتبادلة . و كنتيجة لذلك مال بعض الكتاب إلى تحليل الظواهر السياسية في ضوء البناء الاجتماعي بحيث أصبح الواقع السياسي تابعا للواقع الاجتماعي .
و بتطور الدراسات الاجتماعية ظهرت مفاهيم و مصطلحات جديدة (( كالبناء الاجتماعي )) و (( النسق الاجتماعي )) و (( الجماعة السياسية )) كما تبلورت مفاهيم للبحث تلائم قدر الامكان دراسة الواقع الاجتماعي – السياسي الجديد . و باستطاعتنا التمييز بين اتجاهين نظريين اساسيين يعبران بصفة عامة عن مسار البحث في علم الاجتماع السياسي . الاتجاه الأول تعبر عنه الدراسات التاريخية المقارنة التي حاولت الكشف عن الخصائص العامة للانساق السياسية – الاجتماعية و التغيرات المختلفة التي تطرأ عليها . أما الاتجاه الثاني فتمثله الدراسات التي تنطلق من الفكر الماركسي المحدث ، تلك الدراسات التي رفضت المقولات الوظيفية التي تبنتها دراسات الاتجاه الأول .
و أيا كانت الفروق الدقيقة بين هذين الاتجاهين فإن الفكر السياسي بوجه عام قد حاول خلال القرن التاسع عشر و النصف الأول من القرن العشرين الكشف عن بناء القوة في البلدان التي شهدت ثورات صناعية و برجوازية . و من اجل ذلك نجده يطرح تساؤلات اساسية تتعلق بطبيعة الحكم و اهدافه . ولا شك أن الماركسية قد قدمت في هذا المجال ادق و اشمل اجابة على هذه التساؤلات . فهي تنطلق من قضية اساسية هي أن علاقات الانتاج تمثل الاساس الضروري لفهم كل الجوانب السياسية في المجتمع .
و لقد احدثت الماركسية رد فعل عنيف في الفكر السياسي خلال القرن التاسع عشر و اوائل القرن العشرين . و بدا ذلك واضحا في ظهور نظريات عديدة تبرر نظم الحكم القائمة و تسعى إلى الدفاع عنها عن طريق التسليم بأن كل مجتمع يشتمل على فئتين اساسيتين : فئة حاكمة قليلة العدد و فئة محكومة كثيرة العدد . و بمقتضى ذلك تتولى الفئة الأولى مقاليد القوة في المجتمع بحيث تصبح صاحبة السلطة النهائية في اصدار القرارات الأساسية في المجتمع بينما تنحصر مهمة الفئة المحكومة في طاعة الفئة الحاكمة و تنفيذ قراراتها . و من الواضح أن الهدف الاساسي لهذه النظريات ( و التي اتفق على تسميتها بنظريات الصفوة ) يتمثل في الدفاع عن وجود صفوة حاكمة تكتسب شرعيتها و احقيتها لانها تمثل في نهاية الأمر نتاجا لطبيعة بناء القوة في أي مجتمع .
بيانات الكتاب
تأليف : بوتو مور
الترجمة : محمد الجوهرى
الناشر : دا المعرفة
عدد الصفحات : 177 صفحة
الحجم : 4 ميجا بايت