‏إظهار الرسائل ذات التسميات هدى شعراوي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات هدى شعراوي. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 17 يونيو 2014

مذكرات هدى شعراوي لــ هدى شعراوي

تتيح لنا هذه المذكرات التعرف على جزء يسير من حياة شخصية متميزة في التاريخ المصري الحديث، عن ظروف نشأتها، عن عائلتها، وعن مجتمع الصفوة الذي انتمت إليه وأثر في مجرى حياتها. بالإضافة إلى ذلك، تضيء لنا مذكرات هدى شعراوي وقائع مهمة للغاية في تاريخ الوطن من تحالفات ومواقف سياسية، فتشاركنا هدى مواقفها ورؤيتها عن فترات فاصلة في حركة التحرر الوطني والصراع ضد الاستعمار الأجنبي، كما تساعدنا على فهم تطور ونمو الحركة النسائية المصرية، وكيف تأثرت وأثرت في الحراك السياسي والمجتمعي الذي شهدته مصر فى النصف الأول من القرن العشرين، وأخيرا كيف تفاعلت تلك الحركة النسائية مع الحركات النسائية العالمية فاستفادت وأفادت. 

مقتطفات من الكتاب



الفصل الأول

عندما أقف أمام ذكريات طفولتي يتبين لي منذ البداية ذلك الفارق الكبير بين حياة الطفل و تربيته في الماضي و بين ما أصبحت عليه أساليب التربية في الوقت الحاضر .
لقد كان الاهتمام منصبا على تغذية الطفل و نموه الجسماني دون أدنى اهتمام أو التفات إلى مشاعره و نمو مداركه و لذلك كان هناك فارق هائل بين النمو الجسماني و النمو العقلي . أما الآن فإن هناك توازنا بين الجانبين لذلك ينشأ الطفل قادرا على الفهم و الاستيعاب في سن مبكرة .
مذكرات هدى شعراوي و كان الأهل يخفون عن الأطفال كل الحوادث و الأحداث المحيطة بهم فإذا مات احد أفراد الأسرة قيل للطفل : إنه قد سافر و إذا أراد أن يسأل عن حقيقة من حقائق الحياة أجابوه بخرافات لا تروي ظمأه لمعرفة الحقيقة أو قيل له : إنه ليس من الأدب أن يتدخل فيما لا يعنيه . و لقد كنت واحدة من هؤلاء الأطفال و كان يعني بنا خدم جهلاء يخفون عنا ما كان يجب أن نعرفه من حقائق و يحيطوننا بسياج من الخرافات التي تؤثر في العقول الساذجة الصغيرة .
و لأنني كنت قليلة الالتصاق بوالدي فإنني لا اذكر من حياتنا العائلية في طفولتي إلا القليل و من ذلك إني كنت اذهب إلى عرفة والدي كل صباح لأقبل يده و كان يصحبني في هذه الرحلة الصباحية أخ لي من أم ثانية اسمه إسماعيل و كنا نجد أبي متربعا على سجادة الصلاة يسبح بمسبحته فنقبل يده و يقبلنا ثم ينهض و يفتح خزانة كتبه و يخرج لكل واحد منا قطعة من الشيكولاته فنأخذها و نخرج متهللين .
ثم جاء ذلك اليوم الذي لا يمكن أن أنساه أبدا ... كنت العب مع شقيقي عمر عندما تناهي إلينا فجأة صراخ عال يملأ أرجاء البيت و ملأ الخوف قلبي و تعلقت أنا و أخي بمربيتنا و في ذلك الوقت أقبلت مرضعتي مهرولة و هي تتشح بالسواد و تصيح قائلة : لقد تحقق خبر الباشا ... فأعطني يا سياج الطفلين لأذهب بهما إلى منزل مسعود باشا ... حتى لا يزعجهما الصراخ و العويل .
إن هذه الجملة لا تزال ترن في أذني حتى اليوم و لا تزال تحدث صداها في أعماقي ... و لا تزال حرارتها في قلبي إلى اليوم ...
كنت في الخامسة من عمري عندما وقع هذا الحدث الجسيم فقد توفى والدي المرحوم محمد سلطان باشا يوم 14 أغسطس 1884 في مدينة جراتس بالنمسا كان قد سافر إلى سويسرا للاستشفاء ثم ذهب إلى جراتس بعد ذلك و كان يعاني من صدمتين عنيفتين أثرتا في حالته الصحية إلى حد بعيد لدرجة أن الأطباء لم يجدوا دواء لدائه إلا أن يسافر بحثا عن العلاج و كانت الصدمة الأولى هي وفاة أخي إسماعيل الذي كان يعقد عليه أبي كل آماله في المستقبل فقد كان ذكيا يبدو اكبر من عمره في كل شيء في الوقت الذي كان فيه شقيقي عمر ضعيف البنية و الأمل في حياته ضئيل جدا ... أما الصدمة الثانية فكانت تلك المأساة التي أودت باستقلال البلاد اثر الحوادث العرابية و ما ظهر من سوء نية الانجليز بعد دخولهم مصر حيث بدا واضحا أنهم لم يفكروا في الجلاء عنها ! ...
و لقد كان بودي أن أتحدث طويلا و تفصيليا عن حياة أبي و أعماله و لكن للأسف عندما فكرت في كتابة مذكراتي كان الكثيرون من الذين عاشوا في هذا التاريخ و عرفوا أبي عن قرب قد فارقوا الحياة و لم يكن أمامي إلا فهمي باشا الذي لازم أبي خلال سنواته الأخيرة .

بيانات الكتاب



الاسم : مذكرات هدى شعراوي
تأليف : هدى شعراوي
الناشر : كبمات للترجمة والنشر
عدد الصفحات :  329 صفحة
الحجم : 1 ميجا بايت

تحميل كتاب مذكرات هدي شعراوي