‏إظهار الرسائل ذات التسميات ترجمات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ترجمات. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 15 ديسمبر 2014

أعظم الكتب على مر العصور، كما انتخبها 125 كاتبا مشهورا (حصري )

أعظم الكتب على مر العصور، كما انتخبها 125 كاتبا مشهورا



بقلم: ماريا بوبوفا

ترجمة : جهان سمرقند . (كاتبة ومترجمة من الجزائر )


لماذا يعتبر تولستوي أفضل من شكسبير بـ 11.6٪

قالت جنيفر إيغان مرة "القراءة هي الغذاء الذي يمكّنك من القيام بأعمال مثيرة للاهتمام. " هذا التقاطع بين القراءة والكتابة هو مهارة حياتية ثنائية الإتجاه ضرورية بالنسبة لنا نحن البشر الفانين وسر نجاح الكتاب المبدعين، كما توحي بذلك مكتباتهم الشخصية. في كتاب: العشر مراكز الأولى:كتاب يختارون كتبهم المفضلة ، طُلب من 125 من أعظم كتاب الحداثة البريطانيين والأمريكيين - بما فيهم نورمان ميلر، آن باتشت، جوناثان فرانزين، كلير ميسود، و جويس كارول أوتس - "تقديم قائمة مصنفة بالترتيب، لما يعتبرونه أعظم عشرة أعمال روائية على مر العصور: روايات، مجموعات قصصية، مسرحيات، أو قصائد ".

من 544 عنوانا منفصلا تم اختياره، يتم تعيين قيمة بنظام التنقيط العكسي لكل عنوان و تقوم هذه القيمة على المرتبة التي يحتلها الكتاب على أي قائمة -، و بالتالي فإن الكتاب الذي يحتل صدارة قائمة ما يتلقى 10 نقاط ، والكتاب الذي يرزح أسفل القائمة، عند المرتبة العاشرة يتلقى نقطة واحدة.

أثناء تقديمه للقوائم، يعرض دافيد أور إختبارا فاصلا للعظمة:

إذا كنت بصدد وضع قائمة عن "أعظم الكتب،" فسترغب في فعل شيئين:أولا من اللطف تجنب أي شخص يعمل على رواية. و ثانيا قرّر ما تعنيه كلمة 'عظيم'. الأمر الأول يسير، ولكن ماذا عن الثاني؟ قائمة قصيرة من التعريفات الممكنة "للعظمة" قد تبدو كهذه 

1 -"عظيم" تعني الكتب التي كانت عظيمة بالنسبة لي أنا 
2 -"عظيم" تعني "الكتب التي يمكن اعتبارها عظيمة من أغلب الناس على مر الزمن" 
3 -"عظيم" لا علاقة للكلمة بك أو بي أو بالناس على الإطلاق،إنما هي تنطوي على مفاهيم متعالية كالإله أو السمو.
4 -"العظمة"؟ أنا أحب توم كلانسي.

من ديفيد فوستر والاس (#1:رسائل سكروتيب كتبها كليف ستيبلز لويس) لستيفن كينغ (# 1: أرجوسي الذهبي ، 1955 مختارات لأفضل القصص القصيرة باللغة الإنجليزية)، تقدم المجموعة لمحة نادرة عن اللَبِنات الأساسية للاندماج الإبداعي للكُتّاب العظماء ، لأنه كما قال أوستن كليون :" أنت عبارة عن مزج لما تبقيه في حياتك. "


و يُختتم الكتاب بملحق من "ألعاب الأدب العددية " ملّخصا بعض الأنماط و واضعا عدة تصنيفات عامة بناءً على مجمل اختيارات مختلف المؤلفين، من بينهم :

أفضل عشر أعمال للقرن العشرين:

1- "لوليتا" لفلاديمير نابوكوف

2- "غاتسبي العظيم" لفرانسيس سكوت فيتزجيرالد

3- "البحث عن الزمن المفقود" لمارسيل بروست

4-"عوليس" لجيمس جويس

5- "اهالي دبلن" لجيمس جويس

6- "مائة عام من العزلة" لجابرييل غارسيا ماركيز

7- "الصخب و العنف" لويليام فوكنر

8- "إلى المنارة" لفرجينيا وولف

9- "القصص الكاملة" لفلانيري أوكونور

10- "النار الباهتة" لفلاديمير نابوكوف

أفضل عشرة أعمال للقرن التاسع عشر

1- "آنا كارنينا" لليو تولستوي

2- "مدام بوفاري" لغوستاف فلوبير

3- "الحرب و السلام" لليوي تولستوي

4- "مغامرات هكلبيري فين" لمارك توين

5- قصص أنطون تشيخوف

6- "مِدل مارش" لجورج إليوت

7- "موبي ديك" لهيرمان ميلفيل

8- "آمال كبرى" لتشارلز ديكنز

9. "الجريمة و العقاب" لفيودور دوستويفسكي

10- "إيما" لجاين اوستن

أفضل عشرة كتاب من حيث عدد الكتب المختارة

1- ويليام شيكسبير __ 11 كتاب

2- ويليام فوكنر__ 6 كتب

3- هنري جايمس__ 6 كتب

4- جاين اوستن __5 كتب

5- شارلز ديكنز __ 5 كتب

6- فيودور دوستويفسكي __5

7- ارنست هيمنغواي__5

8- فرانز كافكا __5

9- تعادل بين جيمس جويس، توماس مان، فلاديمير نابوكوف، مارك توين، فرجينيا وولف __4

أفضل عشرة كتاب من حيث النقاط المكتسبة

1- ليو تولستوي __ 327 نقطة

2- وليام شكسبير __ 293 نقطة

3- جايمس جويس __ 194 نقطة

4- فلاديمير نابوكوف __190 نقطة

5- فيودور دوستويفسكي __177 نقطة

6- ويليام فوكنر __ 173 نقطة

7- تشارلز ديكنز __ 168 نقطة

8- انطون تشيخوف __ 165 نقطة

9- غوستاف فلوبير __ 163

10- جاين اوستن __ 161 نقطة

و بصفتي أحد المؤيدين للكتابة الموضوعية ، فإنني أرغب في مقتطفات مماثلة لأفضل الكتابات أيضا، و بإمكان أشهر الكتاب أن يوضحوا لي العلاقة المعقدة بين الحقيقة و الخيال.



رابط المقال الأصلي:

السبت، 20 سبتمبر 2014

اقتباسات من رائعة الأبله- دوستويفسكي


اقتباسات من رائعة الأبله- دوستويفسكي
---------------------------------------------
مقال لمدونة العدمي المستنير .

اقتباسات من رائعة الأبله- دوستويفسكي 
الجزء الأول








" - مِنْ حُسنِ الحظ، على الأقل، أنَّ الإنسانَ لا يتألمُ مدةً طويلةً حينَ يُقْطَعُ رأسه.
-هذهِ الملاحظة التي ذكرتها أنتَ الآن تَخطرُ ببالِ كلَّ إنسان. ولتحقيقِ هذهِ الغاية إنما اخترعوا تلكَ الآلة، أعني المِقْصَلة. أما أنا فقد خطرتْ في ببالي في ذلكَ اليوم فكرةٌ أخرى إذْ تساءلتُ: " تُرى ألا يمكن أن يكونَ هذا أسوأ؟". ... فكِّرْ في الأمر: لننظرْ في التعذيبِ مثلاً. إنَّ الآلامَ والجروحَ والوجعَ الجسمي، إنَّ هذا كلَّهُ يشغلُ النفسَ عنْ عذابها وينسيها ما قد تُكابدهُ منْ هول، فلا يتألمُ المرءُ عندئذٍ إلا مِنَ الجروحِ إلى أنْ يموتَ منها. والألمُ الرئيسي، والألمُ الذي هوَ أشدُ الآلامِ قوةً قد لا يكونُ ألمَ الجروح، بل الألمُ الذي ينشأُ عنْ يقينِ المرءِ منْ أنهُ بعدَ ساعةٍ ثمَ بعدَ عشرِ دقائقَ ثمَ بعدَ نصفِ دقيقة، ثمَ الآنَ فورًا، ستتركُ روحهُ جسدها، وأنهُ لنْ يكونَ بعدَ تلكَ اللحظةِ إنسانًا، وأنَّ هذا أكيد، أنّهُ أكيدٌ خاصَة. فحينَ يَضعُ المرءُ رأسهُ تحتَ المِقصَلةِ البَتَّارَة، وحينَ يسمعُ انزلاقها فوقه، في ربعِ الثانيةِ ذاك، إنَما يشعرُ المرءُ بالخوفِ الأكبر. هل تعلمُ أنَّ هذا الذي أقولهُ ليسَ مستمدًا مِنَ الخيالِ فحسب؟ لقد ذكرهُ كثيرون. وإني لأبلغُ من قوةِ الاقتناعِ بهِ أنّني سأقولُ ُلكَ رأيي في هذا الأمرِ صريحًا كلَّ الصراحة. أنا أرى أنَّ قتلَ إنسانٍ بسببِ ارتكابهِ جريمةََ قتلٍ هو قصاصٌ لا تناسبَ بينهُ وبينَ الجريمةِ نفسها. إنَّ قتلَ قاتلٍ أفظعُ كثيرًا منْ جريمةِ القتلِ التي ارتكبها ذلكَ القاتل. إنَّ الإنسانَ الذي يقتلهُ القتلة، إذْ يذبحونهُ ليلاً في غابةٍ أو غيرها، يظلُّ إلى آخرِ لحظةٍ يأملُ أنْ ينجو. يروى عنْ مقتلوينَ أنهم ظلّوا، بعدَ حزِّ رقابهم، يأملونَ ويحاولونَ الفرارَ ويتضرعونَ سائلينَ الشَّفقةََ عليهم والرأفةََ بهم. أما في الإعدام فأن الأملَ الأخير، الأملَ الذي يجعلُ احتمالَ الموتِ أسهل َعشرَ مراتٍ يُنتزعُ منكَ "حتمًا". إنَّ صدورَ الحُكمِ واستحالةُ الإفلاتِ منهُ هما اللذانِ يجعلانِ العذابَ رهيبًا فظيعًا. صَدقني: ليسَ في الدنيا عذابٌ أشدُ هولاً من هذا العذاب. لو أخذتَ جنديًا فوضعتهُ في قلبِ المعركة أمامَ فوهةِ المدفع، ثم أطلقتَ عليهِ النار، لظلَّ يحتفظُ بالأملِ إلى آخرِ لحظة. أما إذا قرأتَ لهذا الجندي نفسهُ قرارًا يحكمُ عليهِ بموتٍ "مؤكد"، فإنَ هذا الجنديّ سيفقدُ عندئذٍ عقله، أو سيجهشُ باكيًا. مَنْ ذا الذي قررَ أنَ الطبيعة الإنسانية تستطيعُ أنْ تحتملَ تعذيبًا كهذا التعذيبِ دونَ أنْ تهوي إلى الجنون؟ فيمَ إيقاعُ أذىً يبلغُ هذا المبلغ مِنَ السوء والعقم؟ ربما كان يوجدُ في هذا العالمِ إنسانٌ حُكمَ عليهِ بالموت، وشُرِغَ في تعذيبهِ ذلك التعذيب، ثم قيلَ لهُ أخيرًا: "امضِ فقد صَدْرَ عفوٍ عنك". إنَّ في وسعِ هذا الإنسان أنْ يحكي لكم وأنْ يَقُصَ عليكم".


" يُخيَّلُ إليَّ أنَّ الإنسان، حينَ يداهمهُ هلاكٌ لا سبيلَ إلى تحاشيه، كانهيارِ منزلٍ فوقه مثلاً، إنما يشعرُ عندئذٍ برغبةٍ لا تقاومُ في أن يقعدَ مغمضًا عينيه، وليحدث ما يحدث! "


" إنَّ المرء لتبرأُ نفسهُ وتشفى حينَ يعيشُ مع الأطفال! "


" إنَّ أكبرَ إهانةٍ يمكنُ أن تُلحقها بإنسانٍ في عصرنا ومِنْ جنسنا هي أنْ تعنتهُ بأنهُ محرومٌ مِنَ الأصالةِ والإرادةِ والمواهبِ الخاصة، وأن تقولَ عنهُ: إنّهُ رجلٌ عادي" 


" إنَّ جوهرَ العاطفة الدينية مستقلٌ عنْ جميعِ البراهين، وجميعِ الأفعالِ السيّئة وجميعِ الجرائمِ وجميعِ مذاهبِ الإلحاد. إنَّ في هذهِ العاطفة شيئًا لا يمكنُ أنْ تنالهُ أدلّةُ الملحدين في يومٍ مِنَ الأيام. وسيظلُّ الأمرُ على هذا النحوِ أبدَ الدّّهْر"


" لماذا تخلقُ الطبيعةُ أفضلَ الناسِ لتسخرَ منهم بعدَ ذلك؟ هذا ما تعمدُ إليهِ الطبيعة: حينَ أظهرتِ البشرَ على الإنسانِ الوحيد الذي عُدَّ الإنسانَ الكاملَ في هذا العالَم، عهِدتْ إليهِ برسالةِ أنْ ينطقَ بأقوالٍ كانتْ سببًا في سفحِ دماءٍ بلغتْ مِنَ الغزارةِ أنها لو سُفحتْ مرّةً واحدةً لخنقتِ الإنسانية! إنها لسعادةٌ أنْ أموت! ذلكَ أنّني إذا لم أمتْ فقد يُطلقُ لساني كذبةً رهيبةً بدافعٍ مِنَ الطبيعة!... أنا لم أُفسدْ أحدًا.. لقد أردتُ أنْ أحيا لسعادةِ الناسِ جميعًا... أردتُ أنْ أحيا لاكتشافِ الحقيقةِ ونشرها... فماذا كانتِ النتيجة؟ لا شيء! كانتِ النتيجةُ أنكم تحتقرونني. هذا دليلٌ على أنّني غبيٌّ أحمق، على أنّني امرؤٌ لاخيرَ فيهِ ولا فائدةَ منه، وعلى أنّني قد آنَ لي أنْ أزول! وحينَ أزول، فلن أُخلفَ ورائي أيّة ذكرى: لن أتركَ أيَّ صدى، لن أتركَ أيََ أثر، لن أتركَ أيَّ عمل! لم أنشرْ أيَّ رأي، لم أُذِعْ أيّة قناعة! لا تضحكوا من غبيٍّ أحمق! انسَوه! انسَوا كلَّ شيء! أرجوكم أنْ تنسَوا! لاتكونوا قساةً!" 



من الأبله -الجزء الأول- ترجمة سامي الدروبي

الخميس، 11 سبتمبر 2014

أيوا 3 ـ تانج سيو وا / ترجمة احمد الشافعي

أيوا 3 ـ تانج سيو وا



تانج سيو وا، شاعرة من هونج كونج. لها كتابان شعريان هما "زجاجة ثابتة" و"عكس الأصوات" وكتابان نثريان هما "تشكيلة من التوافه" و"كأن شيئا لا يحدث" وكتاب حواري هو "سؤال الناس عن العناوين". تدرِّس الكتابة الإبداعية في بيت هونج كونج للأدب وهي محررة مؤسسة لمجلة Fleurs des lettres  الأدبية.
***
احتمال المنزل
للمدينة لغز تواجه به التائهين.
حينما تأفل الشمس
وينطلق الآخرون في الشوارع
تاركين البيوت،
أبدأ دائما في الصعود،
في التسلل للغرف الخاوية

لا فرق بينها
كلَّ مرة غريبة عليّ
وكلَّ مرة غريبة عليها.
كلها تحمل لمسات غيري
كلها ذات جدران لينة وشفافة
كأنها شرايين ورق الشجر
كلها ذات أرائك تحملني
مثلما الجليد على البحيرة

بعض مراحيض الحمامات يلمع
مثل خدود الجميلات
وبعض الستائر نصف مفتوح إلى الأبد
شفاها تهمهم
وثمة في كل غرفة صورُ للراحلين
كأنما الزمن يتكلم أثناء نومه
وعلى الوسائد شعر العاشقين ـ فأقف كأن لم أره

ورق الشاي في الخزانة متكور كالدود
قلامات الأظافر دائما في السجاجيد
كأنها مزروعة هناك
يرن الهاتف ـ لا ألتفت
أنقر على لوحة المفاتيح كأنها كونترباص

أزيل الغبار عن غطاء كل مصباح
أمنح كل واحد اسما
أكلمها عن الطقس في المدينة
وكل شيء سيرتد في النهاية كما لو لم أمسسه
ستنطفئ المصابيح جميعا فور أن أرحل
بعدما دنت بي خطوط الضوء البسيطة في البيت
إلى مزيد من الفهم

الموسيقى التي أضعها في المسجل
ترتد إلى صمت
الشوكولاتة التي أكلتها ليست بالشيء الكثير
رسائل الآخرين التي فتحتها ثم أغلقتها من جديد
حملي فواتير قديمة لكي أمزقها
لا شيء ذا بال

كل شيء لمسته يصيبه السكون
كل شيء مررت به يدنو إلى النقاء
أتكئ برأسي على قلق الأشياء المجهول
فيخترقني،
يصل بي إلى النهاية.

هكذا فقط يعدِلُ الليل عن سكونه
وأنا أنظر من شباك شخص آخر
فأرى الليل يسري كنهر، أو أغنية
أنزل ببطء إلى الأرض
وأسلك طريق العودة.

بهذه الجولة الليلية وحدها
بهذا الصعود وحده
أحتمل بيتي.

يقف في الفجر الرمادي
باردا، ينتظر رجوعي ونومي
لا يحدث مطلقا أن نتكلم
أعيننا لامعة بالصمت.
والليل يغدو أحدَّ.
***
كان يمكن إذن أن يكتفي كل أبطال الحواديت أولئك بالغرف التسع والثلاثين، أو الغرف الست. كان يمكن أن يمتثلوا لنصيحة مالك القصر فلا يدخلون الغرفة الأربعين أو الغرفة السابعة. كان يمكن أن يجنِّبوا أنفسهم عناء المغامرة وأخطارها، ويتجولوا في الغرف العادية. أليست غرفا عادية تماما التي جاءت منها هذه القصيدة؟ أليس كل ما فيها صور بعض الموتى ولوحات مفاتيح كمبيوترات عادية؟ أليست بطريقة أو بأخرى، وشأن كل الغرف، طرقا إلى مراحيض أو شرفات؟ لكن مع ذلك، يمكن لذات ما أن ترحل إليها، أعني أن تشد الرحال، أن تنتظر الشمس إلى أن تأفل، ثم تولِّي وجهها شطر بيت جديد، فتتعلم فيه حب أشياء هي على الأرجح مهملة في غرفتها.
***
بالليل أيضا، كانت رحلة النبي محمد الشهيرة. وأيضا كان في رحلته صعود، لكنه في حالته إلى السماء. أكاد أتخيله وهو يقول إنه ما قام برحلته تلك إلا لاحتمال البيت أيضا. نعرف أنه كان قد فقد زوجته/أمه، وعمه/أباه في عام واحد، أن يتمه القديم تجدد، وأنه لم يجد في مدينته الصغيرة إلا قليلا من الآذان المنصتة للصوت الذي سمعه وحده قادما من السماء. كانت الرحلة الليلية إجازة قصيرة له، شحنا روحيا، عاد منها أقدر على تقبل كل ما يمكن أن يصادفه نبي على الأرض، عاد وقد علم أن كل المشقات الأرضية أرضية فقط، عاد وقد رأى ما هو بعد.
آخرون صعدوا، بل كثيرون صعدوا في حقيقة الأمر، منهم شياطين حاولت التلصص على أخبار السماء، وأبطال أرادوا أن يسرقوا النار، وشعراء رأوا العالم الآخر، وتلك النادلة الفرنسية الجميلة التي كم صعدت من بنايات، وتسللت إلى غرف، تحاول أن تنثر أسبابا للسعادة في بيوت جيرانها. أتكلم عن آيميلي في الفيلم الفرنسي الشهير.
الصعود هنا لا يرمي إلى إسعاد الآخرين كما في الفيلم الفرنسي، ولا يرمي إلى سرقة النار لخدمة الإنسانية من بعد، ولا هو صعود للاستراحة من مشقة الرسالة والنزول بتكليفات جديدة. الصعود هنا لشخص واحد، كل ما يريده هو أن ينزل لاحقا وهو أقدر على احتمال البيت.
نعرف جميعا أن عين العابر أحدّ، عين الغريب، أو حتى المغترب، نعرف أنها أقدر على التقاط التفاصيل الرهيفة، والاندهاش مما لا يندهش منه المقيم بل ما لا يتوقف عنده، ولكن حدة العين هذه تصل إلى حد القدرة على النفاذ، إلى حد أن تشف الجدران نفسها. فلعل حدة الإبصار هذه ليست أكثر من تعويض عن العمى المنزلي العادي الذي يعجزنا عن رؤية الدهشة القريبة، أو الجمال الذي في متناول الأيدي. لعلنا جميعا، إذن، بحاجة إلى هذا الصعود، إلى وقت نقضيه بالأعلى، فنحتمل ما هو هنا على الأرض. لعلنا بحاجة إلى التلصص على الآخرين لنعرف المزيد عن أنفسنا. لعلنا بحاجة إلى تأمل مصابيح غرف الآخرين، عسى أن تبدد لنا مصابيح غرفنا ما هو أكثر من الظلام.

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

بلاد عجائب الكتب / محمد الضبع


سيلڤيا ويتمان
ترجمة: محمد الضبع


“سيلڤيا ويتمان: ابنة جورج ويتمان مؤسس متجر شكسبير آند كومباني لبيع الكتب والمالكة الحالية له بعد وفاة والدها، والتي تقوم بإدارته وتنظيم الأمسيات وورش الكتابة كل أسبوع داخل المتجر، والتي قمت بالحديث معها شخصيًا خلال زيارتي هذا الصيف للمكتبة الباريسية.”
كل الشخوص في متجر الكتب هذا خيالية، لذلك فضلًا، اترك ذاتك اليومية خارج الباب عندما تدخل هذا المكان الذي يسميه هنري ميلر: بلاد عجائب الكتب.
تاريخ مختصر لمتجر كتب باريسي:
إنه متاهة ملتوية، قابلة للتسلّق، مصنوعة من الكتب، إنه مجتمع أدبي، سقيفة لجميع كتّاب العالم وملاذ لمحبي الكتب.
بدأ والدي جورج متجره بسبب الكتب، بسبب القرّاء والكتّاب. خلال الستين عامًا الأخيرة مر العديد من الكتّاب المميزين من هذه الأبواب، ومن ضمنهم كتّاب مثل أناييس نن، هنري ميلر، راي برادبيري، لورنس فيرلنغيتي، وجيمس بالدوين. عندما سألت جورج هل قام بكتابة أي عمل خاص به، أخبرني عن بعض قصص الحب وثم عن هذا المتجر: “لقد خلقت متجر الكتب هذا كما يخلق الرجل روايته، صنعت كل غرفة فيه وكأنها فصل، أريد للزوّار أن يفتحوا بابه بالطريقة ذاتها التي يفتحون بها أي كتاب، الكتاب الذي سيوصلهم إلى عالم سحري داخل خيالهم.”
في عام 1945 وبعد أن انتهت الحرب، سافر جورج إلى أوروبا واستقر في باريس. ليقابل هناك تلميذًا شابًا في السوربورن يدعى لورنس فيرلنغيتي، والذي يعتبر أحد أكبر شعراء أمريكا في القرن الأخير.
يتذكر فيرلنغيتي،: “لقد تعرفت على جورج ويتمان قبل أن يملك هذا المتجر، عندما كنت في جامعة كولومبيا، كنت أرى أخته ماري، والتي كانت تدرس في قسم الفلسفة، جلست معها ذات مرة وأتذكر إخبارها لي عن أخيها جورج الذي وصل أخيرًا إلى باريس بعد رحلاته في الشرق وأمريكا الجنوبية. تخيلت أن يكون هذا الرحّالة الحالم شبيهًا بوالت ويتمان صعب المراس. ذهبت لزيارته في إحدى المرات بعد أن أخذت عنوانه من ماري، فاكتشفت أنه مهووس بالكتب. وجدته في ركن مهمل في فندق وحوله الكتب تحيط به وتتصاعد حتى السقف من جميع الجهات. لقد كان يبيع الكتب من غرفته في الفندق لطالب أمريكي. لقد كان أسيرًا لهوسه باقتناء الكتب وبيعها.
وفي عام 1951 جعل جورج كتبه متاحة للجميع، بوضعه لمتجره في مبنى يرجع للقرن السادس عشر وكان في الأساس مكانًا للعبادة. أعجبت جورج الفكرة وبدأ بالتظاهر بأنه آخر الرهبان الناجين، قائلًا: “في العصور الوسطى كان لكل دير راهب وعليه أن يشعل المصابيح عند حلول الظلام. أنا هذا الراهب هنا. إنه الدور المتواضع الذي ألعبه.”
رغم بداية الحرب الباردة، إلا أن جورج كان يخبر الجميع بفخر عن حمله للبطاقة الشيوعية في أمريكا وفرنسا وكان يشير إلى متجره بقوله: “إنه يوتوبيا إشتراكية متنكّرة على هيئة متجر كتب.” حتى لو جاء إليه شخص للمرة الأولى ليشتري كتابًا، بإمكانه أن يثق به. سأل جورج ذات مرة زبونًا جديدًا: “هل بإمكانك الجلوس هنا على المكتب حتى أعود؟ سأذهب لعدة دقائق وأرجع. هذا صندوق النقود.” الرجل لم يكن يعرف جورج. وجورج لم يكن يعرفه. ولكن الرجل أجابه: “بالتأكيد.” وجلس، وبدأ الناس بالتوافد إليه بجميع أنواع الأسئلة. “هل لديك كتب أودن الشعرية؟” “هل تكفي عشرون فرانك لهذا الكتاب؟” ولم يعد جورج إلا بعد أسبوع.
أناييس نن كانت من أشهر الشخصيات الصديقة للمتجر. كتبت في يومياتها سنة 1954 عن جورج وعن المتجر: “وهناك قرب نهر السين كان متجر كتب، ليس كبقية المتاجر، ولكنه يشبه بعضًا منها. يبدو كمنزل أوتريللو، أسسه ليست راسخةً تمامًا، نوافذه صغيرة، ومصاريعه مجعّدة. وهناك كان جورج ويتمان النحيل ذو اللحية، القديس بين كتبه، يعيرها للزوار، يؤوي أصدقاءه المفلسين في الطابق العلوي، ليس متلهفًا للبيع، يجلس في آخر المتجر، في غرفة صغيرة مزدحمة، على طاولة وبجانب موقد غاز صغير. كل من جاؤوا لأجل الكتب، مكثوا للحديث، بينما يحاول جورج كتابة الرسائل، وفتح البريد، وترتيب الكتب. درج صغير بشكل لا يصدق، دائري ملتف، يؤدي إلى غرفة نومه، أو إلى غرفة النوم الاشتراكية، حيث كان ينتظر هنري ميلر وزوارًا آخرين كي يمكثوا فيها.
كان الأحد هو يوم جورج المفضل. في الصباح، يستيقظ ويصنع البانكيك لضيوفه. كان أبي رجلًا لا ينسى. مازلت أتذكر عندما كنت طفلة كيف كنت أتبعه في الصباح الباكر حتى نصل إلى المتجر، ليخرج مفاتيحه الضخمة ويغني للزوار كي يستيقظوا من نومهم، “استيقظوا وأشرقوا، الأجراس تدق …” كنا نسير عبر الأجساد النائمة التي تغطي تقريبًا كل بقعة في المتجر، وأحيانًا كان يتوقف ليصرخ في وجه أحدهم، “ماذا بك، هل أنت مخبول؟” ثم يلتفت ويغمز لي. وعندما نمر بقسم كتب الأطفال، كان يشير في كل الاتجاهات ليريني جمال المكان: “أترين، هنالك سبب جعلني أضع هذه المرآة هنا.” وكان على الستائر أن تكون مائلة نحو الجانبين وليس في المنتصف، كي تبدو وكأنها ستائر خشبة مسرح. “الكتب عمل الخيال، أليس كذلك؟ لذلك على متجر الكتب أن يعكس الخيال.”
لقد ولدت في فندق في الشارع المقابل للمتجر، وهناك عشت طفولتي. ثم عدت سنة 2002 لأعرف أبي أكثر ولأقضي معه الوقت في مملكة الكتب هذه. كنت قد بلغت الثانية والعشرين وكان يحاول أن يعلمني في تلك الفترة كل ما أحتاج معرفته عن بيع الكتب وعن طريقته المميزة في إدارة المتجر. وبعد الكثير من الجدال والضحك الذي خضناه معًا والنقاشات الحادة التي خضناها بسبب أفكاري الحديثة للمتجر (بقي المتجر دون هاتف حتى سنة 2003)، جعلني جورج أتولّى مسؤولية إدارة المتجر وترك العمل ليرتاح في شقته. وكتب على إحدى نوافذ المتجر من الخارج: “لكل دير راهب يشعل المصابيح عند حلول الليل. لقد كنت هذا الراهب طوال الخمسين سنة الفائتة. الآن حان دور ابنتي لتقوم بهذا الدور.”
ظهر المتجر في عدد من الأفلام منها فيلم “Midnight in Paris” وأيضًا فيلم “Julie & Julia” و”Before Sunset”.
شكرًا لكل من زار وساند المتجر طوال هذه السنوات. رواية جورج، مازالت تُكتب، ونحن ممتنون لكم جميعًا لاستمراركم بقراءتها.

الأحد، 24 أغسطس 2014

تشارلز بوكوفيسكي: حتى أصل الى طريقة سخية للموت


ماريا بوبوفا
ترجمة: ميادة خليل




رسالة امتنان من بوكوفسكي الى الرجل الذي ساعده على الهرب من الوظيفة التي مصّت روحه ليصبح كاتب بدوام كامل.

"كي لا تضيع حياة أحدهم بالكامل، تبدو إنجازًا يستحق، إذا كانت من أجلي."

"ما لم تأتِ من تلقاء نفسها، من قلبك وعقلك وفمك وأمعاءك" يكتب تشارلز بوكوفسكي في قصيدته الشهيرة (ما الذي يجعلك كاتباً): "لا تفعلها". 

لكن بوكوفسكي نفسه كان مذنبًا متأخرًا في رحلته لإيجاد هدف واحد، وحتى امتلكه ــ دافع الأبداع لا يمكن كبته ــ تطلّب ذلك منه عقودًا قبل أن يلتحم بموهبة. مثل العديد من الكتّاب المشهورين الذين يعملون بوظائف يومية عادية، بوكوفسكي عمل في مجموعة مختلفة من مهن ذوي الياقات الزرقاء قبل أن يصبح كاتبًا بدوام كامل ويتفرغ الى روتين الكتابة الشهير. 

في منتصف الثلاثينات من عمره شغل وظيفة ساعي بريد (تعبئة الرسائل) في الخدمة البريدية في الولايات المتحدة، لكن على الرغم من حماسه فيما بعد في القول بأن لا يوم عمل أو حد عملي يمكنه الوقوف في طريق الإبداع الحقيقي، وجد نفسه مختنقًا من العمل كتابع. 

في أواخر الأربعينات من عمره، ظل يعمل كعامل بريد، ويكتب مقالًا لصحيفة قطار الأنفاق "اوبن سيتي" في لوس أنجلوس في أوقات فراغه، وتعاون لفترة قصيرة جداً مع شاعر آخر في تحرير مجلة أدبية.

في 1969، سنة قبل عيد ميلاد بوكوفيسكي الخمسين، لفت انتباه جون مارتن صاحب دار نشر بلاك سبارو، الذي عرض على بوكوفيسكي راتباً شهرياً قدره 100 دولار ليترك عمله ويكرس نفسه تماماً للكتابة. (كانت على أية حال فكرة رواية ــ ملك بولندا قام أساساً بالشيء نفسه حسبما ذكر الفلكي العظيم يوهانس هيفليوس قبل خمسة قرون). وافق بوكوفسكي على العرض بكل سرور. بعد أقل من عامين، أصدرت بلاك سبارو روايته الأولى بعنوان مناسب "مكتب البريد".

لكن تقديرنا لهؤلاء الأبطال الأوائل غالباً ما يضيء باشتعال بطيء. بعد سبعة عشر عاماً، في أغسطس 1986، أرسل بوكوفيسكي لعرابه الأول رسالة امتنان متأخرة لكنها جميلة. موجودة في كتاب (الوصول الى الشمس: رسائل مختارة 1978-1994) إصدار المكتبة العامة. الرسالة الرسمية تُظهر مزاج بوكوفسكي: مزيج من هرج وانفعال، خطأ سياسي وحساسية عميقة، سخرية وجدية الوعي الذاتي. 

12 أغسطس 1986،

مرحبا جون، 

شكراً على الرسالة الجميلة. أعتقد أنه ليس من الخطأ أن تتذكر أحياناً من أين أتيت. أنت تعرف المكان الذي أتيت أنا منه. حتى الناس الذين يحاولون الكتابة عن ذلك أو صناعة فيلم عنه، لا يصيبون الحقيقة. يسمونه 9 الى 5. لم يكن 9 الى 5. لم يكن هناك استراحة للغداء في تلك الأماكن، في الحقيقة، في كثير من الأحيان لا تتناول الغداء حتى تحافظ على وظيفتك. ثم هناك عمل إضافي وكتب تبّين حق العمل الإضافي وإذا كنت تشكو، فهناك مغفل آخر سوف يأخذ مكانك. 

أنت تعرف مقولتي القديمة: "الرِق لم يُلغ، لكنه اتسع ليضم جميع الألوان."

وما يؤلم هو التناقض الإنساني المستمر للذين يقاتلون من أجل الحفاظ على وظائفهم ولا يريدون ذلك، لكنه الخوف من بديل أسوأ. الناس يتم تفريغهم ببساطة. هم أجساد مع خوف وعقول مذعنة. اللون ترك العين. الصوت أصبح قبيحاً، والجسد، الشعر، الأظافر، الأحذية، كل شيء ينتهي. 

عندما كنت شاباً لم أستطع تصديق أن الناس قد يخسرون حياتهم نتيجة تلك الظروف، وكرجل عجوز، لازلت لا أستطيع تصديق ذلك. ما يفعلونه يفعلونه لأجل ماذا؟ الجنس؟ التلفزيون؟ سيارة على دفعات شهرية؟ أم من أجل الأطفال؟ الأطفال الذين سيفعلون الأشياء نفسها التي فعلوها هم. 

في فترة مبكرة. عندما كنت شاباً جداً وأتنقل من وظيفة الى أخرى، كنت أحمق بما يكفي لأقول مع زملائي في العمل أحياناً: “هَيه، أنتم، الرئيس يمكن أن يأتي الى هنا بأية لحظة ويفصلنا جميعاً، تماماً هكذا. ألا تدركون ذلك؟ "
كانوا ينظرون لي فقط. كنت أتظاهر بشيء لا يريدون إدخاله في عقولهم.

الآن في الصناعة، هناك عمليات إقالة واسعة (مصانع الصلب الميت، تغييرات تقنية في عوامل أخرى من مكان العمل) يفصلون مئات اللآلاف من العمل ووجوههم في حالة ذهول:

- "عملت لــ 35 عاماً..."
- "ليس من الحق أن ..."
- "أنا لا أعرف ما يجب القيام به..."

لا يدفعون راتبا كافيا للعبيد على الأطلاق ولهذا يمكنهم الحصول عليهم مجاناً، يدفعون لهم فقط ما يكفي ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة والعودة الى العمل. كنت أرى كل هذا. لماذا لا يمكنهم ذلك؟ أتخيل مقعد الحديقة، كان جيداً أو كان جيداً لزير حانات مثلي. لماذا أصل الى هناك أولاً قبل أن يضعوني هناك؟ لماذا الانتظار؟

كتبت اشمئزازا من كل ذلك، كانت الكتابة مصدر ارتياح للخروج المقرف من نظامي. والآن أنا هنا، ما يسمى بكاتب محترف، بعد ضياع الخمسين سنة الأولى، وجدت أن هناك أشمئزاز آخر خارج النظام.

أتذكر ذات مرة، العمل كعتال في شركة التجهيزات المضاءة تلك، واحداً من العتالين قال فجأة: "لن أكون حراً أبداً!" أحد الرؤساء كان يمشي بالقرب منا (كان اسمه موري) ترك هذه الثرثرة اللذيذة من الضحك مستمتعاً بحقيقة أن هذا الزميل كان محاصراً بالحياة.

لذلك، كان لي الحظ أخيراً في الخروج من تلك الأماكن، لا يهم كم استغرقت من الوقت، لكنه أعطاني نوعا من الفرح، فرحا وبهجة المعجزة. أكتب الآن من عقل عجوز، وجسم عجوز، منذ زمن بعيد خارج الزمن عندما كان معظم الرجال لا يفكرون على الأطلاق باستمرار شيء مثل هذا، لكن منذ أن بدأت متأخراً وأنا مدين لنفسي بالاستمرار، وعندما تبدأ الكلمات بالتعثر يجب عليّ مساعدتها على صعود الدرج ولا يمكنني قص طائر أزرق من مشبك الورق، ما زلت أشعر أن هناك شيء في داخلي سوف يتذكر (بغض النظر عن المسافة التي سأقطعها) كيف وصلت من خلال القتل والفوضى والكدح، حتى، على الأقل، أصل الى طريقة سخية للموت.

كي لا تضيع حياة أحدهم بالكامل تبدو إنجاز يستحق، إذا كانت من أجلي.

ولدك،
هانك*


المصدر: Brain Pickings - See more at: http://www.araa.com/article/98422#sthash.mbliLIbI.dpuf

الأربعاء، 20 أغسطس 2014

يوميات ادم وحواء (عليهما السلام) مارك توين .

لو كان أبوانا آدم وحوَّاء قد دوَّنا يومياتهما المبكِّرة، ماذا عساهما كانا لِيَكْتُبا؟! قرَّر «مارك توين» أن يقوم بالمهمة عنهما، فقدَّم لنا بِلُغَتِهِ الرَّاقية وأسلوبه الساخر صورةً عن حياة الرجل الأول والمرأة الأولى. حمّل كتابه الآن مجانًا على: 




الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

رسالة طالبة في المرحلة الثانوية إلى جورج أورويل

ديڤي آرتشاريا
ترجمة: محمد الضبع
تقوم مكتبة الكونغرس بدعوة النشء الذين تراوح أعمارهم بين التاسعة والثامنة عشرة للمشاركة في كتابة رسائل موجهة إلى كبار الكتّاب والروائيين، موتى كانوا أم أحياء.
وقد ذهبت جائزة هذا العام إلى ديڤي آتشاريا، وكانت تخاطب في رسالتها الروائي الإنجليزي الشهير جورج أورويل قائلة: “لماذا قمت بنشر كتبك تحت تصنيف روايات الخيال؟ كيف للخيال الذي تتحدث عنه أن يكون الواقع الذي يحدث خارج بيتي كل يوم!”.
هذه رسالة ديڤي إلى جورج أورويل:
"كنتَ على حق، كنتَ على حق، كنتَ على حق، أنا آسفة لأنني لم أتوصّل لهذا الفهم من قبل، أشعر بأنني حمقاء وأنا أكتب إليك، لماذا قمت بنشر كتبك تحت تصنيف روايات الخيال؟، كيف للخيال الذي تتحدث عنه أن يكون الواقع الذي يحدث خارج بيتي كل يوم!!، يجنح الناس دائمًا للحديث بغضب عن طغاةٍ وهميين، والحقيقة أن الواقع المرير الذي نخافه ونشمئز منه يلتفّ حولنا ويُشيّد فوقنا من دون أن نشعر، وقريبًا لن تتبقى سوى قلعة واحدة، سوى معقل أخير يحطم كل أمل للحب أو العاطفة الإنسانية، ويسجن داخله كل مواطن بشري بسلاسل القانون دون مبالاة. قرأت روايتك "مزرعة الحيوان" عندما كنت صغيرة - لم أفهمها حينها، كنت أظنها مجرد حكاية مسلية، في كل يوم أرى فيه القمع على شاشات الأخبار، في الشوارع، وفي منزلي، في كل يوم أرى فيه المستضعفين وهم يحاولون إسقاط حكّامهم، لقد كنت أشبه بالعمياء في السابق، ولكنني تداركت ما فاتني وعدت للتأمل، عدت لتأمل الناس والأمكنة، لتأمل الدوافع وردود الأفعال، حاولت أن أجمع ما استطعت من قطع عالمي المتناثرة باتباع الخريطة التي أبدعتها أنت، ثم ظهرت روايتك "1984" وكانت المفتاح الذي أدار القفل في عقلي، وسمح لي باكتشاف الحقيقة، بالعثور على الحذر الذي كنت بحاجة إليه، رأيت أوجه القساوسة في أحقر البشر، رأيت النفاق، رأيت خطط التخويف، شركات الدعاية الكبرى، ورأيت الجنون، رأيت الألم، رأيت الإرهاب الحقيقي كما هو، ورأيت الأكثر هولًا منه، والأكثر إماتة ورعبًا.
والآن ماذا سأجد عندما أغامر وأخرج من جنتي الصغيرة؟ طائرات تحوم من دون طيّارين حول المنطقة، هواتف ترصد كل حركة، محادثات مسجلة للبحث عن أدنى شبهة، ورغم كل هذا يبدو أن الجميع يشعر بالرضا!. الفضائح تنتشر فجأة، وتختفي فجأة، أصبحنا نحلم بالعيش في عصر يسيطر عليه الأبطال الخارقون والرجال أصحاب المسدسات والأسلحة، ليوقفوا كل هذا الدمار في لمح البصر.
أنا يا سيدي، لا أؤمن بفساد كل عناصر المجتمع، ولا أعتقد أن علينا محوها وتحطيمها، أنا أحب هذا العالم، وأريد حمايته، أنا أقول: (كما كنت تقول دائمًا) على البشر أن يحذروا ويراقبوا عالمهم بدلًا من الانشغال في أداء واجباتهم وإفراغ متعهم فقط، وهذا ما دفعني إلى كتابة رسالتي إليك - لأقول لك: (للمرة الأخيرة) إنك كنت على حق، كنت على حق عندما كتبت مؤلفاتك، على حق عندما فعلت كل ما فعلت لجعل العالم مكانًا أفضل، وها أنا ذا أبدأ أولى خطواتي في عالم الكتابة، وأصف العالم من حولي كما كنت تفعل، أتمنى أن أصبح مثلك، متأملةً تسير وتروي قصصها للجميع، وتحاول أن تساعد هذا العالم علّه يستجيب، إنك ملهمي، وكلماتك سيتردد صداها في هذا العالم لقرون مقبلة … وداعًا الآن”.

مقتبس عن مدونة محمد الضبع .كل الحقوق محفوظة . 2014

الاثنين، 18 أغسطس 2014