‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات مختارة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات مختارة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 2 أبريل 2015

كيف ولدت مكتبة أمازون دوت كوم؟ / مقال مختار

كيف ولدت مكتبة أمازون دوت كوم؟





معرض الكتاب فريضة ثقافية ودينية إذا أردنا ترجمة دلالات فاتحة الآيات القرآنية "إقرأ" ترجمة فاعلة في الكسل العربي الكبير. ولكنّي هنا لن أتكلّم على المعرض وإنما عن تسويق الكتاب الورقيّ وطرق الوصول إليه. لا يوجد قارىء فعليّ إلاّ ويجد صعوبة، أحياناً، في الحصول على بعض الكتب. ومعرض الكتاب مهما بلغ عظمه وتمدّدت أمتارُه المربّعة يُشعر بإحباط لأنّه يستحيل عليه تلبية رغبات كلّ القرّاء. من هذا العجز ولدت فكرة مكتبة "أمازون" التي تبيعك الكتب بالمراسلة عبر الانترنت. المكتبة وليدة سؤال بسيط طرحه على نفسه ( جيفري  بريستن بيزوس Jeffrey Preston Bezos‏) المتخصّص في الهندسة الكهربائية وإدارة الأعمال، ومؤسس المكتبة الافتراضية "أمازون". السؤال هو التالي: أيها أفضل لك، شراء الكتاب من المكتبة المجاورة لمسكنك أم شراؤه من مكتبة افتراضية؟ الجواب الفوريّ والبديهيّ هو "طبعاً من المكتبة المجاورة".

 فكّر مؤسس "أمازون" في إظهار تهافت الجواب الفوريّ وقرّر إشهار نقيضه بدلاً منه. راح يفكّر ويقلّب تفاصيل السؤال في ذهنه لتحريره من أعباء الجواب الجاهز، وتزويده بآخرَ مبتكر. كان جوابه من الأفضل للقارىء أن يشتري الكتاب من مكتبة افتراضية بالمراسلة لا من خلال مكتبة عادية، وراح يفصّل الأسباب. بعض الأجوبة تحتاج إلى معرفة موسوعية، عابرة للتخصصات أي معرفة على شاكلة معرفة الجاحظ، كما لا بدّ من معرفة طبيعة كلّ من القارىء والكاتب والورّاق والكِتاب، وعلاقة القارىء مع القرّاء الآخرين الذين يشاركونه نفس الميول والأهواء. سلسلة من المعارف والعلاقات دارت في ذهن صاحب مؤسسة "أمازون" وهو يقوم بمغامرته الافتراضيّة التي غيّرت علاقة القارىء مع الكتاب. ظنّ كثيرون أنّه مجنون لأنّ معركته، بالتأكيد، خاسرة لعدم توفر شروط نجاحها، ولكن لا تخلو مهنة من " كعب أخيل" أي من نقطة ضعف، ومن نقطة الضعف العضويّة في المكتبة العاديّة استطاع أن ينسف عادات كثير من القرّاء الذين أقبلوا على شراء الكتب من مكتبته الافتراضية محققاً بذلك مبيعات خياليّة لم تحلم بها أي مكتبة من قبل.

 هل تعرف من يقرأ الكتاب الذي تقوم بقراءته أنت الآن مثلاً؟ هل تعرف إذا كان الكتاب الذي تريد شراءه صالحاً للقراءة؟ كيف تعرف إذا كان هذا الكتاب يستحقّ عناء قضاء وقت معه؟ قد تقول قرأت عنه في الصحف، والكاتب الفلانيّ أو العلانيّ قرّظ الكتاب وأظهر فضائله ومفاتنه وقيمته، ولكن هل كلام الصحافي موثوق به؟ هل يستحقّ الكتاب الممدوح حقّاً المدح ؟ وهل يستحقّ الكتاب المذموم حقّاًَ الذمّ ؟ أسئلة تجول في ذهن البعض وهي أسئلة مشروعة من حقّ القارىء أن يطرحها. فلا تخلو كلمات بعض الكتاب من أغراض أو غايات لا علاقة لها بالكتاب المنقود، كأن يكون مؤلّف الكتاب صديق لهذا الصحافيّ أو ذاك، ويجد أنّه من اللباقة واللياقة أن لا يشير إلى سيئات الكتاب فيكيل له المديح كيلاً حاتميّاَّ. ماذا يصير بالقارىء الذي وثق بكلام هذا الصحافي أو ذاك، واشترى الكتاب على أمل قضاء وقت ممتع مع أوراقه ثمّ يكتشف أنّه أهدر المبلغ والوقت في ما لا مذاق لحبره؟ وقد يكون كاتب المقال على علاقة سلبية مع الكاتب فينتهز الفرصة لينقضّ على الكتاب الجديد وينزل فيه "نتْفاً وسلخاً"، ويكون الكتاب على خلاف ما قاله كاتب المقال، أليس من الممكن أن يحرمك هذا الكاتب بمقاله الثأريّ الساديّ من "وجبة غذائية دسمة"؟ عالم الكتابة ليس عالماً بريئاً! كما يظنّ الأبرياء. وكعيّنة عمّا أقول أشير إلى كتاب الأديب المصريّ اللبنانيّ مصطفى صادق الرافعيّ "على السفّود"( وتعني سيخ اللحمة) الذي" نشر" في فصوله "حريم" الكاتب عبّاس محمود العقّاد.

لا بد من أخذ الحذر وعدم الوثوق الأعمى بما نقرأ مدحاً أو قدحاً. هذه نقطة دارت في ذهن صاحب أمازون وهو يهندس مشروعه. وجد أنّه من الأصوب أن تعرف رأي القرّاء قبل رأي الكتّاب. القارىء، أغلب الأحيان، حياديّ بمعنى أن ليس في سلوكه حسابات من يمتهن الكتابة في مجلة أو جريدة. القارىء الطبيعيّ يقرأ من دون أن يكون في نيّته "تمسيح خوخ" أو "تبييض وجه". فهو  لا يعتمد سياسة "حِكِّلِّي تَحِكِّلَّكْ" كما قد يفعل بعض الكتاب. ولكن كيف تعرف رأي قارىء عاديّ لا تعرفه بكتاب تريد أن تقرأه؟ وهذا القارىء هو زميلك في القراءة، ولكنّه زميل مجهول الهويّة والملامح.

الإنسان يحبّ أن يشاركه أحد أفراحه وأحزانه، الفرح المفرد فرح حزين! أليس من الممتع أن تتكلّم مع صديق عن كتاب مشترك؟ التعليق على الأحداث فطرة إنسانية، والقراءة حدث فرديّ من حيث الظاهر، وصاحب "أمازون" لا تلعب بعينيه الظواهر، لأنّ لكلّ كتاب جيّد قرّاء كثيرين ولكن تفرّق شملهم البلدان والأعمار. من هنا فكّر صاحب "أمازون" بلمّ شمل القراء. كيف؟ بكلّ بساطة حين تشتري من مكتبته الافتراضية كتاباً ما بل حتى من قبل أن تقدم على شرائه يفسح لك مجال معرفة رأي القرّاء السابقين بالكتاب من خلال نشر تعليقاتهم السلبية أو الإيجابية. وعليه، فأنت لا تدخل الى الكتاب المرغوب شراؤه بخبرتك الذاتية فقط وإنما بخبرة غيرك، وحين تقرّر شراءه فإنّ المكتبة تتيح لك مجال التواصل مع أشخاص لهم تجربة مسبقة مع الكتاب، تتطارحون، في منتدى افتراضيّ، الآراء والأفكار.

القراءة تتطلّب العزلة، ولكن الحديث عن الكتاب المقروء يكره العزلة، والحديث عن كتاب جميل لأشخاص لا يعرفون الكتاب أو لا يحبون القراءة – وهم، بحمد الله، كثر- يكون نوعاً من التطفّل البغيض على أوقاتهم! استطاعت مكتبة "أمازون" تأمين رغبة القارىء في التواصل مع القرّاء ومع الكاتب أيضاً. وهذه خدمة لا يمكن أن توفّرها مكتبة عاديّة، خدمة جعلت القارىء الأعزل لا يعيش في عزلة.

كانت النواقص اللوجستية للمكتبة العادية منطلقاً للثروة التي جناها "جيفري بريستن بيزوس" صاحب العبارة الجذّابة: " كنت أعلم أنّني لن أندم إذا فشلت، وكنت أعلم أيضاً أنّ الشيء الوحيد الذي كنت سوف أندم عليه هو أن لا أحاول أبداً".

 كلّ نقص نعمة مضمرة! ولكن البعض يحسب المضمر من سلالة العدم.



الأربعاء، 1 أبريل 2015

الألوان التي يتحدث عنها هاروكي موراكامي / مقال نقدي

رؤية نقدية
سحر الاختلاف في رواية «هاروكي موراكامي»

سعيد بوكرامي - دار الاخبار 




يتحدث الروائي الياباني هاروكي موراكامي في روايته الجديدة عن تسوكورو تازاكي عديم اللون. شاب في الثلاثين من العمر يعيش وحيدا في طوكيو، مهندس، ومصمم، يشيد محطات للقطار. يتعقبه الكاتب منذ أن غادر مدينته ناغويا للدراسة،حتى يلتقي سارة، التي تعيش وحيدة بدورها.
لكن في البدء كانت مدينة ناغويا، والأصدقاء الخمسة الذين لا ينفصلون عن بعضهم. كان الأصدقاء يحملون أسماء لها علاقة باللون: (كى) يعني الأحمر، و(يوشيو) يعني الأزرق، و(يوزوكي) ويعني الأبيض و(إيري) يعني الأسود. أما تسوكورو، فاسمه يعني (تصنيع) لكنهم فضلوا أن يلقبوه بعديم اللون. لكن ذات يوم يقرر الأصدقاء الأربعة نبذ تسوكورو حتى دون أن يقدموا تفسيرا لقرارهم الظالم.
سيقضي بعد ذلك ستة عشر عاما مختبئا كيونس في بطن الحوت كي ينسى الظلم الذي تعرض له على حساب جفاف طويل في المشاعر.
لكن الذين يعيشون بدون مشاعر حقيقية لا حياة لهم! هذه نتيجة النبذ والتهميش والتمييز.
هاروكي موراكامي بهذه الرواية الفاتنة يقدم زخما رمزيا وشعريا عن الإبعاد الذي يعيد الإنسان إلى منطق الحياة المليء بالأشياء غير المنطقية، حيث يتم استبعاد العقل لصالح الهوس، والأنانية. لهذا السبب بالذات نجد في الرواية حساسية حزينة تجاه الأشياء والذكريات التي تغتني بالتفاصيل اليومية لتسوكورو الذي يعيش كمسرنم تتقاطع حياته بين الحلم والواقع، فتتباعد الحدود بين الوعي واللاوعي. يقترف هاروكي كعادته خلطا متعمدا بين الواقع والخيال والحلم.
يعيش تسوكورو كما لو أنه منفصل عن العالم من خلال حدود غير مرئية، وهنا سيقرر تسوكورو خوض حجه الطويل نحو وحوش جحيمه وحيث أصدقاؤه القدامى هؤلاء الذين في ظنه يملكون حقيقة جرحه.
يبدأ تسوكورو نزهته نحو الحياة من جديد عبر لقاءات الصدفة في عالم خاضع للقواعد، علاقاته مبنية على المنفعة. يمكن القول إنه اكتشف ولادة جديدة في الحياة، أدرك من خلالها ودون غضب أن أشياء كثيرة عالقة وشائكة تبقت بعد زلازل فوكوشيما. أشياء تمنع أرواح الناس من العيش بطمأنينة واستقرار دائم.
عندها فقط، وبعد الحداد يحين وقت الحزن والذكرى والاستعارات. تلك الألوان التي يتقنها هاروكي ويبرع في مزجها مزجا لتعطي في النهاية ضوءا من الغموض والأمل، قد يبدو عديم اللون كتحفة من فن الأوريغامي (فن طي الورق الياباني) وربما كمرآة تعكس الاغتراب الياباني في العصر الحديث. هي إذن بداية جديدة تكشف عمق الأشياء وجوهر الإنسان. ويبقى الإحساس بالحزن من أجل اليابان الخيط الرفيع الذي ينسج وشائج السرد ويدفع البطل إلى إظهار مشاعره بشكل عام، نحو أسرته، وصوب النساء خاصة. في مجتمع حيث قول (نعم)، يمكن أيضا أن تعني (لا) وحيث الإنسان يعيش الاختلاف، لكنه مرهون بالعيش في العتمة والكواليس أو الاختفاء كليا.
الدخول إلى عالم عديم اللون تسوكورو تازاكي وسنواته التي قضاها في الحج، رحلة غير مؤكدة من الشك والارتياب ستصل إلى حدود فلندا، مغامرة تغص بكائنات كالأشباح، بلا ملامح أو حدود، ومع ذلك فهي مصرة على إثبات هويتها كاشفة شيئا فشيئا، عن حقيقتها. رواية هاروكي موراكامي طوفان من الصور الحالمة والمبتورة من سياقاتها، وكأنها لقطات سينمائية تستحم في الضوء والظلال، ترشح بالاختلاف والتفرد والتمرد.
الرواية إذن بحث عن الذات، وسعي لمعرفة الواقع، والأسباب، التي تحدث في الماضي وربما في أوانها، قد تبدو بلا معنى، لكن الإنسان يصير نتيجتها شخصا آخر، بالتأكيد، فالحاضر يضيء الماضي والعكس صحيح.
لقد تناول موراكامي القضايا جميعها مثل: الدراسة والنجاح، والصداقة، والحب، والحياة الجنسية، والموت والسفر. لا نعثر في سرده على اكتظاظ معرفي ولا ترهل في نمو الأحداث بل نجح موراكامي بمهارة، كعادته، في رسم ملامح شخصياته بدقة عالية، مقدما بنيتها النفسية بعمق ونجاح، جاعلا منها أيقونات معاصرة عن ضرورة قبول الاختلاف والمضي في الحياة، بوعي يستفيد من الماضي، لعيش حاضر متوازن يصبو إلى مستقبل يضمن للجميع مهما كانت اختلافاتهم الحق في اختيار أسلوبهم في الحياة.

الأربعاء، 25 مارس 2015

((غرائب المكتوبجي)) / مقال مختار

((غرائب المكتوبجي)) 
وسياسة القمع الفكري في عهد السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله



قال المؤرخ عبد اللطيف الفاخوري في مقدمته على كتاب ((كيف ينهض العرب)) لعمر الفاخوري ( ص 16 / ط. دار الآفاق الجديدة ) : جرت أيام الدولة العثمانية مصادرة عدة كتب ونشرات، ومُنِعَت كتب أخرى من التداول تمشّياً مع سياسة القمع الفكري، ولأسباب مختلفة غير منطقية أحياناً كما حصل على عهد السلطان عبد الحميد الثاني، عندما اجتمع مسؤولو الرقابة على المطبوعات لإقرار كتاب ((الكيمياء)) المدرسي، وبعد فترة من التداول مَنَعَت اللجنة كتاب ((الكيمياء)) المذكور، لأنها اكتشفت بأنه يحتوي على شيفرة سرية هي الرمز الكيمياوي للماء ( h2o )، وعندما تفتقت عبقرية اللجنة عن حل لهذه الشيفرة نجد أن منع هذا الكتاب لا يتعارض مع المنطق! فقد شرحت اللجنة سبب المنع بالشكل التالي :
H - يعني حميد .
2 - يعني الثاني . 
O - يعني الصفر . 
والنتيجة تصبح أن (( حميد الثاني يعني صفراً )) .. أي لا شيء! وهذا يعني شتيمة السلطان، وهو ما لا يتماشى مع الأخلاق والدين والقانون. اهـ.

قال أبو معاوية البيروتي: وأرجّح أن القارئ لن يكتفي بهذا المثال اليتيم ليقتنع بعنوان الفقرة، لهذا سأُرفِق بعض النقولات العجيبة من كتاب (( غرائب المكتوبجي/ ط. دار المدى )) لسليم سركيس ( 1869 – 1926 م )، ولفظ المكتوبجي يتألف من كلمتين: (مكتوب) بالعربية، و(جي) التركية الملحقة بمعنى عمل أو مهنة، و(المكتوبجي) هو مراقب الجرائد والصحف في الدولة العثمانية، وسليم سركيس هو صحافي من بيروت، كان من أعلام الصحافة العربية والطباعة، وألّف عدداً من الكتب وأصدر عدداً من الجرائد والمجلات لم يُكْتَب لها الاستمرار، سوى مجلته ((مجلة سركيس)) التي أصدرها بعد عودته إلى مصر عام 1905 م ، وظل يصدرها إلى آخر حياته .

أما كتاب ((غرائب المكتوبجي)) فقد ألّفه سنة 1896 م استجابة لطلب ( عدد من الأدباء ) لإظهار تقييد العقول وحرية الأقلام في تلك الفترة من الدولة العثمانية، وضمَّ 54 انتقاداً، وهاكم بعض الغرائب:

- إن محرر الجريدة في بيروت لا يجوز له أن يذكر كلمة (جمهور)، بل يجب أن يقول (الشعب) أو (القوم)، وفي الإعلانات يُقال عادة ( نعلن لحضرة الجمهور )، فيحذفها المكتوبجي ويضع محلها (القوم)، وذلك خوفاً من اشتغال أفكار القراء بالجمهورية والميل إليها.

- نشرت جريدة ((لسان الحال)) بعض مقالات من أقلام السيدات، وفي ذات يوم جاء المكتوبجي إلى الإدارة وسألني إذا كانت الكتابة المذكورة من النساء حقيقة، فأجبته بالإيجاب، قال: من الآن فصاعداً لا تنشر مقالاتهنّ لأنّ ذلك يفتح عقولهنّ أكثر من اللازم، وليس من شأن المرأة أن تهتم بهذه الأمور.

- كتبت جرائد بيروت أن أحمد أفندي سلطاني زايل الثغر لزيارة شقيقه محمد أفندي سلطاني المقيم في الأستانة، فحذف المراقب النون والياء من سلطاني، وبقي الاسم (محمد أفندي سلطا )، لأن السلطان لا يكون إلا لعبد الحميد، وفي حادثة أخرى حذف لقب (سلطاني) بأسره واستبدله بـ (مخزومي) لأن عائلة سلطاني لها لقب (مخزومي).

- طبع يوسف أفندي حرفوش كتاباً في الأمثال باللغتين الفرنساوية والعربية، وورد في جملتها المثل الشهير ((الحركة فيها بركة))، فأمر بحذف المثل من الكتاب زاعماً أن لفظة الحركة تفيد الثورة.

- أرسلت الغلمان لمبيع الجريدة في الشوارع وأوعزتُ إليهم أن ينادوا (موت رئيس جمهورية فرنسا) تنبيهاً للناس إلى الإقبال على ابتياع الجريدة، وفي المساء لم يحضر الأولاد لتقديم حساب المبيع كالعادة، ثم جاءني خبر أنهم جميعاً في السجن! فهرولتُ إلى مدير البوليس أسأله السبب، قال: إنهم ينادون في شوارع المدينة بالجمهورية! قلتُ: بل هم ينادون بموت رئيس جمهورية فرنسا، قال: ألا تدري أن هذه اللفظة ممنوع استعمالها هنا ؟! فوعدته أن لا أعود إلى ذكرها، وهكذا أطلق سراحهم. اهـ.

قال أبو معاوية البيروتي: ومن باب الإنصاف، فإنّ بعض ما اعتَرَض عليه المكتوبجي يُشكَر عليه، كمثل منع نشر القصص الغرامية، واعتراضه على جريدة نصرانية كتابتها ((السيد المسيح له السجود والمجد))، ولم يسمح المكتوبجي بإيراد الآيات القرآنية أو الأحاديث في الجرائد والكتب معلِّلاً أنها تُطرَح على الأرض وتُمَزّق، وفي ذلك من الإهانة ما فيه.

الاثنين، 16 مارس 2015

تجربة القراءة .. رحلة حياة / حوارات / مقالات مختارة





القراءة حياة ليست كأي حياة . إنها ملأى بالثراء الفكري والروحي لمن يود مرافقتها في رحلاتها الى عوالم لا نهائية من المعرفة والجمال والرؤى والأفكار ، حتى إن من يختار الكتب رفيقة له يلمس أن أفقه وحيز تفكيره إتسعا عما كان عليه قبل تلك الرفقة ، لاسيما إذا مابدأت الرفقة في سن مبكرة . وللقراءة سحرها على العقل والقلب معاً , والكتاب هو القارب السحري الذي يأخذ راكبه في رحلة أخاذة بين بحور ملأى بالأسرار والكنوز و شطآن لاتحدها حدود .
من هذا المنطلق ، التقينا أربع شخصيات للتعرف على تجاربها القرائية ، وهي كل من المؤرخ الدكتور إبراهيم العلاف الأستاذ المتمرس في جامعة الموصل ، والدكتور سعد الحداد رئيس قسم اللغة العربية في معهد المعلمين ، والإختصاص في الأدب الحديث ، والدكتور وسام البكري الأستاذ في الجامعة المستنصرية ، كلية الآداب ، قسم اللغة العربية.، والفنانة التشكيلية ثائرة شمعون البازي .
توجهنا الى ضيوفنا بمجموعة أسئلة ، فكانت هذه الحصيلة :

***

• كيف تصف القراءة ؟

• أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ القراءة غذاء الروح والنفس ، والإنسان الذي يقرأ لايخرف ..لأن دماغه يظل حتى وإن بلغ الـ90 من العمر يقظاً متفتحا على الجديد .

• د. سعد الحداد :
ـ القراءة متعة ، ولذة ، واكتشاف معالم وخفايا ، وإطلاع على عقول وقلوب فكّرت و كتبت . القراءة فضاءٌ معرفيّ مفتوحٌ ، ليس له ساحل أو أفق محدود ، القراءة عالم من الحيوات المنعشة .

• د. وسام البكري :
ـ القراءة غذاء الفكر والروح ، فبالقراءة والإطلاع نسمو بأفكارنا وآرائنا ؛ ولكن يجب أن يتحقق في القراءة شرطان : القراءة الواعية المُدرِكة ، القراءات المتعددة الإتجاهات. 
ولا تتقق القراءة الحقيقية من غيرهما، ولا بإحداهما فقط !

• الفنانة التشكيلية ثائرة شمعون البازي :
ـ يعد البعض القراءة هواية أما أنا فاعدها منهجا للحياة , لأنها مدخل لتجارب الأمم والشعوب ونافذة واسعة على الأفكار والآراء، ومن ثم فهي أهم روافد بناء الثقافة التي تشكل بدورها أحد المعايير الرئيسة لقياس تقدم الشعوب ورقيها .

***

• متى بدأت القراءة الخارجية ؟ 


• .أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ بدأت القراءة منذ الصف الخامس الابتدائي أي في مطلع الخمسينيات من القرن الفائت .

• د. سعد الحداد :
ـ بدأت القراءة الخارجية مبكراً في الصف الخامس الابتدائي ، وشجعني أنّي كنت أعمل مع والدي وسط سوق الحلة الكبير الذي يقع عند مدخله شارع المكتبات ، هذا الشارع ساحر ليس لي حسب وإنما لأجيال عديدة . أبهرتني واجهات مكتباته وهي تعرض الكتب والمجلات بأناقة وترف .. حتى كنت وأنا ابن الثانية عشرة صديقاً لأصحاب المكتبات ومن يلتقي عندهم من شعراء وأدباء ومثقفين . حتى أنَّ أحدهم رحمه الله ( صاحب مكتبة المعارف ) كان يغويني بطريقته اللطيفة أن يبيعني الكتب والدورات أقساطاً ( على اليومية) ومن ثم (على الأسبوعية) وبأسعارها نفسها بلا زيادة اشفاقاً عليَّ ورأفة بصبيّ ستدركه حرفة الأدب لاحقاً .
وله الفضل عليَّ في تأسيس مكتبة مهمة من المراجع والمصادر التي اعتز بها الى اليوم .

• د. وسام البكري :
ـ لا أريد المبالغة ، فأعدّ إطلاعنا على مجلات الصغار آنذاك قراءةً خارجية ، لأنها لم تكن من شرطَيّ القراءة في جواب السؤال الأول على الرغم من كونها ممهِّداً أساسياً للقراءة الواعية ، وحتى أكون واقعياً أجيب بأن القراءة الخارجية الواعية بدأت في المرحلة المتوسطة حينما تعاهدتُ مع أصدقائي على قراءة كتب ثقافية وأدبية ودينية.

• الفنانة التشكيلية ثائرة شمعون البازي :
ـ وأنا في الصف الخامس الابتدائي , وكانت البدايات مع سلسلة متنوعة من قصص الأطفال.

***

• ماهو اول كتاب قرأته ؟ 


• أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ اول كتاب قرأته كتاب " العبرات " للكاتب المصري الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي .

• دكتور سعد الحداد :
ـ أُغرمت بمختار الصحاح ، ثم أخذني عالم الشعر في دواوينه بمختلف العصور . الا أن مؤلفات الكاتب المصري مصطفى محمود كانت أقرب الى نفسي فنشأت عليها في المرحلة المتوسطة ، وتأثرت بأسلوبه المقالي الجميل . فضلا عمّا كان يصدر من منشورات متنوعة من قبل وزارة الثقافة والإعلام أو كتب السير والأعلام .

• د. وسام البكري :
ـ أول الكتب التي قرأتها هو كتاب في الدوائر الكهربائية والإلكترونية للهواة !، وأما الكتب الأدبية ، فهي الروايات الأجنبية التأريخية المترجمة ، واتذكر أول رواية قرأتها هي جوسلين لـ ميشال زيفاكو، ومنها انطلقت قراءاتي الأدبية.

• ثائرة شمعون البازي :
ـ اول كتاب قرأته كان الجزء الاول (بين القصرين) من ثلاثية الروائي نجيب محفوظ وهي سلسلة مكونة من ثلاثية القاهرة (بين القصرين , قصر الشوق والسكرية) .

***

• هل كان في بيتكم في مرحلة طفولتك وصباك مكتبة ؟ وهل كان لدى الاهل إهتمام بالمطالعة ؟ وهل شجعوك على القراءة ؟


• أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ نعم كان في بيتنا مكتبة عامرة تعود الى والدي وكان أعمامي وأخوالي يقرأون الكتب والصحف والمجلات . وكنت أسمعهم يتجادلون ويتناقشون فيما يقرأون .واحتفظ الآن في مكتبتي بعدد كبير من الكتب التي كانت تضمها مكتبة والدي . والذي دفعني الى القراءة إنني وجدت أن من يقرأ يحسن الحديث مع الآخرين .. وله القدرة على الإقناع.. وأن من كان يقرأ يتمتع باحترام الناس وتقديرهم ، ولكي أكون متميزاً بدأت القراءة وكتابة ملخص لما أكتب ، وهذه العادة لاتزال قائمة عندي. ومما شجعني على القراءة كذلك أن والدي كان قارئاً نهماً وكانت لديه مكتبة عامرة . 
وقد حظيت بالإهتمام والتشجيع عبر مراحل حياتي من أطراف كثيرة منهم أمي وعمتي وزوجتي الاولى رحمها الله وكانت معلمة .. والآن زوجتي الثانية الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي وهي مؤرخة متخصصة بتأريخ الثغور الإسلامية . وأيضاً حفزني على القراءة معلمي في مدرسة أبي تمام الابتدائية للبنين في الموصل الأستاذ محمد اسماعيل والذي أخذ يكلفني باستنساخ بعض المقالات التي يحتاجها عن الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين والفنانين العراقيين والعرب والأجانب .

• د. سعد الحداد :
ـ الغريب أن والدي (رحمه الله) تفاجأ يوماً حين رأى في دولابي الأفقي كمّاً من الكتب فقال لي : متى جمعتها ؟ وكيف ؟ وهل قرأتها جميعها ؟ أخذني الخجل فلم أكن أُعْلِمْه بذلك .. غير أنها كانت فاتحة خير من التشجيع .
لم يكن في بيتنا سوى نسخة من القرآن الكريم يقرأ فيها والدي . فأمي (رحمها الله ) كانت لاتقرأ و لاتكتب .
لم يكن لدى الأهل أدنى اهتمام بالكتب . لكن كان لهم التأثير في ترك حرية الاختيار للكتب واقتنائها إلا التي فيها خط أحمر (او مايعرف يومها لدى العامة بالكتب الشيوعية) او المعادية للنظام .. فهم بسطاء لايريدون لابنهم أن يزجّ نفسه بأمور ليس ذي بال وربما تجلب المتاعب لهم . لكن لم يعلموا أنني كنت منضوياً كصديق ، ولدي من الكراريس عدد لابأس به . التشجيع جاء تراكميّاً من المعلمين والمدرسين والمكان ( شارع المكتبات) والمكتبة الحكومية الوحيدة (في الحلة آنذاك ) والجميلة في طراز بنائها وخُلق موظفيها الذين شجعونا على الارتياد والقراءة بهدوء وأدب .. (رحم الله مؤسسها ومديرها الشاعر المرحوم الدكتور باقر سماكة) لم أعاصره إلا أنَّ له فضل التأسيس الرائع وقد تعرفت عليه مبكراً من خلال نصوصه الشعرية للأطفال التي مازلنا نرددها وأشهرها (البلبل الفتان). وهذا واحد من الأسباب التي جعلتني انتمي للكتاب لأبحث عن صور مانسمع ومانتكلم . فضلاً عمّا ذكرت سلفاً ، كانت الدار الوطنية مصدراً مهما من مصادر التحفيز ممثلة بمديرها الشاعر شكر حاجم الصالحي الذي طالما يدسّ بين يديّ كتابا ويقول : اقتنِه ياسعد فهو نافع او إنّ نسخه قليلة وعليك بواحدة.

• د. وسام البكري :
ـ لم تكن المكتبة بالمعنى الحقيقي للمكتبة ، فهي مكتبة صغيرة جداً ، تحوي عدداً من الكتب خاصة بالكهرباء والإلكترونيات، وكتباً تأريخية خاصة بالحربين العالميتين الأولى والثانية ، وكتُباً دينية قليلة ، وهذه الكتب جميعها للوالد. ومعها ما يخصني ويخص إخوتي من مجلات للصغار. كان الوالد يقرأ ما يستهويه . وأثّر فيّ الوالد وشجّعني على القراءة والإطلاع ، إذ إن دخولي معه دورة الكهرباء والإلكترونيات ـ وأنا صغير في إحدى العطل الصيفية في المرحلة المتوسطة ـ جعلني أطلع على الكتب الألكترونية التي يقتنيها ، فأقرأ أرقام المقاومات والصمامات الإلكترونية وبدائلها ، وكيفية عمل الدوائر الكهربائية ، وخرائطها!!.

• ثائرة شمعون البازي :
ـ ليست مكتبة كبيرة ، فقد كان للوالدة اهتمام كبير بشراء كتب متنوعة إن كان الوضع المادي مشجعاً . ومن الكتب التي كانت تسعى لشرائها الروايات وبعض المجلات التي كانت تصدر في ذلك الوقت ومنها مجلة حواء . ربما انشغال الوالد بالعمل وتوفير لقمة العيش لنا جعله بعيداً نوعاً ما عن عالم المطالعة بشكل مستمر لكنني كنت ألاحظ إهتمامه بقراءة الكتب التي تتناول مواضيعَ تأريخية . . أما الوالدة فكان لديها إهتمام خاص بعالم المرأة والأمومة والطفولة والأسرة والتربية ومن ثم الروايات وكما ذكرت متابعتها لمجلة حواء . وكانت تروي لنا إحدى القصص التي تختارها و كانت تحمل رسالة ما. وبعد أن تنتهي من قراءة القصة تحاورنا فيما لو استفدنا من تلك القصة ليبدأ حديث طويل بيننا كإنها تحاول أن لا تقف عند قراءة القصة فقط بل كانت تود أن نبحر في الفهم والتعمق والتعلم . لقد تدرجت الوالدة في طرق قراءتها القصص لنا ؛ ففي المرحلة التي سبقت ذهابي للمدرسة كانت تروي لنا القصة من خلال الصور التي كانت تحتويها تلك القصص وبشكل ارتجالي ودون قراءة الأسطر, تلتها مرحلة دراستنا الابتدائية , إذ اتذكر الآن كيف غيرت طريقتها في قراءة القصص فقد كانت تبدأ بقراءة الأسطر ومن ثم الاستعانة بالصور وكإنها تريد تسهيل الامر علي . لتأتي مرحلة أخرى أن تقرأ وأقرأ بعدها واستمرت الحال حتى وصولي الى الصف الخامس الابتدائي حيث قررت الوالدة أن اعتمد على نفسي في القراءة. ولكن بقت الوالدة ترافق رحلتي هذه حتى أكملت مرحلة الثانوية. وكانت تتابع مااستعيره .

***

• ماأبرز قراءاتك خلال الطفولة ومن ثم المراهقة ؟


• أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ أبرز قراءاتي في الطفولة كتاب " القراءة " المقررعلينا حينذاك وحجمه في حدود 350 صفحة وكان مقرراً في الصف الخامس ومثله في الصف السادس الابتدائيين ..كان فيهما قصص وقصائد وحكم وحكايات ومواعظ وعبر ....قرأت قصصاً بعنوان : "واحدة بواحدة " و"مرضعة الرسول " و" القائد المغلوب والنملة " و"الحلاق الثرثار " وقصيدة المدارس للشاعر معروف الرصافي . كما كنت معجباً بكتاب منهجي مقرر في الابتدائية هو"الواجبات المدنية والاجتماعية " فيه كل مايجعل التلميذ يحب الوطن ، وفيه مباحث عن السلطات الثلاث والأنظمة السياسية والحقوق . وفي فترة المراهقة قرأت مجلة طبيبك للدكتور صبري القباني وكتب الثقافة الجنسية للقباني نفسه وكتاب : كيف تتزوج ؟ وكتاب ثقافتنا الجنسية .. ومجلات الكواكب والمصور وآخر ساعة ، وأيضا أقرأ للشعراء الرصافي والزهاوي والجواهري والسياب . 

• د. سعد الحداد :
ـ نشأت كأغلب من كان في جيلي على اقتناء المجلات التي ترد الى العراق مثل ( سمير وميكي ) ثم ( مجلتي والمزمار) واحتفظ بمجلدات لها . ومازلت اتتبع إصدارات مجلات الأطفال لما فيها من إحساس جميل وعالم مليء بالبراءة والنقاء . وكان للمشاركة في إعداد النشرات الجدارية والمجلات الطلابية المتواضعة دور مهم في عميلة دفعنا وتحفيزنا نحو عالم كبير من الجمال (عالم الكتب والمجلات). ورحم الله الحاج محمد الملا علي وكان بزازاً ، إذ رآني يوماً ، (وأذكر أني كنت في الصف الثالث متوسط ) وكان بيدي كتاب فأشار عليّ وحين أقبلت أخذ مني الكتاب بطريقة لافتة وبخفة ودسّه بين ركام أطوال القماش .. تعجبت وقلت له ياحاج ..؟ وقبل أن اكمل قال من أعطاك الكتاب ؟ قلت اشتريته . قال كم سعره سأعطيك ثمنه .. قلت هو لك ياحاج . قال أتعرف مافيه قلت أعجبتني بعض صوره لاسيما المقصلة والمنكنة ، قال اتركه إنه كتاب ممنوع يؤدي بك وبوالدك الى السجن . هذا الموقف أثار فيّ رغبة عارمة في البحث عن الكتب الممنوعة من قبل الرقابة . 

• د. وسام البكري :
ـ ذكرت سابقاً المجلات للصغار، إذا كان المقصود بها المرحلة الابتدائية ، كمجلتي والمزمار، ولا أنسى مجلة سوبرمان المصوّرة ، المترجمة عن الأجنبية .
المراحل تتداخل عند الإنسان، فليس هناك حد فاصل دقيق في ما بينها ، تستمر هواياتي في شراء الكتب الإلكترونية وقراءتها بتأثير والدي ؛ وشراء الروايات التأريخية وقراءتها وتبادلها بتأثير أصدقائي ، وكما ذكرت سابقاً رواية جوسلين وابن باردليان لـ ميشال زيفاكو، وروايات تشارلز ديكنز، مثل : قصة مدينتين ، وروايات تولستوي مثل : الحرب والسلام و أنّا كارنينا. ولكن في إحدى مراتِ التبادل اقترح أحد أصدقائي قراءة كتاب مبادئ الفلسفة لأحمد أمين !!، وأن نتعاهد على مناقشة أفكاره بعد الانتهاء من قراءته !! حينما اتذكر هذا الموقف اندهش من جرأتنا أنا وأصدقائي على الابتداء بكتاب في الفلسفة ، ولا أنكر صعوبته آنذاك ، لِما فيه من مصطلحات وأفكار جديدة علينا ، ونحن ما زلنا في مقتبل العمر !. ثم توالت القراءات مشتركاً مع أصدقائي ، أو منفرداً وحدي بما يستهويني.

• ثائرة شمعون البازي :
ـ أبرز قراءاتي كانت مجموعة قصص متنوعة منها على شكل أعداد او سلسلة من المطبوعات والتي تحولت فيما بعد الى أفلام كارتون للأطفال او الى أفلام سينمائية في السنوات الاخيرة . ومن تلك القصص شخصية ميكي ماوس وشخصية العم بطوطة وسوبرمان والرجل المطاطي والوطواط ، وأكثر ماتعلقت به سلسلة من قصص تحمل عنوان سمير . وسمير ذلك الولد الطيب والمشاكس في آن معاً يمر بتجارب وأخطاء قد تحدث بسببه او بسبب من يحيط به من أفراد عائلته او جيرانه او مع رفاقه في المدرسة . وكانت تنتهي تلك التجارب بنهايات سعيدة بعد أن يجد أبطالها حلولاً تسعد الجميع. أما في الصف السادس الابتدائي فقد بدأت بقراءة ومتابعة كل مايصدر من سلسلة المكتبة الخضراء ومنها قصص قطر الندى وسندريلا وبحيرة البجع . وقرأت بشغف أيضاً سلسلة مجلتي والمزمار . وإتسعت قراءتي للروايات خلال المراهقة ، فقرأت ليوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبدالله وأيضا قرأت عدداً كبيراً من الروايات المترجمة. وتحول إهتمامي الى سلسلة رائعة حملت اسم (المعرفة) والتي تصدر في مصر ، كان كل عدد منها يحتوي على معلومات عامة في مختلف المجالات العلمية . وقرأت قصص ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة والقصص البوليسية لأجاثا كريستي .

***

• وماأبرز قراءاتك في مابعد ؟


• أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ في ما بعد أخذت اقرأ الكتب الوجودية ومنها كتب كامو وسارتر وسيمون دي بوفوار وكتب كولن ولسون وأبرزها كتابه "اللامنتمي " وكتب البرتو مورافيا ومنها كتابه " السأم " ، فأصبحتٌ وجوديا ثم انقلبتُ على الوجودية وصرت أقرأ لمكسيم غوركي وليو تولستوي وليرمانتوف ومن كتبه "بطل من هذا الزمان" وكتب لينين وكتب ماركس . وفي الكلية - كلية التربية - جامعة بغداد 1964 ـ 1968 قرأت لفرويد وماركس .

• د. سعد الحداد :
ـ اتجهت الى الأدب والتراث وأتخذت من التحقيق طريقاً لي ، ومن الشعر هواية ، وفي كتب الرجال والأعلام كنوز لاتضاهى . والأهم من ذلك إتجاهي الى التراث المخطوط والتعامل معه تعاملا روحيا باعتباره ثروة الأمة التي يجب أن تظهر الى النور بأحلى صورة وأبهى إخراج وأتم تحقيق ، ولابد من ذكر أستاذنا الراحل شيخ المحققين هلال ناجي الذي دفعني الى هذا الفضاء المتعب الشيّق .

• د. وسام البكري :
ـ في ما بعد إتسعت قراءاتي ، وبحكم دخولي الجامعة والتخصص باللغة العربية اقتنيت كتباً أدبية ولغوية وثقافية كثيرة ، وهي غير منهجية ، ولكنها ترفد المنهج ، وتزيد من الثقافة التخصصية والثقافة العامة ، ولا أنسى الدوريات مثل : المورد وآالتراث الشعبي ، ومجلة أقلام ومجلة العربي الكويتية وغيرها مما كان يصدر آنذاك. وفي مرحلتي الماجستير والدكتوراه إتسعت قراءاتي بحكم التخصص الدقيق الذي له علاقة بفلسفة الدراسات اللغوية وعلاقتها بالعقيدة.

• ثائرة شمعون البازي :
ـ بدأت أميل الى قراءة الأساطير بدءًا بكلكامش , وقرأت جميع مسرحيات وليام شكسبير وأذكر منها هاملت , روميو وجوليت, تاجر البندقية , ماكبث ومسرحيات أخرى . قرأت لشعراء العراقيين ومنهم : المتنبي ، محمد مهدي الجواهري , بدر شاكر السياب , سركون بولص , عبد الوهاب البياتي , معروف الرصافي , نازك الملائكة , جميل صدقي الزهاوي ولشعراء عرب منهم أحمد شوقي, أحمد رامي , حافظ إبراهيم , محمود سامي البارودي , ونزار قباني وآخرين .وجاءت مرحلة قراءة الكتب التأريخية ومن ثم الاجتماعية والنفسية ، لانتهي بالكتب الفلسفية ، ومنها لأرسطو وجان بول سارتر وغيرهما ، فضلاً عن الدينية كحياة بوذا , التوراة , القرآن والانجيل .

***

• ما الذي تختلف قراءاتك الحالية عنها في الماضي ؟ وهل تقرأ كثيراً الآن ؟


• أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ تنوعت قراءاتي في ما بعد وانهمكت في قراءة كتب فلسفة التأريخ ، فقرأت لتوينبي وشبنغلر وكولنجوود وهيردر و ادوارد كار وايمري نف وسيلي وحسن عثمان وعبد العزيز الدوري وقسطنطين زريق وأسد رستم وكل ذلك جرى بتأثير تخصصي في التأريخ وتعلمي على يد أساتذة أفذاذ كانوا يقرأون وينتجون منهم الدكتور جواد علي والدكتور حاتم الكعبي والدكتور زكي صالح والدكتور عبد العزيز نوار والدكتور جعفر خصباك والدكتور فيصل السامر والدكتور عبد القادر أحمد اليوسف والدكتور محمد جواد رضا والدكتور حامد شاكر حلمي رحمهم الله جميعاً وجزاهم خيراً . قراءاتي الآن أصبحت واسعة ، فأنا أقرأ كتاباً لأكتب عنه ، وقد أصبحت لدي خبرة في الكتب ، فأي كتاب لا يأخذ مني وقتاً طويلاً ، إذ بمجرد أن أقلب صفحاته وأقرأ مقدمته وعنوانه وأرى مصادره وأطلع على خلاصاته استطيع أن أحكم على قيمته .

• د. سعد الحداد :
ـ لاتختلف القراءة كآلية بمقدار اختلاف الاستيعاب والفهم المتأتي من النضوج الفكري والمعرفي . أكيد أن القراءات المبكرة كانت قراءات سطحية ، بدائية ، قد لاتغني كثيراً مثلما هي اليوم بعد نضوجٍ عقلي وقدرة تمييز عالية . أقرأ كثيراً ، وكل شيء . وإن تراجعت نسبة القراءة قليلا إلا أنها مازالت متوهجة بالكمّ الهائل من الإصدارات الحديثة والجميلة طباعة وإخراجاً. 

• د. وسام البكري :
ـ تختلف قراءاتي الآن كثيراً عمّا مضى ، لأنها تجاوزت التخصص إلى آفاق معرفية أوسع ، إذ لا بدّ للباحث من أن يكونَ مُلِمّاً بطرفٍ أو أكثر من مجالات شتّى من الثقافات والآداب والعلوم.
ـ نعم أقرأ كثيرا .. لأن الانقطاع لا يُورث إلاّ الجهل والعجز عن مواكبة التقدم العلمي والمعرفي.
ومع ظهور شبكة الإنترنيت توافرت الكتب والبحوث والمقالات، متدفقةً بصيغ متعددة ، وهنا مسؤولية كبرى للمثقف، تتمثل في وجوب متابعة التدفق المعرفي الهائل ومواكبة المتقدم منها.

• ثائرة شمعون البازي :

ـ معظم ماأقرأه الأن من خلال النت للسهولة ، فمثلاً اتابع المواضيع التي تخص عالمي الفن التشكيلي والتصميم والأعمال الحرفية والمجالات الادبية والإعلامية والتربوية لأنني معلمة حضانة وروضة وباللغتين العربية والسويدية وبعض الأحيان الانكليزية , ومن ثم اتوقف لأعيد الرحلة. وفي بعض الأحيان يدفعني حنيني للكتب، لأذهب الى مكتبة مدينتنا العامة لاستعير بعض الكتب .

***

• ما الكتب التي أثرت فيك كثيرا ؟


• أ.د. إبراهيم العلاف :

ـ ابتداءً يأتي القرآن الكريم في مقدمة ما تأثرت به وخاصة وإنني أحرص على تدبر آياته وأرجع الى كتب التفسير المعتمدة ..ولعل من أوائل الكتب التي تأثرت بها وقرأتها بتمعن مؤلفات الشاعر المهجري جبران خليل جبران وأولها كتابه "النبي" وكتابه " رمل وزبد " .كما تأثرت بمؤلفات المؤرخ الكبير الأستاذ أحمد أمين : " فجر الإسلام " و" ضحى الإسلام " وكتاب "فيض الخاطر " للأستاذ مصطفى صادق الرافعي وقرأت بعضا من مؤلفات الدكتور طه حسين وخاصة "الفتنة الكبرى " ولاأنكر بأنني قرأت للوجوديين وللماركسيين وللقوميين ناهيك عن كتب الفلاسفة هيكل وهيدجر وسارتر . ومن الكتب التي قرأتها وتأثرت بها بعض من مؤلفات الدكتور لويس عوض وخاصة روايته "العنقاء " وهكذا كان التأثر يرتبط بكل مرحلة من مراحل حياتي وبما كان سائدا في العراق والوطن العربي من تيارات فكرية . ولابد أن اقول إن القاص ذو النون أيوب كان من الذين قرأت لهم ولاأنسى أنني كنت أقرأ روايته "الدكتور إبراهيم " بكثير من الشغف فأنا عرفته جيدا وكانت داره في الموصل في الخمسينيات قرب داري.
• 

• د. سعد الحداد :
ـ أول دورة (وليس كتاباً) اقتنيتها بـ (18) ديناراُ عراقياً منتصف السبعينيات هي (الغدير ) للشيخ الأميني بأجزائها الأحد عشر ، والتي فتحت عليّ آفاقاً رحبة من التأريخ والدين والرجال والأدب والشعر تحديداً .ثم ( العقد الفريد )لابن عبد ربه الاندلسي، فضلا عن كتب أخرى مختلفة .

• د. وسام البكري :
ـ لكل مرحلة كتاب أو أكثر مؤثّر فيّ ، فلكل مجال معرفي لا بد من كتاب تأثرتُ به ، فهناك أعلام بارزون يمثل كل منهم تياراً فكرياً أو ثقافياً أو دينياً أو علمياً تأثرتُ به.

• ثائرة شمعون البازي :
ـ كل ماقرأته خلال مراحل حياتي جعلني اكتشف الكثير في عالمنا هذا ، فالتعمق بالإنسان وفسلجيته والتعمق بالحياة وفلسفتها جعلني أحمل رسالة إنسانية حتى تملكني احساس بأنني جزء لا يتجزأ منها ، كما إن كل ماقراته منذ الطفولة حتى الآن جعل عندي حصانة وقوة وثقة كبيرة بالنفس .

***

• بماذا تنصح شبابنا بصدد المطالعة ؟


• أ.د. إبراهيم العلاف :
ـ أنصح الشباب بالمواظبة على القراءة لتتسع مداركهم ، وينمو احساسهم ، ويصبح لديهم موقف من الحياة والمجتمع والكون . وأقول لهم اقرأوا كتب الفلسفة فإن من يقرأ الفلسفة يرى الغابة أما الذي لايقرأ الفلسفة فلا يرى إلاّ الشجرة ، وشتان بين من يرى الغابة كلها ومن يرى الشجرة لوحدها . وأنصحهم بأن يقرأوا القصة والشعر ليتهذب ذوقهم وتصبح لديهم ملكة الحديث وملكة الكتابة وأطلب منهم قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته والإهتمام باللغة العربية وبعلامات الترقيم .. وأنصحهم أن يتعلموا الكتابة على الحاسوب مباشرة ، وأن ينشروا ما يكتبون وأن تكون لديهم مدونات وصفحات على فيسبوك ، والذي يريد أن يكون متميزاً ومحترماً في المجتمع لابد أن يقرأ .. وفي البدء كانت الكلمة... واقرأ ..... والقراءة كفيلة بأن تٌحدث التغيير ، والتغيير مهم ومن تساوى يوماه فهو مغبون والذي لايتغير يتعفن .

• د. سعد الحداد :
ـ أقول : المطالعة حضارة وتلاقح ثقافي ومعرفي وعلى أبنائنا الشباب الاقتراب أكثر من الكنوز ، وما متوفر اليوم سيكون في غد ضياع ، أي إن الحياة تمضي مسرعة ، وما لم نتحصل اليوم على مزيد من المعارف قد لاننهل في الأيام القابلة إلا الحشف .. على الشباب إنشاء مكتبات خاصة ، ففيها الألفة والسعادة ، وفيها المنفعة والفائدة . ومصداقاً لقول سيد الكائنات نبينا الأعظم (صلوات الله عليه وآله وسلم ) ( طلب العلم فريضة) والحثّ عليها ماجاء في أول قولةٍ ربانيةٍ (اقرأ) .. فالقراءة مفتاحٌ للسعادة ثمين .

• د. وسام البكري :
ـ أنصح شبابنا وأبنائي أيضاً بالقراءة والمطالعة بالقدر الذي يجعله مُطّلعاً على الثقافة بصورة عامة ، فضلاً عن الإطلاع الذي يُعزّز فيه هواياته، مهما كان نوعها أو مجالها المعرفي. قد تبدو نصيحتي متواضعة ، لكنّ ما اشاهده من إسفاف وابتذال في شبكات التواصل الاجتماعي كفيسبوك مثلاً ، يجعلني أطالب بالحد الأدنى من الثقافة العامة ، فالكتابة بالعامية فاشية ، والأخطاء القبيحة في الكتابة لا يستقبحها معظم القرّاء !!، وكل ذلك قد يبدو هيّناً أمام الإسفاف في موضوعات الصفحات وعنواناتها ، فهي تدل على جهلٍ فاشٍ ، وعلى سوء أدب وقلة ذوق !!، وأجد الألوف من المتابعين لها ، فأين هؤلاء من الثقافة في حدودها الدنيا ؟!

• ثائرة شمعون البازي :

ـ هناك حقيقة علينا أن نواجهها ، وهي إن غالبية شبابنا يقضون أوقات فراغهم بين مقاهي الأنترنت والنوادي الطلابية ، بعدما تخلى قسم كبير منهم عن الكتاب ، وبات الهاتف الخليوي والانترنت هما المصدران الرئيسيان لثقافة الكثيرين منهم. وبصراحة حينما قمت بزيارات متعددة الى شارع المتنبي والى معارض الكتب وبعض المكتبات بحثت عن الشباب من كلا الجنسين . فلم أجد إلا القليل جدا ومن هنا خطرت في ذهني تساؤلات : ما الذي جعل شبابنا يعزف عن القراءة والمطالعة ؟ هل شجعنا أبناءنا على القراءة والإطلاع وذلك من خلال تهيئة البيئة الصالحة للقراءة ؟ وهل تحقق لهم ذلك في المنزل؟ ثم هل يصحب الآباء أبناءهم اللى مكتبة عامة أيام العطل ؟ وماذا عن بيئة المدرسة .. هل هناك من بين هيئة التدريس في كل مدرسة من يرشد الطلاب ويعرفهم بأهمية القراءة؟ وهل خصصت مكتبة في كل مدرسة ؟ وهل في مكتبة المدرسة محتوى ثري ومتنوع يشد انتباه الطلاب؟ تساؤلات كثيرة تواردت الى الذهن ، ولكن هل من أجوبة ؟

ختام الرحلة

ولنا عودة مع حصيلة رحلات قرائية لشخصيات اُخر .

الأحد، 15 مارس 2015

"كتاب تحوت" واحد من أكثر الكتب المصرية القديمة غموضاً / خبر



المصدر : سبوتنيك

على مر العصور كان هناك سلطات ومقاتلون وحكام متحمسون دائماً لتدمير الكتب ومؤلفيها في بعض الأحيان. ولكن كان هناك أيضاً ما يسمى بكتب اللعنات، والسؤال ما الذي كانت تخفيه هذه الكتب؟
ويعتبر "كتاب تحوت" واحد من أكثر الكتب المصرية القديمة غموضاً. ويعتقد أن الإله الوثني المصري القديم إله الحكمة والمعرفة "تحوت" يمتلك معرفة كبيرة تمنحه السلطة على العالم. يشار بأن تحوت أعطى الناس الكتابة وكان مؤرخ الآلهة، حيث تم تصويره على شكل إنسان برأس أبو منجل (طائر مصر المبجّل)، أما عبادته في مدينة هرموبوليس مرتبطة بالعالم السفلي ويكتنفها الغموض الكامل.

ويصادف أول ذكرى لكتاب تحوت في ورق البردى تورينو، حيث تم وصف المؤامرة ضد الفرعون لاستخدام السحر، علماً أن جميع أعضائها تم إعدامهم وتم حرق الكتاب الملعون الذي كان يدرس الخطوات والإجراءات غير القانونية.
ولكن بعد مرور بعض الوقت، ظهر الكتاب مرة أخرى في حوزة ابن رمسيس الثاني مرنبتاح. وقد كان من المعتقد أن هذا النص يسمح للنظر على الشمس دون زغللة، كما أن هذا الكتاب منح السيطرة على البحار والأرض والنجوم ويكشف أسرار لغة الحيوانات، وكان يسمح بإحياء الموتى والتأثير على الناس عن بعد. لذلك اعتبر ابن رمسيس الثاني أن هذا الكتاب هو خطير للغاية فحرقه؟.

ومنذ عام 300 قبل الميلاد تقريباً، ظهر الكتاب مرة أخرى والذي لقي اهتماماً كبيراً من قبل هيرميس ثلاثي العظمة مؤسس علم الكيمياء. ففي ذلك الزمان كان كل ساحر في الإسكندرية يدعي بأنه يمتلك كتاب تحوت، ولكن كانت نهاية هذا التفاخر الموت الحتمي نتيجة للحوادث الفجائية.

وفي القرن الخامس عشر ظهرت أسطورة حول جماعة سرية عملت على نشر ملخص كتاب تحوت على شكل بطاقات حصلت على اسم بطاقات التارو. هذا ما ذكره العالم الفرنسي أنطوان كور ديجيبيلين في كتاباته التي أكد فيها بأن هذه المعرفة المنصوص عليها في الكتاب المصري القديم نجت من حادثة حرق مكتبة الإسكندرية. وفي كتاب تاريخ السحر عام 1876 للكاتبة بوليا كريستينا التي عملت أمينة مكتبة مديرية التعليم العام لدى نابليون الثالث، أيضاً أشار إلى أن أسرار علوم الحضارة المصرية الرئيسية وما يحتويه كتاب تحوت موجودة في بطاقات التارو.

الجدير بالذكر أن كتب القرن التاسع عشر والقرن العشرين مليئة بقصص السحرة والمشعوذين وأصحاب بردى تحوت، لكن لم يجرؤ أحد للاعتراف بأنه يمتلك للمعارف السرية لأن التاريخ أثبت بأن كل من اطلع على تعاليم كتاب تحوت لم يمت ميتة طبيعية.

يشار إلى أن مكتبة الإسكندرية حالياً تحتفظ ببعض وريقات متناثرة لنسخة البردى الأولى من كتاب تحوت، لكن بعض الباحثين يتساءلون فيما إذا كانت هذه الوريقات أصلية وتعود للكتاب نفسه.

الأربعاء، 11 مارس 2015

نص الخطاب الذي ألقته الكاتبة الجزائرية آسيا جبار عند دخولها الأكاديمية الفرنسية / مترجم / مقالات مختارة

نص الخطاب الذي ألقته الكاتبة الجزائرية آسيا جبار عند دخولها الأكاديمية الفرنسية، يوم 22 جوان عام 2006


نص الخطاب الذي ألقته الكاتبة الجزائرية آسيا جبار عند دخولها الأكاديمية الفرنسية، يوم 22 جوان عام 2006


السيدات و السادة أعضاء الاكاديمية
         أريد أولا ذكر الشاعر جان كوكتو، الذي جرى استقباله هنا في أكتوبر 1955، في نفس التاريخ الذي دخلت فيه المدرسة العليا للأساتذة بباريس، وهو ما يتذكره إثنان أو ثلاثة من الذين درسوا معي وصديقاتي الحاضرين اليوم بيننا .
         "جان كوكتو" إذن بسمو وعذوبة غير متكلفين في كتاباته وصوره، قال في مقدمة خطابه:” يجب علي أن أتجنب كلمات المناسبات، التي يدفعنا نحوها لاشعوريا المكان التاريخي”.
          هل أتجنب كلام المناسبات بدوري؟ المجازفة بالنسبة لي أكبر: لست أملك ظرافة ولا حمية جان كوكتو، المُحتفى به طيلة حياته في المجتمعات الرفيعة ووسط الجماهير المتنوعة. على الأقل الكلمات الأولى لشاعر ألف قصيدة حقول الغناء التي ألقاها في هذه القاعة بالذات، تأتي إلي لأعبر لكم عن تشكراتي لأنكم قبلتموني إلى جانبكم . صوت كوكتو هذا يتدخل كهامس في مسرح يسمح لي بالسيطرة على تصلب ناشئ من حيائي أمامكم.
         لأن هذا المكان يسكنه الكثيرون من الذين كانوا على مدار أربعة قرون تقريبا يتناوبون في عمل دؤوب على اللغة الفرنسية، وحملتهم إلى هنا أعمالهم ذات الطبيعة العلمية، الخيالية، الشعرية أو القانونية. وسط هذا الشعب من الحاضرين/ الغائبين، الذين نسميهم إذن ” الخالدين” أختار كملاك حارس ثان، دونيس ديدرو، الذي لكم يكن مثل فولتير، أكاديميا، لكن شبحه سيكون لي وهذا ما أحسه، الظل الحارس.
         “تهيأ لي، كتب الفيلسوف سنة 1751، أنه ينبغي أن أكون بالمرة في الداخل و الخارج”. وهكذا حدد ديدرو مساره بينما هو ينهي رسالته عن الصم البكم.أستعير منه زاوية المقاربة هذه، لأضع نفسي ” في آن واحد في الخارج وفي الداخل” لأقوم بالثناء كما جرت العادة على من سبقـني في الجلوس على الكرسي رقم 5 العميد جورج فيدل.
أيتها السيدات و السادة و هي تابعة للسابقة…
         اسمحوا لي بالتحدث عنها الآن : فرنسا على مدار أكثر من نصف قرن واجهت الحركة العالمية التي لا تراجع فيها المتعلقة بتصفية استعمار الشعوب، وحدث أن جرى على الأرض التي ولدتُ بها ترك إرث كبير من حياة البشر الذين جرى سحقهم، وتضحيات خاصة وعامة لا عدّ لها، وهذا مؤلم على جانبي التمزق .
           كان الأمر يتعلق أيضا بمواجهة أكثر اتساعا لأوروبا مع كل العالم الثالث، وعلى فلاسفة التاريخ أن يقدروا لماذا أخذت الحربان العالميتان جذورهما دون شك في أن ألمانيا وهي قوة توحدت سنة 1870 وجدت نفسها مستبعدة من التقسيم الكولونيالي لأفريقيا في القرن التاسع عشر.
         أفريقيا الشمالية في زمن الإمبراطورية الفرنسية ـ كبقية أفريقيا بالنسبة لمستعمريها الإنكليز، البرتغاليين أو البلجيكيين- عانت طيلة قرن ونصف بالتمام من سلب خيراتها الطبيعية. ومن تدمير أساساتها الاجتماعية، وبالنسبة للجزائر، الإقصاء من التعليم بلغتي هويتها، البربرية الضاربة في جذور التاريخ، واللغة العربية، التي لم أتمكن حينها من ملاحظة خاصيتها الشعرية إلا في آيات القرآن التي بقت عزيزة علي . الاستعمار جرحٌ كبير عاشه أجدادي لأربعة أجيال يوما بيوم.
          السيدات و السادة، الاستعمار عاشه أجدادنا يوما بيوم على مدى أربعة أجيال على الأقل، وكان جرحا كبيرا!جرحا فتح البعض ذاكرته مؤخرا ، وبخفة من خلال مسخرة الحسابات الانتخابية. قبلها في 1950 ضمن “خطاب حول الاستعمار” بين الشاعر الكبير إيمي سيزار بنفس كلماته القوية، كيف أن الحروب الكولونيالية في أفريقيا و آسيا، وبالفعل “نزعت غطاء الحضارة” و “وحشت” كما قال أوروبا.
           في قلب حرب الجزائر من جهتي، على العكس استفدت من حوارات دافئة مع المعلمين الكبار لسنوات الخمسينات: لويس ماسينيون، دارسٌ للإسلام من نوعية نادرة، لأجل أبحاثٍ حينها حول التصوف النسوي في القرون الوسطى، المؤرخ شارل أندري جوليان الذي كان عميدا لي في جامعة الرباط في حوالي 1960، وأخيرا عالم الاجتماع المستعرب جاك بيرك الذي وقف إلى جانبي ويا للحسرة مباشرة قبل موته في قلب العنف الإسلامي خلال العشرية الماضية المسلط على المثقفين في الجزائر.
           سأضيف إلى هذه القائمة، الصديق السابق الذي لا يظهر غاستون بونور الذي من مصر جاء ليُـنهي حياته العملية كأستاذ في المغرب. كان واحدا من القلائل الذين شجعوني في بداياتي كروائية، وهو ما فعل في وقت متأخر الشاعر بيار إيمانويل الذي أخذ مكانه بينكم.
         أنتهي بالخصوص إلى ذكْــر امرأتين أعطتاني القوة لأكون ما أنا وأقصد مؤلفة تكتب بالفرنسية: احداهما السيدة بلاسي، في مدرسة البليدة، بقراءتها البسيطة لشعر بودلير- كان عمري 11 سنة-، الأخرى في باريس، الأستاذة دينا دريفوس التي مررت لي من خلال دراسة ديكارت وكانط شيئا من الصرامة، كنت في التاسعة عشر…
         أريد أن أضيف، وأنا أفكر في الكثير من الجزائريات اللاتي يكافحن اليوم من أجل حقوقهن كمواطنات، اعترافي بجميل جيرمان تيليون، التي سبقتنا جميعا، بأعمالها في الأوراس، كان ذلك في الثلاثينات، وبعملها الحواري في خضم معركة الجزائر سنة 1957، وأيضا لكتابها “الحريم وأبناء العم” الذي كان لنا منذ الستينات “الكتاب المضيء”، عمل واضح الرؤية أكثر مما هو مثير للجدل.
         مثل جورج فيدل، توجهت للفلسفة. متحمسة، كنت في الواحدة والعشرين، بالمنزلة الرفيعة لأبن رشد، ابن رشد هذا العبقري الأندلسي الذي كان أحيت جرأة تفكيره الموروث الغربي، لكن وحين تعلمت الإنكليزية، اللاتينية والإغريقية، ومثلما رغبت دون جدوى في تحسين عربيتي الكلاسيكية، كان علي أن أقلص من طموحي والقبول مكرهة لأصير مؤرخة. في هذا المنحى أحادية اللغة الفرنسية التي تم فرضها في الجزائر المستعمرة، كانت تريد تقليل قيمة اللغات الأم، وتدفعنا أكثر للبحث عن أصولنا.
        وهكذا أقول نبضت “رغبتي الملحة في اللغة”، لغة متحركة، لغة أصنع إيقاعاتها لأقول لنفسي أو لأعبر على أنني لا أحسن الحديث لنفسي، وإلا يا للأسف أحيانا في الجرح… وإلا في الصراع بين لغتين، لا بين ثلاث لغات، وفي هذا المثلث غير المتساوي الأضلاع، على مستويات قوة أو تواضيح مختلفة علي أن أجد مركز توازني أو اهتزازي لأضع كتابتي، وأجعلها تستقر بدل المخاطرة بجعلها تهرب مني.
         اللغة الفرنسية، لغتكم أيتها السيدات والسادة، صارت لغتي، على الأقل كتابة، الفرنسية إذن مكان تنقيب لأعمالي، فضاء لتأملاتي أو لأحلامي، هدف لطوباويتي ربما، ولأقول حتى أنها إيقاع تنفسي اليومي: ما أريد وضعه الآن، أو أن أبقى خيالا واقفا على عتبتكم.
         أتذكر العام الماضي في جوان 2005، اليوم الذي انتخبتموني فيه عضوا لأكاديميتكم أجبت الصحفيين الذين كانوا يريدون معرفة ردّ فعلي قائلة “كنت سعيدة لأجل الفرنكوفونية في البلاد المغاربية”.
         الرصانة تفرض نفسها، لأنه تملكني إحساس فيزيائي تقريبا أن أبوابكم لن تنفتح لي وحدي، ولا لكتبي فقط، لكن لظلال زملائي التي لا تزال حية - كتابا، صحفيين، مثقفين، نساء ورجال الجزائر الذين دفعوا في عشرية التسعينات حياتهم ثمنا للكتابة، ولعرض أفكارهم، أو فقط لأنهم مارسوا التعليم باللغة الفرنسية. منذئذ، بفضل الله بدأت بلادي شيئا فشيئا تكوي جراحها.
           سيكون ربما مفيدا أن نذكر أنه في طفولتي في الجزائر تحت الاستعمار (كانوا يسمونني حينها “فرنسية مسلمة”) بينما هم يعلموننا أن “أجدادنا الغاليين (من بلاد الغال)” في تلك الفترة تحديدا الغاليين، أفريقيا الشمالية (التي نسميها أيضا نوميديا) أرضي العريقة كانت لديها كتابة أدبية رفيعة النوعية، باللغة اللاتينية…
          سأذكر ثلاثة أسماء كبيرة: أبوليوس، المولود سنة 125 بعد المسيح في مادور (مداوروش الحالية بسوق أهراس) في شرق الجزائر، كان طالبا في قرطاج ثم في أثينا، يكتب باللاتينية، يلقي محاضرات رائعة بالإغريقية، له أعمال أدبية كثيرة، أبرزها “الحمار الذهبي أو التحولات”، وهي رواية عن التشرد، حافظت حيويتها، وحريتها و قهقهاتها على عصرنة عجيبة… يا لها من ثورة، ينبغي ترجمتها للعربية الشعبية أو الأدبية، لا يهمّ، الأكيد أن ذلك سيكون لقاحا منقذا يجب القيام به الأصوليات من كل حدب التي ظهرت اليوم.
           بينما ترتوليان الذي ولد وثنيا في قرطاج سنة 155 بعد المسيح، و الذي اعتنق المسيحية فيما بعد، فهو مؤلف لحوالي ثلاثين عملا منها دفاعاته ذات الصرامة النقية ويكفي أخذ جملتين أو ثلاثة التي برزت من القرن الثاني المسيحي واللاتيني لتبدو فجأة وكأنها كلمات خطيب منبر يبغض النساء وغير متسامح من أفريقيا. مثلا لنأخذ مقطعا من تأليفه “عن حجاب العذارى” وفيه هذا التأكيد: ” كل عذراء تكشف نفسها – يكتب ترتوليان- تتعرض لنوعٍ من الدعارة !” و في مكان آخر يقول ” منذ أن كشفتم عن رأس هذه الفتاة، لم تعد عذراء كاملة في نظرها”.
           نعم، لنترجمه بسرعة إلى العربية، لنثبت لأنفسنا، على الأقل أن الهوس بكره النساء الذي يختار دائما الجسد الأنثوي كقضية ليس فقط تخصصا “إسلاميا”.
           في منتصف القرن الرابع، مرة أخرى في الشرق الجزائري ولد أكبر أفريقي من ذاك الزمن القديم، ولا شك أنه كذلك في كل أدبنا: أوغسطين، ولد لأبوين بربريين تأثرا باللاتينية… ولا فائدة من التطرق لتفاصيل مسار معروف لأب الكنيسة هذا: تأثير أمه مونيك التي تتبعته من قرطاج حتى ميلان، ونجاحاته الفكرية والمجتمعية، ثم مشهد الحديقة الذي اهتدى إثره، وعودته إلى منزل والده في تاغاست، وبداياته كقسيس في هيبون (عنابة الحالية) وأخيرا كفاحه الطويل لما لا يقل عن عشريتين، ضد الدوناتيين، من البربر الذين اعتنقوا المسيحية، لكنهم بقوا متصلبين بشدة في انشقاقهم.
           بعد عشرين سنة من النضال ضد هؤلاء الذين كانوا بمثابة “المسيحيين الأصوليين” في وقته، والذين كانوا على اتصال مع أتباعهم الذين يتكلمون البربرية، اعتقد أوغسطين أنه هزمهم: بالتحديد تصور أنه انتصر عليهم سنة 418 في قيصرية ( شرشال) موريطانيا (مدينة عائلتي و جزء من طفولتي).
          كان مخطئا. بعد ذلك بثلاثة عشر سنة، مات سنة 431 في هيبون التي حاصرها الوندال الذين جاؤوا من إسبانيا والذين على سواحلها قاموا خلال عام واحد بتدمير كل شيء تقريبا.هكذا يشكل هؤلاء الكتاب الكبار جزءا من تراثنا، ينبغي أن تتم دراستهم في الثانويات المغاربية: باللغة الأصلية أو في ترجمات فرنسية وعربية .
          علينا التذكير أنه لقرون رافقت العربية انتشار اللاتينية والإغريقية في الغرب حتى نهاية القرون الوسطى. بعد 711 وحتى سقوط غرناطة سنة 1492 عربية الأندلسيين أنتجت أعمالا جليلة من مؤلفيها ابن بطوطة الرحالة المولود في طنجة، ابن رشد الفيلسوف الذي شرح أرسطو ليرد على الغزالي، وأخيرا المتصوف الكبير في الغرب الإسلامي ابن عربي، الذي سافر من بجاية غلى تونس ومنها عاد إلى قرطبة ثم إلى فاس.
            العربية كانت حينها أيضا لغة علوم ( طب، فلك، رياضيات و غيرها). وهكذا ففي لغة الآخر (البدو من الجزيرة العربية أدخلوا البربر في الإسلام ليغزوا معهم إسبانيا) كان أجدادي الأفارقة يكتبون ويخترعون. آخرهم وجه للحداثة يرمز للقطيعة كان ابن خلدون الذي ولد بتونس، وكتب تاريخه عن البربر في الجزائر، في منتصف القرن الرابع عشر وأنهى حياته سنة 1406 في المشرق، كما فعل تقريبا قبله بقرنين ابن عربي. بالنسبة لهذين العبقريين المتصوف الأندلسي والمتشكك مخترع علم الاجتماع كانت لغة الكتابة محركا لهما، هما ينتميان للعالم، اختارا المنفى على موطنهما على أن يتركا التأليف.
         فيم تنفعني اليوم لغتي الفرنسية ؟ أطرح السؤال على نفسي بصراحة مذ كان عمري 20 سنة، لقد اخترت تدريس التاريخ المغاربي في الجامعة.
        مثل العميد فيدل أحب في هذه المهنة حرية الفكر التي تضمنها، وكذا الاتصال بالمفكرين الشباب لنوصل لهم ما نحب، ونبقى يقظين معهم لأنهم يوجهون بوصلتنا بينما نحن نتقدم في السن. لم أفعل بعد كل شيء سوى أنني مددت في عمر نشاط والدي الذي كان معلما في الثلاثينات في قلب جبال الجزائر، وحيدا في مدرسة لا تصل إليها الطريق، يعلم الأطفال بالفرنسية، ويضيف دروسا للكبار من جيله، يضمن لهم تكوينا سريعا في الفرنسية ويهيئهم بذلك لمزاولة وظائف صغيرة في الإدارة لكي تحصل عائلاتهم على مواد منتظمة.
         منذ الخامسة عشرة انتميت إلى مفهوم ساخن للأدب.” أكتب لأتعرف على نفسي” يقول الشاعر هنري ميشو، وتبنيت بصمت هذه المقولة.
         الكتابة صارت لدي نشاطا ليليا في الغالب، بأي حال نشاطا دائما، بحث تتقطع معه الأنفاس… أكتب بحمية “الاجتهاد” يعني بالبحث المصوب نحو ماذا، نحو الذات أولا. أتساءل، مثل من ربما بعد كل شيء مثل بطل أبوليوس المتحول الذي سافر إلى تيساليا، سوى أنني لا أريد أن أحتفظ من هذا التقارب الرنان بغير حركة و تسكع لوسيوس، نظير المؤلف ابن بلدي قبل تسعة عشر قرنا…
        هل تتساءلون انني أكتب متحولة، مقنعة وهذا القناع الذي لا تريدون مع ذلك نزعه هل هو اللغة الفرنسية ؟
        منذ عقود لم تعد هذه اللغة عندي لغة للآخر- تقريبا جلدي الثاني، أو لغة متغلغلة في داخلي، نبضاتها ضد خفقات القلب، قريبة جدا من الشريان التاجي، ربما تحيط بعقبك بعقدة خيط متدلية، لتصنع إيقاع مشيتك (لأنني أكتب و أمشي، يوميا تقريبا في حي سوهو أو على جسر بروكلين)… ولا أحسّ حينها سوى بنفسي سوى عينان تنظران وسط عالم عملاق يولد. فرنسيتي تصير طاقة باقية تساعدني على تجرّع الفضاء الأزرق الرمادي، كل السماء.
         كان يمكن أن أصبح في نهاية السبعينات بالمرة سينمائية بالعربية و روائية بالفرنسية. رغم فيلمي الطويلين، الذين احتفي بهما في البندقية و برلين، لو أنني أصررت على الكفاح ضد ذكورية الممسكين بسينما الدولة في بلادي، بصورها الكاريكاتورية من الماضي، و صورها الشعبوية المثيرة للأسى، كنت سأختنق كما كان مصير العديد من السينمائيين الذين تم تكوينهم بجدية. هذا العقم الهيكلي كان ينبئ في العمق في الجزائر بموجة اللاتسامح والعنف الذين عرفتهما عشرية التسعينات. كنت إذن سأغامر بالعيش صماء و عمياء بطريقة ما، لأنني ممنوعة من الإبداع المرئي-المسموع.
         لكن من خلال استطلاعي لأخذ ذاكرة نساء الجبال في الظهرة بالعربية وأحيانا البربرية المستعملة كصمام لذكريات الذبيحة المؤلمة تلقيت صدمة نهائية. كانت عودة للمنابع، لأقل حتى أنه كان درسا أخلاقيا وجماليا من نساء من أعمار مختلفة من قبيلة أمي، كن يتذكرن حياتهن أيام حرب الجزائر، وأيضا حياتهن اليومية.
          تحررت ألسنتهن مع صور مفاجئة، نصف كتابات، مرة وغريبة، تترك إيمانا قويا أو مطمئنا كنبع ماء يغسل و يمحي الأحقاد. نساء جبل شنوة أعدن لي بصيرتي وفرنسيتي تنورت بهن تعلمت الرؤية من جديد، ومع رغبة في التوصيل بطريقة شبه فرجيلية لهذا الواقع، استعدت الوحدة الداخلية، بفضل تلك الكلمات المحفوظة من أخواتي، وحيائهن اللامعلوم، وأيضا الصوت الأصيل الذي بدأ يختمر في قلب فرنسية كتابتي، و هكذا مسلحة أو متصالحة اتجهت نحو آفاق رحبة.
           هناك على الضفة الجنوبية التي تركتها، من ينظر بعد الآن إلى كل امرأة التي لم تكن لها من قبل حقّ النظر، تمشي بخطى صغيرة مطأطئة، عيناها نحو الأسفل، تغطي وجهها، جبهتها وكل جسدها بثياب شتى، من صوف وحرير وقفاطين؟ أجساد متحركة صارت بينما كان تمدرس البنات من كل الأعمار مفروضا في أصغر قرية فيما يبدو تحت الرقابة بصورة أشد ؟
          المهندسة المعمارية الشابة في نوبة نساء جبل شنوة، تعود إلى منطقة طفولتها، نظرتها إلى القرويات تطلب تبادل الكلام، وتتداخل حواراتهن.
        هل من الصدفة أن كل أعمال النساء في السينما تضيف للصوت وللموسيقى ولنبرة الأصوات المأخوذة والمفاجأة بعدا أكثر عمقا من الصورة ذاتها ؟ كما لو أنه ينبغي الاقتراب أكثر من الشاشة، وملئها، لكن الصوت ممتلئ، حادّ كصخرة، هش وغني كقلب بشر.
        هكذا توجهت للعمل في مجال الصورة والصوت، لأنني كنت أقترب من لغة أم لا أريد رؤيتها إلا في الفضاء، أرغب في أخذ هيئتها نهائيا، لغة كضربة الشمس تصنع إيقاعا خارج أجساد المرأة الماشية، الراقصة ، التي دائما في الخارج، تحد أساسي.
      أما بالنسبة للفرنسية في نهاية أي ترحال بشري يمكن أن نصنع ظفيرة للغة تبدو واضحة في نسيج أصوات أخواتي ؟ كلمات كل لغات العالم تتلامس، تتهجأ، تطير مثل سنونوة تصنع عشها.. نعم الكلمات يمكن أن تتنفس، لكن شكل رسمها ، لا يلغي أجسادنا الحاملة للذكريات.
        القول دون تصنع إن كتابتي بالفرنسية تحمل بذور أصوات وإيقاعات الأصل، مثل الموسيقى التي جاء بيللا بارتوك ليسمعها سنة 1913 حتى في قمم الأوراس. نعم لغة كتابتي تنفتح على المختلف، تتخفف من محظورات الاختراق، تتمطط لكي لا تبدو كغطاء مائدة مملوء تشده خيوط الصمت.
          فرنسيتي تنورت منذ عشرين سنة من ليلة “نساء جبل شنوة” وبدا لي أنهن لا زلن يرقصن من أجلي في مغارات سرية، بينما يشعّ البحر المتوسط عند أقدامهن، إنهن يحيينني، يحمينني . حملت إلى ما وراء الأطلسي ضحكاتهن، صور “شفا” – نطقتها بالعربية- يعني للبرء. لأن فرنسيتي، مغلفة بالمخمل، لكن أيضا بأشواك لغات كانت مخفية، ستجعل ربما جروح الذاكرة عندي تندمل.
           السيدات و السادة، أنها رغبتي الأخيرة في “الشفاء” لنا جميعا، لنفتح واسعا “كتاب الشفاء” - نطقتها أيضا بالعربية - كتاب شفاء (الروح) لابن سينا، المسلم من اصفهان الذي كان سباقا للعلم في شتى تخصصاته، وفاجأ قبل بيك دو لا ميراندول بأربعة قرون القراء والعلماء المتابعين…
        لا يمكنني من أجل أن أختم، ألا ألتفت نحو فرانسوا رابلي ” العابر الكبير للطرقات الخطرة” كما يسمى، رابلي إذن الذي كان في مونبيليي يدرس الطب، انغمس في كتب الشفاء. وفي رسالته من غارغونتيا إلى بنتاغريال سنة 1532، أي قبل قرن من إنشاء الأكاديمية من قبل الكاردينال دوريشليو قدم النصيحة بتعلم ” أولا الإغريقية، ثانيا اللاتينية، بعدها العبرية للآداب المقدسة، والعربية لنفس السبب” وأضاف غارغونتيا سريعا للبرنامج ” القانون المدني، أريد أن تعرف عن ظهر قلب كل النصوص الجميلة”.
           ولهذا أتصور أيتها السيدات أيها السادة أنه في هذه اللحظة فوق رؤوسنا يتحاور فرنسوا رابلي في الأعالي مع ابن سينا، بينما أضحك أنا هنا تجاه العميد فيدل الذي بفضلكم أخلفه اليوم.


ترجمة عمر شابي
منشور بالكامل بالفرنسية على الموقع الرسمي للأكاديمية.

الأحد، 11 يناير 2015

محرك بينج يعرض ترشيحات افضل الكتب ضمن نتائج البحث / مقال تعليمي مفيد

محرك بينج يعرض ترشيحات افضل الكتب ضمن نتائج البحث

نشرت بواسطة: حمزة القبلي . مصدر ترايد نت .


افرجت مايكروسوفت صباح هذا اليوم عن تحديث طال نتائج البحث التي يقوم بعرضها محرك البحث بينج و ذلك للرفع من مردوديته و التفاعل بشكل اكبر مع طلبات المستخدمين و رغباتهم.
التحديث الجديد سيظهر بشكل تلقائي اثناء بحث المستخدمين عن عبار تتضمن كلمة “Best-selling” متبوعاً باسم مجال معين و ذلك عبر عرض شريط يمتد على طول الشاشة و يعرض افضل الكتب مبيعاً و ذلك حسب تصنيب مجلة نيويورك تايمز الامريكية .
هذا و بمجرد الضغط على غلاف اي كتاب سيعرض بينج تقييمات القراء و تعليقاتهم عليه بالاعتماد على المواقع التي تنشط في هذا القطاع بالاضافة الى روابط مباشرة للمواقع الرسمية التي تمكنك من اقتناء الكتاب بجودة ممتازة بعيداً عن عمليات القرصنة .
تجدر الاشارة ان التحديث لم يظهر بعد لعموم المستخدمين حول العالم حيث اكتفت مايكروسوفت باطلاق نسخة تجريبية منه للمستخدمين بالولايات المتحدة الامريكية .

الخميس، 1 يناير 2015

عامين من التدوين / احمد حسن مشرف / مقالات مختارة ومفيدة جدا .

اهم مقالات المدون احمد حسن مشرف .
المصدر : المدونة الرسمية لاحمد حسن مشرف.



عامين من التدوين

ليتها كانت عشرة أعوام … أستمتعت بكل مقالة كتبتها … البعض منها كُتب ولم يكن لي رغبة في الكتابة، وأُخرى كُتبت بكل شغف لعلها غيرت حياة شخص ما في مكان ما، لكن المهم في الأمر هو الإلتزام بكتابة المقالة وتوثيق الأفكار كل يوم، أحزن قليلاً على بعض الأيام التي انشغلت بها عن الكتابة، ولعلي أنشغل بتعويضها في المستقبل.

وتزامناً مع مقالتي رقم ٣٠٠، اخترت اليوم أن أشارككم بعض أهم المقالات خلال الفترة الماضية:
لدي فكرة، وسأعمل عليها غداًَ.
لا نريد المزيد من الأطباء والمهندسين (١/٢)
لا نُريد المزيد من الأطباء والمهندسين (٢/٢)
… النصيحة لا تُقدر بثمن
نصيحة استثمارية واحدة
رسالة للخريج الجديد – [في العمل]
أعطني ٣ نصائح أو نصيحة !
عيال البلد والمستحقات
كتابة التدوينة (كيف وماذا تكتب؟)
كيف تقرأ الكثير من الكُتب؟

أطلب اليوم للمرة الأولى من قارئتي/قارئي العزيز أن يقترح علي بعض المواضيع التي تثير فضوله، لعلي أكتب عنها في المستقبل، ويمكن مراسلتي بذلك على: ahmad@amoshirf.com

قراءة ممتعة.


أفضل ما قرأت في 2014 وأرشحه للقراءة


أفضل ما قرأت في 2014 وأرشحه للقراءة


كعادة كل عام منذ أن اكتشفت موقع جودريدز العظيم، أكتب عن أفضل ما قرأت خلال العام، هذا العام على عكس العام الماضي، لم أحقق سوى 18% من هدفي في قراءة الكتب في 2014، 18 كتاب بعد أن كنت حزين بسبب قراءتي 55 كتاب العام الماضي، الجميل أنني قرأت كتب كان لابد أن أقرأها وكانت هذه هي أفضل الكتب التي قرأتها في 2014:
-الثلاثية لمحفوظ
-الحرافيش لمحفوظ
ربما تكون الثلاثية والحرافيش من أفضل ما قرأت في حياتي وأعتقد من أفضل ما أنتجه العرب في الرواية.

-التفكير العلمي للدكتور فؤاد زكريا والذي اعتقد أنه واجب على كل شخص قراءته.
-حياة ميتة — قصص من غزة لعاطف أبو سيف، هذه المجموعة القصصية ستجعلك تدرك بالفعل معاناة أهل غزة، الأخبار التي تشاهدها في التلفزيون تنقل لك وقائع لكنها مهما كانت مؤثرة لن تنقل مشاعر من يعيشون في غزة ومعاناتهم مثل هذه المجموعة القصصية وهنا تأتي أهمية فن “القصة”.

في 2014 قرأت أيضا لكُتاب كان لابد من القراءة لهم مثل بلزاك الذي قرأت له “الأب جوريو” والذي اكتشتفت أن أسلوبه يميل للاسترسال، وقرأت الغريب لألبير كامي والتي اعتقد انها تحتاج قراءة ثانية، وقرأت بيت الدمية لإبسن وأعجبتني رغم بساطتها، كما قرأت نسخة مبسطة من كتاب “تحرير المراة” لقاسم أمين، واكتشتفت أن أفكاره لم تكن صادمـة على الإطلاق وأن أسلوبه في الكتابة ممل بالنسبة لي، وقرأت الأوباش لخيري شلبي ومالك الحزين لإبراهيم أصلان وكانتا جيدتين.

أطمح لقراءة مئة كتاب هذا العام 2015، وأن يكون من ضمنهم الكثير باللغة الإنجليزية وأن أهتم أكثر بالقراءة عن التسويق والتقنية.

الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

مبادرة كتابي كتابك.. حق المعرفة حق مقدّس / مقالات مختارة .


مبادرة كتابي كتابك.. حق المعرفة حق مقدّس

المصدر : موقع كسرة الالكتروني . اقرا المقال كاملا بالضغط على هنا



انطلقت مبادرة «كتابي كتابك» عام 2009 على يد السيدة هناء الرملي، وتم تسجيل المبادرة كجمعية تحت مسمى جمعية كتابي كتابك، بترخيص من وزارة الثقافة الأردنية عام 2010، ويبلغ عدد المتطوّعين حالياً 1000 متطوعٍ مشارك في الأنشطة والفعاليات وجمع الكتب وفرزها ونقلها.

وتهدف المبادرة إلى إنشاء المكتبات العامة في المناطق الفقيرة والمخيمات الفلسطينية، والتشجيع على القراءة، لكافة المراحل العمرية، والتركيز على فئتي الأطفال والناشئين؛ لترسيخ وغرس عادة القراءة لديهم منذ الصغر.

وكان سبب تأسيس المبادرة؛ إنشاء المكتبات العامة في المناطق الأقل حظاً والمخيمات الفلسطينية، لعدم توفر مثل هذه الخدمات فيها، وإعادة تدوير الكتب بجمع الكتب المستخدمة كتبرّعات من الناس، ليتم وضعها في مكتبات عامة في الجمعيات الاجتماعية التي تخدم المجتمع المحلي، سواء في المحافظات أو في المخيمات الفلسطينية، تحت شعار «حق المعرفة حق مقدّس للجميع.. من يملك ثمن الكتاب ومن لا يملك ثمنه».

وتعمل المبادرة في كل من المخيمات الفلسطينية في الأردن، وفي الأحياء الشعبية في عمان والزرقاء وفي عجلون، وفي قرى في الأغوار الجنوبية والشمالية والكرك وأربد والعقبة ووادي رم وحوض الديسي والرصيفة ومأدبا والسلط، كما أن المبادرة أصبح لها امتداد عربي في كل من السعودية وقطر والإمارات واليمن ولبنان وفلسطين والمغرب وتونس ومصر والجزائر والسودان، وكلهم يعملون بنفس آلية العمل للمبادرة الأم في الأردن.


النشاطات

إنشاء نادي القراءة للأطفال (كتابي مع حبي)، قراءة القصص ومناقشتها وإقامة ورشة فنية وألعاب ومسرح دمى، واستضافة كتاب متخصصين في أدب الطفل، وإنشاء نادي القراءة (كتابي كتابك ) للناشئين، بالتعاون مع مكتبة عبد الحميد شومان، ولقد لبت المبادرة دعوة السويد في المشاركة بإلقاء مجموعة من المحاضرات حول مبادرة كتابي كتابك، في معرض جوتنبرج الدولي للكتاب، بعد اختيار المبادرة كأفضل مبادرة على مستوى العالم في مجال التشجيع على القراءة، والدعوة والترشيح كانا من مؤسسة إنقاذ الطفل السويدية ومؤسسة دياكونيا وإدارة معرض جوتنبرج الدولي للكتاب، حيث تم تقديم جائزة تقديرية ولقب (مغيرة الحياة Life changer).

كما أنشأت المبادرة نادي القراءة (13 تحت الشمس- كتابي كتابك) للكبار، وتقوم المبادرة بلقاءات دورية شهرية واستضافة الكُتاب ومناقشة الكتب معهم، وأقامت مشروع «أطير أو لا أطير» للتشجيع على القراءة من خلال مسرح دمى وأغاني وسيناريو قصص وأفلام إنيميشن، تم تأليفها من قبل فريق متخصص، تدور حول أهمية القراءة والمكتبات، كما عملت المبادرة حملة «كتاب في اليد ولا عشرة على الشجرة» تهدف إلى التشجيع على القراءة في الأماكن العامة، وتقيم المبادرة نادي «كتابي كتابك» في «المخيم الصيفي لأيتام المخيمات» في كل إجازة صيف منذ 2010، وعملت على تنظيم رحلات تعليمية وترفيهية لمتحف الأطفال مع مسابقات ثقافية وألعاب وجوائز بمعدل 6 رحلات في السنة.

الأحد، 7 ديسمبر 2014

قراءة نقدية في رواية دابادا /حسين سليمان






خلقت الأعمال الروائية الكلاسيكية على يد الروس والأوروبيين عالما فنيا يفوق الواقع التاريخي الاجتماعي ويدل عليه ويقف منه موقفا وجدانيا يكشف تشوهات الروح والبؤس، ويكشف حركة المصير التي لا تعبأ بتطلعات الفرد أو المجتمع، حركة لها قدمان يطآن الرغبة والأمل. لقد أشادت هذه الأعمال النصب العالمي آنذاك وجاءت أعمالا متينة سلسة تمس الوجدان والعاطفة وتخلق فيهما موقفا مضادا للواقع. 
ثم كانت الأعمال الحديثة التي لطريقة تركيبها الفني قد كسرت الصيغ الكلاسيكية المألوفة. فلم يعد الحديث فقط مع العاطفة والوجدان بل أضيف إلى ذلك العقل الذي سيساهم في عملية التحليل والتفكيك لإطلاق المعاني المرمزة. هذه المعاني التي لن تحملها الطرائق الكلاسيكية. حيث أن قوة المغزى عميقة مغروسة في أعماق البنية البشرية، والأشكال السطحية المنظمة المضبوطة والتي يشكلها الزمان والمكان معا هي تيارات سطحية لا تشي بمعمار الداخل القابع في القاع. 
لقد تزامنت هذه التيارات الجديدة مع الاكتشافات الحديثة للفيزياء والكيمياء اللتين تكشفان في كل مرة أن حقيقة الوجود تظل ناقصة والطريق إلى الحوزة عليها هو طريق توافقي بالمعنى الرياضي أو (تضاعفي)، حيث أن ملايين السنين القادمة لن تكفي للوصول إليها. 
ولقد أجادت الرواية العربية الطرائق الكلاسيكية وأمتعتنا بسرديتها وبفنيتها الجميلة (موسم الهجرة، الحرافيش، التيه من مدن الملح.. لا أغفل أيضا أعمال إبراهيم أصلان..) وبظهور التيه وموسم الهجرة كنت قد كونت نظرة عن أن الرواية العربية وصلت إلى المنتهى الكلاسيكي ويجب بالتالي إما أن تكرر نفسها أو أن تستكشف طرائق أخرى- وهذا الكلام لا ينطبق على إبراهيم أصلان مثلا حيث الظاهرة الإبداعية لديه فيها خصوصية عربية مصرية. وربما كانت البدايات على يد إدوار الخراط في رواية "الزمن الآخر" التي سيطر عليها عامل اللغة وأدارها كي يحولها إلى قصيدة نثر طويلة. فالزمان والمكان في هذه الرواية هما في حالة الشعرية وليسا في حالة الروائية. الزمن الآخر قد افتتحت النهج أو الصيغة الحديثة التي ستكتمل عن طريق تحويل قوة الشعر إلى الرواية حيث سيتم فيها إدخال معامل خاص يضمن رؤية مختلفة للمكان والزمان. هذه الرواية، الزمن الآخر، مهدت الطريق لدابادا.
في الواقع البسيط والمباشر أن من مهد الطريق لدابادا هو وليم فوكنر في راوية الصخب والعنف حيث كانت ترجمتها إلى العربية العامل الأكبر لظهور دابادا. لكن هذا الظهور من الوجهة العميقة يدين لرواية الزمن الآخر أو (رامة والتنين) فهي التي ألمحت للنفس العربية المبدعة بضرورة كسر القيد الكلاسيكي للنص الروائي. لذلك لا أخشى في أن أقول إن إدوار الخراط هو الأب أو الجد ( Grandfather) المؤسس للرواية العربية الحديثة. حيث أن هناك رباطا بينه وبين الكلاسيك من جانب وبينه وبين الحديث من جانب آخر. 
الحالة الروائية عند إدوار الخراط أو عند حسن مطلك ليست حالة قص أو رواية أحداث كما هي عند بلزاك أو فلوبير، محفوظ أو منيف، بل هي طاقة موسيقية غاضبة تريد أن تخرج بأداة اللغة، ولا تتسع لها القصيدة، ولا تتسع لها الرواية الكلاسيكية التي تبدو أمامها هشة ضعيفة، فتهشمها الطاقة الإبداعية العميقة التي تدفع وتخرق بالصور الفنية المعنى الزماني للمجتمع ذلك كي تدينه وتكشف خطاياه الأبدية. 
"... بحلول الخريف حيث تجاهد الأشجار للتخلص من أوراقها الميتة، قامت هاجر ثم اتجهت إلى المطبخ المنفرد لكي توقد ما تبقى من أحطابها وتعد أصباغا من عروق الشوك لقربة اللبن. قامت هاجر. يقول شاهين وهي أمه. 
وفي كل خريف تتجدد ذكرى ضياع الأب في البراري بسبب أرنب مبقع" 
ما سبق هو افتتاحية رواية دابادا التي كتبها الراحل حسن مطلك وصدرت طبعتها الأولى على نفقته عن الدار العربية للموسوعات في بيروت العام 1988. ويقوم ويشاد في هذه الافتتاحية الأساس الذي سيبنى عليه المعمار الروائي التشكيلي الغامض، حيث الافتتاحية في هذا النوع من الأعمال ليست مقدمة للتوضيح بل هي من مرة واحدة غرف اليد عميقا في سريان الباطن كي تمسك على المنبع الذي يغذي العمل الروائي كله. فالتيمة التي تقص ضياع الأب هي أساس الرواية. وكما هو الحال في رواية "بيدرو بارامو" التي يفتتحها خوان رولفو " جئت إلى كومالا لأنهم قالوا لي إن والدي يعيش هنا" فالبحث عن الوالد أيضا هنا هو قوام الرواية. ويتضح ذلك أيضا في رواية الزمن الآخر حيث تقول الأسطر الأولى منها " كانت رامة تقف بالباب، في الدفء المخامر، ندية، نظرة، ثقيلة بجناحين كبيرين مطويين إلى جانبها" فالرواية كلها عن رامة الحبيبة الشرقية المستحيلة. 
إن حالة ضياع الأب في البراري تتوافق مع حالة البحث عن الأب في "بيدرو بارامو" وتتوافق أيضا مع الصورة الهائلة للحبيبة رامة التي تستحضرها لنا رواية الزمن الآخر. فعمل المقدمة هنا هو عمل يضع القارئ في بطن السيالة الفنية التي تشكل العمل الفني كله. إنها الدفقة الأساس، الدفقة النووية التي لم تنفجر بعد. 
إن كان بلزاك (ديكنز) وفلوبير قد أمسكا الطرف الأول من العصا فإن جيمس جويس وفرجينيا وولف أمسكا بالطرف الآخر منها حيث نظر الأولان إلى الخارج بينما التاليان نظرا إلى الداخل وهم مجتمعين لم يخرجوا عن الصيغ الكلاسيكية للرواية بينما فولكنر وخوان رولفو كانا بعيدين وحرين وهما من أخرجا الرواية إلى المدى البعيد الرحب حيث سيتم تشكيل العالم وترميزه كي يحمل ثقلا أضافيا.
دابادا جاءت كصراع بين الخير والشر ( بين البلاهة والخبث)، ورغم أنها قد استعارت أبله فوكنر (بنجمان= شاهين) إلا أنها قريبة أكثر في تركيبها لراوية "بيدرو بارامو" منها ل "الصخب والعنف" حيث دابادا كانت قد كتبت قبل دخول ترجمة "بيدرو بارامو" العراق. وهذه واحدة لها تقول لنا إن الراحل حسن مطلك حاول التجاوز والتخلص من تأثير وليم فولكنر وافتتح بهذه المحاولة رواية كونية حديثة. 
تقص الرواية كيف مختار القرية (حلاب) أغتصب السلطة من الشيخ عبد المجيد الذي مات مسموما بمؤامرة من حلاب؛ وأزاح أيضا عن طريقه أبا شاهين محمود الصياد الذي ضاع في البراري خلف أرنب مبقع. كان لشاهين من العمر سبع سنوات حينذاك حيث سيعتزل في غرفته العلوية لعشرين عاما حزنا أو استسلاما. بعد ذلك يخرج منها كما يخرج الفرخ من بيضة، أبله بالطبع ومع أن أمه هاجر تحاول أن تجعل منه رجل البيت بعد اختفاء أبيه إلا أنها تفشل. فهي أمام أبله لم ينم جسده بشكل طبيعي فقد كان سبيعي، سبعة اشهر وليس تسعة، في ولادته. ثم يحاول المختار حلاب أن يجعله احد أتباعه وأحد خدمه فيمنحه حمارا كي يرعاه لكنه في البرية يطعن الحمار بمدية أمسكها بالمقلوب فيدمي يديه بدلا من قتل الحمار. ويظن انه قتل الحمار فيهرب نحو الجبل للاختفاء. يساعده في الاختفاء عارف الذي يقوده نحو المخبأ الآمن، لكن الأخير سيعود إليه ليقول أن الحمار بخير. وما فعله شاهين لم يكن سوى طعن نفسه... هناك أيضا مركز أو كتلة قص تدور حول صديق شاهين الفنان الرسام عواد وموديله عزيزة التي يقع في غرامها. والحياة العاطفية لشاهين، إن كان هناك حياة عاطفية، تتردد بين عزيزة وبين محاولات أم عواد (40 عاما) التي حاولت لفت انتباهه لأنها بحاجة إلى رجل يعوض لها نفور زوجها المتدين عنها. الصفحات الأولى من الرواية تبين مشهدا خارجيا غامضا. بعض الأشخاص في غرفة بعيدة يبدون من خلال نافذة غرفة شاهين منهمكين في عمل ما يبعث سعادة في نفوسهم فيضحكون. ويكتشف شاهين في نهاية الرواية أنهم إنما يقومون بوضع مساميرا في النار حتى الاحمرار ثم يلقونها في الماء لتصدر صريرا " كش" فيضحكون على هذا وكان شاهين يظن أن ضحكهم لسعادة ما. 
لقد انعزل شاهين لعشرين عاما! تظهر لنا هذه العزلة ثم الخروج منها، تظهر أحيانا بأنها غير مبررة فنيا، فهو أصلا يعيش في عزلة وذلك إن كان قد انعزل في غرفته لعشرين عاما أم لا، فهي العزلة حاضرة في كيانه وروحه. فكأن هناك كما يبدو لي في بعض المقاطع تحضيرا مسبقا للصناعة ودفعا عقلانيا للصيغ الفنية: ينعزل عشرين عاما ثم يخرج. حيث كما أرى أن هذا الدفع والتخطيط المسبق له لا يصلح لهذا النوع من الأعمال الروائية، لسبب واحد وهو وجوب أن يكون التضافر بين الدفقات الشعرية والبناء الحكائي تضافرا نابعا من موطن واحد وهو ساحة ما تحت الشعور الخفي الذي يعرفه الشعراء جل معرفة. وهذا الموطن لا يسمح للوعي بالتدخل، أي أن عناصره لا تبنى ولا تصمم مسبقا بطريقة الوعي بل تحضر بشكل غامض، تدركها البصيرة وتحس بقوتها والتي يخمنها الكاتب ويقدرها فيقرر بالتالي إن كان دفعها يصلح لعمل روائي أم لا.
"بحلول الخريف... قامت هاجر. يقول شاهين وهي أمه". قامت أمه كي تفتح له الفجوة فيخرج بعد عزلة دامت عشرين عاما. وجاءت الجملتان في مقطع افتتاحية العمل: "قامت هاجر. يقول شاهين وهي أمه." جاءت غريبة عن الصياغة العربية. حيث في حوار مع حسن مطلك قال مرة "المهم أن نجرب كيف نخطئ في اللغة بعد أن نتقن الإعراب". تلك الجملتان، أو في الواقع جملة واحدة، هي جملة غير سليمة من حيث التركيب. كان يجب أن تكون على سبيل المثال كما يلي: ("قامت هاجر" يقول شاهين). لكن أدوات الترقيم هنا ليست أدوات جملة القواعد، أي حين تنتهي الجملة (الفكرة) توضع نقطة أو فاصلة الخ. بل الترقيم في هذا العمل هو ترقيم مولف على الدفقات (والتي لا شان لها مع الفكرة) التي تخرج من النفس واحدة بعد أخرى ولا يحدها ويفرقها عن بعض سوى أداوت الترقيم. (قامت هاجر) كانت هذه الدفقة الأول. ثم الدفقة النفسية الثانية (يقول شاهين وهي أمه). إننا ندخل هنا في خضم العمق ونؤلف لغة تعرفها النفس وتشعر بها، وهي بطريقة ما مستهجنة من اعتياد العقل ومن قواعده المألوفة. (قامت هاجر. يقول شاهين) هذه هي جملة وليم فوكنر حيث تتوقف هنا، إلا أن حسن مطلك مدها مضيفا إليها(وهي أمه). والجملة السليمة في العربية ستكون: قال شاهين: قامت أمه هاجر. فتأت في الماضي (قال، قامت) لكن دابادا لم تأخذ هذه الصيغة بل جعلت شاهين حاضرا في الصيرورة فهو "يقول" وليس "قال" حيث أن استعمال كلمة "يقول" سينقل الصورة من الحكاية أو من الماضي المحكي إلى صورة حاضرة في الصيرورة. وأن جملة (وهي أمه) تدل على انفصام وتخلي عن الملكية وإيغال في الهجر فستكون (هي= الأم) ضمير غائب. وهي، هاجر، الحاضرة في جملة (قامت هاجر)، كي تغيب في جملة (وهي أمه)، يغيبها الراوي، الذي ليس سوى شاهين نفسه. فتظهر الأم في جملة (قامت هاجر) وتغيب في جملة ( يقول شاهين وهي امه)! وهنا يترأرأ الزمن (الصيرورة) بين الماضي والحاضر (قامت. يقول)، وبين الشاهد والغائب (هاجر. أمه). 
والعالم بشكل عام سيكون هو "الآخر" فيظهر بصورة الغائب متخفيا ضبابيا لا ملمس واضح له. حتى أناه- أنا شاهين، هي ليست "أنا" بل "هو". 
اللعب في الرواية على الضمائر والزمن يفتح أبواب الخيال على حالات قصوى غير مألوفة في الأعمال الكلاسيكية. 
وهناك في الرواية صورة لم تكتمل أو حركة لم يتممها الروائي حسن مطلك، ربما قد نسي إتمامها أو انه وضعها عن قصد ناقصة من دون تتمة وإغلاق ألا وهي "ذكرى المعذب صابر يوم الأربعاء بعد المطر". فمن هو صابر وماهي ذكراه ولماذا يوم الأربعاء؟ تتكرر هذه الجملة في أكثر من مكان. حيث سيظن القارئ حين يواجه هذه الجملة في الصفحات الأولى أنه سيعثر في الصفحات القادمة على لغز العذاب وعلى شرح واف لقصة صابر. لكنه لن يعثر على كلمة تدله على الجواب. هل ولدت هذه الصورة سبيعية أيضا لا تتمة لها أو هل ماتت في رحمها كجنين لم يكتمل؟ 
ليس هناك شرط كي تـُغلق القصص الجزئية وتكتمل، كما هو الحال في تقنية الرواية المألوفة والتي تورد مقاطعا من صورة جزئية غامضة في البداية كي تفسر ويحل غموضها في الصفحات المقبلة. لكن العمل الذي نحن بصدده ليس عملا يهدف الحكاية بل هو عمل يستند على الحكاية كي يقول ماهو خارج الحكاية، يقولها بوجه يحمل أكثر من تفسير. فالرواية هنا ليست قص. 
ويلزم على الأقل قراءتان لرواية دابادا، حيث في القراءة الأولى تلعب الفقرات دور قوة نابذة للفهم وللوعي بها. كأنك تحس أن هناك تحديا مقصودا يقيمه الكاتب في وجه القارئ وهو الذي قال في حوار معه " يجب أن يكون الكاتب أكبر من القارئ كي يحمي نفسه منه دائما" وهذه القوة النابذة إن صح التشبيه تدفع بالقارئ إلى الملل والتشوش والشعور بقصر القامة حيث الأدب يجب أخيرا أن يرفع قامة القارئ ويغذي وعيه بالطاقة الروحية لا العكس. 
وللتخلص من هذا التباعد أو التعالي الذي تقيمه اللغة يجب قراءة الرواية مرة أخرى للإمساك بالخيوط الضائعة. وعندها ستلتئم الهوة وسينكشف المعنى- تظهر تضاريس الرواية ويبان تلالها ووديانها.
ومثلما كان إدوار الخراط في الزمن الآخر: ثقل اللغة يقف عائقا أمام اكتمال ونمو العمل، كان حسن مطلك كذلك أيضا، يستمع إلى نبض وينجذب إلى بعد وحيد، يبدو بشكل ظاهر أنه بعد غامر كلي لكنه بالتدقيق والتأني يظهر لنا أنه الطاقة الشعرية (الظاهراتية phenomenalism؟!) الهائلة التي غمرت النصوص والفقرات واجتاحت في طوفانها النظام العقلي- والذي في النهاية يجب الاعتماد عليه، ليست هذه الطاقة الشعرية سوى إعاقة للنمو الذي نكتشف إنكساراته في الصيرورة الداخلية للعمل. على سبيل المثال لقد جاءت صورة إمساك المدية بالمقلوب حين طعن شاهين الحمار، فكان يطعن يده بضربات متلاحقة ويظهر الدم من يده وهو يظن انه دم الحمار الذي يطعنه، جاءت غير مقنعة ولا توازي قوة الشعر في نصوص الفقرات، ثم الهروب إلى الجبل من جراء هذا الفعل! إن رمز الحمار في الرواية غير مقنع. وكذلك أيضا حالة انعزال شاهين. ثم نهاية الرواية التي تكشف لنا زيف الضحك بتسخين المسامير ثم رميها في الماء، جاءت في غير مكانها حيث يفرض القارئ أن تكون أوسع وفيها تعبير آخر يستعير ملامح القرية، ميثولوجية المكان، ليوظفها الكاتب التوظيف الملائم.إنها رواية قد فتحت فمها لجذب الصور والقصص والأفكار العالمية المختلفة ذلك بسبب طوفان الوعي وعدم ثباته فلا تعرف هل تقرأ حلما أم تحلم أم تتوهم. 
بالطبع الرواية تمتلئ بالجمل الصادمة المكتوبة لأول مرة: " دقيقة صمت، بل دقيقة وقوف لأن الصمت مستمر" "أن حضورهم شبيه بغسل الأحجار قبل رميها في النهر" 
ويصور الكاتب كيف الأم هاجر تحمل الفانوس وتدخل غرفة ابنها شاهين المظلمة: " ثم تصير الغرفة مضيئة مليئة بالباب. الباب هو الغرفة، والغرفة هي الباب. باب من ضوء. شاهين يا ولدي لماذا تركتني وهربت؟" "فكر بأنه مختلف لأنه يحس بألم المسمار؛ المطرقة من طرف وصعوبة الاختراق من الطرف الآخر". وفي حفل الطهور تصور الرواية كيف كانت النساء تزغرد والبنادق تطلق: " كانت الزغاريد تخرج من أنابيب البنادق، أما النساء فيطلقن الرصاص من أفواههن بهجة" ويقول الكاتب في إحدى الفقرات كأنه يتوقع موته وأزمته "أتدرين سأموت في الثلاثين أو أتعرض لأزمة" ثم في منطقة الصيد يفاجأ شاهين بالذئب القادم ف "يتبادلان حروف اسميهما، هو وهي؛ شاهين وهيروشيما، لأنه كان يحلم بتلك المرأة الفاتنة من اليابان لحظة هجوم الذئب" وفي مكان آخر " هناك فقط شيئان؛ عمود الحياة وحفرة الموت".
أظن في النهاية أن الطاقة والقوة الهائلة الموجودة في رواية دابادا جاءت بسبب الحالة غير المعقولة التي عاشها الروائي الراحل، عاشها ويعيشها العراق، إنها رواية غضب، غضب فلسفي وديني غضب إنساني عارم تحمله أداة الأدب. 
يبقى أخير أن نقول أن تسمية دابادا جاءت دليلا على محاولة التخطي أو التجاوز الذي أراده حسن مطلك. فما هو معنى دابادا؟ إنها الكلمة التي لا تحتويها لغة بالمعنى الذي أراده الروائي- من الممكن العثور عليها هنا أو هناك، لكن الكاتب أرادها كلمة تنبع من الأعماق حيث لا لغة ولا حروف، فقط هناك أصوات أزلية بدئية، أصوات خام منها تتكون اللغة وتتشكل. دادادادا بابابا دادادا. بداية الصوت- صوت اللغة الإنساني، كان دابادا. 
تبقى هذه الدراسة دراسة غير مشبعة فكثير من الآراء التي وردت فيها تريد تروية حيث قوة العمل يريد قوة رؤية وهنا قوة الرؤية تتشوه بسبب ضيق اللغة


حسن مطلك (1961-1990) روائي عراقي كتب القصة والرواية.
للإطلاع على أعمال الراحل حسن مطلق أو تحميل دابادا يرجى مراجعة الوصلة التالية:

الحقوق الفكرية
انشرت في الحوار المتمدن.