كتب كتب كتب: دافيد باس

‏إظهار الرسائل ذات التسميات دافيد باس. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 25 أكتوبر 2013

علم النفس التطوري لــ دافيد باس

المقدمة

نشكل هذه لترجمة لكتاب "علم النفس التطوري: العلم الجديد للعقل" الكتاب الأول باللغة العربية الذي يقدم أحدث مذاهب علم النفس نشأة، والمعروف بهذا الاسم. لا تقتصر أهمية هذا الكتاب على جدته فقط، وإنما أيضاً في كونه يتجاوز الطروحات المعروفة في مختلف فروع علم النفس ونظرياته الراسخة والشائعة، كي يقدم منظوراً جديداً لتفسير ظواهر الحياة الإنسانية المعروفة على الصعد العقلية والمعرفية والانفعالية والعلائقية والسلوكية، الفردية منها والجماعية.

إنه يقدم مقاربات منهجية وبحثية ونظرية كاشفة، وقد تكون مفاجئة، مما يستدعى وقفات تأمل وتساؤل وإعادة نظر في دلالة ظواهر الحياة والسلوك، التي تؤخذ بمثابة مسلمات ترد ألي تفسيرات ثقافية شائعة (مثل العادات والتقاليد والقيم والتراث والانتماء) او هي ترد ألي تفسيرات على النفس الراسخة. يمثل الكثير مما يطرحه هذا الكتاب، ربما، تحدياً استفزازياً للمعروف من التفسيرات، وقد يثير بالتالي التساؤل والتشكيك وحتى الرفض عند البعض. إلا أنها تشكل على كل حال فرصة للتفكر والتأمل وأعاده النظر في بعض المسلمات الناظمة للرؤي والموجهة للممارسات، مما يوسع من نطاق فهم الوجود الإنساني ويعمقه.
لا بد قبل تقديم هذا الكتاب ومؤلفه، من وقفة تستعرض نشأة هذا المذهب الجديد في علم النفس، في مرتكزاته ومسلماته، وطروحاته، ورواده وسرعة انتشاره وتطبيقاته. وسيتضح من هذا العرض أن المؤلف هو أحد أبرز رواد هذا المذهب، وأن كتابه الذي نقدم ترجمته العربية للقارئ يطرح أبرز قضاياه ونظرياته ومنهجياته، مما يشكل عرضاً ثرياً وحيوياً ومشوقاً لعلم النفس التطوري.
يشيع رد تسمية "علم النفس التطوري" إلى عالم البيولوجيا الأميركي مايكل جيسلن الذي نحتها في مقالته المنشورة عام 1973 في مجلة العلوم. ولقد قام كل من جيروم باركوف وليدا كوسميدس وجون توبي بترويج هذه التسمية ونشرها في كتابهم بالغ التأثير بعنوان "العقل المتكيف: علم النفس التطوري وليد الثقافة" المنشور في العام 1992.
عرف هذا المذهب في علم النفس نمواً كبيراً متسارعاً خلال العقدين الأخيرين وأخذ مكانته العلمية في العديد من الجامعات الأميركية والبريطانية، وفى كل من كندا وألمانيا واسكندنافيا والأرجنتين. أسست العديد من الجمعيات الأكاديمية في هذا المجال بمسميات مختلفة تبعاً لدائرة الاهتمام. كما تطورت العديد من فروعه من مثل: علم نفس النمو التطوري، علم النفس التربوي التطوري، علم الاعصاب التطوري، علم المورثات السلوكي، إيكولوجية السلوك البشري، ونظرية الثنائية الوراثية (تلازم تطور الجينات والثقافة)، مع تطبيقات في ميدان القانون وسواه من الميادين. وأنشئت العديد من المجلات المتخصصة من مثل: مجلة علم النفس التطوري، ومجلة علم النفس الثقافي والتطوري والاجتماعي، ومجلة التطور والسلوك البشري. ويضاف إلى ذلك وضع كمية وافرة من الوسائل السمعية البصرية في الموضوع.