‏إظهار الرسائل ذات التسميات السداسي الرابع. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات السداسي الرابع. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 19 يونيو 2013

جديد الدكتور ابراهيم حمداوي، الجريمة في المجتمع المغربي كدراسة سوسيولوجية حول السلوك الاجرامي والظاهرة الاجرامية بالمغرب

جديد الدكتور ابراهيم حمداوي، الجريمة في المجتمع المغربي
كدراسة سوسيولوجية حول السلوك الاجرامي والظاهرة الاجرامية بالمغرب
حاليا في الأكشاك والمكتبات، تجدونه بمكتبة دار القلم بالرباط، وبوراقة المجد بمكناس
صدر عن منشورات دار القلم الرباط الطبعة الأولى 2013
يتكون من 156 صفحة الحجم المتوسط يتطرق فيها الباحث إلى مفهوم الجريمة، والمبادئ التفسيرية لظاهرة الجريمة، ثم الجريمة والتصورات النظرية
تتضمن الببليوغرافية 63 مرجعا يتنوع بين اللغة العربية والفرنسية
لوحة الغلاف عواطف صغير
Photo : ‎جديد الدكتور ابراهيم حمداوي، الجريمة في المجتمع المغربي كدراسة سوسيولوجية حول السلوك الاجرامي والظاهرة الاجرامية بالمغرب  حاليا في الأكشاك والمكتبات، تجدونه بمكتبة دار القلم بالرباط، وبوراقة المجد بمكناس صدر عن منشورات دار القلم الرباط الطبعة الأولى 2013 يتكون من 156 صفحة الحجم المتوسط يتطرق فيها الباحث إلى مفهوم الجريمة، والمبادئ التفسيرية لظاهرة الجريمة، ثم الجريمة والتصورات النظرية تتضمن الببليوغرافية 63 مرجعا يتنوع بين اللغة العربية والفرنسية لوحة الغلاف عواطف صغير‎

الخميس، 6 يونيو 2013

مقدمة في علم الاجتماع القروي عبد الرحيم العطري




ما السوسيولوجيا القروية ؟ ما حدودها و امتداداتها المعرفية ؟ ما طموحاتها القصوى ؟ ماذا عن الرواد و بدايات التأسيس و الشرعنة العلمية ؟ و ما الذي نتغياه فعلا من هذه المعرفة التي تعلن الانتماء المجالي لكل ما هو قروي ؟ و فيم يفيد الدرس السوسيولوجي القروي تحديدا ؟

ربما تجد هذه الأسئلة لنفسها أكثر من مبرر منهجي في مفتتح هذا القول ، ليس فقط لأنها تضعنا على طريق التساؤل النقدي ، بل لأنها تعبد ذات الطريق نحو مقدمات تمهيدية للاقتراب أكثر من مطامح و رهانات السوسيولوجيا القروية .
فالمطمح المعرفي لهذا القول لن يكون غير بحث أولي عن بعض المداخل المؤدية إلى دوائر السوسيولوجيا القروية ، و على سبيل التمهيد قبلا و بعدا ، ينفرض علينا مساءلة البدء السوسيولوجي القروي ، و محاورة انشغاله العلمي و رواده أملا في الاقتراب أكثر من ماهية السوسيولوجيا القروية ، و اعتبارا لذلك كله سيكون الحفر الأركيولوجي التاريخي آلية أساســية ضمن آليات اشتــغالنا على هــكذا موضوع ، فالسوسيولوجيا الـــقروية في عــمقها و مشروعها المعرفي تجد ذاتها مدعوة بل مضطرة في كثير من الأحايين إلى استلهام مناهج التاريخ و الجغرافيا و غير قليل من نتائج العلوم الأخرى . فإلى البدء إذن ....
البداية و الامتداد
هل يمكن القول بأن السوسيولوجيا القروية سابقة على السوسيولوجيا العامة ؟ فما دام التفكير الاجتماعي غارق في القدم و لا يقف بالمرة عند حدود أوغيست كونت(auguste comte) ، فإن أول تفكير أو تفكر في " الاجتماعي " كان متمحورا حول الظواهر الاجتماعية في سياقها الزراعي و القروي ، على اعتبار أن القرية سابقة على المدينة و أن نشاطات الصيد و الزراعة سابقة أيضا على مختلف النشاطات الصناعية الأخرى التي امتهنها الإنسان بعدا .
لكن و بالرغم من عراقة التفكير السوسيولوجي القروي ، فإن البداية العلمية مع الظهور كفرع تخصصي ضمن خارطة السوسيولوجيا العامة تعود بالأساس إلى منتصف القرن الماضي، بتواز تام مع احتدام النقاش حول إشكالات التهيئة و الجهوية و ضبط المجال . فبعد الحرب العالمية الثانية صار " الاجتماعي " أكثر تضررا ، و كان من الضروري أن تتضافر الجهود العلمية و في مختلف المجالات من أجل تجاوز ذلك الوضع الكارثي .
و إذا كان القرن الثامن عشر قد تميز بالانشغال العميق من قبل رواد الفكر السوسيولوجي بشرعنة الحضور السوسيولوجي و تأكيد الحاجة إلى مقارباته و مناهجه في فهم و تفسير الظواهر الاجتماعية ، فإن القرن الماضي سار في اتجاه تجاوز العديد من العوائق الإبستيمولوجية و بناء مجموعة من التخصصات السوسيولوجية ، و في إطار هذا التجاوز و الانتقال لاحت السوسيولوجيا القروية كاستجابة معرفية لما صار يعتمل في القرية من ظواهر و حالات تستلزم إعمالا لمقاربات أخرى .
فبعد الحرب العالمية الثانية صارت الحاجة أكثر إلحاحا إلى فروع سوسيولوجية تخصصية تفيد في فهم و تحليل أسئلة " الاجتماعي " ، و في ظل هذه الحاجة و الأزمة المجتمعية بدأت مفاهيم عديدة من قبيل العالم القروي((le monde rural و الوسط القروي( le milieu rural ) و المجتمعات أو الجماعات القروية les sociétés et) les communautés rurales) تستحــوذ على جــانب مـــهم من الـــنقاش الــسـياسـي و الاجتماعي الدائر آنئذ . لقد وجد عالم ما بعد الحرب نفسه مدعوا للقضاء على الفوارق التي نشأت بين القرى و المدن ، و في سبيل الوصول إلى ذلك كان لا بد من إصاخة السمع لصوت العلوم الإنسانية ، من هنا كان من الضروري العمل على " صناعة " سوسيولوجيا قروية تنشغل أساسا بالمجتمع القروي و تفكر فيه و حوله بهدف تقديم خلاصات و إجابات محتملة بصدد حركياته و فعالياته . كانت البداية أزموية ، و هذا ليس بغريب عن حقل السوسيولوجيا العامة ، على اعتبار أنها علم الأزمة ، فميلادها ارتــبط دومــا بالأزمــة التي تــحاول الإجابة عن شروط إنتاجها و إعادة إنتاجها ، و عليه فميلاد السوسيولوجيا القروية كفرع تخصصي لم يكن ليختلف كثيرا عن الظهور الأول للسوسيولوجيا العامة .
و بالنظر إلى كون البراديغم السوسيولوجي (le paradigme sociologique) يلح على تجاوز لغة و تحليلات الحس المشترك ، فإن السوسيولوجيا القروية ، ستجد نفسها منذ الوهلة الأولى مطالبة بالقطع مع هذه اللغة ، فالعالم القروي كموضوع تنفرد به و تشتغل عليه هو محور كثير من الرهانات السياسية و الاقتصادية ، و هذا ما يساهم في إنتاج و تداول كثير من أحكام القيمة حوله ، الشيء الذي يفرض على السوسيولوجيا القروية في امتدادها المعرفي أن تراهن بامتياز على الهدم و التفكيك و القراءة غير العادية لمختلف التفاصيل التي تعرفها تضاريس المجتمع القروي . و منه نخلص إلى القول بأنه إذا كانت الأزمة المجتمعية لعالم ما بعد الحرب هي التي حتمت ظهور السوسيولوجيا القروية ، فإن ذات الأزمة مضافا إليها الحس المشترك حول القرية و القروي ( le rural) هي التي ستبصم مسار هذا الفرع السوسيولوجي التخصصي .
الانشغال العلمي
فيم تفيد السوسيولوجيا القروية ؟ و ما دوائر انشغالها المركزية ؟ و هل من حدود معرفية تسيج هذا العلم ؟ و ما تقاطعاته و تمفصلاته الأخرى مع باقي الفروع السوسيولوجية الأخرى و مع علوم أخرى من خارج السوسيولوجيا ؟
علم الاجتماع الريــفي هو العلم الخاص بدراسة أهل الريف و ما تربطهم من صلات و تلك التي تربطهم و غيرهم من السكان غير الريفيين ، إنه العلم الذي يجعل من القرية محور اهتمامه و انشغاله المركزي ، و هذا ما يبرز بجلاء أن الحدود المعرفية لهكذا علم مرسومة بدقة متناهية ، لكن مع ذلك فالتقاطعات التي تدشنها السوسيولوجيا القروية مع دوائر اشتغال معرفية أخرى تجعل من الصعوبة بمكان تسييج السؤال السوسيولوجي القروي ضمن حدود القرية فقط ، و لعل هذا ما دفع ساندرسونsanderson) (إلى التأكيد مرة أخرى على أن علم الاجتماع الريفي هو علم الحياة في البيئة الريفية و يتضمن ذلك وصفا دقيقا للتجمعات البشرية و العلاقات المختلفة لتلك التجمعات و العوامل المؤثرة على عمل و تقدم و وظيفة هذه المجتمعات .
"القرية كظاهرة اجتماعية " يمكن أن يكون هكذا موضوع واحدا من الانشغالات العلمية للسوسيولوجيا القروية ، و يمكن أن يكون العنوان الأبرز لذات الانشغالات ، لكنه ليس الوحيد ، فالسوسيولوجيا القروية تجعل من المجتمع القروي هدفها الأثير الذي تتوجه إليه بالدرس و التحليل ، و ذلك في مختلف صيغ انبــنائه و تطوره ، و عبر مختلف فعالياته و حركياته من خلال التوجه بالسؤال و التفكيك إلى المشكلات الاجتماعية للمجتمع القــروي و أنماط العيش و المؤسسات و الخدمات و التدخلات الدولتية و النظم الاجتماعية و العلاقات بين المدن و البوادي و غيرها من المواضيع التي تحتل فيها القرية و لو هامشا ضئيلا في إطار جدل التأثر و التأثير . فالسوسيولوجيا القروية بملاحظتها و تحليلها لتبلور و تطور مشاكل الوسط القروي تقترح نفســها كمشروع معرفي لفهم و تفهم الأفراد في هذا الوســط . و لكون الوسط القروي هو جزء من مجتمع عام و شاسع ، فإن السوسيولوجيا القروية لا تمنع نفسها من دراسة المجتمع في كليته، الشيء الذي يساعد على الوصول إلى مستوى عال من الفهم و التفهم للوسط القروي كما يعلن عن نفسه .

هذا كله يدفع إلى التأكيد مجددا على أن دوائر الانشغال العلمي للسوسيولوجيا القرية لا يمكن حصرها بالمرة في مجال القرية و لا في موضوع الإنسان القروي وحده ، و هذا ما يعني بالضرورة علائق التشبيك و التداخل التي تبصم هذا العلم ، فالسوسيولوجيا القروية توجد على خط التــماس مع كـــثير من المعـــارف كالجـــغـــرافيا و الاقـــتصــاد و التاريخ و الإثنوغرافيا و الأنثروبولوجيا و السوسيولوجيا الحضرية و سوسيولوجيا التنمية و علوم التعمير و التهيئة و الهندسة القروية . فكل هذه المعرف تنشغل بالمجتمع القروي و تؤسس على ظواهره و تفاعلاته الكثير من المقاربات و النتائج العلمية .
إذن فالسوسيولوجيا القروية تضع ضمن استراتيجياتها العلمية مطمحا تخصصيا تعلن من خلاله عن حدودها و امتداداتها ، و هو المجتمع القروي من غير شك ، و ذلك عبر ملاحقة تفاصيله و تفاعلاته الدقيقة و العابرة ، فالمجتمع القروي وفقا لهذه الصيغة يعد سؤالا منطقيا و أساسيا في مطبخ السوسيولوجيا القروية . و إذا كان المجتمع عموما يشير في مبناه و معناه إلى مجموعة من العلاقات و المؤسسات و الأدوار و الظواهر أيضا ، فإن السوسيولوجيا القروية و من منطلق انشغالها المعرفي تجد ذاتها مدعوة إلى الاشتغال على هذه الأبعاد العلائقية و المؤسسية و المجتمعية عموما في رحاب القرية .
ما القرية ؟
لكن مع ذلك تظل الحدود المعرفية للسوسيولوجيا القروية بعيدة عن الضبط المجالي ، فالمجتمع القروي و كما رأينا في السابق هو " مخطوب الود "من قبل الكثير من المعارف ، إنه رقم أساس في كثير من المعادلات العلمية ، و ليست السوسيولوجيا القروية وحدها التي بمقدورها الإجابة عن مختلف أسئلته و إشكالاته .
في هذا الصدد يشير ميشيل روبيرMichel robert) (إلى أن السوسيولوجيا القروية تعرف بالنسبة إلى حقل اشتغالها أكثر من أي تلوين نظري أصلي ، فمجال الاشتغال هو الذي يمنحها التعريف المحتمل ، و هو الذي يكشف عن توجهاتها و طموحاتها العلمية . و في ذات السياق يبرز هنري مندراس( Henri mendras) بأنه إذا لم يتم ربط السوسيولوجيا القروية بسوسيولوجيا فلاحية متخصصة ، فإنها سوف تعرف بحقل دراستها الذي هو المجتمعات القروية .
إذن ما المعنى الذي تحيل عليه القرية ؟ ما القرية و المجتمع القروي؟ و من أي المداخل يمكن الوصول إلى هذا المعنى المحتمل ؟ هل نعرف القرية بالمنطق الإحصائي كما تذهب إلى ذلك السوسيولوجيا الأمريكية التي تجعل من القرية ذلك المجال التي يقل فيه مجموع السكان عن 2500 نسمة ؟ علما بأن هذا السقف الإحصائي يعبر عن معنى المدينة في دول أخرى . أم ننضبط إلى التعريــف المهني الـــذي تقـــترحه السوسيولوجيا الحضرية و الذي تميز به المدينة عن القرية باحتضانها لما يفوق 5000 منصب شغل غير فلاحي ؟ أم نرتكن إلى التعريف الإداري وفقا للتقسيمات المجالية التي يقترحها علينا مهندسو الإدارة الترابية و التهيئة الجهوية ؟
اللافت للنظر بخصوص التعريف الإحصائي للقرية هو أن الاختلاف يظل على أشده بين الدول حول السقف السكاني الذي يفصل بين المدينة و القرية ، فبعضها مثلا لا يشترط إلا 2000 نسمة للتمييز بين المجالين، في حين نجد البعض الآخر يحصر الرقم في 200 نسمة فقط . فالوسط القروي يتميز كثافة سكانية متواضعة كميا ، و كذا بفضاء زراعي في الغالب و بأنشطة فلاحية، و الطريقة الأكثر انتشارا للتمييز بين القرية و المدينة تظل إحصائية ، فهناك عتبة 2000 نسمة لكل وحدة إدارية قاعدية في فرنسا مثلا، و 2500 نسمة في الولايات المتحدة الأمريكية و 5000 نسمة في المكسيك و 10000 نسمة في السينغال، كما أن هذا المقياس الإحصــائي ينحدر إلى 1000 نسمة في كنــدا و 400 نسمة في ألبانـــيا و 200 نسمة في الدول الاسكندينافية . و هذا ما يدفع إلى الأخذ بتعريفات أخرى تركز على طبيعة الأنشطة ( نسبة الأنشطة الفلاحية من مجموع الأنشطة العامة ) ، أو الكثافة السكانية العليا أو الافتقار إلى التجهيزات و المؤسسات .
و بالنسبة لكلمة rurale فهي مأخوذة من الأصل اللاتيني rus الذي يقابل كلمة urbs و الذي يدل على المدينة ، و هذا التقابل بين القرية و المدينة تحكم لزمن طويل في تعريف كل واحدة منهما ، فالمدينة لا تعرف إلا بكونها نقيضا للقرية ، و هذه الأخيرة ذاتها لا تعرف إلا بكونها مختلفة عن المدينة في النشاطات و التنظيم المجالي و المؤسسي .
و إذا كان المجتمع لفظيا يطلق بمعنى أخص على المجموع من الأفراد الذين تؤلف بينهم روابط واحدة تثبتها الأوضاع والمؤسسات الاجتماعية، ويشار به إلى الاجتماع في الأسرة أو القرية أو القبيلة ومنه نقول المجتمع القروي, القبلي ، فإنه يصير وفقا لهذا الفهم عبارة شبكة من العلاقات الاجتماعية بين الفاعلين الاجتماعيين، فهو جسم من العلاقات والوظائف والمؤسسات التي تتحرك وتتفاعل ضمن نسق اجتماعي معين تحدده آليات ضبط ومعايير عقل جمعي. أما القروي فهو المنسوب إلى القرية أو البادية، وبالتالي فالمجتمع القروي هو عكس المجتمع المدني / الحضري، وعموما فالمجتمع القروي لا يتم تحديده من طرف الدارسين إلا بما ليس هو، أي يتم تحديده انطلاقا من تحديد المدينة، فالمجتمع القروي نوظفه هنا كمجال جغرافي في مقابل المدينة، وأيضا كعلاقات اجتماعية تعتمل في رحابه.
وإذا كان المجتمع القروي أكثر ارتباطا بالفلاحة والفلاحين, فإن لفظة "فلاح" عامة جدا، وهناك بالفعل عدة فئات اجتماعية، مثل الوجهاء الذين يعدون دعائم الدولة، وهناك فعلا مجموع الفلاحين المرتبطين عاطفيا ودينيا بالدولة، إلا أن هناك بموازاة ذلك صغار الفلاحين الفقراء الذين يتحملون مجموع القمع والاستغلال في البلاد . فكيف السبيل إذن إلى تمييز العالم القروي ؟
مع الرواد
في سياق أزمة عالم ما بعد الحرب تمت دعوة علماء الاجتماع للاشتغال على القرية أملا في تطوير قدرات التغيير في المجتمع القروي ، و قد ترجم هذا الاشتغال عبر مسارين أساسيين تمثلا في السوسيولوجيا الأمريكية التي سارت في الاتجاه الأمبريقي و السوسيولوجيا الفرنسية التي اختارت درب المونوغرافيات ، و هذان الاتجاهان هما اللذان حسما لحظة التأسيس العلمي للسوسيولوجيا القروية، هذا مع التأكيد على أن كلا الاتجاهين لم ينقطعا عن استثمار خلاصات علوم أخرى كالجغرافيا و الأنثروبولوجيا بدرجة أولى. و على العموم فالسوسيولوجيا القروية تدين ، بالنظر إلى نشأتها ، بالكثير إلى السوسيولوجيا الفرنسية و الأنثروبولوجيا الأمريكية ، و هو ما يجعل البعض يؤكد بأن السوسيولوجيا القروية ما هي إلا نتيجة منطقية لزواج كاثوليكي بينهما معا .
و بحثا عن البدايات التأسيسية لهذا العلم ، قام مارسيل جوليفي ( Marcel Jollivet) برصد كرونولوجي لمساهمات الرواد الأولية في هذا الميدان ، و قد اهتدى من خلال جرده هذا إلى أن الأثر الأول في الدرس السوسيولوجي القروي يعود في فرنسا إلى جان ستوتزل(Jean stœtzel) الذي كان يدرس هذه المادة بمعهد الدراسات السياسية بباريس خلال سنتي 1948و 1949 ، و ذلك قبل أن يعهد بهذا الدرس إلى هنري مندراس( Henri mendras) ، إلا أن هذا الأخير يعد بحق المؤسس الفعلي للسوسيولوجيا القروية ، اعتبارا لكونه من بين أوائل الباحثين الذين كرسوا جهودهم المعرفية للشأن القروي ، فقد حاول منذ البدء أن يقدم نموذجا نظريا لتحليل المجتمعات الفلاحية ، مستلهما نتائج الأنثروبولوجيا الأمريكية التي انشغلت بالجماعات القروية منذ عشرينيات القرن الماضي .
و لقد راهن هنري مندراس في انشغاله بالمسألة القروية على الاعتماد على التاريخ و الاقتصاد و السياسة و باقي العلوم الأخرى التي تسعفه في اختراق تفاصيل المشهد القروي ، و لهذا فقد كان ينجز أبحاثه في الغالب بتعاون تام مع اقتصاديين و مؤرخين .
مارسيل جوليفي يعد هو الآخر من رواد السوسيولوجيا القروية ، فقد أصدر بمعية زملاء له في هذا الحقل عددا من الدراسات القيمة التي ساهمت في تأجيج النقاش حول أسئلة العالم القروي ، و قد عرف مارسيل جوليفي كثيرا بمفهوم التداخل التخصصي l interdisciplinarité الذي كان يستعيض عنه أحيانا بالتعدد التخصصي « multidisciplinarité » ou « pluridisciplinarité »، فقد كان يلح دوما على أن السوسيولوجيا القروية لم تكن قبلا تخصصا خالصا، بل هي فرع من فروع علم الاجتماع ، يتميز بكونه أبعد ما يكون معزولا تماما ، فالسوسيولوجي القروي ينفرض عليه من حين لآخر أن يكون مؤرخا و جغرافيا و اقتصاديا و ديموغرافيا و إثنوغرافيا و عالم نفس أيضا ،إذ عليه أن يختبر مناهج كل هذه التخصصات لكي يتمكن من دراسة ظواهره . و وفقا لهذا التصور فقد اعتبر جوليفي غير ما مرة أن السوسيولوجيا القروية الفرنسية هي معرفة متعددة الاختصاصات بشكل أساسي ، و هذا ما يميزها عن السوسيولوجيا القروية الأمريكية .
و بخصوص العالم الجديد فيعتبر ليبرتي هايد بيليliberty hade bailey (1858-1954) المؤسس الفعلي للسوسيولوجيا القروية و الصحافة القروية أيضا بالولايات المتحدة الأمريكية ، فبالرغم من تخصصه البيولوجي و النباتي تحديدا فقد ساهم ليبرتي منذ العشرينيات من القرن الماضي في تأسيس سوسيولوجيا قروية أمريكية ، و ذلك منذ التحاقه بمدرسة الفلاحة بميشغان .
إن السوسيولوجيا القروية الأمريكية خرجت من رحم مدرسة شيكاكو ، فمع اشتغال ويليام إيزاك توماس (William Isaac thomas) و فلوريان زنانيك ( Florian znanieck ) على الفلاح البولوني في كل من أوروبا و أمريكا ما بين 1918 و 1920 ، بدأت تتشكل الملامح الكبرى للسوسيولوجيا القروية بالعالم الجديد ، و يعد هذا الكتاب الصادر في خمسة أجزاء من الكتب المؤسسة للسوسيولوجيا الأمريكية عموما ، و ليس فقط للسوسيولوجيا القروية أو لمدرسة شيكاكو، و في هذا الكتاب سيبلور الباحثان مفهوم الاختلال الاجتماعي(désorganisation sociale ) الذي سيظل مهيمنا على النقاش السوسيولوجي للمدرسة خلال فترتها الذهبية ما بين 1915 و 1935 .
لقد صارت السوسيولوجيا القروية الأمريكية آنا تعرف نموا مطردا على مستوى إنتاج و تداول النظريات و المفاهيم ، بل إن التراكمات المهمة التي عرفها هذا العلم في السنوات الأخيرة ما هي إلا نتاج خالص قادم من العالم الجديد ، من الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و باقي دول أمريكا اللاتينية ، فهذه الدول تشهد اليوم فورة على مستوى العلوم الإنسانية ، بل إنها استلمت مشعل هذه العلوم في شقها الأمبريقي منذ زمن غير يسير .
هنا و الآن
لكن ماذا عن المغرب ؟ ماذا عن مساهمة آل علم الاجتماع المغاربة في تأصيل و بناء السوسيولوجيا القروية؟ و هل في الإمكان الحديث عن مدرسة سوسيولوجية قروية مغربية لها براديغماتها و توجهاتها الخاصة و الخالصة ؟ و متى و كيف كان البدء السوسيولوجي القروي بالمغرب؟ ألا يمكن القول بأن السوسيولوجيا المغربية في مجموعها هي سوسيولوجيا قروية ، فلا السوسيولوجيا الكولونيالية و لا الأخرى التي تلتها بعد الاستقلال استطاعت أن تقلص من حضور السؤال القروي ضمن خارطة اشتغالها . فالإنتاج السوسيولوجي المغربي يظل في جانب مهم منه منخرطا في مساءلة الظواهر القروية ، بل إن الأبحاث و الرهانات غير القروية داخل مطبخ السوسيولوجيا المغربية تظل محدودة كميا و نوعيا .
مع محمد جسوس الذي يصنفه رشدي فكار ضمن المؤسسين الأوائل لسوسيولوجيا العالم الثالث بالمغرب ، ستعرف السوسيولوجيا القروية بالمغرب انطلاقتها الثانية ، بعد انطلاقتها الأولى المبكرة التي دشنتها السوسيولوجيا الكولونيالية ، فقد حاول محمد جسوس منذ البدء أن يؤجج النقاش السوسيولوجي حول المجتمع القروي ، معتبرا إياه الحقل الحيوي الذي يترجم و يكشف مجموع تفاعلات النسق المغربي ، فمن خلال ذات المجتمع يمكن فهم كثير من الظواهر و القضايا التي تلوح في باقي الأنساق المجتمعية الأخرى ، و يمكن أيضا اكتشاف " مآل المجتمع المغربي " الذي يعد تعبيرا أثيرا عند محمد جسوس .
و إذا كان محمد جسوس يدفع باتجاه تطوير السوسيولوجيا القروية في إطار وحدة علم الاجتماع القروي بكلية الآداب بالرباط و بالضبط قريبا من معهد العلوم الاجتماعية الذي تعرض خطأ و اعتسافا للإغلاق ، فقد كان بول باسكون ، بمعهد الزراعة و البيطرة بدوره يؤسس لسوسيولوجيا قروية تدمن البحث الأمبريقي ، فعلى امتداد العديد من مؤلفاته ( ما يقوله 296 شابا قرويا ، المسألة الزراعية بالمغرب ، حوز مراكش ، دراسات قروية ، بني بوفراح ، دار إليغ و التاريخ الاجتماعي ، المسألة المائية بالمغرب ) حاول بول باسكون أن يؤسس لسوسيولوجيا قروية تستقي نظرياتها و توجهاتها من الميدان في البدء و الختام ، و على هذا الدرب سيبلور باسكون نظريته عن المجتمع المزيج أو المركب ، كما سيحدد ملامح السوسيولوجي و مهامه المركزية .
بعد الرحيل الغامض لبول باسكون و زميله عاريف ستعرف السوسيولوجيا القروية بمعهد الزراعة البيطرة نوعا من الموت السريري ، لينتقل النقاش مجددا إلى وحدة علم الاجتماع القروي بكلية الآداب بالرباط التي ستلتمع في رحابها جملة من الأسماء التي بصمت مسار الفعل السوسيولوجي بالمغرب، مثلما ستساهم في إنتاج العديد من الأبحاث و الدراسات القيمة حول المجتمع القروي المغربي . و لعل هذا كله ما يدفع إلى القول مجددا بأن السوسيولوجيا المغربية هي لحد الآن سوسيولوجيا قروية في شقها الأكبر .
ال " كلنا " قرويون
ما يدفع إلى التفكير في هكذا نتيجة هو الطابع القروي للمجتمع المغربي ، فال " كلنا " قرويون ، بل إن الحدود بين ما هو قروي و ما هو حضري مغربيا تظل تعسفية و غير منضبطة لمنطق محدد ، لهذا كله يصير الدرس السوسيولوجي القروي ضرورة ملحة لقراءة تضاريس المجتمع المغربي ، بل إن الانشغال السوسيولوجي بالمجتمع القروي من شأنه أن يساهم فعلا في خدمة المشروع النضالي للسوسيولوجيا, "فالعلاقات السلطوية ما زالت سائدة في العالم القروي، ومع ما يطبعها من إكراه ومحسوبية وتطاول على حقوق المواطنين... وهي تؤكد المحن التي يعيشها العالم القروي" وهنا يحق لنا أن نتساءل مرات أخرى: ما الذي نريده من السوسيولوجيا و السوسيولوجيين؟ وما الذي نتغياه من علم الاجتماع القروي تحديدا؟
"إن العالم الفلاحي يمثل مشهد جمود تديره وترعاه النخب المحلية التي التحقت بالدوائر الإدارية كقواد وشيوخ ومقدمين" إنه عالم واقع بلا شك تحت رحمة المخزن الذي نجح كثيرا في عمليات الاختراق والاحتواء، و "لهذا تظل البوادي هادئة تماما حتى عندما يكون النظام السياسي معرضا لرجات" . فهذا "الثبات الاجتماعي" من جهة وهذا الاختراق المخزني من جهة أخرى ألا يستوجبان معا وقفة خاصة من أجل الخلخلة والتفكيك العملي والعلمي؟ أو لا يقودنا الوضع الشاذ الذي ينخرط فيه المجتمع القروي إلى تلك المهمة الأساسية المبحوث عنها في علم الاجتماع القروي؟
إن تسخير السوسيولوجيا للنبش في هموم وآمال المجتمع القروي أمسى مطلبا أكيدا في راهننا هذا، الذي تعالت فيه آهات الفلاحين وزفراتهم الساخطة، فحاجتنا إلى سوسيولوجيا قروية أكثر جرأة في الطرح والتحليل ضرورة قصوى ، بل إن الحاجة إلى هذه السوسيولوجيا لا يحددها فقط ما يعتمل في العالم القروي من ظواهر وحالات عصية على الفهم ، ولا توجبها حصرا محدودية الدراسات والأبحاث التي تصدت لها، وكذا ضرورات توسيع دوائر الاهتمام العلمي بها، وإنما تفرضها فرضا خصوصيات المجتمع المغربي عموما.
فكم نتناسى طبيعة المجتمع المغربي الذي هو قبل كل شيء مجتمع قروي، وأن أزمة المجتمع القروي هي في العمق مرآة لأزمة المجتمع المغربي، والطابع القروي لمجتمعنا لا ينحصر في بعض الأرقام المتعلقة بالوزن الديموغرافي لسكان البادية (45%) وبنية اليد العاملة في البادية (41%) وكذلك حجم الإنتاج الزراعي (20% من الناتج الداخلي الخام), فإلى جانب العوامل الاقتصادية والاجتماعية توجد عوامل تاريخية، حضارية، سياسية وثقافية، وكذلك عوامل تخص نمـط العيش والسلوك، والتي تؤكد أن مجتمعنا لا زال قرويـا . كل هذا إذن يجعل البحث في شجون المجتمع القروي مبررا ومشروعا جدا، خصوصا في عمق الانشغال بالعلاقات و التمثلات المرتبطة بالسلطة المخزنية، ويدعو في الآن ذاته إلى إعمال النظر العلمي في عالم الفلاحين الذين تبدو العلاقات بينهم وبين الدولة جد مبهمة للغاية, ذلك أنهم يعيشون دوما على خشيتها وأمام القرار الفالت من أيديهم. إنها إله رهيب ومصدر لنعم غير منتظرة .
على سبيل الختام
بعد هذا المار ذكره نطرح السؤال مجددا : ما السوسيولوجيا القروية ؟ ما مراكز اهتمامها المعرفي ؟ و ما الذي نتغياه من هكذا تخصص سوسيولوجي ؟ و أي التعاريف تبدو منطقية و معبرة عن حقيقة السوسيولوجيا القروية ؟
كان التأكيد منذ البدء على أن ما ينطرح على حواف هذا القول ، لن يكون غير " فتح لشهية " الحديث عن السوسيولوجيا القروية ، طبعا لن يكون إلا مقدمة تمهيدية تحرض على التساؤل أكثر ما تراهن على تقديم الإجابات الجاهزة ، فمع الحديث عن البدء و الامتداد و الانشغال المعرفي و القرية أولا و الرواد بعدا و الانعطاف نحو ال " هنا " و الآن ثم التأكيد على قرويتنا الغائرة ، لم نكن نهفو لا إلى تقديم جواب جاهز عن ماهية السوسيولوجيا القروية ، و لا إلى أي تحديد صارم لانشغالاتها و آليات اشتغالها ، فقط كان هم الاقتراب منها هاجسنا المركزي و سؤالنا البعدي .
السوسيولوجيا القروية وفقا لتطورها التاريخي لن تكون غير سوسيولوجيا مسكونة بأسئلة المجتمع القروي في جميع حركاته و سكناته ، تفاعلاته و تحولاته ، اتساقه و اختلاله ، لن تكون أيضا غير معرفة متعددة المداخل و المشارب ، تؤمن بالتخصص العلمي لكنها تجد نفسها في كل حين مدعوة لاستثمار خلاصات و مناهج كثير من العلوم الشقيقة و الصديقة ، و مع ذلك كله فإن سبر أغوار هذه السوسيولوجيا لا يكون ممكنا إلا بالنزول إلى الميدان ، لأنها معرفة ميدانية بامتياز .




الهوامش :
عبد الغني منديب ، محاضرات في السوسيولوجيا القروية ، وحدة البحث و التكوين في العلوم الاجتماعية و التنمية المحلية ، جامعة محمد الخامس أكدال،الموسم الجامعي 2005/2006، الرباط ، غير منشورة .
محمد عاطف غيث ، دراسات في علم الاجتماع القروي ، دار النهضة العربية ، بيروت ،الطبعة الأولى ، 1989، ص.4.
محمد عاطف غيث ، دراسات في علم الاجتماع القروي ، نفس المرجع ، ص.5.
Bruno JEAN Sociologie rurale.Texte d’accompagnement pour le cours Agriculture, Formation sociale et économique 131. Ministère de l’éducation. No doc. : 38-2733, Octobre 1974. 83 pp.
Michel ROBERT, Sociologie rurale, Que sais-je ? n° 2297, Paris, Presses universitaires de France, 1986, pp. 5-6.dans Marcel Jollivet, «La « vocation actuelle » de la sociologie rurale», Ruralia [En ligne]1997-01 - Varia, Mis en ligne le : 1 janvier 2003Disponible sur http://ruralia.revues.org/document6.html.Référence du : 22 décembre 2005
Henri MENDRAS, « Sociologie du milieu rural », dans Georges GURVITCH [dir.], Traité de sociologie, Paris, Presses universitaires de France, 1958, 2 volumes. , p. 316 dans Marcel Jollivet, «La « vocation actuelle » de la sociologie rurale»
جميل صليبا, المعجم الفلسفي, الجزء الأول, دار الكتاب, بيروت, الطبعة1, 1981, ص346.
بول باسكون, زرع النماذج وغياب التجديد، بيت الحكمة، العدد 3 السنة الأولى, 1986, ص19.
Marcel Jollivet, «La « vocation actuelle » de la sociologie rurale»,ibid.
Isabelle Boussard, «Marcel JOLLIVET, Pour une science sociale à travers champs. Paysannerie, ruralité, capitalisme (France XXe siècle), Paris, Éditions Arguments, 2001, 400 p.», Ruralia [En ligne],2001-08 - Varia, Mis en ligne le : 22 janvier2005Disponible sur:http://ruralia.revues.org/document232.html. Référence du : 1 février 2006
Sociologie : histoire et idées , coordonné par Philipe le cabin et jean François dortier , éditions sciences humains , Auxerre, 2000.p.79.
عبد الكريم غريب ، سوسيولوجيا التربية ، منشورات عالم التربية ، الرباط ، الطبعة الأولى ، 2000.ص.57.
محمد جسوس ، رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب ، إعداد و تقديم إدريس بنسعيد ، منشورات وزارة الثقافة ، الرباط ، الطبعة الأولى ، 2003.ص.6.
ريمي لوفو, الفلاح المغربي مدافعا عن العرش, باريس 1976, ص236.
الحبيب المالكي, تراكمات: ملاحظات حول الاقتصاد والمجتمع, النشر العربي الإفريقي, 1989, ص33.
ريمي لوفو, الفلاح المغربي مدافعا عن العرش, مرجع سابق , ص236
الحبيب المالكي, تراكمات: ملاحظات حول الاقتصاد والمجتمع, مرجع سابق, ص33.
بول باسكون ، مرجع سابق ، ص .25.

مقدمة في السوسيولوجياالقروية

ماالسوسيولوجيا القروية ؟ ما حدودها و امتداداتها المعرفية ؟ ما طموحاتها القصوى ؟ماذا عن الرواد و بدايات التأسيس و الشرعنة العلمية ؟ و ما الذي نتغياه فعلا من هذه المعرفة التي تعلن الانتماء المجالي لكل ما هو قروي ؟ و فيما يفيد الدرس السوسيولوجي القروي تحديدا ؟

ربما تجدهذه الأسئلة لنفسها أكثر من مبرر منهجي في مفتتح هذا القول ، ليس فقط لأنها تضعناعلى طريق التساؤل النقدي ، بل لأنها تعبد ذات الطريق نحو مقدمات تمهيدية للاقترابأكثر من مطامح و رهانات السوسيولوجيا القروية .
فالمطمح المعرفي لهذا القول لنيكون غير بحث أولي عن بعض المداخل المؤدية إلى دوائر السوسيولوجيا القروية ، و علىسبيل التمهيد قبلا و بعدا ، ينفرض علينا مساءلة البدء السوسيولوجي القروي ، ومحاورة انشغاله العلمي و رواده أملا في الاقتراب أكثر من ماهية السوسيولوجياالقروية ، و اعتبارا لذلك كله سيكون الحفر الأركيولوجي التاريخي آلية أساســية ضمنآليات اشتــغالنا على هــكذا موضوع ، فالسوسيولوجيا الـــقروية في عــمقها ومشروعها المعرفي تجد ذاتها مدعوة بل مضطرة في كثير من الأحايين إلى استلهام مناهجالتاريخ و الجغرافيا و غير قليل من نتائج العلوم الأخرى .
فإلى البدء إذن...

البداية و الامتداد

هل يمكن القول بأن السوسيولوجيا القروية سابقة علىالسوسيولوجيا العامة ؟ فما دام التفكير الاجتماعي غارق في القدم و لا يقف بالمرةعند حدود أوغست كونت(auguste comte) ، فإن أول تفكير أو تفكر في " الاجتماعي " كانمتمحورا حول الظواهر الاجتماعية في سياقها الزراعي و القروي ، على اعتبار أن القريةسابقة على المدينة و أن نشاطات الصيد و الزراعة سابقة أيضا على مختلف النشاطاتالصناعية الأخرى التي امتهنها الإنسان بعدا .
لكن و بالرغم من عراقة التفكيرالسوسيولوجي القروي ، فإن البداية العلمية مع الظهور كفرع تخصصي ضمن خارطةالسوسيولوجيا العامة تعود بالأساس إلى منتصف القرن الماضي، بتواز تام مع احتدامالنقاش حول إشكالات التهيئة و الجهوية و ضبط المجال . فبعد الحرب العالمية الثانيةصار " الاجتماعي " أكثر تضررا ، و كان من الضروري أن تتضافر الجهود العلمية و فيمختلف المجالات من أجل تجاوز ذلك الوضع الكارثي .
و إذا كان القرن الثامن عشرقد تميز بالانشغال العميق من قبل رواد الفكر السوسيولوجي بشرعنة الحضور السوسيولوجيو تأكيد الحاجة إلى مقارباته و مناهجه في فهم و تفسير الظواهر الاجتماعية ، فإنالقرن الماضي سار في اتجاه تجاوز العديد من العوائق الإبستيمولوجية و بناء مجموعةمن التخصصات السوسيولوجية ، و في إطار هذا التجاوز و الانتقال لاحت السوسيولوجياالقروية كاستجابة معرفية لما صار يعتمل في القرية من ظواهر و حالات تستلزم إعمالالمقاربات أخرى .
فبعد الحرب العالمية الثانية صارت الحاجة أكثر إلحاحا إلى فروعسوسيولوجية تخصصية تفيد في فهم و تحليل أسئلة " الاجتماعي " ، و في ظل هذه الحاجة والأزمة المجتمعية بدأت مفاهيم عديدة من قبيل العالم القروي((le monde rural و الوسطالقروي( le milieu rural ) و المجتمعات أو الجماعات القروية les sociétés et) les communautés rurales) تستحــوذ على جــانب مـــهم من الـــنقاش الــسـياسـي والاجتماعي الدائر آنئذ . لقد وجد عالم ما بعد الحرب نفسه مدعوا للقضاء على الفوارقالتي نشأت بين القرى و المدن ، و في سبيل الوصول إلى ذلك كان لا بد من إصاخة السمعلصوت العلوم الإنسانية ، من هنا كان من الضروري العمل على " صناعة " سوسيولوجياقروية تنشغل أساسا بالمجتمع القروي و تفكر فيه و حوله بهدف تقديم خلاصات و إجاباتمحتملة بصدد حركياته و فعالياته . كانت البداية أزموية ، و هذا ليس بغريب عن حقلالسوسيولوجيا العامة ، على اعتبار أنها علم الأزمة ، فميلادها ارتــبط دومــابالأزمــة التي تــحاول الإجابة عن شروط إنتاجها و إعادة إنتاجها ، و عليه فميلادالسوسيولوجيا القروية كفرع تخصصي لم يكن ليختلف كثيرا عن الظهور الأول للسوسيولوجياالعامة.

و بالنظر إلى كون البراديغم السوسيولوجي (le paradigme sociologique) يلح على تجاوز لغة و تحليلات الحس المشترك، فإن السوسيولوجيا القروية ، ستجد نفسهامنذ الوهلة الأولى مطالبة بالقطع مع هذه اللغة ، فالعالم القروي كموضوع تنفرد به وتشتغل عليه هو محور كثير من الرهانات السياسية و الاقتصادية ، و هذا ما يساهم فيإنتاج و تداول كثير من أحكام القيمة حوله ، الشيء الذي يفرض على السوسيولوجياالقروية في امتدادها المعرفي أن تراهن بامتياز على الهدم و التفكيك و القراءة غيرالعادية لمختلف التفاصيل التي تعرفها تضاريس المجتمع القروي . و منه نخلص إلى القولبأنه إذا كانت الأزمة المجتمعية لعالم ما بعد الحرب هي التي حتمت ظهور السوسيولوجياالقروية ، فإن ذات الأزمة مضافا إليها الحس المشترك حول القرية و القروي ( le rural) هي التي ستبصم مسار هذا الفرع السوسيولوجي التخصصي.

الانشغال العلمي

فيما تفيد السوسيولوجيا القروية ؟ و ما دوائر انشغالها المركزية ؟ و هل من حدودمعرفية تسيج هذا العلم ؟ و ما تقاطعاته و تمفصلاته الأخرى مع باقي الفروعالسوسيولوجية الأخرى و مع علوم أخرى من خارج السوسيولوجيا ؟
علم الاجتماعالريــفي هو العلم الخاص بدراسة أهل الريف و ما تربطهم من صلات و تلك التي تربطهم وغيرهم من السكان غير الريفيين ، إنه العلم الذي يجعل من القرية محور اهتمامه وانشغاله المركزي ، و هذا ما يبرز بجلاء أن الحدود المعرفية لهكذا علم مرسومة بدقةمتناهية ، لكن مع ذلك فالتقاطعات التي تدشنها السوسيولوجيا القروية مع دوائر اشتغالمعرفية أخرى تجعل من الصعوبة بمكان تسييج السؤال السوسيولوجي القروي ضمن حدودالقرية فقط ، و لعل هذا ما دفع ساندرسونsanderson) (إلى التأكيد مرة أخرى على أنعلم الاجتماع الريفي هو علم الحياة في البيئة الريفية و يتضمن ذلك وصفا دقيقاللتجمعات البشرية و العلاقات المختلفة لتلك التجمعات و العوامل المؤثرة على عمل وتقدم و وظيفة هذه المجتمعات.

"القرية كظاهرة اجتماعية " يمكن أن يكون هكذاموضوع واحدا من الانشغالات العلمية للسوسيولوجيا القروية ، و يمكن أن يكون العنوانالأبرز لذات الانشغالات ، لكنه ليس الوحيد ، فالسوسيولوجيا القروية تجعل من المجتمعالقروي هدفها الأثير الذي تتوجه إليه بالدرس و التحليل ، و ذلك في مختلف صيغانبــنائه و تطوره ، و عبر مختلف فعالياته و حركياته من خلال التوجه بالسؤال والتفكيك إلى المشكلات الاجتماعية للمجتمع القــروي و أنماط العيش و المؤسسات والخدمات و التدخلات الدولتية و النظم الاجتماعية و العلاقات بين المدن و البوادي وغيرها من المواضيع التي تحتل فيها القرية و لو هامشا ضئيلا في إطار جدل التأثر والتأثير . فالسوسيولوجيا القروية بملاحظتها و تحليلها لتبلور و تطور مشاكل الوسطالقروي تقترح نفســها كمشروعمعرفي لفهم و تفهم الأفراد في هذا الوســط . و لكونالوسط القروي هو جزء من مجتمع عام و شاسع ، فإن السوسيولوجيا القروية لا تمنع نفسهامن دراسة المجتمع في كليته، الشيء الذي يساعد على الوصول إلى مستوى عال من الفهم والتفهم للوسط القروي كما يعلن عن نفسه.


هذا كله يدفع إلى التأكيد مجددا علىأن دوائر الانشغال العلمي للسوسيولوجيا القرية لا يمكن حصرها بالمرة في مجال القريةو لا في موضوع الإنسان القروي وحده ، و هذا ما يعني بالضرورة علائق التشبيك والتداخل التي تبصم هذا العلم ، فالسوسيولوجيا القروية توجد على خط التــماس معكـــثير من المعـــارف كالجـــغـــرافيا و الاقـــتصــاد و التاريخ و الإثنوغرافياو الأنثروبولوجيا و السوسيولوجيا الحضرية و سوسيولوجيا التنمية و علوم التعمير والتهيئة و الهندسة القروية . فكل هذه المعرف تنشغل بالمجتمع القروي و تؤسس علىظواهره و تفاعلاته الكثير من المقاربات و النتائج العلمية .


إذن فالسوسيولوجياالقروية تضع ضمن استراتيجياتها العلمية مطمحا تخصصيا تعلن من خلاله عن حدودها وامتداداتها ، و هو المجتمع القروي من غير شك ، و ذلك عبر ملاحقة تفاصيله و تفاعلاتهالدقيقة و العابرة ، فالمجتمع القروي وفقا لهذه الصيغة يعد سؤالا منطقيا و أساسيافي مطبخ السوسيولوجيا القروية . و إذا كان المجتمع عموما يشير في مبناه و معناه إلىمجموعة من العلاقات و المؤسسات و الأدوار و الظواهر أيضا ، فإن السوسيولوجياالقروية و من منطلق انشغالها المعرفي تجد ذاتها مدعوة إلى الاشتغال على هذه الأبعادالعلائقية و المؤسسية و المجتمعية عموما في رحاب القرية . ما القرية؟

لكن مع ذلك تظل الحدودالمعرفية للسوسيولوجيا القروية بعيدة عن الضبط المجالي ، فالمجتمع القروي و كمارأينا في السابق هو " مخطوب الود "من قبل الكثير من المعارف ، إنه رقم أساس في كثيرمن المعادلات العلمية ، و ليست السوسيولوجيا القروية وحدها التي بمقدورها الإجابةعن مختلف أسئلته و إشكالاته .
في هذا الصدد يشير ميشيل روبيرMichel robert) (إلىأن السوسيولوجيا القروية تعرف بالنسبة إلى حقل اشتغالها أكثر من أي تلوين نظري أصلي، فمجال الاشتغال هو الذي يمنحها التعريف المحتمل ، و هو الذي يكشف عن توجهاتها وطموحاتها العلمية . و في ذات السياق يبرز هنري مندراس( Henri mendras) بأنه إذا لميتم ربط السوسيولوجيا القروية بسوسيولوجيا فلاحية متخصصة ، فإنها سوف تعرف بحقلدراستها الذي هو المجتمعات القروية .
إذن ما المعنى الذي تحيل عليه القرية ؟ ماالقرية و المجتمع القروي؟ و من أي المداخل يمكن الوصول إلى هذا المعنى المحتمل ؟ هلنعرف القرية بالمنطق الإحصائي كما تذهب إلى ذلك السوسيولوجيا الأمريكية التي تجعلمن القرية ذلك المجال التي يقل فيه مجموع السكان عن 2500 نسمة ؟ علما بأن هذا السقفالإحصائي يعبر عن معنى المدينة في دول أخرى . أم ننضبط إلى التعريــف المهنيالـــذي تقـــترحه السوسيولوجيا الحضرية و الذي تميز به المدينة عن القريةباحتضانها لما يفوق 5000 منصب شغل غير فلاحي ؟ أم نرتكن إلى التعريف الإداري وفقاللتقسيمات المجالية التي يقترحها علينا مهندسو الإدارة الترابية و التهيئة الجهوية؟

اللافت للنظر بخصوص التعريف الإحصائي للقرية هو أن الاختلاف يظل على أشده بينالدول حول السقف السكاني الذي يفصل بين المدينة و القرية ، فبعضها مثلا لا يشترطإلا 2000 نسمة للتمييز بين المجالين، في حين نجد البعض الآخر يحصر الرقم في 200نسمة فقط . فالوسط القروي يتميز كثافة سكانية متواضعة كميا ، و كذا بفضاء زراعي فيالغالب و بأنشطة فلاحية، و الطريقة الأكثر انتشارا للتمييز بين القرية و المدينةتظل إحصائية ، فهناك عتبة 2000 نسمة لكل وحدة إدارية قاعدية في فرنسا مثلا، و 2500نسمة في الولايات المتحدة الأمريكية و 5000 نسمة في المكسيك و 10000 نسمة فيالسينغال، كما أن هذا المقياس الإحصــائي ينحدر إلى 1000 نسمة في كنــدا و 400 نسمةفي ألبانـــيا و 200 نسمة في الدول الاسكندينافية . و هذا ما يدفع إلى الأخذبتعريفات أخرى تركز على طبيعة الأنشطة ( نسبة الأنشطة الفلاحية من مجموع الأنشطةالعامة ) ، أو الكثافة السكانية العليا أو الافتقار إلى التجهيزات و المؤسسات .
و بالنسبة لكلمة rurale فهي مأخوذة من الأصل اللاتيني rus الذي يقابل كلمة urbs و الذي يدل على المدينة ، و هذا التقابل بين القرية و المدينة تحكم لزمن طويلفي تعريف كل واحدة منهما ، فالمدينة لا تعرف إلا بكونها نقيضا للقرية ، و هذهالأخيرة ذاتها لا تعرف إلا بكونها مختلفة عن المدينة في النشاطات و التنظيم المجاليو المؤسسي .
و إذا كان المجتمع لفظيا يطلق بمعنى أخص على المجموع من الأفرادالذين تؤلف بينهم روابط واحدة تثبتها الأوضاع والمؤسسات الاجتماعية، ويشار به إلىالاجتماع في الأسرة أو القرية أو القبيلة ومنه نقول المجتمع القروي, القبلي ، فإنهيصير وفقا لهذا الفهم عبارة شبكة من العلاقات الاجتماعية بين الفاعلين الاجتماعيين،فهو جسم من العلاقات والوظائف والمؤسسات التي تتحرك وتتفاعل ضمن نسق اجتماعي معينتحدده آليات ضبط ومعايير عقل جمعي. أما القروي فهو المنسوب إلى القرية أو البادية،وبالتالي فالمجتمع القروي هو عكس المجتمع المدني / الحضري، وعموما فالمجتمع القرويلا يتم تحديده من طرف الدارسين إلا بما ليس هو، أي يتم تحديده انطلاقا من تحديدالمدينة، فالمجتمع القروي نوظفه هنا كمجال جغرافي في مقابل المدينة، وأيضا كعلاقاتاجتماعية تعتمل في رحابه.
وإذا كان المجتمع القروي أكثر ارتباطا بالفلاحةوالفلاحين, فإن لفظة "فلاح" عامة جدا، وهناك بالفعل عدة فئات اجتماعية، مثل الوجهاءالذين يعدون دعائم الدولة، وهناك فعلا مجموع الفلاحين المرتبطين عاطفيا ودينيابالدولة، إلا أن هناك بموازاة ذلك صغار الفلاحين الفقراء الذين يتحملون مجموع القمعوالاستغلال في البلاد . فكيف السبيل إذن إلى تمييز العالم القروي ؟

مع الرواد

في سياق أزمة عالمما بعد الحرب تمت دعوة علماء الاجتماع للاشتغال على القرية أملا في تطوير قدراتالتغيير في المجتمع القروي ، و قد ترجم هذا الاشتغال عبر مسارين أساسيين تمثلا فيالسوسيولوجيا الأمريكية التي سارت في الاتجاه الأمبريقي و السوسيولوجيا الفرنسيةالتي اختارت درب المونوغرافيات ، و هذان الاتجاهان هما اللذان حسما لحظة التأسيسالعلمي للسوسيولوجيا القروية، هذا مع التأكيد على أن كلا الاتجاهين لم ينقطعا عناستثمار خلاصات علوم أخرى كالجغرافيا و الأنثروبولوجيا بدرجة أولى. و على العمومفالسوسيولوجيا القروية تدين ، بالنظر إلى نشأتها ، بالكثير إلى السوسيولوجياالفرنسية و الأنثروبولوجيا الأمريكية ، و هو ما يجعل البعض يؤكد بأن السوسيولوجياالقروية ما هي إلا نتيجة منطقية لزواج كاثوليكي بينهما معا
.
و بحثا عن البداياتالتأسيسية لهذا العلم ، قام مارسيل جوليفي ( Marcel Jollivet) برصد كرونولوجيلمساهمات الرواد الأولية في هذا الميدان ، و قد اهتدى من خلال جرده هذا إلى أنالأثر الأول في الدرس السوسيولوجي القروي يعود في فرنسا إلى جان ستوتزل(Jean stœtzel) الذي كان يدرس هذه المادة بمعهد الدراسات السياسية بباريس خلال سنتي 1948و 1949 ، و ذلك قبل أن يعهد بهذا الدرس إلى هنري مندراس( Henri mendras) ، إلا أن هذاالأخير يعد بحق المؤسس الفعلي للسوسيولوجيا القروية ، اعتبارا لكونه من بين أوائلالباحثين الذين كرسوا جهودهم المعرفية للشأن القروي ، فقد حاول منذ البدء أن يقدمنموذجا نظريا لتحليل المجتمعات الفلاحية ، مستلهما نتائج الأنثروبولوجيا الأمريكيةالتي انشغلت بالجماعات القروية منذ عشرينيات القرن الماضي .
و لقد راهن هنريمندراس في انشغاله بالمسألة القروية على الاعتماد على التاريخ و الاقتصاد و السياسةو باقي العلوم الأخرى التي تسعفه في اختراق تفاصيل المشهد القروي ، و لهذا فقد كانينجز أبحاثه في الغالب بتعاون تام مع اقتصاديين و مؤرخين.

مارسيل جوليفي يعدهو الآخر من رواد السوسيولوجيا القروية ، فقد أصدر بمعية زملاء له في هذا الحقلعددا من الدراسات القيمة التي ساهمت في تأجيج النقاش حول أسئلة العالم القروي ، وقد عرف مارسيل جوليفي كثيرا بمفهوم التداخل التخصصي l'interdisciplinarité الذي كانيستعيض عنه أحيانا بالتعدد التخصصي « multidisciplinarité » ou « pluridisciplinarité »، فقد كان يلح دوما على أن السوسيولوجيا القروية لم تكن قبلاتخصصا خالصا، بل هي فرع من فروع علم الاجتماع ، يتميز بكونه أبعد ما يكون معزولاتماما ، فالسوسيولوجي القروي ينفرض عليه من حين لآخر أن يكون مؤرخا و جغرافيا واقتصاديا و ديموغرافيا و إثنوغرافيا و عالم نفس أيضا ،إذ عليه أن يختبر مناهج كلهذه التخصصات لكي يتمكن من دراسة ظواهره . و وفقا لهذا التصور فقد اعتبر جوليفي غيرما مرة أن السوسيولوجيا القروية الفرنسية هي معرفة متعددة الاختصاصات بشكل أساسي ،و هذا ما يميزها عن السوسيولوجيا القروية الأمريكية.
و بخصوص العالم الجديدفيعتبر ليبرتي هايد بيليliberty hade bailey (1858-1954) المؤسس الفعليللسوسيولوجيا القروية و الصحافة القروية أيضا بالولايات المتحدة الأمريكية ،فبالرغم من تخصصه البيولوجي و النباتي تحديدا فقد ساهم ليبرتي منذ العشرينيات منالقرن الماضي في تأسيس سوسيولوجيا قروية أمريكية ، و ذلك منذ التحاقه بمدرسةالفلاحة بميشغان.

إن السوسيولوجيا القروية الأمريكية خرجت من رحم مدرسة شيكاكو، فمع اشتغال ويليام إيزاك توماس (William Isaac thomas) و فلوريان زنانيك ( Florian znanieck ) على الفلاح البولوني في كل من أوروبا و أمريكا ما بين 1918 و 1920 ، بدأت تتشكل الملامح الكبرى للسوسيولوجيا القروية بالعالم الجديد ، و يعد هذاالكتاب الصادر في خمسة أجزاء من الكتب المؤسسة للسوسيولوجيا الأمريكية عموما ، وليس فقط للسوسيولوجيا القروية أو لمدرسة شيكاكو، و في هذا الكتاب سيبلور الباحثانمفهوم الاختلال الاجتماعي(désorganisation sociale ) الذي سيظل مهيمنا على النقاشالسوسيولوجي للمدرسة خلال فترتها الذهبية ما بين 1915 و 1935.

لقد صارتالسوسيولوجيا القروية الأمريكية آنا تعرف نموا مطردا على مستوى إنتاج و تداولالنظريات و المفاهيم ، بل إن التراكمات المهمة التي عرفها هذا العلم في السنواتالأخيرة ما هي إلا نتاج خالص قادم من العالم الجديد ، من الولايات المتحدةالأمريكية و كندا و باقي دول أمريكا اللاتينية ، فهذه الدول تشهد اليوم فورة علىمستوى العلوم الإنسانية ، بل إنها استلمت مشعل هذه العلوم في شقها الأمبريقي منذزمن غير يسير.

هنا و الآن

لكن ماذا عن المغرب ؟ ماذا عن مساهمة آل علمالاجتماع المغاربة في تأصيل و بناء السوسيولوجيا القروية؟ و هل في الإمكان الحديثعن مدرسة سوسيولوجية قروية مغربية لها براديغماتها و توجهاتها الخاصة و الخالصة ؟ ومتى و كيف كان البدء السوسيولوجي القروي بالمغرب؟ ألا يمكن القول بأن السوسيولوجياالمغربية في مجموعها هي سوسيولوجيا قروية ، فلا السوسيولوجيا الكولونيالية و لاالأخرى التي تلتها بعد الاستقلال استطاعت أن تقلص من حضور السؤال القروي ضمن خارطةاشتغالها . فالإنتاج السوسيولوجي المغربي يظل في جانب مهم منه منخرطا في مساءلةالظواهر القروية ، بل إن الأبحاث و الرهانات غير القروية داخل مطبخ السوسيولوجياالمغربية تظل محدودة كميا و نوعيا .
مع محمد جسوس الذي يصنفه رشدي فكار ضمنالمؤسسين الأوائل لسوسيولوجيا العالم الثالث بالمغرب ، ستعرف السوسيولوجيا القرويةبالمغرب انطلاقتها الثانية ، بعد انطلاقتها الأولى المبكرة التي دشنتهاالسوسيولوجيا الكولونيالية ، فقد حاول محمد جسوس منذ البدء أن يؤجج النقاشالسوسيولوجي حول المجتمع القروي ، معتبرا إياه الحقل الحيوي الذي يترجم و يكشفمجموع تفاعلات النسق المغربي ، فمن خلال ذات المجتمع يمكن فهم كثير من الظواهر والقضايا التي تلوح في باقي الأنساق المجتمعية الأخرى ، و يمكن أيضا اكتشاف " مآلالمجتمع المغربي " الذي يعد تعبيرا أثيرا عند محمد جسوس.

و إذا كان محمد جسوسيدفع باتجاه تطوير السوسيولوجيا القروية في إطار وحدة علم الاجتماع القروي بكليةالآداب بالرباط و بالضبط قريبا من معهد العلوم الاجتماعية الذي تعرض خطأ و اعتسافاللإغلاق ، فقد كان بول باسكون ، بمعهد الزراعة و البيطرة بدوره يؤسس لسوسيولوجياقروية تدمن البحث الأمبريقي ، فعلى امتداد العديد من مؤلفاته ( ما يقوله 296 شاباقرويا ، المسألة الزراعية بالمغرب ، حوز مراكش ، دراسات قروية ، بني بوفراح ، دارإليغ و التاريخ الاجتماعي ، المسألة المائية بالمغرب ) حاول بول باسكون أن يؤسسلسوسيولوجيا قروية تستقي نظرياتها و توجهاتها من الميدان في البدء و الختام ، و علىهذا الدرب سيبلور باسكون نظريته عن المجتمع المزيج أو المركب ، كما سيحدد ملامحالسوسيولوجي و مهامه المركزية.

بعد الرحيل الغامض لبول باسكون و زميله عاريفستعرف السوسيولوجيا القروية بمعهد الزراعة البيطرة نوعا من الموت السريري ، لينتقلالنقاش مجددا إلى وحدة علم الاجتماع القروي بكلية الآداب بالرباط التي ستلتمع فيرحابها جملة من الأسماء التي بصمت مسار الفعل السوسيولوجي بالمغرب، مثلما ستساهم فيإنتاج العديد من الأبحاث و الدراسات القيمة حول المجتمع القروي المغربي . و لعل هذاكله ما يدفع إلى القول مجددا بأن السوسيولوجيا المغربية هي لحد الآن سوسيولوجياقروية في شقها الأكبر.

ال " كلنا " قرويون

ما يدفع إلى التفكير في هكذا نتيجة هو الطابع القروي للمجتمع المغربي ، فال " كلنا " قرويون ، بل إن الحدود بينما هو قروي و ما هو حضري مغربيا تظل تعسفية و غير منضبطة لمنطق محدد ، لهذا كلهيصير الدرس السوسيولوجي القروي ضرورة ملحة لقراءة تضاريس المجتمع المغربي ، بل إنالانشغال السوسيولوجي بالمجتمع القروي من شأنه أن يساهم فعلا في خدمة المشروعالنضالي للسوسيولوجيا, "فالعلاقات السلطوية ما زالت سائدة في العالم القروي، ومع مايطبعها من إكراه ومحسوبية وتطاول على حقوق المواطنين... وهي تؤكد المحن التي يعيشهاالعالم القروي" وهنا يحق لنا أن نتساءل مرات أخرى: ما الذي نريده من السوسيولوجيا والسوسيولوجيين؟ وما الذي نتغياه من علم الاجتماع القرويتحديدا؟

"إن العالم الفلاحي يمثل مشهد جمود تديره وترعاه النخب المحلية التي التحقت بالدوائر الإدارية كقواد وشيوخ ومقدمين" إنه عالم واقع بلا شك تحت رحمة المخزن الذي نجح كثيرا فيعمليات الاختراق والاحتواء، و "لهذا تظل البوادي هادئة تماما حتى عندما يكون النظامالسياسي معرضا لرجات" . فهذا "الثبات الاجتماعي" من جهة وهذا الاختراق المخزني منجهة أخرى ألا يستوجبان معا وقفة خاصة من أجل الخلخلة والتفكيك العملي والعلمي؟ أولا يقودنا الوضع الشاذ الذي ينخرط فيه المجتمع القروي إلى تلك المهمة الأساسيةالمبحوث عنها في علم الاجتماع القروي؟
إن تسخير السوسيولوجيا للنبش في هموموآمال المجتمع القروي أمسى مطلبا أكيدا في راهننا هذا، الذي تعالت فيه آهاتالفلاحين وزفراتهم الساخطة، فحاجتنا إلى سوسيولوجيا قروية أكثر جرأة في الطرحوالتحليل ضرورة قصوى ، بل إن الحاجة إلى هذه السوسيولوجيا لا يحددها فقط ما يعتملفي العالم القروي من ظواهر وحالات عصية على الفهم ، ولا توجبها حصرا محدوديةالدراسات والأبحاث التي تصدت لها، وكذا ضرورات توسيع دوائر الاهتمام العلمي بها،وإنما تفرضها فرضا خصوصيات المجتمع المغربي عموما.

فكم نتناسى طبيعة المجتمعالمغربي الذي هو قبل كل شيء مجتمع قروي، وأن أزمة المجتمع القروي هي في العمق مرآةلأزمة المجتمع المغربي، والطابع القروي لمجتمعنا لا ينحصر في بعض الأرقام المتعلقةبالوزن الديموغرافي لسكان البادية (45%) وبنية اليد العاملة في البادية (41%) وكذلكحجم الإنتاج الزراعي (20% من الناتج الداخلي الخام), فإلى جانب العوامل الاقتصاديةوالاجتماعية توجد عوامل تاريخية، حضارية، سياسية وثقافية، وكذلك عوامل تخص نمـطالعيش والسلوك، والتي تؤكد أن مجتمعنا لا زال قرويـا . كل هذا إذن يجعل البحث فيشجون المجتمع القروي مبررا ومشروعا جدا، خصوصا في عمق الانشغال بالعلاقات والتمثلات المرتبطة بالسلطة المخزنية، ويدعو في الآن ذاته إلى إعمال النظر العلمي فيعالم الفلاحين الذين تبدو العلاقات بينهم وبين الدولة جد مبهمة للغاية, ذلك أنهميعيشون دوما على خشيتها وأمام القرار الفالت من أيديهم. إنها إله رهيب ومصدر لنعمغير منتظرة.

على سبيل الختام

بعد هذا المار ذكره نطرح السؤال مجددا : ماالسوسيولوجيا القروية ؟ ما مراكز اهتمامها المعرفي ؟ و ما الذي نتغياه من هكذا تخصصسوسيولوجي ؟ و أي التعاريف تبدو منطقية و معبرة عن حقيقة السوسيولوجيا القروية ؟
كان التأكيد منذ البدء على أن ما ينطرح على حواف هذا القول ، لن يكون غير " فتحلشهية " الحديث عن السوسيولوجيا القروية ، طبعا لن يكون إلا مقدمة تمهيدية تحرض علىالتساؤل أكثر ما تراهن على تقديم الإجابات الجاهزة ، فمع الحديث عن البدء والامتداد و الانشغال المعرفي و القرية أولا و الرواد بعدا و الانعطاف نحو ال " هنا " و الآن ثم التأكيد على قرويتنا الغائرة ، لم نكن نهفو لا إلى تقديم جواب جاهز عنماهية السوسيولوجيا القروية ، و لا إلى أي تحديد صارم لانشغالاتها و آليات اشتغالها، فقط كان هم الاقتراب منها هاجسنا المركزي و سؤالنا البعدي .
السوسيولوجياالقروية وفقا لتطورها التاريخي لن تكون غير سوسيولوجيا مسكونة بأسئلة المجتمعالقروي في جميع حركاته و سكناته ، تفاعلاته و تحولاته ، اتساقه و اختلاله ، لن تكونأيضا غير معرفة متعددة المداخل و المشارب ، تؤمن بالتخصص العلمي لكنها تجد نفسها فيكل حين مدعوة لاستثمار خلاصات و مناهج كثير من العلوم الشقيقة و الصديقة ، و مع ذلككله فإن سبر أغوار هذه السوسيولوجيا لا يكون ممكنا إلا بالنزول إلى الميدان ، لأنهامعرفة ميدانية بامتياز .

الاثنين، 25 فبراير 2013

بــحــث مـفصــل عـن الـجريــمـة


المقدمة:

عُرفت الجريمة منذ قديم الأزل ومنذ بدء الخليقه ,حين قتل قابيل أخيه هابيل ولك أن تتخيل تطور شيء منذ قديم الازل الى عصرنا الحالي ؟ !! تطور كبير وشاسع بالفعل..فكما أن كل شيء من حولنا قد تطور..أيضاً الجريمة تتطور...إن المجرم الحالي يدرس علم الإجرام ويسرق بإستخدام الكمبيوتر ويبحث عن كل جديد من الوسائل التي تتيح له إرتكاب جريمته مع أقل ضرر ممكن بالنسبة له ومن شأنها تقليل فرصة القبض عليه
وبكل إختصار هل تريد أن تعرف أهمية وقيمة القانون في مواجهه الجريمه ؟
تخيل العكس ..نعم تخيل الحياة من حولك بدون قانون..بدون عقوبه .. تخيل انك تعيش ضمن قوانين الغاب..حيث القوي يبطش بالضعيف...تخيل أن يأتي أحداً ويسطو على ممتلاكتك..فماذا ستفعل ؟ هل ستلجأ الى اساليب الهمجيه والدمار؟
في هذا البحث اتناول احد المواضيع المهمه الذي ياتي هنا القانون ليضع له حدا واركز هنا في اهتمامي بوجهه نظر علم الاجتماع القانوني ...
املا ان اوفق في تقديم هذه المادة بالشكل اللائق .....


والله ولي التوفيق،،،،،



* مفهوم الجريمة /


يرى علماء الاجتماع بان الجريمة ظاهرة اجتماعية وان التجريم بحد ذاته هو الحكم الذي تصدره الجماعة على بعض أنواع السلوك بصرف النظر عن نص القانون وفي هذا الاتجاه ميز جارد فالو بين الجريمة الطبيعية التي لا تختلف عند الجماعات في الزمان والمكان لتعارضها مع المبادئ الإنسانية والعدالة كجرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال . والجريمة المصطنعة التي تشكل خرقا للعواطف القابلة للتحول كالعواطف الدينية والوطنية واعتبر الأولى بأنها تدخل في المعنى الحقيقي للإجرام ودراساته التحليلية ويقدر البعض الآخر بان الجريمة عبارة عن السلوك الذي تحرمه الدولة بسبب ضرورة ويمكن أن ترد عليه بفرض جزاء وهو بوجه عام يشكل السلوك المضاد للمجتمع والذي يضر بصالحه .


* الجريمة بالمفهوم القانوني /

أما الجريمة بالمفهوم القانوني فرغم عدم الاتفاق حول التعريف اللفظي بشأنها إلا انه يوجد هناك عدة تعريفات من بينها :
• الجريمة بمعناها الوسع هي كل مخالفة لقاعدة من القواعد تنظم سلوك الإنسان في الجماعة فهي في جميع الأحوال سلوك فردي يتمثل في عمل أو تصرف مخالف لامر فرضته القاعدة ويباشر في وسط اجتماعي .
• ومن بين معاني الجريمة لغة أن لفظة الجريمة تقوم مقام الأساس الذي يبنى عليه الاتهام accusation. ومن معانيها المحاسبة أو المعاقبة أو أنها أي فعل معارض أو مضاد للقانون An act contrary to law. سواء كان هذا القانون قانونا إنسانيا أو الاهيا . وقد يشار لفظة الجريمة على أنها أي فعل من أفعال الشر Wickedness . أو أي خطيئة Sin أو أي فعل خطأ .
• ومن تعاريف الجريمة أيضا أنها عبارة عن أي خطأ يرتكب ضد المجتمع ويعاقب عليه وقد يكون هذا الخطأ ضد شخص معين أو ضد جماعة من الأشخاص .
• الجريمة فعل غير مشروع صادر عن اداره جنائية يقدر له القانون عقوبة معينة .

ويقوم تعريف الجريمة على العناصر التالية :
- أولا: تفترض الجريمة ارتكاب فعل يتمثل فيه الجانب المادي لها وتعني بالفعل السلوك الإجرامي أيا كانت صورته فهو يشمل النشاط الإيجابي كما يتسع الامتناع .
- ثانيا: تفترض الجريمة أن الفعل غير مشروع طبقا لقانون العقوبات و القوانين المكملة له فلا تقوم جريمة بفعل مشروع ..




* تعريف الجريمة في الشريعة الاسلامية /

وفي ضوء هذا البيان يمكن تعريف الجرائم في الشريعه الاسلاميه بانها محظورات شرعية زجر الله عنها بحد او تعريز والمحظورات هي اما اتيان فعل منهي عنه او ترك فعل مامور به وقد وصفت المحضورات بانها شرعيه لان الشريعه هي التي تحدد ما هو سوي وما هو منحرف طبقا لمعايير محددة وهذا يعني ان الفعل او الترك لا يعتبر جريمه الا اذا اوضحت الشريعة ذلك ورتبت عليه عقوبه فاذا لم تكن هناك عقوبة على الفعل او الترك لا يعد أي منهما جريمه .
وهذا هو مبدا الشريعه التي وضعته واقرته الشريعه الاسلاميه ثم اخذه عنها علماء القانون حين تحدثوا عن قانونيه الظواهر الاجراميه وان القانون هو الذي يجرم بعض جوانب السلوك .


التجريم في ظل النظم القانونيه :

الجريمه ظاهرة اجتماعية قانونيه والمقصود بذلك انها تمارس داخل جماعات ومجتمعات وينطلق تحديدها من منطلقات اجتماعية تتعلق بثقافه المجتمع الى جانب انها ترتبط من حيث طبيعتها ونوعها وكثافتها ومسارها بظروف بظروف المجتمع وبنائه الاجتماعي ونظمه الاجتماعيه كالنظام السياسي والاقتصادي والديني والقيمي وبتاريخ المجتمع وتقاليده واعرافه وعادات ابنائه ..وقد اشار المشتغلون بعلم الاجتماع وفي مقدمتهم اميل دور كايم الى شيوع ظاهرة الجريمه داخل كل المجتمعات الانسانيه على اختلاف انواعها وعلى اختلاف مواقعها من التطور الاقتصادي والاجتماعي او من المتصل الحضاري .
فالجريمه ظاهرة تسود المجتمعات المتخلفة والمتقدمة على حد سواء وهنا نعتبر التجريم ظاهرة طالما لم نجد مجتمعا خاليا من السلوك الانحرافي او من الجريمه الى جانب تحديد نوعيه السلوك الاجرامي والسلوك السوي خارج المجتمعات التي تطبق الشريعه الاسلاميه .


* علم الاجرام في مفهومه المعاصر :

يمكن تعريف علم الاجرام بانه هو العلم الذي يبحث في تفسير السلوك العدواني الضار بالمجتمع وفي مقاومته عن طريق ارجاعه الى عوامل حقيقيه .
وهذه العوامل قد تتمثل في الظروف الاجتماعية المحيطه بالمجرم او الجاني كما تتمثل في في دوافع داخليه كامنه في نفس الجاني او المجرم .وعلم الاجرام ينقسم الى فرعين متكاملين وهما :
* علم النفس العقابي :
الذي يعد فرعا من علم النفس العام وهو متعلق بدراسه العوامل النفسيه المحركه للسلوك الاجرامي وتلك المتصله باثر العقوبات في نفسيات اولئك الخاضعين لها .

اما الفرع الثاني :


* علم البيولوجيا العقابيه

وهو متعلق بدراسه التكوين الحيوي او الفطري للانسان من ناحيه صلته المحتمله بسلوكه الاجرامي .


* علاقه علم الاجرام بالقانون :

موضوع علم الاجرام هو دراسه الجريمه بوصفها ظاهرة طبيعيه تستند الى نواميس ليس للانسان عليها أي سلطان بمعنى انها ليست من صنعه اما موضوع القانون الجنائي فهو دراسه مجموعه قواعد موضوعية بمعرفته لتحقيق اهداف اجتماعيه معينه .
والقانون الجنائي قد ينطوي على صور كثيرة في سلوك ممنوع وان كان لا يمثل شذوذا اجتماعيا او نفسيا . وبالتالي لا يتطلب بحثا في حقيقه العوامل الكامنه وراء هذا السلوك مثل بعض جرائم الراي والاقامه او التعامل اما علم الاجرام فموضوعه دراسه جميع صور السلوك غير الاجتماعي والتي تتطلب مثل هذا البحث في العوامل الكامنه وراءه .
وفي الجمله حين يهتم القانون بتحليل النصوص وتحديد اركان الجرائم كما تريدها النصوص الموضوعه اذ بعلم الاجرام يعني اولا وقبل كل شي اخر بتحليل دوافع السلوك الاجرامي او بالادق بتحديد عناصر الاستعداد لمقارنه افعال ضد المجتمع لا تمثل السلوك السوي للانسان الاجتماعي سواء اسندت في النهايه الى عوامل داخليه كامنه في نفس المجني ام عوامل خارجيه عنه كامنه في البيئه التي يعيش فيها وتستوي في ذلك بيئته الطبيعيه مع الاجتماعيه .


* نماذج الجريمة :

تتنوع الجرائم عند علماء الإجرام سواء على أساس الباعث الإجرامي و الدافع إليها أم على أساس كيفية ارتكابها .


1- تقسيم الجرائم بحسب الباعث الإجرامي :

- جرائم العنف: فتضم طائفة الجرائم التي تتسم برد الفعل البدائي القائم على قدر من العنف الذي يتفاوت في مقداره على أي عمل أو تصرف فيه هجوم ولو كان هذا الهجوم بسيطا أو على أي عمل يتصور المجرم نفسه أن فيه هذا المعنى كجرائم القتل والجرح والضرب .
- الجرائم النفعية: فتضم مجموعة الجرائم التي يستهدف الهجوم من ورائها تحقيق نفع ذاتي أو أناني محض كالحصول على حريته الشخصية عن طريق التخلص من زوجة أو من الأب السكير أو حرق المال المؤمن عليه عمدا لقبض مبلغ التأمين .
- جرائم إرساء العدالة الكاذبة: فتضم بين دفتيها مجموعة الجرائم التي يستهدف المجرم من ورائها إرساء ما يراه عادلا وحقا إذ يتصور لشذوذ في مفهوم العدالة عنده انه بالجريمة يحق الحق ويعلى حكم العدل وهذه الطائفة تشمل من جهة بعض الجرائم العاطفية التي يندفع إليها المجرم تحت تأثير عاطفة جامحة كالحماسة والغيرة والحب والكراهية كما تشمل من جهة ثانية الجرائم المذهبية التي يندفع إليها مرتكبها تحت تأثير عقيدة عادة ما تكون متطرفة يرى فيها خلاصا لوطنه لأسرته أو لنفسه فينتصر لها ويحاول تغليبها بالقوة .
- جرائم الإشفاق: أو الواقعة بدافع الشفقة كمن يقتل قصدا مريضا لا يؤمل شفاؤه لمساعدته على إنهاء آلامه بعد أن يئس الطب من شفاؤه أو قتل طفل مشوه أو معاق رحمة وشفقة عليه .

- جرائم ضد الممتلكات: هذه الجرائم التي ترتكب ذد الممتلكات تؤثر على المجتمع فمثلا الحريق العمد يؤدي إلحاق الضرر أو إبادة ممتلكات تامة وهذا يمثل خسارة صافية للمجتمع فهي أصول حقيقية فقدت بدون رجعة ولكن في عدد كبير من الجرائم نجد انه لا يحدث أي تلف أو تدمير للممتلكات ولذلك فانه في هذه الحالات لا توجد خسارة للمجتمع والذي يحدث في مثل هذه الحالات هو نقل الملكية من أحد الأشخاص أو مجموعة من الأشخاص إلى أشخاص آخرين .
- جرائم بلا ضحايا: وهي تؤدي أيضا إلى خسائر وهذه الخسائر تقدر بقيمة الموارد الاقتصادية التي استعملت كنتيجة للنشاط الإجرامي وكذلك هناك الخسائر المترتبة على إنفاق بعض موارد الدولة كل عام لكي لا ترتكب هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها في حالة وقوع الجرائم .


2- تقسم الجرائم بحسب طريقة ارتكابها :

والواقع أن تقسيم الجرائم بحسب الطريقة أو الكيفية الإجرامية التي وقعت بها يتطلب المقارنة بين الجرائم غير المنظمة والجرائم المنظمة فالجرائم غير المنظمة هي التي تقع كيفما اتفق دون سابق إعداد وتدبر أي الكيفية المتاحة حينما يحين الداعي إليها وتدخل تلك الطائفة سائر الجرائم العاطفية كالقتل العاطفي.أما الجرائم المنظمة أي ذات الترتيب والإعداد السابق فهذه تختلف بحسب ما إذا كانت تلك الجرائم واقعة في محيط العصابات الإجرامية أم واقعة خارج هذا المحيط ويقصد بالجرائم الواقعة في محيط المجرمين تلك التي تقع من محترفي الإجرام أي من أولئك الذين صار الإجرام بالنسبة لهم مهنة وفنا وهؤلاء كما يرتكبون جرائمهم بطرق العنف فانهم على العكس قد يتوسلون لارتكابها طريق المكر كتسور المنازل ليلا، السرقة بطريق النشل ، اصطناع مفاتيح مزورة، القفز في الهواء أو التسلق. أما الجرائم المنظمة الواقعة خارج محيط المجرمين فيقصد بها تلك التي تقع من أفراد يزاولون وظائف مشروعة و ربما كبيرة وهامة لكنهم يوظفون اختصاصاتهم والتنظيم القانوني الذي يحكم تلك الاختصاصات للوصول إلى مغانم شخصية وهذه الطائفة تضم ما هو مصطلح على تسميته في علم الإجرام بجرائم ذوي الباقات البيضاء وهؤلاء يأخذ معدل جرائمهم في التصاعد في الوقت الحاضر لفساد الأخلاق من جهة وشيوع روح الفوضى في بعض المجتمعات من جهة أخرى ولعيوب في النظام القانوني من جهة أخرى .


* خصائص الجريمه :

او هذا هناك مجموعه من الخصائص لابد من توافرها للحكم على سلوك ما بانه جريمه وهذه الخصائص هي :
- 1 الضرر وهو المظهر الخارجي للسلوك ، فالسلوك الاجرامي يودي الي الاضرار بالمصالح الفرديه او الاجتماعيه او بهما معا . وهذا هو الركن المادي للجريمه فلا يكفي القصد او النيه وحدهما وقد سبق الاسلام الى تاكيد اهميه هذا الركن المادي للجريمة .
2- يجب ان يكون هذا السلوك الضار محرما قانونيا ومنصوصا عليه في قانون العقوبات وقد سبق الاسلام الى تاكيد هذا الركن الشرعي للجريمه .
3- ضرورة وجود تصرف سواء كان ايجابيا او سلبيا عمديا ام غير عمدي يؤدي الى وقوع الضرر ويقصد من هذا القول توافر عنصر الحريه واختفاء عنصر الاكراه وهذا الركن سبق اليه الاسلام فيما يطلق عليه الركن الانساني للجريمه . فالمسئوليه تسقط في الاسلام في حالات محددة وهي الاكراه والسكر والجنون والصغر وحالة اباحة الفعل المحرم اما استعمال حق او لاداء واجب ز
4- توافر القصد الجنائي وقد سبق الاسلام الى تاكيد اهميه هذا الركن في الجرائم فالاسلام لا يحاسب الانسان الا اذا كان اهلا للعقاب وهذه الاهليه تتطلب ان يكون الجاني مكلفا ومختارا ومسئولا ز فالجريمه التي يرتكبها الانسان العاقل عن قصد ورغبه وتصميم تختلف عن تلك التي يكره الانسان عليها او التي يرتكبها الطفل او المجنون .
5- كذلك لابد من وجود توافق بين التصرف والقصد الجنائي ومثالا على ذلك ان رجل الشرطه يدخ منزلا ليقبض على شخص ما بامر من القاضي او المسئول ثم يرتكب جريمه اثناء وجوده في المنزل بعد تنفيذ امر القبض لا توجه اليه تهمه دخول المنزل بقصد ارتكاب جريمه لان القصد الجنائي والتصرف فيها لم يتلاقيا معا .
6- يجب توافر العلاقه العيه بين الضرر المحر قانونا وسوء التصرف او السلوك حتى يمكن تجريمه .
7- يجب النص على عقوبه للفعل المحرم قانونا وهذا هو مبدا الشرعيه الذي ينص انه لا جريمه ولا عقوبه الا بنص وقد كانت الشريعه الاسلاميه هي اول من ارست هذا المبدا .


* الجريمه والضرر في القانون الوضعي :

الجريمه بالمفهوم الاصطلاحي القانوني هي أي انتهاك للقانون الجنائي وتعد عدوانا ضد المجتمع اما الضرر فيعد انتهاكا للقانون المدني ويعد عدوانا موجها ضد الفرد ، وقد يعتبر الفعل الواحد عدوانا ضد المجتمع وضد الفرد الواحد .
ورد الفعل القانوني ازاء الضرر هو التعويض وهذا لا يعد عقابا اما الحكم بالغرامه سواء من جانب القانون المدني او الجنائي فيعد عقوبه . والواقع ان التداخل كبير بين الضرر والجريمه سواء في المجتمعات البدائيه او المجتمعات الحديثة .



* نسبيه الجريمه في النظم الوضعيه وموقف الشريعه من ذلك :

تعد الجريمه متغيرا ثقافيا او ظاهرة اجتماعيه في المجتمعات التي تاخذ بالنظم الوضعيه وهذا ما يجعلها خاضعه للنسبيه والتغير سواء نظرنا اليها من المنظور القانوني او من المنظور العرفي . فالقانون سواء العام او او النوعي ومنه الجنائي او الاعراف متغيرة المضمون نتيجه لتغير الظروف التاريخية والعوامل الثقافيه والمتغيرات الاجتماعية واختلاف النظم الاقتصاديه والسياسيه والعقديه ....ولهذا نجد ان ما يعد جريمه امر يختلف باختلاف المجتمعات وباختلاف الحقب التاريخيه فالمجتمعات البدائيه ترتبط اغلب الجرائم فيها بالاعتداء على الدين عن طريق السحر والشعوذه ...


الخــاتمـــة

الجريمة مثل الحروب تولد رؤوس البشر أولا وفي ميادينها ثانيا وتتغذى باستمرار من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم وإذا كان الواقع الاجتماعي والاقتصادي هو جانب من الجريمة ولا يفسر كل شئ عن الجريمة فان العامل النفسي مهم جدا بيد أننا في الوطن العربي لا نهتم بالعامل النفسي وتأثيره وتأثره في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والواجب معالجة المنحرف كما يعالج المريض فنفهم سر انحرافه وتاريخ انحرافه وأطواره التي مر بها وعلى ضوء هذا كله نتيح له بطريق التحويل تقمص شخصية جديدة وبناء ذات عليا تدخل تعديلات على ذاته العليا القديمة أن التحليل النفسي للجريمة هو موضوع من عشرات المواضيع التي تطرقت إليها عدة كتب نفسية مما يدل على أهمية ومدى تأثير الجانب النفسي على المجرم في انحرافه ودائما يبقى القول بأنه عندما نريد حل مشكلة ما فعلينا البدء بحلها من أساسها حتى يتم القضاء عليها كليا.هذا واتمنى ان اكون وفقت في طرح هذه الظاهرة بالشكل المجز لها ،،،،،



والله ولي التوفيق،،،،

المصـــادر والمراجــع

1- نبيل السمالوطي ، علم اجتماع العقاب ، دار الشروق ، جدة

- 2 رؤف عبيد،اصول علمي الاجرام والعقاب ، دار الجيل

3- عدلى خليل ، "جريمة السرقة والجرائم الملحقة بها" .1984 م

4- سامية الساعاتي ، " الجريمة والمجتمع".1983م

الأحد، 24 فبراير 2013

العوامل المؤدية الى حدوث الجريمة او( الانحراف)


1_بعض العوامل الاجتماعية:
يقصد بالعوامل الاجتماعية فى هدا الآن جملة الظروف المحيطة بشخص دون سواه بحث تستثنى منها الظروف العامة التى تحيط بهذا الشخص وبغيره من سواء الناس. الأسرة هي البيئة الطبيعية التي تتعهد الطفل بالتربية لان غريزة الأبوة والأمومة هى التى تدفع بكل من الأب وإلام الى القيام برعاية الطفل وحمايته لاسيما خلال السنوات الأولى من طفولته(علاء العمر : (د.ب)1998,ص.73)
والأسرة أول خلية فى تكوين البنيان الاجتماعى وأكثر المؤسسات الاجتماعية عمميه وانتشارا ,وهى أساس الاستقرار فى الحياة الاجتماعية وهى مصدر للعادات والتقاليد والعرف وكافة قواعد السلوك والآداب العامة.(احمد محمد خليفة ص109)
ويكون الشخص سويا ادا كانت الاسرة سوية ويتوقف دلك على بنيان الاسرة ومجموعة القيم السائدة فيها وكثافتها والعلاقة بين إفرادها والمستوى الاقتصادي والاجتماعي لها.
الأسرة تقوم على التفاهم والاحترام بين فرادها ,تودى الى خلق أفراد أسويا لاينساقون وراء الرغبات والنزعات التى تؤدى بهم الى الجريمة بينما نجد بان الاسرة المفككة التى تفتقد الى دلك الانسجام والتي تعانى أفرادها من الاضطرابات تكون مجلا خصبا لحدوث الجريمة (نجم : 1998ص55).
ولافرق فى ذلك بين شقي التفكك المادى والمعنوى حيث أنهما يؤثران تأثيرا سلبيا فى السلوك اللاحق للأبناء. إن التفكك المعنوي او النفسي كما أشار إليه يمثل فى ظهور خلافات أسرية والتي يكون نتائجها غير السليمة للأبناء مما يؤدى الى اكتساب الأفراد أنماط سلوكية
غير سوية وقد يكون الوالدان قاسيان على الطفل مهملين له ,وأمام مؤثرات أخرى خارجية يصبح الناشئ صحية إهمال الوالدين فلا عجب أن ينشا الطفل فى كثير من الأسر متروكا للمقادير وأخطاء الاباء والأمهات وجهلهم غير أن بلادنا لاتعانى من جهل الاباء والأمهات بمبادئ تربية أولادهم فقط بل تعانى الجهل العام .وأدا مانظرنا الى حياتنا هنا فى ليبيا والى حالة الاسرة الليبية حق لنا القول بان ليبيا تعد من أحوج البلدان الى إنشاء مدراس حضانة فيها .فهي خير معين للوالدين على تربية الطفل,والاسرة لها تأثيراها الواضح على شخصية الطفل,وقد تودى به الى الاجرام ,ودلك يشاهد الطفل او الفتاة والديهما فى شجار دائم ومشاحنات متكررة فأنهم سيشعرون بالفراغ وعدم الاطمئنان بل يضلان حائرين بين موقف أبيهم وموقف أمهم والى اى طرف ينحازون وقد يتعرض الطفل للإهمال فى خطم تلك المواقف .او يلجا الطرفين الى التعامل معه معاملة قاسية مما يحدث تأثيرات سلبية على شخصيتهم ويعطيهم المثل السى للعلاقة الزوجية. (جلال الدين ,عبد الخالق: 2001ص181)
كما أن تلك الخلافات قد تجعل الطفل او الطفلة يبحثان عن مكان أخر يقضيان فيه لحظات هادئة او يبحثان عن شخص بديل عن الاسرة وقد يتجه الطفل او الطفلة لرفقاء السوء مثلا.
وعدم التوافق الاجتماعى والنفسي بين الزوجين مثلا المعاملة القاسية وللاأنسانية للزوجة وما يتخللها من عنف وضرب وسب وشتم فهذه الظروف قد تؤدى فيها بشكل او بأخر بحيث يرتبط مدى دلك التأثير بشخصية المرأة نفسها وبتكوينها النفسي والعقلي ,الذى بدوره قد يدفع بها فى حالات عديدة الى طريق الجريمة والانحراف .

وقد يكون ارتفاع معدلات الجريمة لدى المتزوجين مؤشرا على العنف فى الاسرة وعلى تفشى الصراعات الأسرية ,مما يؤدى الى انحراف البنات المتزوجات بفعل تراكم الاحباطات وانسداد القنوات اجتماعيا فى تحقيق الأهداف.(ناهد: 1995,ص213)
وبعض الحالات التى تشتد فيها الخلاف بين الزوجين ولاى سبب كان قد يلجا الزوج الى سب واهانة الزوجة كما قد يتطور الأمر الى قيامه بالاعتداء عليها بالضرب ومع تكرار هدا الموقف تتكون لديها قيم سلبية تجاه زوجها او يشتد فى نفسها الحقد والرغبة فى رد الاعتبار والانتقام منه,وقد يتخذ هدا الانتقام صورا كالعصيان او طلب الانفصال او الخيانة الزوجية او القتل او الحرق وما الى ذلك من صور الانتقام.والمرأة التى تشعر ظلم الزوج لها ونظرته الدونية لإمكانياتها العقلية والمادية وعنفه الموجه ضدها,قد تندفع فى علاقة غير مشروعة مع احد الذكور المحيطين بها من داخل الاسرة كشقيق الزوج او ابن عمه ,او من خارج الاسرة .(جلال:1999ف, ص151)
بل قد يتطور الأمر الى إشراكه فى التخلص من دلك الزوج. ووجود الاسرة هو الدى يسمح للفرد بالتطبع على الحياة الاجتماعية السوية منها وغير السوية وأدا ماييضعه المجتمع من معايير وقواعد أخلاقية يتم نقلها الى الافارد عن طريق التنشئة الاجتماعية الأسرية .فهذه القواعد تضبط بشكل فاعل السلوك الفردي الدى يعمل لصالح المجتمع.

والاسرة ماهى الاعبارة عن احدى الجماعات العديدة التى ترتبط بالسلوك المنحرف سواء فى ضوء المعايير او فى ضوء العلاقات الاجتماعية المنحرف سواء هدا الارتباط فى ضوء المعايير او فى ضوء العلاقات الاجتماعية ومن دلك يتبين بوضوح دور الاسرة المؤثرة والفعال فى صنع الجريمة والانحراف والانحرافات السلوكية,او العكس فى المجتمع المعاصر حيث إن المتغيرات الجديدة كا التحضر التصنيع والحراك الاجتماعى وشبكات الاتصال المعقدة ,وانساق القيم المتغيرة ,كما لها الأكبر فى بناء الاسرة وأداء وظائفها.(شبكة المعلومات الدولية الانترنت).

أ_تعدد الزوجات وأثره على الابناء:
زواج الزوج بأمراة أخرى او زواج إلام برجل أخر حرمان الطفل من الرعاية الوالدية المشتركة بل وتضطرب حياة الطفل فى معايشته زوج الأب او الزوج إلام لان كل هدا يحرمه مقومات الشخصية الإنسانية وتتضاعف أضطرابات السلوكية وتظهر النزاعات العدوانية فى العلاقات الاجتماعية وعلى هدا يتضح لنا أن جو الاسرة الدى يحياه الطفل فى كنف والديه وفى جو تسوده العلاقات الطبية والتعاون الصادق ,فما بين الوالدين من اجل نشأة الطفل تنشئة اجتماعية صالحة كل هذا يهيئ مناخا نفسيا للطفل يؤدى الى النمو العاطفي والوجداني ويمكن الطفل من أن يتكيف مع المجتمع الخارجي.
ب _الــــــطلاق:
وهو انفصال الوالدين وانهيار التمسك العاطفي والبناء الاجتماعى للأسرة وزوال مقومات وجودها والطلاق له أثاره السلبية على الطفل او يتعرض للعديد من المشكلات كتنمية بطلاق الوالدين او يحرم الأطفال العطف والحنان وعدم الشعور بالأمن ويتعرض الأطفال لاختلاف أسلوب التربية والتعليم الدى يتبعه الأب وإلام ويتعرض الأطفال لاختلاف أسلوب التربية والتعليم الذى يتبعه الأب وألام ويجد معارضه من الطرف الأخر .وما يترتب على الطلاق من مشكلات أخلاقية نتيجة لوضع التغير المفاجئ فى حياة الأطفال بعد طلاق الوالدين وهدا بالإضافة الى المشكلات المادية نتيجة عدم التعاون الوالدين الدى قد يترتب عليه حرمان الطفل من استكمال تعليمه وعدم ظهور بالمظهر اللائق فى المجتمع الخارجي من حيث الملبس والمصروف اليومي بصورة التى اعتاد عليها فى حياته السابقة كل هدا له انعكاسات السلبية على شخصية الطفل وعدم تكيفه مع المجتمع الخارجي بل يؤدى به الى الانحراف عن السلوك العام والوقوع فى الجريمة (الجميلى: 1998,ص225)

ج _جماعة الأصدقاء:
من البديهي انه متى اجتمع أفراد متألقون نشأت بينهم روابط متبادلة تدفعهم الى التعاون وينتج عن ذلك تأثيرات متبادلة ما كانت لتحدث لو كانوا متفرقين .وان تلك العلاقات غالب ماتساعد هؤلاء الأفراد فى التغلب على بعض الصعوبات فى البيئة التى يعيشون فيها والتي قد يصعب على الفرد التغلب عليها بمفرد وكذلك تحسن أحوالهم وتنشيط أذهانهم للتفكير فيما يترتب على حياتهم الجماعية من مظاهر واثار وتخلق وعيا للمصالح المشتركة بينهم لذلك فكلما كانت تلك الجماعة لها خصائص مميزة سيكون لها مردودها على الفرد العضو فى الجماعة حيث أنها عادة ماتكون تفكيره ووجدانه وسلوكه. ادا كانت الجماعة الأصدقاء منسقة مع السياق العام للمجتمع وممسكة بعاداته وتقاليد فإنها تحدث أثرها فى تقويم سلوك الشاب او الفتاة مع احترامها لمنظومة القيم الاجتماعية والحياة الاصيلة السائدة.

اما ادا كانت هذه الجماعة ذات الجماعة نوازع إجرامية فى لغة للقانون فان خطورتها تتضاعف حبث تجر الشاب او الفتاة الى ارتكاب أفعال إجرامية وتجدر الإشارة الى أهمية جماعة الأصدقاء ,تأثيرها فى حياة الفرد ولاسيما هى أكثر الجماعات التى يقضى فيها الفرد أوقاته ويتعلم فيها صنوف السلوك.( العباسي: 2002,ص100).
ويتوقف تأثير هذه الجماعة فى سلوك الفرد على سرعة تأثير الفرد وتقبله لأراء الغير.فنجد أن بعض الشباب يكون سريعات التأثير لأسباب ترجع الى تكوينهم النفسي والعقلي او بعض النساء يكن سريعات التأثير لأسباب ترجع الى تكوينهم النفسي العقلي وعدم ثقتهم بأنفسهم وعندها يتقبلون كل ماتفرضه عليهم جماعة الأصدقاء ويحاربهم فى كل ما يفعلونه دونما اى اعتراض او تراجع وخاصة أن الإناث أكثر او أسرع توثر من الذكور.

د _بيئة المدرسة :
تعد المدرسة البيئة الثانية المهمة فى حياة الطفل ففيها يقضى الجزء الكبير من حياته ويتلقى فيها صنوف التربية والعلم لذا فهي تلعب دورا مهما فى تكوين شخصية وتقرير اتجاهاته وعلاقة بالمجتمع المدرسة هى لأداء الناجحة الفعالة التى تعمل مع الاسرة فى تربية الفرد وأعداده متكاملا لان الاسرة لاتسطيع القيام وحدها بعملية التربية من جميع جوانبها لان وقتها لايسمح بها بالأشراف المستمر طوال مراحل الطفولة والمراهقة والبلوغ اى مرحلة الرجولة. (صالح: 1976ف.ص78).

والمدرسة يجب أن تكون صورة مصغرة للحياة الاجتماعية الراقية التى يتدرب الطلبة فيها عل أنماط سلوكية ومعرفية راقية فإنجاح الطفل وفشله فى الدراسة يتوقف على إمكانيات الذهنية والمعاملة التى يتلقاها فى المدرسة من معلميه ,والظروف الأسرية المحيطة به.فادا كانت هده الإمكانيات متواضعة او يعامل الطفل معاملة سيئة فانه يستطيع التكيف مع هدا الوسط فتبدو عليه مظاهر الفشل فى شكل هروب من المدرسة وتشرد فى الشوارع أثناء فترة الدوام المدرسي (نجم : 1998ص55).

وكذلك الفتيات خاصة إن أعصابهن أكثر تأثيرا وأسرع وتوثرا من الذكور مما يجعلهن عرضة للتوتر والتعب والإجهاد العصبي وتؤدى المعاملة السيئة الى عدم تكيفهن مع الوسط المدرسي وبالتالي انصرافهن عن الدراسة الى أنشطة أخرى غيرها هادفة.
وان وجود الفتيات خارج الدراسة يعنى بقاءهن بعيدا عن اى حماية او رقابة أسرية او مدرسية وبالتالي فان الانقياد بل الوقوع فى أحضان جماعة فاسدة بعد أمر غير مستبعد (نجيب على الجمل)

هـ _المسكن:
اختيار المسكن الى حد كبير يؤثر على مستوى الاجتماعى والاقتصادي فوجود المسكن فى حى رافيع المستوى وأضوائه على عدد الحجرات كاف من الحجرات وتوفر الشروط الصحية فيه من تهوية وأضاءه ومياه سيكون له انعكاس طيب على نفسية ساكنيه,وان توافر مسكن بكل هده الشروط يتطلب وجود دخل اقتصادي مرتفع للأسرة اما فى حالة انخفاض دخل الاسرة فان السكن انعكاسا لذلك المستوى حيث تحضر الاسرة للإقامة فى مسكن متواضع قد تنعدم فيه وسائل الترفيه او يؤثر على سكينه فيه الابناء تربية غير صحية حيث تكثر فيه النزاعات والألفاظ البذيئة وعدم احترام الوالدين والإخوة .( العباسي: 2002,ص100)
كما يؤثر على تحصيلهم الدراسي اد كانو ملتحقين بالمدارس,ويؤدى المسكن الضيق الى حرمان الفرد من ممارسة هواياته وفضاء أوقات فراغ مما يجعله يمكث خارج البيت لفترات طويلة باحثا عن الراحة خارج دلك السكن وقد يقع الأولاد او البنات فى العديد من المشكلات نتيجة خروجها المتكرر .إضافة الى دلك فان احتواء المنزل على حجرات تتناسب وعدد ساكنيه قد يدفع الى عدم الفصل بين الصغار والكبار فى النوم والازدحام فى حجرة واحدة.
وفى بعض الأحيان تسكن مجموعة من الأسر مسكن واحد على الرغم من كثرة عددها وتنشا خلافات عديدة وتفقد العلاقات طابع الخصوصية ,كما يشجع على ارتكاب جرائم هتك العرض والموافقة وما يتبعه من قضايا كا الإجهاض أو القتل وخلافه.
(زروق: 2008,ص48).

ى_التــلفاز:
يرى بعض الباحثين أن بعض الأفلام تعمل على بث روح الجريمة حيث يصور المجرم بصوره بطوليه بشكل يثير الإعجاب بشخصيته أو الأفلام العاطفية التي تثير الغرائز وتسخر من بعض العادات والتقاليد والمثل العربية الاصيله,وتؤدي إلى الاستهتار بهذه العادات وهناك من الأفلام ما يصور أمكانيه أن يعيش الفرد المتعطل من العمل أو عن طريق خداع الآخرين ذو النجاح بالحظ والصدفة دون الاجتهاد والكفاح,وهذه الأفلام ترسم للمجرمين المناهج التي يتبعونها. ورغم إن بعض البحوث دلت على اعتراف الأحداث الجانحين بالتأثير بما شاهدوه من أفلام على سلوكهم الاجرامى إلا أن هناك بالطبع ألاف آخرون شاهدوا هذه الأفلام ولم يرتكبوا أي سلوك إجرامي. نستطيع أن نقول في ضوء ذلك إن المشاهدة تؤدي إلى الانحراف إذا كانت تلقى استعدادا نفسيا لدى الفرد أو إذا كانت ظروفه البيئية المحيطة مما يشجع أو يبعث على مثل هذا السلوك.

دور التلفاز في الجريمة:
تختلف الآراء حول دور التلفاز والسينما والكتب المنزلية في حدوث الجريمة لدى صغار السن .فنحن بحاجه إلى مزيد من الدراسات لتحديد مدى تأثير هذه العوامل على شخصيه الطفل السوي. فإذا كنا نريد أن نخلق الجو الطبيعي الصحي الذي يساعد على نمو عقليه الطفل بانفعالاته ومشاعره بطريقه منسجمة يجب أن نستخدم كل العوامل المؤدية إلى خفض الجريمة.

من بين المبادئ التي يمكن مراعاتها ألا يكون البطل في القصص المعروضة سوبر مان والأخرى أن يكون من رجال القانون ويجب الأخذ بمبدأ عدم نفع أو فائدة الجريمة. إن مشاهده كثير من الأحداث الجانحين للتلفاز لا يعطينا مبرارا كافيا للقول بان التلفاز هو سبب الجريمة لان هناك كثيرا يشاهدونه من غير الأحداث الجانحين والواقع إن الطفل الذي يشاهد التلفاز بصوره مستمرة يلتصق بطفولته ويعكس اضطرابا انفعاليا ولكن هذا الاضطراب ليس نتيجة لعاده المشاهدة وإنما العادة في الواقع هي عرض من أعراض الاضطراب إن المشاهدة ليست السبب وإنما هي نتيجة لوجود الاضطراب
حقيقة هناك كثير من قصص الرعب ولكنه يتشكك في إمكان هذه القصص في إنتاج السلوك الإجرامي في الأشخاص الأسوياء حسن التكيف ,بل على العكس ربما تزود هؤلاء الأسوياء بمنفذ أو مخرج لتصريف مشاعرهم الحبيسة .ويرى أن الأطفال الذين يصبحون ضد المجتمع أو مجرمين يوجد بداخلهم سمات بحيث أن اى مثير يؤثر فيهم ويجب أن نعترف أن هناك بعض الحالات التي تثير فيها المادة التليفزيونية السلوك الإجرامي من بين الأشخاص المضطربين عقليا.
سلبيات التلفاز:
يوجه كثير من علماء النفس والاجتماع والتربية والآباء والأمهات كثيرا من الاتهامات إلى التلفاز فيقال انه يساعد على نمو السلبية واللامبالاة ويضعف من قوه إبصار المشاهد ويلهيه عن القراءة والاطلاع والمناشط الأخرى ويدفع بالشباب إلى ارتكاب جرائم العنف والقتل والسرقة.
الفروق الجنسية في تقدير سلبيات التلفاز:
يتفق الجنسان في تقدير سلبيات التلفاز ولا تختلف إحكامهما إلا في اعتبار الإناث أكثر من الذكور انه(يقيد الجسم ويحرمه من الرياضة)ورغم صغر حجم الفروق الملاحظة نسبيا إلا أن الانطباع العام إن الإناث أكثر إحساسا بسلبيات التلفاز عن الذكور وذلك في أمور مثل ضعف البصر وشغل المشاهدين عن القراءة والسلبية والتراجى وهو في نظر الذكور يؤدي إلى انتشار الجريمة والعنف وشيوع الرذيلة والجنس في النهاية اعتقد إن خير الأمور أوسطها فيجب عدم الإفراط في متابعه التلفاز أو الانقطاع عنه بشكل نهائي لأننا على علم فلا يوجد بيت في وقتنا الحاضر يخلو من أجهزه التلفاز بل إن بعض البيوت يكون أكثر من جهاز فيها,لذلك بما إننا لا نستطيع التخلي عن هذا الاختراع وعندنا القدرة في تعلم ما هو سلبي يمكن أن نوجه طاقتنا إلى تعلم ما هو ايجابي ومفيد واخذ ما يعلمنا وينمي قدراتنا من خلال برامج التوعية والتثقيف وعرض تجارب وقصص واقعيه يمكن أن نتعلم ونستفيد منها ونتجنب من خلالها الوقوع في الأخطاء أو ارتكاب جرائم الغير أخلاقيه والغير قانونيه والتي تسئ نظره أنفسنا ونظره الآخرين لنا..( شبكة المعلومات الدولية.المركز الفلسطيني)
مشكلة أوقات الفراغ:
من المشكلات الاساسية التى يعانى منها شبابنا بصفة خاصة والشباب العالمى بصفة عامة مشكلة قضاء وقت الفراغ .وتزداد هده المشكلة تفاقما بارتفاع مستوى المعيشة ,وبتحول اعداد كبيرة من الاطفال والمراهقين والشباب الى التعليم .وتزداد هده المشكلة حدة بضعف سلطان الاسرة وانشغال كل من الاب والام بالعمل خارج المنزل.
يؤدى وجود وقت متسع من الفراغ لدى أعداد كبيرة من الشباب الى الانخراط فى اللهو والعبث والجلوس على المقاهى او التسكع فى الشوارع والطرقات .ومثل هده الحالة من اللامبالاة واللاجدية قد تنمى فى الشاب عادة الاهمال ,وقد تدفعه نحو الانحراف والضياع ,الى جانب عدم الاستفادة من وقته ,وعدم استغلاله او استثمار استثمارا مفيدا .والوقت كما يقول من دهب .ومن شأن وجود وقتكبير من الفراغ أن ينمى عادات سلبية كالكسل والتراخى .وكما يقول المثل الانجليزى السائر بأن الشيطان يجد عملا للايدى العاطلة لكى تعمل.
فإن عدم توافر الاماكانات والانشطة الرياضية والثقافي ةو الكشفية والترويحية والترفيهية والاجتماعية يكمن وراء هذه المشكلة,وكذلك فإن انتظار الالتحاق بالوظيفة بعد التخرج يعرض الشباب للمعناة من البطالة والفراغ حتى يصيبه الدور فى التعيين والالتحاق بعمل ما(العيسوى:2004,ص18,19)
كدلك فإن الفراغ يدفع الشاب الى التورط فى بعض الجرائم وضياع وقت الشاب سدى يجعله يفقد قيمة فترة حاسمة وهامة من حياتة وهى المراهقة والسباب ,تلك الفترة التى يتعين ان تكون فترة إعداد واكتساب للخبرات والمعارف والمعلومات والتكوين العلمى والخلقى والمهنى والاجتماعى للشباب. وعدم أستغلالها يجعل الشاب متأخرا فى الوصول الى حالة النضج والرجولة.
-بعض العوامل النفسية
الجريمة والعصاب تدل مقاييس الشخصية والملاحظات الاكلينكية ان الجانحين المجرمين الى حد ما اكثر عصابية من عامة الناس ,ولكن الفروق ليست واضحة تماما اذ ان نوعية الاعصبة التى نلاحظها عند الجانى تشبه تلك التى نلاحظها عنذ غير الجانحين .بأستثناء جرائم قليلة هى تلك التى لها مظاهر خارجية للاعصبة على سبيل المثال هوس السرقة الحريق واستراق السمع للنشاط الجنسى فان المجرمين العاصبيين يرتكبون نفس الجرائم التى يرتكبها غير العصابي
.................................................. ................................................
الباحث الاجتماعى: صلاح ابوالقاسم
العنوان طرابلس ليبيا
البريد الالكترونى " -تم حذف االبريد بواسطة الادارة _برجاء الالتزام بقوانين المنتديات مع الشكر _الادارة -
http://www.social-team.com/forum/showthread.php?s=e5bd6670e490cdb3b6d2854a537ea121&t=9154