‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 24 يونيو 2015

باب وكتاب: بين الرشاد والتيه لـ مالك بن نبي pdf

بين الرشاد والتيه لـ مالك بن نبي
"بين الرشاد والتيه" كتاب ضم مقالات كتبها المفكر "مالك بن نبي" بالفرنسية، ونشر معظمها في جريدة "الثورة الإفريقية"، كتبها إثر عودته إلى الجزائر بعدالاستقلال،وقد جمعها في صيف 1972، وترجمها إلى العربية، ثم بوبها وحدد فصولها، واختتمها بكلمة عن الصراع الفكري، والمقالات هذه تعكس أحداث الستينات في الجزائر كما في العالم العربي والإسلامي، وهي أيضا
تطرح مشاكل العالم الثالث بعد الاستقلال السياسي فتسلط عليها أضواء كاشفة تبرز أبعادها وتنير طريق الكفاح، من أجل القضاء على هذه المشاكل
مالك بن نبي : من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين. ولد في مدينة قسنطينة شرق الجزائر في أسرة فقيرة بين مجتمع جزائري محافظ. تخرج بعد سنوات الدراسة الأربع، في مدرسته التي اعتبرها "سجناً يعلّم فيه كتابة "صك زواج أو طلاق" وتخرج سنة 1925م. سافر بعدها مع أحد أصدقائه إلى فرنسا حيث كانت له تجربة فاشلة فعاد مجددا إلى مسقط رأسه. وبعد العودة تبدأ تجارب جديدة في الاهتداء إلى عمل، كان أهمها، عمله في محكمة أفلو حيث وصلها في مارس 1927م، احتك أثناء هذه الفترة بالفئات البسيطة من الشعب فبدأ عقله يتفتح على حالة بلاده. أعاد الكرة سنة 1930م بالسفر لفرنسا ولكن هذه كانت رحلة علمية. حاول أولا الالتحاق بمعهد الدراسات الشرقية، إلا أنه لم يكن يسمح في ذلك الوقت للجزائريين أمثاله بمزاولة مثل هذه الدراسات. فتركت هذه الممارسات تأثيرا كبيرا في نفسه. فاضطّر للتعديل في أهدافه وغاياته، فالتحق بمدرسة (اللاسلكي) للتخرج كمساعد مهندس، ممّا يجعل موضوعه تقنياً خالصاً، أي بطابعه العلمي الصرف، على العكس من المجال القضائي أو السياسي.

الكتاب: بين الرشاد والتيه
تأليف : مالك بن نبي
الناشر:  دار الفكر المعاصر - بيروت ، دار الفكر - دمشق
الحجم :  5.5 م.ب.
عدد الصفحات : 216
معاينة الكتاب :Archive

 


/a>
طريقة الحصول على مدونة كاملة من هنا
تحصل على كامل المدونة من هنا
للمزيد من المدونات من هنا<

كتب 2015: بين الرشاد والتيه لـ مالك بن نبي pdf

بين الرشاد والتيه لـ مالك بن نبي
"بين الرشاد والتيه" كتاب ضم مقالات كتبها المفكر "مالك بن نبي" بالفرنسية، ونشر معظمها في جريدة "الثورة الإفريقية"، كتبها إثر عودته إلى الجزائر بعدالاستقلال،وقد جمعها في صيف 1972، وترجمها إلى العربية، ثم بوبها وحدد فصولها، واختتمها بكلمة عن الصراع الفكري، والمقالات هذه تعكس أحداث الستينات في الجزائر كما في العالم العربي والإسلامي، وهي أيضا
تطرح مشاكل العالم الثالث بعد الاستقلال السياسي فتسلط عليها أضواء كاشفة تبرز أبعادها وتنير طريق الكفاح، من أجل القضاء على هذه المشاكل
مالك بن نبي : من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين. ولد في مدينة قسنطينة شرق الجزائر في أسرة فقيرة بين مجتمع جزائري محافظ. تخرج بعد سنوات الدراسة الأربع، في مدرسته التي اعتبرها "سجناً يعلّم فيه كتابة "صك زواج أو طلاق" وتخرج سنة 1925م. سافر بعدها مع أحد أصدقائه إلى فرنسا حيث كانت له تجربة فاشلة فعاد مجددا إلى مسقط رأسه. وبعد العودة تبدأ تجارب جديدة في الاهتداء إلى عمل، كان أهمها، عمله في محكمة أفلو حيث وصلها في مارس 1927م، احتك أثناء هذه الفترة بالفئات البسيطة من الشعب فبدأ عقله يتفتح على حالة بلاده. أعاد الكرة سنة 1930م بالسفر لفرنسا ولكن هذه كانت رحلة علمية. حاول أولا الالتحاق بمعهد الدراسات الشرقية، إلا أنه لم يكن يسمح في ذلك الوقت للجزائريين أمثاله بمزاولة مثل هذه الدراسات. فتركت هذه الممارسات تأثيرا كبيرا في نفسه. فاضطّر للتعديل في أهدافه وغاياته، فالتحق بمدرسة (اللاسلكي) للتخرج كمساعد مهندس، ممّا يجعل موضوعه تقنياً خالصاً، أي بطابعه العلمي الصرف، على العكس من المجال القضائي أو السياسي.

الكتاب: بين الرشاد والتيه
تأليف : مالك بن نبي
الناشر:  دار الفكر المعاصر - بيروت ، دار الفكر - دمشق
الحجم :  5.5 م.ب.
عدد الصفحات : 216
معاينة الكتاب :Archive

 


/a>
طريقة الحصول على مدونة كاملة من هنا
تحصل على كامل المدونة من هنا
للمزيد من المدونات من هنا<

الجمعة، 30 يناير 2015

أشياء لن تسمع بها أبداً لـ نعوم تشومسكي pdf

أشياء لن تسمع بها أبداً
 أشياء لن تسمع بها أبداً :
يقول الأستاذ أسعد محمد الحسين مترجم هذا الكتاب  :" لقد قمت بترجمة هذه المقالات لأهميّتها الكبيرة برأيي وضرورة أن يقرأها الناس لأنّها تتعلّق بقضايا الأمّة الحسّاسة، كأمنها وثرواتها ومستقبلها وقضيّتها المركزيّة فلسطين واحتلال العراق والإرهاب الذي أصبح دلالة على المسلمين والعرب. وهناك مواضيع دوليّة تؤثّر على العالم
العربي أيضا مثل السياسة الأمريكيّة الخارجيّة والأزمة الماليّة ونظام العالم الجديد والديمقراطيّة وعلاقة الحضارات مع بعضها البعض.
كما هناك مواضيع لا تقلّ أهميّة مثل محاولة العالم خلق تكتّلات للتصدّي لهيمنة الولايات المتّحدة في أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبيّة. وهذا يوحي بضرورة تشكيل كتلة كبيرة مؤثّرة في الشرق الأوسط مؤلّفة من الدول العربيّة وتركيا وإيران يكون لها وزنها العالمي الاقتصادي والسياسي والجغرافي".

عن المؤلف : 

فرام نعوم تشومسكي (Avram Noam Chomsky) (مولود في 7 ديسمبر 1928 فيلادلفيا، بنسلفانيا) هو أستاذ لسانيات وفيلسوف أمريكي ،إضافة إلى أنه عالم إدراكي وعالم بالمنطق ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. وهو أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والتي عمل فيها لأكثر من 50 عام. إضافة إلى عمله في مجال اللسانيات فقد كتب تشومسكي عن الحروب والسياسة ووسائل الإعلام وهو مؤلف لأكثر من 100 كتاب. وفقاً لقائمة الإحالات في الفن والعلوم الإنسانية عام 1992 فإنه قد تم الاستشهاد بتشومسكي كمرجع أكثر من أي عالم حي خلال الفترة من 1980 حتى 1992، كما صُنف بالمرتبة الثامنة لأكثر المراجع التي يتم الاستشهاد بها على الإطلاق في قائمة تضم الإنجيل وكارل ماركس وغيرهم. وقد وُصف تشومسكي بالشخصية الثقافية البارزة، حيث صُوت له كـ "أبرز مثقفي العالم" في استطلاع للرأي عام 2005. ويوصف تشومسكي أيضاً بأنه "أب علم اللسانيات الحديث" كما يُعد شخصية رئيسية في الفلسفة التحليلية.

الكتاب : أشياء لن تسمع بها أبداً 
المؤلف: نعوم تشومسكي
ترجمة : أسعد محمد الحسين
الناشر : دار نينوي للنشر والتوزيع - سوريا
الحجم : 6.2 م.ب.
عدد الصفحات : 380
معاينة الكتاب : Archive

 


 
↓ Download Archive

أشياء لن تسمع بها أبداً لـ نعوم تشومسكي pdf

أشياء لن تسمع بها أبداً
 أشياء لن تسمع بها أبداً :
يقول الأستاذ أسعد محمد الحسين مترجم هذا الكتاب  :" لقد قمت بترجمة هذه المقالات لأهميّتها الكبيرة برأيي وضرورة أن يقرأها الناس لأنّها تتعلّق بقضايا الأمّة الحسّاسة، كأمنها وثرواتها ومستقبلها وقضيّتها المركزيّة فلسطين واحتلال العراق والإرهاب الذي أصبح دلالة على المسلمين والعرب. وهناك مواضيع دوليّة تؤثّر على العالم
العربي أيضا مثل السياسة الأمريكيّة الخارجيّة والأزمة الماليّة ونظام العالم الجديد والديمقراطيّة وعلاقة الحضارات مع بعضها البعض.
كما هناك مواضيع لا تقلّ أهميّة مثل محاولة العالم خلق تكتّلات للتصدّي لهيمنة الولايات المتّحدة في أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبيّة. وهذا يوحي بضرورة تشكيل كتلة كبيرة مؤثّرة في الشرق الأوسط مؤلّفة من الدول العربيّة وتركيا وإيران يكون لها وزنها العالمي الاقتصادي والسياسي والجغرافي".

عن المؤلف : 

فرام نعوم تشومسكي (Avram Noam Chomsky) (مولود في 7 ديسمبر 1928 فيلادلفيا، بنسلفانيا) هو أستاذ لسانيات وفيلسوف أمريكي ،إضافة إلى أنه عالم إدراكي وعالم بالمنطق ومؤرخ وناقد وناشط سياسي. وهو أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والتي عمل فيها لأكثر من 50 عام. إضافة إلى عمله في مجال اللسانيات فقد كتب تشومسكي عن الحروب والسياسة ووسائل الإعلام وهو مؤلف لأكثر من 100 كتاب. وفقاً لقائمة الإحالات في الفن والعلوم الإنسانية عام 1992 فإنه قد تم الاستشهاد بتشومسكي كمرجع أكثر من أي عالم حي خلال الفترة من 1980 حتى 1992، كما صُنف بالمرتبة الثامنة لأكثر المراجع التي يتم الاستشهاد بها على الإطلاق في قائمة تضم الإنجيل وكارل ماركس وغيرهم. وقد وُصف تشومسكي بالشخصية الثقافية البارزة، حيث صُوت له كـ "أبرز مثقفي العالم" في استطلاع للرأي عام 2005. ويوصف تشومسكي أيضاً بأنه "أب علم اللسانيات الحديث" كما يُعد شخصية رئيسية في الفلسفة التحليلية.

الكتاب : أشياء لن تسمع بها أبداً 
المؤلف: نعوم تشومسكي
ترجمة : أسعد محمد الحسين
الناشر : دار نينوي للنشر والتوزيع - سوريا
الحجم : 6.2 م.ب.
عدد الصفحات : 380
معاينة الكتاب : Archive

 


 
↓ Download Archive

↓ Download Dgoogle

الثلاثاء، 27 يناير 2015

ثورة الشعب المصري ملهمة شعوب العالم pdf

ثورة الشعب المصري ملهمة شعوب العالم
ثورة الشعب المصري ملهمة شعوب العالم :
تقرير معلوماتي أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء يحاول القاء الضوء علي ثورة 25 يناير ، وما احدثته من تغييرات سياسية واقتصادية في البلاد ، وذلك من خلال خمسة أقسام رئيسية .
القسم الأول : يعرض أبرز الأسباب التي دفعت الشعب المصري الي القيام بالثورة في
مصر ، كما يستعرض أبرز أحداث الثورة حتى تخلي الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك عن الحكم .
القسم الثاني : يتناول أهم المكتسبات السياسية والاجتماعية للثورة والتي يعد من أهمها القضاء على سيناريو توريث الحكم .
القسم الثالث : يعرض الأثار الاقتصادية للثورة 
القسم الرابع : يستعرض أراء واتجاهات مراكز الفكر والصحف العالمية حول الموقف السياسي في مصر بعد الثورة .
القسم الخامس : يستعرض أبرز ما قيل عن الثورة من قبل قادة العالم والمفكرين والأدباء وغيرهم.

الكتاب :ثورة الشعب المصري ملهمة شعوب العالم
تصنيف: تقارير معلوماتية 
تألـيف : مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
الناشر :
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار- القاهرة
الحجم : 1.1 م.ب.
عدد الصفحات : 26
معاينة الكتاب : Archive

















الخميس، 18 ديسمبر 2014

أحلام يقظة جوُّال منفرد لـ جان جاك روسو pdf

أحلام يقظة جوال منفرد
أحلام يقظة جوُّال منفرد لـ جان جاك روسو :
منذ أكثر من مائة وثمانين عاما كتب جان جاك روسو الجولة العاشرة من "أحلام يقظة جوال منفرد" ، ولم يقدر له أن يكملها ، كان ذلك في الثاني عشر من أبريل عام 1778 في يوم " عيد الفصح " ، أي بما يقل عن ثلاثة شهور ؛ إذ أنه قضى في شهر يوليو من العام نفسه .
هذه الجولات إذن هي مؤلفه
الأخير ، وآخر ما سجل من خواطر وخلجات سجلها ابتداء من
ربيع 1776.
تتصل هذه الجولات التى كتبها روسو في حياته اتصالا وثيقاً بهذه الحياة وتبين عن نواحى نفسية الكاتب الكبير بما فيها من قوة وضعف ، من بساطة وتناقض ، هى خلاصة خمسة وستين عاماً قضاها بين مد وجزر يتأرجح بين السعادة والشقاء ، يتذوق حلاوة الاستقرار حينا ويتشرد ضارباً في الأرض أحياناً كثيرة ، تسلط عليه أضواء الشهرة والجد مرة وسياط الاضطهاد والاذلال مرات ، لذا وجب أن نبين هذه المراحل التى مر بها صاحبها بحلوها ومرها ، بما تخللها من أحداث شكلت ذاته وتركت انطباعاتها في نفسه عميقة الأثر وبما أنتج خلالها من كتابات هي وليدة تلك الانطباعات وتلك النفس .
الكتاب : أحلام يقظة جوال منفرد
المؤلف: جان جاك روسو
ترجمة : ثريا توفيق
الناشر : المركز القومي للترجمة - القاهرة
الحجم : 5.3 م.ب.
عدد الصفحات : 210
معاينة الكتاب : Archive - G.Drive




الجمعة، 28 نوفمبر 2014

علي الوردي/ في النفس والمجتمع / مقالات /pdf





علي الوردي .. في النفس والمجتمع مقالات جمع: سعدون هليل

علي حسين محسن عبد الجليل الوردي(1913- 13 تموز 1995 م)، وهو عالم اجتماع عراقي، أستاذ ومؤرخ وعرف باعتداله وموضوعيته وهو من رواد العلمانية في العراق . لقب عائلته الوردي نسبة إلى أن جده الأكبر كان يعمل في صناعة تقطير ماء الورد.

الاثنين، 3 نوفمبر 2014

كتاب فتوح الغيب للباز الأشهب بتحقيق الدكتور جمال الدين فالح الكيلاني pdf

كتاب فتوح الغيب للباز الأشهب
 من جديد نعود إليكم بإحدى إهداءات الدكتور المؤرخ جمال الدين فاتح الكيلاني ، ويقدم لنا اليوم من تحقيقه كتاب مفاتح الغيب للباز الأشهب الشيخ عبد القادر الكيلاني " الجيلي " رحمه الله .
 والكتاب الذي بين أيدينا كما تكلم عنه المحقق في مقدمته يعتبر من نفائس الكتب التي تنير الطريق ، وتأخذ بيد السالك الي أعلى مراتب أهل التحقيق ، لما يجده
فيه من فوائد سلوكية ومعارف ذوقية وتربية علمية عملية للنفوس وتزكيتها ومن غرس للفضائل وانتزاع للرذائل وقمع للشهوات وتدريب علي الصبر والرضا والطاعات ، وقد أهتم به العلماء وتناولوه بالشرح والتعليق والإقتباس
{فتوح الغيب ، للباز الأشهب الشيخ عبدالقادر الجيلاني
"قدس الله روحه"
بتحقيق ، دكتور/جمال الدين فالح الكيلاني
الطبعة الأولي
رمضان 1435هـ ، يوليو 2014م
إصدار
مـركز الإعـلام العالـمي داكـا - بنغلاديش}


الكتاب : فتوح الغيب 
المؤلف :  الباز الأشهب الشيخ عبدالقادر الجيلاني "قدس الله روحه "
تحقيق : د. جمال الدين فالح الكيلاني
الناشر : مـركز الإعـلام العالـمي داكـا - بنغلاديش
عدد الصفحات :137
الحجم :1 م.ب.
معاينة الكتاب : Archive
 



↓ Download Archive

الجمعة، 31 أكتوبر 2014

معاوية محمد نور ذلك المجهول ( 1909 - 1941) بقلم نقوس المهدي






قليلون هم من سمعوا بهذا  الاسم أو  قرأوا له من المتأدبين العرب، شخصيا لم اسمع باسم معاوية محمد نور الا مؤخرا وأنا بصدد البحث عن الأدباء الراحلين ضمن إعدادي للانطولوجيا الخاصة بالأدباء الذي توفوا في شرخ الشباب، وقد انبهرت بهذه الشخصية العبقرية المرموقة، التي تكاد ان تتقاطع مع شخصية مصطفى سعيد في رائعة الطيب صالح موسم الهجرة إلى الشمال، لا من حيث الموهبة الفذة، والذكاء المتوهج، والإحساس الوطني الشديد والمتيقظ، والمتحفز، أو الثقافة الموسوعية ومواقفه المتميزة من الاستعمار الانجليزي الذي ناصبه العداء، ولقد استطاع معاوية محمد نور خلال حياته القصيرة جدا، وهو لم يكد يتجاوز بالكاد الثلاثين ربيعا بكثير ان يفرض نفسه ندا لكبار المثقفين المصريين دون أدنى إحساس بالدونية كما يصف ذلك النور محمد حمد قائلا:
(أميز ما يميز معاوية عندي، هو أنه لم يحسّ بالدونية تجاه أحد من العالمين.)
فانبرى محاججا مناظرا ومنتقدا لكبار الأدباء مثل طه حسين، وأحمد شوقي، وإبراهيم ناجي، وعلي محمود طه، والمازني، ومحمد حسين هيكل، وجليسا لعباس محمود العقاد الذي استأثره ولازمه في صالونه وندواته الأدبية، وقال في حقه هذه الشهادة الخالدة
( لو عاش معاوية لكان نجما مفردا في سماء الفكر العربي )

وابى إلا أن يقف على قبره في إحدى زياراته للسودان ويخصه بقصيدة تأبينية جاء فيها

أجل هذه ذكرى الشهيد معاويـة = فيالك من ذكرى على النفس قاسيـة
أجل هذه ذكراه لا يــوم عرسه = ولا يوم تكريم ودنياه باقيـــــة

إلى أن يقول:
بكائي عليــــه من فؤاد مفجع = ومن مقلة ما شوهدت قط باكيــة
بكائي على هذ الشباب الذي ذوى = وأغصانه تختال في الروض ناميـة

ويقول في ختام القصيدة:
وياعارفيــه لا تضنوا بذكره = ففي الذكر رجعى من يد الموت ناجيه
أعيروه بالتذكار ما ضن دهره = به عيشة في مقبـــل العمر راضيه

يروي المرحوم عمر علي أحمد التروِّس، وقد كان من المداومين على ندوة العقاد بالقاهرة، عن أول لقاء جمع العقاد بمعاوية محمد نور

 ( لقد كان العقاد يجلس في مكتبة ومعه مجموعة من أصدقائه وفجأة يدخل شاب في مفتتح الشباب وخواتيم الصبا أسود اللون وسيم الطلعة ويبدأ في إنتقاء مجموعة من الكتب وعندما هم بالخروج نده عليه العقاد قائلا:
  - تعال يلا
فذهب معاوية نحوه بثقة واعتداد، فأخذ العقاد من يديه الكتب وقلبها وقال:
  - مين باعتك بالكتب دي؟
أجاب معاوية بهدوء:
 - هذه الكتب لي
- قال العقاد:
) إنت تقرأ للكاتب ده (ولوح بكتاب
قال معاوية وإبتسامة في شفتيه:
 - قرأت له قبلها كتاب كذا وكذا وكذا وكذانظر العقاد الى أحدهم وقال:
) - قوم يا بغل.. إجلس يابني

كما شارك بكتاباته القيمة التي حرص فيها على ان يكون ناقدا متبصرا عير مجامل في العديد من المجلات والصحف المصرية كـــ السياسة الأسبوعية، جريدة مصر، الرسالة، الهلال، والبلاغ الأسبوعي وغيرها كثير، وقد حاول برغم حداثة سنه تأكيد اسمه في الأوساط الفكرية والسياسية، وشكل إحدى العلامات الفارقة في النقد الأدبي بمصر والسودان..

وقد قال عنه الكاتب المصري انور وجدي:
(إنني أتطلع إلى حفل ضخم يقام في الخرطوم من أجل أحياء ذكراه، وطبع آثاره، والتنويه به في العالم العربي كله.)

لأن معاوية محمد نور وللحقيقة اسم سامق، وهو كباقي الأدباء في السودان على شاكلة محمد عبدالحي وعبدالله الطيب وعبدالخالق محجوب والطيب صالح والكثير من الأسماء البارزة الأخرى حتى لا اظلم احدا، في حياته ما يستحق البحث والتنقيب والدراسة، لكن ومن غريب الصدف او سوئها فانه لا يكاد يحظى وهو الاديب الألمعي بالاهتمام اللازم من طرف المثقفين السودانيين

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

الطريق الى رجل يقرأ

الطريق الى رجل يقرأ


عمار تواتي ابراهيم 
كاتب من الجزائر 




إذا قررتِ يوما أن تتزوجي من رجل يقرأ ، تحت أي ظرف . قد تكونين أعجبت بكلمات منمقات من مقالة لجيهان سمرقند  عن الكتاب المقدس و الجولة الكبيرة ، أو ربما أعجبت برجل يحمل كتابا في فيلم ما،  في آخر المطاف أنت الآن تودين الارتباط برجل يقرأ. الى هنا الأمر في غاية الروعة ، لكنك في الحقيقة في مأزق صغير أو بالأحرى أنت أمام بعض التحديات.

طيب،

أين تعثرين عليه؟. إذا ذهبت مثلا  إلى يوم مفتوح للقراءة فلا تبحثي بين الجموع المتراصة ،هناك احتمالان فإما أن يكون أحد المنظمين أو هو يملأ زاوية هادئة بعيدة. إذا قررت أن تبحثي عنه في مكتبة عامة فلا تلقي بالا لكل من يرفع رأسه سريعا ليرقب حسنك ( طبعا أنت جذابة جدا) فأنت تبحثين عن رجل يقرأ لا رجل يتظاهر بذلك و القارئ الحقيقي يستنفذ النص جل حواسه،  إلا إذا كنت تضعين عطرا نفاثا وهذا غير مستحسن لك لان اغلب الروايات تربط العطر بالإغواء و هذا النوع من الرجال لا يحب هكذا طريقة للجذب. إذا لم تخرجي بعد من المكتبة العامة فاسألي عن مكانين ، أكثر منطقة هادئة و عن رف الروايات الكلاسيكية ذات النسخ الواحدة.
رائع، أنت الآن أمام رجلك. إلى هنا أنت لم تفعلي شيئا كبيرا فالخطوة القادمة أصعب قليلا ، يجب أن تعلمي أولا أن القراء النهمين يختلفون قليلا عن غيرهم أو لنقل إن كثرة القراءة تجعلهم يكتسبون عادات معينة عندما يكونون برفقة كتاب... القليل من عدم الاكتراث، التكلم ببطء، النظرات المتباعدة، لا تقلقي من كل هذا فأنت لم تدخلي حياته بعد، أنت الآن ككل " حشيشه ضارة" موجودة في تلك المكتبة. شيء وحيد يجعلك تتحولين إلى غير ذلك عنده هو أن تمسكي بكتاب ما و يحبذا لو كان عتيقا من نسخ السبعينيات بحنو و لهفة و بعينين مفتوحتين وكأنك وجدت حجرا كريما. أقرب الطرق إلى جذب انتباه رجل يقرأ أن نبحث في نفس منجمه، إذا بحثت على الرف على نفس الكتاب الذي يحمله في يده فقد وقعت في قلبه. لأنك ببساطة ودون علمك قلت له " آآآه كم وددت رؤية هذا الحجر الكريم  الذي تحمله ، دعني القي نظرة عليه من فضلك". قد لا يكون الأمر صحيحا مع كتب جديدة ، لكن القارئ الجيد لا يعيد النظر أبدا لكتاب لم يعجبه ، بالمقابل فانه عادة ينظم " مواعيد " منتظمة مع كتبه المفضلة و دائما ما تكون بوهج " أول موعد".

هذا تقدم جيد، لقد جذبت انتباه رجل يقرأ، لا تقلقي إن كانت ردة فعله بطيئة فهو يبحث عن موقف مشابه في كل رواية قرأها ، عن ابتسامة مشابهة لكل بطلة عرفها ، قد يحاول قول شيء ثم يحجم عن ذلك لأنه تذكر إن تلك الكلمة كانت جارحة لامرأة ما في رواية ما. عموما لا تقلقي فخاصية القراء الأساسية انتقاء الألفاظ. بالمقابل يجب عليك أنت أن تنتبهي لشيء مهم ، لا تتحدثي عن كاتب لا تعرفينه لأنك قد تدخلين دائرة الرجل المحرمة و هنالك يصبح خروجك صعبا، الانتقاص من أي كاتب عند هؤلاء يضرب وترا أساسيا و حساسا جدا في العلاقة بين القارئ و الأدب و هو الذوق . إذا أردت إن تعرفي حدود تلك الدائرة فيمكنك سؤاله عن كتابه المفضلين كقائمة من واحد إلى عشرة. لا تسأليه الترتيب لأنه طبعا سيقول انه لا يستطيع ترتيبهم ، أنت فقط اسمعي الأسماء فإنهم سيخرجون مرتبين على حسب أهميتهم له ، سيذكر ثلاثة إلى خمسة أسماء دفعة واحدة هذه منطقتك "شديدة الانفجار"  ثم يأخذ وقتا ليقول أسماء أخرى تلك اقل خطورة ، كلما صغرت منطقته المحرمة عرفت انه أكثر اطلاعا.

مبروك، لقد حصلت على قلب رجل يقرأ.

إذا أردت اختصار كل هذا و عدم قراءته أصلا

عليك أن تكوني فتاة تقرأ..... فهو حتما قرأ مقالة " يجب أن تواعد فتاة تقرأ".

السبت، 11 أكتوبر 2014

من طرائف أدب الغموض

من طرائف أدب الغموض
سعيد بنعياد .
عن موقع الفصيح . كل الحقوق محفوظة .

المقال يعبر عن رؤية صاحبه الادبية ولا يعبر عن الموقع .


كثيرا ما أُحاول فهم بعض القصائد الحديثة، المُغرقة في الرمزية والغموض، دُونَ جدوى. وحين أقرأ عبارات الاستحسان والمديح التي يكيلها النقاد لهذه القصائد، لا أملك إلا أن أتهم عقلي القاصر وفهمي السقيم.




وذات مرة، استجمعتُ شجاعتي، وقررتُ كتابة قصيدة نثرية على هذا المنوال، لا يكون لها أي معنى، فكتبتُ ما يلي:




تَلفِظُني اللَّفْظة

تشُقُّ فؤادي

رَمْسًا لِشُحرورٍ أبيض

كان يقطُن الذاكرةَ الكليلة

يوم قذفَتْني الأحرُفُ المعتُوهة

لُقمةً جائعة

لِنَوارس البحرِ الثامن

قُربانًا لِمَردوخ 

العائد 

فوق مجزرة الرماد الساخن

وحين أمتطي صهوةَ الحزن

يَنتفِضُ الفؤاد المهيض

فأُرِيقُ فوق نِعالي

بقايا الزمن المتعفن

وأرسم بالإصرار الغامض

فوق سطح الماء غيْرِ المستوي

تمثالا لخروف ثائر

وكبش طائر

:) :) :)




وحين عرضتُ "القصيدة" على بعض الأصدقاء من الشعراء، انهالت عليها عبارات المديح والثناء، واستخرجوا منها دُرَرًا وجواهر لم ألتفت إليها من قبلُ :) .




صديق واحد فقط، قال لي: لو حذفتَ الخروف الثائر والكبش الطائر، لكان نصا رائعا :) .




* * * * *





وبعد سنوات، أعدتُ الكرَّة، فكتبتُ قصيدة تفعيلة، لم تستغرق مني غير ثلاث دقائق. وأُقسم أني لم أقصد بها أي معنى.




أسئلة




لماذا أُوزِّع فِكريَ 

بين المُحال وشِبهِ المُحالِ 

وأقصى المُحالِ الوصولُ

إلى نقطة

تشتهي المستقيماتُ

ألاَّ يكُونَ العِناقُ / الفراقُ

الوصالُ / الفصالُ

على غير إيقاع أمواجها الهادئهْ ؟

ــــــ

لماذا الكلامُ

إذا ما الكلامُ

تجلى لِعينَيَّ صمتا

يُبيح اغتيال النجوم

نهارا جهارا

ويجتثُّ برْدَ ابتساماتها الدافئهْ ؟

ــــــ

لماذا السؤالُ

وليس السؤالُ

سوى صوت أفعى

بقلبي يصولُ يجولُ

فيغزو البكاءُ / الصراخُ / الشهيقُ

مرافئَ قد كنتُ أحسبها هانئهْ ؟

ــــــ

فيا أيُّها اللَّسْتُ أدري ،

سلاما ختاما

فقد ضقتُ ذرعا 

بصمت القوافي

وظِلّ الفيافي

ورقصة موتٍ

تسَاقَطَ من شُرفةٍ ناتئهْ ؟

:) :) :)




وقد نشرتُها في أحد المنتديات باسم مستعار، فكان حظها من المديح أوفر من حظ سابقتها :) .




دمتم بكل خير.

الجمعة، 10 أكتوبر 2014

مستقبل الكتاب/ أومبرتو إيكو

مستقبل الكتاب.. أومبرتو إيكو

أومبرتو إيكو

من اختراع الكتابة للكمبيوتر.. مستقبل الكتاب

ترجمة: ياسر شعبان

منذ وصولي ندوة حول مستقبل الكتاب توقعت أن يستشهد أحدهم بهذه العبارة Ceci Tuera cela  وقد دفعني إلى ذلك كل من “دوجويد” و”ننبرج”، فهي عبارة ذات صلة بموضوعنا.

ودون شك هي العبارة نفسها التي قالها “فرولو”، في رواية “أحدب نوتردام” لـ”فيكتور هوجو”، وهو يقارن الكتاب بالكاتدرائية القديمة (الكتاب سوف يقتل الكاتدرائية، الأبجدية سوف تقتل الصور). وهي نفس العبارة التي استخدمها “ماكلوهان” وهو يقارن حانةً للرقص في ولاية مانهاتن بمجرة جوتنبرج.      

نعرف ما يكفي عن الكتاب، ولكن ما نعنيه بالكمبيوتر هو الأمر غير المؤكد. هل هو أداة يمكن بواسطتها توفير مزيد من الاتصال باستخدام الأيقونات؟ أم هو أداة يمكنك الكتابة عليها والقراءة منها دون الحاجة إلى أدوات مثل الورق؟ أم هو وسيلة لن يسمع بعدها عن خبرات النص المكتظ بالألفاظ؟

لا يُعد أي من هذه التعريفات كافيًا لتعريف الكمبيوتر، لما يلي:

أولًا: يُعتبر الاتصال المرئي أكثر انتشارًا في التليفزيون ودور العرض، مقارنةً بالكمبيوتر والذي يُعد أداة أبجدية بشكل واضح.

ثانيًا: وكما يقول “ننبرج”، فإن الكمبيوتر يقدم أشكالًا جديدة للإنتاج وانتشار الوثائق المطبوعة.

وثالثًا: وكما يذكر “سيمون”، فإن نوعًا من تجارب النص المتشعب/ المتعدد (على الأقل من منظور النص الذي لا يستلزم قراءته بطريقه خطية وكرسالة تامة) تواجد في فترات تاريخية أُخرى، و”جويس” (الحي) موجود ليثبت أن “جويس” (الراحل والباقي دائمًا) قَدّم لنا في” Finnegans wake صحوة فينيجانز” مثالًا جيدًا للنص المتشعب.

إن فكرة أن شيئًا سيقتل شيئًا آخر هي فكرة قديمة للغاية، ومن المؤكد أنها ظهرت قبل “هوجو” وقبل مخاوف “فرولو” في العصور الوسطى المتأخرة. وطبقًا لأفلاطون (في فيدروس)[1]، فإن تحوت/ توت أو (هرمس حسب اليونانيين)، المخترع المزعوم للكتابة، قدم اختراعه للفرعون “تحتمس” الذي سوف يسمح للإنسان بأن يتذكر ما كان لينساه بدونه، لكن الفرعون لم يرض عن ذلك وقال: إن الذاكرة هي أعظم هبة يجب الحفاظ عليها حية بالتدريب المستمر، وباختراعك الجديد لن يكون على الإنسان تدريبها لأنه سوف يتذكر الأشياء ليس عن طريق جهد داخلي لكن بواسطة وسيلة خارجية.

ويمكننا أن ندرك قلق الفرعون. فالكتابة، مثل أي وسيلة تكنولوجية حديثة، من شأنها أن تخدر القوة البشرية التي حلت محلها، تمامًا مثلما جعلتنا السيارات أقل  قدرة على السير.

كانت الكتابة اختراعًا خطيرًا لأنها حَدّت من قدرات العقل عن طريق تزويد الإنسان بروح متحجرة، وعقل مُشوه وذاكرة تذبل مثل النبات.

بطبيعة الحال كان نص أفلاطون نصًا ساخرًا، وقد كان أفلاطون يدون حجته ضد الكتابة ولكنه كان يتظاهر أن خطابه يرويه سقراط الذي لم يكتب (فمن الناحية الأكاديمية يبدو جليًا أنه اندثر لأنه لم ينشر أعماله) لذلك فقد كان سقراط يعبر عن مخاوف عصره. إن أمرًا داخليًا والمفكر الحقيقي لن يسمح للكتاب أن يفكر بدلًا منه.

ولا يوجد من تساوره هذه المخاوف في الوقت الحاضر وذلك لسببين بسيطين:

الأول: معرفتنا بأن الكتاب ليس الوسيلة التي تجعل شخصًا آخر يفكر بدلًا منا، فعلى العكس من ذلك فإن الكتاب وسيلة لاستثارة الفكر بشكل أكبر، فبعد اختراع الكتابة أصبح من الممكن  كتابة عمل رائع عن الذاكرة الفطرية مثل “البحث عن الزمن المفقود” لـ”بروست”.

ثانيًا: إذا ما احتاج الإنسان ذات يوم لتدريب ذاكرته ليتذكر الأشياء، فبعد اختراع الكتابة عليه أن يدرب ذاكرته ليتذكر الكتاب، فالكتاب يمثل تحديًا ويعمل على تحسين الذاكرة حتى لا تضعف.

وعلى المرء أن يتأمل هذا الجدل القديم في كل مرة يقابل فيها وسيلة اتصال جديدة  تبدو أنها ستحل محل الكتاب.

 

الصور مقابل الثقافة الحرفية

لا تُعتبر ثقافتنا المعاصرة ذات وجهة صورية، ولنأخذ على سبيل المثال ثقافة اليونان آو العصور الوسطى، ففي هذه العصور اقتصرت معرفة القراءة والكتابة على الصفوة المختارة، بينما كان يتم تعليم وتثقيف وإقناع الشعب (دينيًا – سياسيًا وأخلاقيًا) عن طريق الصور، ويستشهد “بولتر” أنه حاليًا في الولايات المتحدة يتم تقديم خليط متوازن من الحروف والأيقونات إذا ما قارناها مع “Bilblia Pauperum- الكتاب المقدس المصور”[2] يمكن أن نشكو من أن كثيرًا من الناس يقضون يومهم في مشاهدة التلفزيون  ولا يقرؤون كتابًا أو جريدةً أبدًا، وهذه بالتأكيد مشكلة اجتماعية وتعليمية ولكننا عادة ما ننسى أن نفس هؤلاء الناس منذ قرون قليلة مضت كانوا يشاهدون على الأكثر مجموعه محدودة من الصور، وكانوا أميين تمامًا.

وعادة ما يتم تضلينا بواسطة وسائل الإعلام التي تنتقد بصورة منتظمة وسائل الإعلام الأخرى التي تتسم بالسطحية والتأخر، في حين أنه ما زالت  وسائل الإعلام تكرر أن الفترة  التاريخية التي نعيشها تسيطر عليها الصور بشكل متزايد، وهذه هي أول مغالطات “ماكلوهان”، وقد قرأ القائمون على وسائل الإعلام كتابات “ماكلوهان” متأخرًا، وسيكون الجيل الحالي والجيل القادم أكثر ميلًا للحاسب الآلي. وتعتبر أهم سمة لشاشة الكمبيوتر أنها تضم وتعرض عددًا أكبر من الحروف الأبجدية أكثر من الصور، لذا  فسيكون الجيل الجديد جيلًا أبجديًا ولن يكون له ميول لاستخدام  الصور، وسنعود مرة أخرى لمجرة “جوتنبرج” وأنا على يقين أنه لو كان “ماكلوهان” قد عاش حتى اندفاع التفاحة إلي “وادي سليسون” كان سيعترف بهذا الحدث الهائل.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الجيل الجديد مدرب على القراءة بسرعة هائلة، لذلك فإن أستاذ الجامعة من النمط القديم غير قادر اليوم على قراءه شاشة الكمبيوتر بنفس سرعة المراهق. فهؤلاء المراهقون إذا ما أرادوا بالصدفة برمجة الكمبيوتر في منزلهم لابد أن يعرفوا أو يتعلموا الإجراءات المنطقية والحسابية، ويجب عليهم كتابة الكلمات والأرقام على لوحة المفاتيح بسرعة هائلة.

أثناء فتره ثمانينيات القرن العشرين، نُشرت في الولايات المتحدة بعض التقارير القلقة والمثيرة للقلق؛ مُنبهة إلى انحدار مستوى معرفة القراءة والكتابة. وقد كان أحد الأسباب وراء الانهيار المفاجئ في وول ستريت (الذي أنهى عهد ريجان)؛ طبقًا للعديد من المراقبين؛ ليست فقط الثقة الزائدة في الكمبيوتر، ولكن أيضًا حقيقة أن الشباب المستهتر الذين كانوا يتحكمون في سوق المال (البورصة) حينها لم يكونوا على دراية كافية بأزمة عام 1929، لم يكونوا قادرين على التعامل مع الأزمة، حيث كانوا يفتقرون للخلفية التاريخية. وهكذا لو كانوا قرأوا بعض الكتب عن يوم الخميس الأسود لكانوا قادرين على اتخاذ قرارات أفضل لتجنب الأخطار المعروفة.

لكنني أتساءل ما إذا كانت الكتب هي الوسيلة الوحيدة الموثوق بها لاكتساب المعلومات. منذ سنين كانت الوسيلة الوحيدة لتعلم لغة أجنبية، غير السفر للخارج، هي دراسة اللغة من الكتاب. والآن عادة ما يتعلم أطفالنا اللغات الأخرى عن طريق سماع التسجيلات، مشاهدة الأفلام في لغتها الأصلية، أو عن طريق فك شفرة التعليمات المطبوعة على علب المشروبات. نفس الشيء يحدث مع المعلومات التاريخية، ففي طفولتي اكتسبت أفضل المعلومات عن البلاد الغريبة ليس من الكتب ولكن عن طريق قراءة قصص المغامرات، مثل جوليس فيرن، إيميلو سالجاري، أو كارل ماي، فأبنائي يعرفون أكثر مما أعرف عن نفس الموضوع من التلفزيون أو الأفلام.

إن جهل هؤلاء الشباب بحادثة “وول ستريت” لم يكن راجعًا فقط إلى عدم التعرف بما يكفي على الكتب، ولكنه يرجع أيضًا إلى نوع من الجهل البصري. فما زال يتم نشر كتب عن أزمة 1929 بشكل منتظم (لابد أن يوجه اللوم لهؤلاء الشباب لعدم ترددهم على المكتبات).

ولا يهتم التلفزيون والسينما بشكل جاء بالأحداث التاريخية. يمكن للمرء أن يعرف قصة الإمبراطورية الرومانية من خلال الأفلام بشرط أن تكون هذه الأفلام صحيحة من الوجهة التاريخية. فالخطأ الذي وقعت فيه هوليود لا يعود إلى عدم وضع أفلامها في مقابل كتب “تاكيتوس” أو “جيبون”، بل لأنها فرضت نسخة شبه رومانسية من كليهما. كانت مشكلة المسئولين عن البورصة حينها أنهم يشاهدون التلفزيون فقط بدلًا من قراءة الكتب، بل إن النشرة العامة كانت المكان الوحيد الذي تم تقديم “جيبون” من خلاله.

واليوم يشتمل مفهوم معرفة القراءة والكتابة العديد من الوسائل الإعلامية والسياسية المستنيرة والتي يجب أخذ إمكاناتها في الاعتبار.

يجب أن يتسع الاهتمام بالتعليم لكل هذه الوسائل. ويجب أن تتوازن كل هذه المسئوليات والمهام، فإذا كانت الشرائط أفضل من الكتب في تعلم اللغات، فيجب أن نهتم بأشرطة التسجيل. وإذا كان تقديم “شوبان” مع تعليق على أقراص مدمجة يساعد الجمهور على فهم “شوبان”، فلا تقلق إذا لم يُقبل الجمهور على شراء سوى خمسة مجلدات من تاريخ الموسيقى، حتى لو كان صحيحًا أن الإعلام المرئي يطغى على الإعلام المكتوب، فالمشكلة ليست وضع الإعلام المرئي في مقابل الإعلام المكتوب، وإنما المشكلة هي كيفية تطوير كليهما. في العصور الوسطى  كان الإعلام المرئي للعامة أهم بكثير من الكتابة،  لكن كاتدرائية “كارتريس” لم تكن أقل ثقافيًا منImago Mundi of Honorius of Autun[3]. كانت الكاتدرائيات هي أجهزة التلفزيون في هذا العصر، والاختلاف بينها وبين تلفزيون العصر الحديث هو أن مُخرجي العصور الوسطى كانوا يقرؤون كُتبًا جيدة ولديهم الكثير من الخيال ويعملون من أجل الصالح العام (أو على الأقل ما يعتقدون أنه للصالح العام).

 

الكتب  مقابل الوسائل الأخرى

هناك ارتباك حول سؤالين بارزين:

  • هل سيجعل الكمبيوتر الكتاب شيئًا مهجورًا أو مُهملًا؟

  • هل سيجعل الكمبيوتر المادة المكتوبة والمطبوعة شيئًا مهجورًا أو مهملًا؟

دعونا نفترض أن الكمبيوتر سيجعل الكتاب يختفي (لا أعتقد أن هذا سوف يحدث، وسوف أتتناول هذه النقطة باستفاضة لاحقًا، لكن دعونا نفترض ذلك من أجل المناقشة) ومع ذلك، لن يستلزم هذا اختفاء المادة المطبوعة. وقد رأينا أنه من قبيل التفاؤل أن نأمل أن الكمبيوتر، خاصة برامج  الكتابة، سوف تساعد في إنقاذ الأشجار، فالكمبيوتر يشجع على إنتاج المادة المطبوعة. يمكننا أن نتخيل ثقافة دون كتاب، لكن بالرغم من ذلك سيتجول الناس حاملين أطنانًا وأطنان من الأوراق وسيكون هذا أمرًا غير عملي تمامًا وسيضيف مشكلة جديدة على المكتبات.

وقد رصد “دربي” حقيقة أن الحضارة العبرية كانت ثقافة تعتمد على الكتاب لا تنفصل عن حقيقة أنها كانت حضارة بدو هائمة. وأعتقد أن هذه ملحوظة مهمة للغاية، فقد استطاع المصريون أن ينقشوا سجلاتهم وتاريخهم على المسلات الحجرية، ولكن “موسى” لم يستطع. وإذا أردت أن تعبر البحر الأحمر فإن الكتاب وسيلة أكثر عملية في تسجيل الحكمة. وبالمناسبة فالحضارة العربية كذلك، وهى حضارة بدوية متنقلة، اعتمدت على الكتاب وقد فضلت الكتابة على الصور.

ولكن للكتب ميزة مهمة بالنظر إلى الكمبيوتر. فحتى لو كانت مطبوعة على ورق حمضي، والذي يظل باقيًا لمدة سبعين عامًا أو ما شابه، فإنها تدوم أكثر من الوسائل الممغنطة. بالإضافة إلى ذلك فهي لا تعاني من قصور أو نقص في الطاقة وأكثر مقاومة للصدمات الكهربية. وكما لاحظ “بولتر”: (ليس من الحكمة أن تحاول توقع التغيير التكنولوجي بعد أكثر من سنوات قليلة في المستقبل)، لكنه من المؤكد، حتى الآن على الأقل، ما زالت الكتب تعتبر أكثر وسيلة اقتصادية ومرنة لنقل المعلومات بأقل تكلفة.

إن الإعلام الإلكتروني يسبقك بينما يسافر الكتاب معك على نفس سرعتك، ولكن إذا تحطمت سفينتك ووجدت نفسك على جزيرة مهجورة فإن الكتاب سيكون مفيدًا لك وليس الكمبيوتر. وكما يشير “لاندو”: تحتاج النصوص الإلكترونية إلى محطات قراءة ووسائل فك الشفرة، لكن ما زالت الكتب أفضل رفيق لمسافر تحطمت سفينته ولليوم القادم كذلك.

وأنا على يقين، إلى حد ما، من أن التقنيات الحديثة سوف تعمل على اختفاء العديد من أنواع الكتب مثل الموسوعات والأدلة. خُذ على سبيل المثال مشروع الموسوعة الذي تعمل فيه مؤسسة “هورايزون أنليميتد”. فعند الانتهاء منه قد يحتوي على معلومات أكثر من الموسوعة البريطانية مع ميزة أنها تسمح بالمراجع المتقابلة واسترجاع غير خطي للمعلومات. وهكذا سنجد أن كل الأقراص المدمجة بالإضافة للحاسب الآلي سوف تشغل خُمس الحيز الذي تشغله الموسوعة والتي لا يُمكن نقلها أو تحديثها بسهولة مثل الأقراص الممغنطة، فليست لها المميزات العملية مثل الكتاب العادي، لذلك يمكن إحلالها بالأقراص الممغنطة تمامًا مثل دليل الهاتف. فالرفوف التي تشغلها اليوم في المنزل والمكتبات العامة أمتار وأمتار من مجلدات الموسوعة يمكن أن نتخلص منها في العصر القادم، ولن يكون هناك سبب للبكاء على اختفائها. ولنفس السبب اليوم لم أعد في حاجة إلى الصور الثقيلة لفنان لا مبال حيث يمكنني أن أرسل لحبيبتي صورة صادقة وبراقة. مثل هذا التغير في الوظائف الاجتماعية للرسم لم يجعله شيئًا مهجورًا ولا حتى الرسوم الواقعية لـ”أنيجوني” والتي لا تفي بغرض رسم صورة لشخص ولكن للاحتفاء بشخصية مهمة، لذلك فإن توكيل، شراء، إقامة معارض لهذه الصور يكتسب أبعادًا أرستقراطية.

سوف تظل الكتب لا غنى عنها ليس فقط في مجال الأدب ولكن لأي ظرف يحتاج فيه المرء للقراءة باهتمام ليس فقط ليتلقى معلومة، بل أيضًا ليتأمل ويتفكر.

إن قراءة شاشة الكمبيوتر ليست مثل قراءة كتاب. فكر في عملية تعلم كيف تستخدم إحدى البرمجيات، عادة ما يكون النظام قادرًا على عرض كل التعليمات التي تحتاجها على الشاشة، لكن المستخدمين الذين يرغبون في تعلم البرنامج عادة ما يطبعون هذه التعليمات ويقرؤونها كما لو كانوا يقرؤون كتابًا أو يشترون دليلًا مطبوعًا (دعوني أتجاوز عن حقيقة أنه من الواضح أن دليل الاستخدام الذي يأتي مع الكمبيوتر؛ على الإنترنت أو مطبوعًا؛ عادة ما يكتبه بلهاء متوترون وغير مسئولين، بينما يقوم أشخاص أذكياء بكتابة الكتب التجارية). ومن الممكن استيعاب أن برنامجًا مرئيًا يوضح بشكل جيد كيفية طباعة وتجليد كتاب، ولكننا لنحصل على إرشادات حول كيفية كتابة مثل هذا البرنامج نحتاج دليلًا مطبوعًا.

 وبعد قضاء أكثر من اثنتي عشر ساعة على جهاز الكمبيوتر، تصبح عيناي مثل كرات التنس وأشعر بالحاجة للجلوس في استرخاء على مقعد وثير لأقرأ جريدة أو ربما قصيدة  جيدة.

ويبدو لي أن الكمبيوتر ينشر شكلًا جديدًا من التعليم، ولكنه غير قادر على إشباع كل الحاجات الفكرية التي يستثيرها. وفي أوقات تفاؤلي أحلم بجيل الكمبيوتر الذي، مضطرًا لقراءة شاشة الحاسب، يصبح معتادًا على القراءة من الشاشة ولكنه في لحظة ما يشعر بعدم الرضا، ويبحث عن صيغة مختلفة للقراءة، بشكل أكثر استرخاء، وملزمة بطريقة مختلفة.

 

النشر  مقابل الاتصال

فُطر الناس على الرغبة في الاتصال مع بعضهم البعض. وفي المجتمعات القديمة كانوا يقومون بذلك شفهيًا، وفي المجتمعات الأكثر تعقيدًا حاولوا أن يقوموا بذلك عن طريق استخدام الطباعة. وللأسف فإن معظم الكتب المعروضة في المكتبات لا تزيد عن أنها منتجات لمطابع تافهة حتى لو كانت مطبعة تابعة لجامعة. وكما يشير “لاندو”؛ فنحن على أعتاب عصر “النشر  الذاتي”، وهكذا يصبح بوسع الناس أن يتواصلوا بشكل مباشر دون تدخل دور النشر، فكثير من الناس لا يريدون النشر، ببساطة يريدون أن يتواصلوا مع بعضهم البعض، وحقيقة أنه في المستقبل سوف يقومون بذلك عن طريق البريد الإلكتروني أو عبر شبكة الإنترنت سوف تكون نعمة كبيرة للكتب وللثقافة ولسوق الكتاب.

أنظر إلى متجر للكتب. هناك الكثير من الكتب. أتلقى الكثير من الكتب أسبوعيًا، ولكن إذا ما نجحت شبكة الكمبيوتر في الحد من كمية الكتب المنشورة، سيكون ذلك تطورًا ثقافيًا عظيمًا.

أحد الاعتراضات على التعليم الزائف للكمبيوتر؛ هو أن الشباب يصبحون معتادين أكثر وأكثر على الحديث من خلال صيغ مختصرة مشفرة مثل “dir, help, disk copy, error 67″، فهل هذا تعلم؟

أنا جامع للكتب النادرة وينتابني شعور بالسعادة عندما أقرأ عناوين القرن السابع عشر، التي  قد تحتل صفحة كاملة وأحيانا أكثر، تبدو مثل عناوين أفلام لينا ورتمولر. وكانت المقدمات تتجاوز صفحات طويلة. تبدأ بصيغ مطولة من المديح والثناء للمخاطب المثالي، عادةً ما يكون الإمبراطور أو البابا، وتمتد لصفحات وصفحات لتوضح أهداف وفضائل النص في أسلوب عصر الباروك المعقد. وإذا قرأ أدباء عصر الباروك كتبنا الحديثة، فسيصابون بالذعر والهلع حيث المقدمة صفحة واحدة توضح باختصار الإطار العام  لموضوع الكتاب، وتتوجه بالشكر إلى بعض المنح الوطنية والدولية، وتوضح بإيجاز أن الكتاب تم إنجازه بفضل حب وتفهم زوج أو زوجة وبعض الأطفال، وبراعة السكرتير الذي تولى كتابة النص اليدوي في صبر. نتفهم تمامًا كل الصعاب الأكاديمية والإنسانية التي تكشف عنها تلك السطور القليلة، مئات الليالي التي قُضيت في تأكيد الصور، وقطع الهامبورجر المجمدة التي أكلت بسرعة.

لكنني أتخيل أنه في المستقبل القريب سوف نجد ثلاثة سطور تقول “نحن، سميث، روكفيلر”، وسوف نفك شفرتها على أنها تعني “أشكر زوجتي، أبنائي والأستاذ سميث الذي راجع هذا الكتاب في صبر وأشكر مؤسسة روكفيلر، وسيكون هذا أسلوبًا بليغًا تمامًا مثل أسلوب عصر الباروك. إنها مشكلة البلاغة والاعتياد عليها. أعتقد أنه في السنوات القليلة القادمة سوف نبعث برسائل الحب العاطفية في شكل مقدمة قصيرة للغة البيزيك في صيغة “لو………. إذن” حتى نحصل، كمدخل، على رسائل مثل “أنا حبك، لذلك لا يمكنني أن أعيش دونك”. (وبالإضافة إلى ذلك، تم إعداد قائمة لأفضل أعمال الأدب الإنجليزي المميزة بلغة البرمجة، وعلى ما أذكر ففي إحدى هذه اللغات تصبح أكون أولا أكون هكذا… 2 B OR Not 2B ). 

هناك فكرة غريبة تشير إلى أنه كلما تحدثت بلغة شفهية، أصبحت أكثر عمقًا وتفكرًا. يخبرنا “مالارميه” أن تهجي “وردة” كافٍ لاستثارة كون من الروائح والأشكال والأفكار. من المعتاد في حالة الشعر أن الكلمات الأقل تعبر عن أشياء أكثر. ثلاثة سطور من “باسكال” تقول أكثر من مائة صفحة طويلة ومملة لبحث عن الأخلاقيات والميتافيزيقا. إن السعي وراء تحقيق المعرفة الجديدة والدائمة يجب ألا يكون سعيًا وراء كمية معلوماتية أولية. فأعداء  المعرفة يختبئون في مكان آخر.

 

ثلاثة أنواع من النص المتشعب

ماذا نعني بالنص المتشعب؟ بداية يجب أن نضع تمييزًا دقيقًا بين الأنظمة والنصوص، فالنظام (على سبيل المثال، النظام اللغوي) هو كل الإمكانات التي تعرضها لغة طبيعية. وفي هذا الإطار، فإنه يحيط بقواعد العلامات غير المحدودة، كما عرفها “بيرس”؛ كل عنصر لغوي يمكن تفسيره من منظور علم السيموطيقا…. كلمة بتعريفها وحدث بمثال ونوع طبيعي بصورة، وهكذا قد يكون النظام محدودًا ولكنه غير محدد. فأنت تتحرك في شكل حلزوني. من هذا المنظور؛ فكل الكتب المفهومة تكون قد وضعت من خلال وفي إطار معجمي جيد. وهكذا فإذا كنت قادرًا على استخدام قاموس ويبستر الثالث، فيمكنك أن تكتب كلًا من “الفردوس المفقود” و”عوليس”. ومن المؤكد، إذا كان الحال كذلك، فإن النص المتشعب يمكنه أن يحول كل قارئ إلى مؤلف. وليس عليك سوى أن تقدم نظام النص المتشعب لكل من شكسبير ودان كوايل لتتوفر لديهما كل المميزات اللازمة لكتابة “روميو وجولييت”.

قد يثبت أنه من الصعب إنتاج نفس هذا النظام من النصوص، رغم ذلك، فإذا أخذت على سبيل المثال موسوعة “هورا يزون أنليميتيد”، فمن المؤكد أن أفضل تفسيرات القرن السابع عشر قد وردت فيها. الأمر يعتمد على قدرتك على العمل من خلال الروابط الموجودة سلفًا، ومع معرفتك وفهمك لهذا النظام، تكون لك كامل الحرية في أن تكون “جيبون” أو “والت ديزني”. وفي الحقيقة، قبل ظهور هذا النوع من النصوص المتشعبة، كان بوسع الكاتب أن يكتب أي كتاب أو قصة أو قصيدة أو رواية بمساعدة  معجم جيد.

لكن النص ليس نظامًا لغويًا أو موسوعيًا. فأي نص يعمل على الحد من الإمكانات غير المحدودة وغير المحددة لنظام ما ليخلق عالمًا مغلقًا. وعمل مثل “صحوة فينيجانز” يُعد بالتأكيد عملًا مفتوحًا للعديد من التفسيرات، لكنه لن يقدم لك أبدًا دليلًا لأعمال مثل “النظرية الأخيرة” لـ”فيرمات” أو “البيبلوجرافيا الكاملة” لـ”وودي ألان”. يبدو هذا أمرًا تافهًا، لكن الخطأ الفعلي للتفكيكيين غير المسئولين، أو النقاد أمثال “ستانلي فيش”، هو تصديق أنه بالإمكان عمل كل شيء نريده في النص، وهذا خطأ صارخ. فالنص المتشعب لـ”يوسا” عن المجموعة الكاملة لـ”توما الأكويني” يُعد بمثابة أداة رائعة. وبنظام مثل النص المتشعب الذي يستند إلى “ويبستر الثالث” و”الموسوعة البريطانية” يُمكنك عمل ذلك، أما مع نص متشعب مرتبط  بعالم “الأكويني” فلا يمكنك ذلك. ويعتبر النص المتشعب محدودًا ومحددًا رغم  أنه مفتوح على عدد لا يُحصى من التساؤلات الجوهرية.

هناك احتمال ثالث، والذي أشار إليه “مايكل جويس” بأننا قد نستوعب هذه النصوص غير المحدودة والمحددة، وكل مستخدم يمكنه إضافة شيء ويمكنك أن تطبق هنا نوعًا من القصص التي بلا نهاية. عند هذه النقطة سوف تختفي الفكرة الكلاسيكية عن التأليف، وسيكون لدينا طريقة جديدة لتطبيق مفهوم الإبداع الحر، فمثلًا مؤلف كتاب “العمل المفتوح”، الجزء الأول، لا يمكنه إلا أن يرحب بهذا الاحتمال. ورغم ذلك هناك فرق بين تنفيذ نشاط إنتاج نصوص وبين وجود نصوص مُنتجة بالفعل. ستكون لدينا ثقافة جديدة حيث يوجد فرق بين إنتاج عدد غير محدود من النصوص وبين التفسير الدقيق لعدد محدود من النصوص. وهذا ما يحدث في ثقافتنا الحالية، حيث نُقَيّم بشكل مختلف عزفًا مسجلًا للسمفونية الخامسة لبيتهوفن وحفلًا لموسيقى الجاز.

نحن نتقدم نحو مجتمع أكثر تحررًا حيث يتعايش فيه الإبداع الحر مع التفسير النصي. ويعجبني ذلك. المشكلة في القول بأننا استبدلنا شيئًا قديمًا بآخر. لدينا الاثنان معًا، حمدًا لله. فالتنقل بين محطات التليفزيون أمر ليس له علاقة بقراءة فيلم. يُقدر مشاهدو التليفزيون من الإيطاليين “بلوب” كعمل فريد في مجال البرامج المسجلة، لأنه يدعو كل شخص لاستخدام التليفزيون بحرية، لكن ذلك ليست له علاقة بإمكانية أن يقرأ كل شخص فيلمًا لـ”هتشكوك” أو “فيلليني” كعمل فني في ذاته.

 

التغيير مقابل الدمج

يذكر “ديبري” أن اختراع الصور حرر الرسامين من الالتزام بالمحاكاة. ولا يسعني هنا إلا أن أوافق على ذلك، فبدون اختراع “داجوري” لم يكن من الممكن أن تظهر المدرسة الانطباعية. لكن فكرة أن التكنولوجيا الجديدة تلغي دورًا سابقًا، تعد فكرة مبسطة للغاية. فبعد اختراع “داجوري”، لم يعد يشعر الرسامون بأنهم مضطرون أن يكونوا مجرد صناع (عمال) مُكلفين بإعادة إنتاج الواقع كما نراه. لكن هذا لا يعني أن اختراع “داجوري” شجع فقط على الرسم المجرد، فهناك مدرسة كاملة في الرسم الحديث لم تكن لتظهر دون النموذج التصويري. لا أفكر فقط في الواقعية المفرطة بل أيضًا (دعوني أقول ذلك) فيما قاله “هوبر”: الواقع تراه عين الرسام من خلال عين تصويرية.

من المؤكد أن اختراع السينما أو النصوص الكوميدية المصورة قد حرر الأدب من بعض مهام القص التي كان يؤديها تقليديًا، لكن لو أن هناك شيئًا مثل أدب ما بعد الحداثة، فسيتواجد لأنه تأثر بشكل كبير بالسينما أو التصوير الكوميدي، وهذا يعني أنه في تاريخ الثقافة لم يحدث أبدًا أن شيئًا قتل شيئًا آخر. ولكن هناك شيئًا عمل على تغيير شيء آخر بشكل جاد.

يبدو لي أن التناقض الحقيقي ليس بين الكمبيوتر والكتب، ولكنه بين الكتابة الإلكترونية والكتابة اليدوية أو المطبوعة. لقد ذكرت سلفًا مغالطة “ماكلوهان” الأولى، طبقًا لها حلت المجرة المرئية محل مجرة جوتنبرج. أما بالنسبة لمغالطته الثانية فهي تتمثل في أننا نعيش في مجتمع إلكتروني جديد يتسم بالعالمية بقدر كافٍ ولكنه ليس قرية، إذا كان ذلك يعني مجتمعًا إنسانيًا حيث يتفاعل الناس مع بعضهم البعض بشكل مباشر. المشكلة الحقيقة للمجتمع الإلكتروني هي العزلة. فالمواطن الجديد في هذا المجتمع الجديد لديه الحرية في أن يخترع نصوصًا جديدة، يلغي الفكرة التقليدية عن التأليف، يلغي الانفصال التقليدي بين القارئ والمؤلف، يكسو الأفكار الشاحبة لـ”رولان بارت” و”جاك دريدا” بالعظم واللحم (على الأقل هذا ما  سمعته من المتحمسين للتكنولوجيا، سيكون عليك أن تسأل دريدا إذا كان تصميم النص المتشعب حقًا يطرد شبح المعنى المبهم….. أنا لست راعيًا لأخي….. وبقدر ما يهتم بارت، كان هذا في بلد آخر، وبالإضافة إلى ذلك فقد توفي). لكننا نعرف أن قراءة نص بعينه، دعنا نقول، موسوعة “ديديرون”، يحدث تغييرًا في الشئون الأوربية، فماذا سوف يحدث مع شبكة الإنترنت؟

أنا متفائل. أثناء حرب الخليج أدرك “جورج لاكوف” أن أفكاره عن الحرب لا يمكن نشرها قبل نهاية الصراع. ولذلك فقد اعتمد على شبكة الإنترنت ليطلق تنبيهًا في وقته. من الناحية السياسية والعسكرية كانت مبادرته غير ذات قيمة لكن هذا لا يهم، فلقد نجح في الوصول إلى مجموعة من الأشخاص حول العالم لديهم نفس شعوره.

هل يمكن للكمبيوتر أن يكون أداة ليس فقط للربط بين اثنين من النفوس المنعزلة بل أيضًا بين مجتمع حقيقي من الأفراد المتفاعلين؟ فكر فيما حدث عام 1968 باستخدام نظم الاتصال التقليدية، مثل الصحافة والإذاعة والرسائل المكتوبة، لقد تورط جيل كامل من أمريكا إلى فرنسا، ومن ألمانيا إلى إيطاليا، في صراع مشترك. لا أحاول تقييم ما حدث من الناحية السياسية أو الأخلاقية. ولكنني ببساطة أسجل أنه حدث. وبعد سنوات عديدة، ظهرت حركة طلابية ثورية في إيطاليا، لا تستند إلى المبادئ الماركسية كما كانت سابقتها. كانت سمتها الرئيسة هي أنها حدثت عن طريق جهاز الفاكس، بين الجامعة والجامعة، تم استخدام تكنولوجيا جديدة لكن كانت النتائج هزيلة نوعًا ما. فقد  تم احتواء هذه الانتفاضة في غضون شهرين. لم تستطع تكنولوجيا الاتصال الجديدة أن تمنح الروح لحركة ما لمجرد مجاراة ما هو سائد فقط.

وقد حاولت الحكومة الإيطالية مؤخرًا أن تفرض قانونًا جديدًا أهان مشاعر الشعب الإيطالي. وقد تم توصيل رد الفعل العام من خلال جهاز الفاكس. وفي مواجهة العديد من رسائل الفاكس وجدت الحكومة نفسها مضطرة لتغيير القانون، وهذا مثال جيد للقوة الثورية لتقنيات الاتصال الحديثة. لكن بين رسائل الفاكس وإلغاء القانون حدث ما هو  أكثر من ذلك، كنت مسافرًا خارج البلاد، ورأيت فقط الصور في الصحف الأجنبية وقد صورت مجموعة من الشباب معًا، في مسيرة أمام البرلمان وهم يحملون لوحات غاضبة. لا أعرف ما إذا كانت رسائل الفاكس وحدها تكفي أم لا. بالتأكيد تبادل رسائل الفاكس خلق نوعًا جديدًا من الاتصال بين الأشخاص، ومن خلالها أدرك الناس أن عليهم أن يلتقوا معًا ثانية.

في أول هذه القصة كانت هناك أيقونة، ابتسامة “بيرلوسكونى” التي أقنعت كل من يراها من الإيطاليين ليصوتوا له. بعد ذلك شعر كل المعارضين بالإحباط والعزلة. فاز رجل الإعلام. ثُمّ، في مواجهة غضب لا يُحتمل، كانت هناك تقنية جديدة أعطت الناس إحساسًا بعدم الرضا إلى جانب القوة. ثُمّ  جاءت اللحظة التي خرجوا فيها من عزلة استخدام الفاكس ليلتقوا معًا ثانية، ويفوزوا.

من الصعب نوعًا ما أن تصيغ نظرية من واقعة واحدة، لكن دعوني أستخدم هذا المثال مجازًا، عندما ينجح التتابع المتكامل للوسائط المتعددة للأحداث في أن يعود بالناس إلى الواقع غير العملي فإن شيئًا جديدًا سيحدث.

ليس لدي قاعدة للأحداث التي لها نفس الإطار، وأدرك أنني أقترح منهج “كاسيدوروس”*، وأن استعارتي تبدو مثل تركيبة “روب جولبرج” ** مثلما قدمها جيمس. ج. أودونيل.

ويبدو لي نموذج “روب جولبرج” أنه النموذج الميتافيزيقي الوحيد لمستقبلنا الإلكتروني.

……………………

* فلافيوس ماجنوس أيورليوس كاسيدورس سيناتور(490 – 585). وكان قد بدأ حياته كرجل دولة، ثم تحول إلى راهب.
وتم تقديم سيرته الوافية لأول مرة عام 1979 بواسطة “جيمس. ج. أودونيل”.
** روب جولبرج (1883 ـ 1970)، حصل على جائزة بوليتزر في مجال الكارتون، وهو كذلك نحات ومؤلف. ولد في سان فرانسيسكو وتخرج  مهندسًا في جامعة بيركلي.
……………………
ـ من ندوة حول مستقبل الكتاب عقدت بجامعة سان مارينو في  يوليو1994.
ـ يوجد هذا المقال أيضا فى مجلد تحت عنوان مستقبل الكتاب، (مطبعا كاليفورينا، جامعه بركلي،1997) تحرير جيوفرى ننبرج، يضم المجلد اثنى عشر ورقة عمل من الندوة.
المصدر: موقع أومبرتو إيكو على الإنترنت.
 [1] في كتابه فيدروس، يشرح أفلاطون عملية سقوط النفس البشرية إلى عالم المحسوسات – بعد أن عاشت في العالم العلوي – من خلال اتحادها مع الجسد. لكن هذه النفس، وعن طريق تلمُّسها لذلك المحسوس، تصبح قادرة على دخول أعماق ذاتها لتكتشف، كالذاكرة المنسية، الماهية الجلية التي سبق أن تأمَّلتها في حياتها الماضية: وهذه هي نظرية التذكُّر، التي يعبِّر عنها بشكل رئيس في كتابه مينون، من خلال استجواب العبد الشاب وملاحظات سقراط الذي “توصل” لأن يجد في نفس ذلك العبد مبدأً هندسيًّا لم يتعلَّمه هذا الأخير في حياته.
 [2] الكتاب المقدس للعامة.. نسخة مصورة من الكتاب المقدس ظهرت لأول مرة في عصر القديس أنسجار، رئيس أساقفة همبورج ـــ بريمن، ثم ظهر مطبوعًا في العصور الوسطى. وتم إعداد لتوضيح تشابه الرموز بين العهدين القديم والجديد.
[3] المختصر في الفلك والجغرافيا، لـ”هورنيوس”، بداية القرن الثاني عشر. وعُرف هورنيوس في البداية كقس في كنيسة “أوتون”، لكن لاحقا استقرت الآراء على أنه كان باحثا ومفكرا رحالة، عاش لفترة في انجلترا ثم ألمانيا التي عاش فيها كراهب