الجمعة، 10 أكتوبر 2014

مستقبل الكتاب/ أومبرتو إيكو

مستقبل الكتاب.. أومبرتو إيكو

أومبرتو إيكو

من اختراع الكتابة للكمبيوتر.. مستقبل الكتاب

ترجمة: ياسر شعبان

منذ وصولي ندوة حول مستقبل الكتاب توقعت أن يستشهد أحدهم بهذه العبارة Ceci Tuera cela  وقد دفعني إلى ذلك كل من “دوجويد” و”ننبرج”، فهي عبارة ذات صلة بموضوعنا.

ودون شك هي العبارة نفسها التي قالها “فرولو”، في رواية “أحدب نوتردام” لـ”فيكتور هوجو”، وهو يقارن الكتاب بالكاتدرائية القديمة (الكتاب سوف يقتل الكاتدرائية، الأبجدية سوف تقتل الصور). وهي نفس العبارة التي استخدمها “ماكلوهان” وهو يقارن حانةً للرقص في ولاية مانهاتن بمجرة جوتنبرج.      

نعرف ما يكفي عن الكتاب، ولكن ما نعنيه بالكمبيوتر هو الأمر غير المؤكد. هل هو أداة يمكن بواسطتها توفير مزيد من الاتصال باستخدام الأيقونات؟ أم هو أداة يمكنك الكتابة عليها والقراءة منها دون الحاجة إلى أدوات مثل الورق؟ أم هو وسيلة لن يسمع بعدها عن خبرات النص المكتظ بالألفاظ؟

لا يُعد أي من هذه التعريفات كافيًا لتعريف الكمبيوتر، لما يلي:

أولًا: يُعتبر الاتصال المرئي أكثر انتشارًا في التليفزيون ودور العرض، مقارنةً بالكمبيوتر والذي يُعد أداة أبجدية بشكل واضح.

ثانيًا: وكما يقول “ننبرج”، فإن الكمبيوتر يقدم أشكالًا جديدة للإنتاج وانتشار الوثائق المطبوعة.

وثالثًا: وكما يذكر “سيمون”، فإن نوعًا من تجارب النص المتشعب/ المتعدد (على الأقل من منظور النص الذي لا يستلزم قراءته بطريقه خطية وكرسالة تامة) تواجد في فترات تاريخية أُخرى، و”جويس” (الحي) موجود ليثبت أن “جويس” (الراحل والباقي دائمًا) قَدّم لنا في” Finnegans wake صحوة فينيجانز” مثالًا جيدًا للنص المتشعب.

إن فكرة أن شيئًا سيقتل شيئًا آخر هي فكرة قديمة للغاية، ومن المؤكد أنها ظهرت قبل “هوجو” وقبل مخاوف “فرولو” في العصور الوسطى المتأخرة. وطبقًا لأفلاطون (في فيدروس)[1]، فإن تحوت/ توت أو (هرمس حسب اليونانيين)، المخترع المزعوم للكتابة، قدم اختراعه للفرعون “تحتمس” الذي سوف يسمح للإنسان بأن يتذكر ما كان لينساه بدونه، لكن الفرعون لم يرض عن ذلك وقال: إن الذاكرة هي أعظم هبة يجب الحفاظ عليها حية بالتدريب المستمر، وباختراعك الجديد لن يكون على الإنسان تدريبها لأنه سوف يتذكر الأشياء ليس عن طريق جهد داخلي لكن بواسطة وسيلة خارجية.

ويمكننا أن ندرك قلق الفرعون. فالكتابة، مثل أي وسيلة تكنولوجية حديثة، من شأنها أن تخدر القوة البشرية التي حلت محلها، تمامًا مثلما جعلتنا السيارات أقل  قدرة على السير.

كانت الكتابة اختراعًا خطيرًا لأنها حَدّت من قدرات العقل عن طريق تزويد الإنسان بروح متحجرة، وعقل مُشوه وذاكرة تذبل مثل النبات.

بطبيعة الحال كان نص أفلاطون نصًا ساخرًا، وقد كان أفلاطون يدون حجته ضد الكتابة ولكنه كان يتظاهر أن خطابه يرويه سقراط الذي لم يكتب (فمن الناحية الأكاديمية يبدو جليًا أنه اندثر لأنه لم ينشر أعماله) لذلك فقد كان سقراط يعبر عن مخاوف عصره. إن أمرًا داخليًا والمفكر الحقيقي لن يسمح للكتاب أن يفكر بدلًا منه.

ولا يوجد من تساوره هذه المخاوف في الوقت الحاضر وذلك لسببين بسيطين:

الأول: معرفتنا بأن الكتاب ليس الوسيلة التي تجعل شخصًا آخر يفكر بدلًا منا، فعلى العكس من ذلك فإن الكتاب وسيلة لاستثارة الفكر بشكل أكبر، فبعد اختراع الكتابة أصبح من الممكن  كتابة عمل رائع عن الذاكرة الفطرية مثل “البحث عن الزمن المفقود” لـ”بروست”.

ثانيًا: إذا ما احتاج الإنسان ذات يوم لتدريب ذاكرته ليتذكر الأشياء، فبعد اختراع الكتابة عليه أن يدرب ذاكرته ليتذكر الكتاب، فالكتاب يمثل تحديًا ويعمل على تحسين الذاكرة حتى لا تضعف.

وعلى المرء أن يتأمل هذا الجدل القديم في كل مرة يقابل فيها وسيلة اتصال جديدة  تبدو أنها ستحل محل الكتاب.

 

الصور مقابل الثقافة الحرفية

لا تُعتبر ثقافتنا المعاصرة ذات وجهة صورية، ولنأخذ على سبيل المثال ثقافة اليونان آو العصور الوسطى، ففي هذه العصور اقتصرت معرفة القراءة والكتابة على الصفوة المختارة، بينما كان يتم تعليم وتثقيف وإقناع الشعب (دينيًا – سياسيًا وأخلاقيًا) عن طريق الصور، ويستشهد “بولتر” أنه حاليًا في الولايات المتحدة يتم تقديم خليط متوازن من الحروف والأيقونات إذا ما قارناها مع “Bilblia Pauperum- الكتاب المقدس المصور”[2] يمكن أن نشكو من أن كثيرًا من الناس يقضون يومهم في مشاهدة التلفزيون  ولا يقرؤون كتابًا أو جريدةً أبدًا، وهذه بالتأكيد مشكلة اجتماعية وتعليمية ولكننا عادة ما ننسى أن نفس هؤلاء الناس منذ قرون قليلة مضت كانوا يشاهدون على الأكثر مجموعه محدودة من الصور، وكانوا أميين تمامًا.

وعادة ما يتم تضلينا بواسطة وسائل الإعلام التي تنتقد بصورة منتظمة وسائل الإعلام الأخرى التي تتسم بالسطحية والتأخر، في حين أنه ما زالت  وسائل الإعلام تكرر أن الفترة  التاريخية التي نعيشها تسيطر عليها الصور بشكل متزايد، وهذه هي أول مغالطات “ماكلوهان”، وقد قرأ القائمون على وسائل الإعلام كتابات “ماكلوهان” متأخرًا، وسيكون الجيل الحالي والجيل القادم أكثر ميلًا للحاسب الآلي. وتعتبر أهم سمة لشاشة الكمبيوتر أنها تضم وتعرض عددًا أكبر من الحروف الأبجدية أكثر من الصور، لذا  فسيكون الجيل الجديد جيلًا أبجديًا ولن يكون له ميول لاستخدام  الصور، وسنعود مرة أخرى لمجرة “جوتنبرج” وأنا على يقين أنه لو كان “ماكلوهان” قد عاش حتى اندفاع التفاحة إلي “وادي سليسون” كان سيعترف بهذا الحدث الهائل.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الجيل الجديد مدرب على القراءة بسرعة هائلة، لذلك فإن أستاذ الجامعة من النمط القديم غير قادر اليوم على قراءه شاشة الكمبيوتر بنفس سرعة المراهق. فهؤلاء المراهقون إذا ما أرادوا بالصدفة برمجة الكمبيوتر في منزلهم لابد أن يعرفوا أو يتعلموا الإجراءات المنطقية والحسابية، ويجب عليهم كتابة الكلمات والأرقام على لوحة المفاتيح بسرعة هائلة.

أثناء فتره ثمانينيات القرن العشرين، نُشرت في الولايات المتحدة بعض التقارير القلقة والمثيرة للقلق؛ مُنبهة إلى انحدار مستوى معرفة القراءة والكتابة. وقد كان أحد الأسباب وراء الانهيار المفاجئ في وول ستريت (الذي أنهى عهد ريجان)؛ طبقًا للعديد من المراقبين؛ ليست فقط الثقة الزائدة في الكمبيوتر، ولكن أيضًا حقيقة أن الشباب المستهتر الذين كانوا يتحكمون في سوق المال (البورصة) حينها لم يكونوا على دراية كافية بأزمة عام 1929، لم يكونوا قادرين على التعامل مع الأزمة، حيث كانوا يفتقرون للخلفية التاريخية. وهكذا لو كانوا قرأوا بعض الكتب عن يوم الخميس الأسود لكانوا قادرين على اتخاذ قرارات أفضل لتجنب الأخطار المعروفة.

لكنني أتساءل ما إذا كانت الكتب هي الوسيلة الوحيدة الموثوق بها لاكتساب المعلومات. منذ سنين كانت الوسيلة الوحيدة لتعلم لغة أجنبية، غير السفر للخارج، هي دراسة اللغة من الكتاب. والآن عادة ما يتعلم أطفالنا اللغات الأخرى عن طريق سماع التسجيلات، مشاهدة الأفلام في لغتها الأصلية، أو عن طريق فك شفرة التعليمات المطبوعة على علب المشروبات. نفس الشيء يحدث مع المعلومات التاريخية، ففي طفولتي اكتسبت أفضل المعلومات عن البلاد الغريبة ليس من الكتب ولكن عن طريق قراءة قصص المغامرات، مثل جوليس فيرن، إيميلو سالجاري، أو كارل ماي، فأبنائي يعرفون أكثر مما أعرف عن نفس الموضوع من التلفزيون أو الأفلام.

إن جهل هؤلاء الشباب بحادثة “وول ستريت” لم يكن راجعًا فقط إلى عدم التعرف بما يكفي على الكتب، ولكنه يرجع أيضًا إلى نوع من الجهل البصري. فما زال يتم نشر كتب عن أزمة 1929 بشكل منتظم (لابد أن يوجه اللوم لهؤلاء الشباب لعدم ترددهم على المكتبات).

ولا يهتم التلفزيون والسينما بشكل جاء بالأحداث التاريخية. يمكن للمرء أن يعرف قصة الإمبراطورية الرومانية من خلال الأفلام بشرط أن تكون هذه الأفلام صحيحة من الوجهة التاريخية. فالخطأ الذي وقعت فيه هوليود لا يعود إلى عدم وضع أفلامها في مقابل كتب “تاكيتوس” أو “جيبون”، بل لأنها فرضت نسخة شبه رومانسية من كليهما. كانت مشكلة المسئولين عن البورصة حينها أنهم يشاهدون التلفزيون فقط بدلًا من قراءة الكتب، بل إن النشرة العامة كانت المكان الوحيد الذي تم تقديم “جيبون” من خلاله.

واليوم يشتمل مفهوم معرفة القراءة والكتابة العديد من الوسائل الإعلامية والسياسية المستنيرة والتي يجب أخذ إمكاناتها في الاعتبار.

يجب أن يتسع الاهتمام بالتعليم لكل هذه الوسائل. ويجب أن تتوازن كل هذه المسئوليات والمهام، فإذا كانت الشرائط أفضل من الكتب في تعلم اللغات، فيجب أن نهتم بأشرطة التسجيل. وإذا كان تقديم “شوبان” مع تعليق على أقراص مدمجة يساعد الجمهور على فهم “شوبان”، فلا تقلق إذا لم يُقبل الجمهور على شراء سوى خمسة مجلدات من تاريخ الموسيقى، حتى لو كان صحيحًا أن الإعلام المرئي يطغى على الإعلام المكتوب، فالمشكلة ليست وضع الإعلام المرئي في مقابل الإعلام المكتوب، وإنما المشكلة هي كيفية تطوير كليهما. في العصور الوسطى  كان الإعلام المرئي للعامة أهم بكثير من الكتابة،  لكن كاتدرائية “كارتريس” لم تكن أقل ثقافيًا منImago Mundi of Honorius of Autun[3]. كانت الكاتدرائيات هي أجهزة التلفزيون في هذا العصر، والاختلاف بينها وبين تلفزيون العصر الحديث هو أن مُخرجي العصور الوسطى كانوا يقرؤون كُتبًا جيدة ولديهم الكثير من الخيال ويعملون من أجل الصالح العام (أو على الأقل ما يعتقدون أنه للصالح العام).

 

الكتب  مقابل الوسائل الأخرى

هناك ارتباك حول سؤالين بارزين:

  • هل سيجعل الكمبيوتر الكتاب شيئًا مهجورًا أو مُهملًا؟

  • هل سيجعل الكمبيوتر المادة المكتوبة والمطبوعة شيئًا مهجورًا أو مهملًا؟

دعونا نفترض أن الكمبيوتر سيجعل الكتاب يختفي (لا أعتقد أن هذا سوف يحدث، وسوف أتتناول هذه النقطة باستفاضة لاحقًا، لكن دعونا نفترض ذلك من أجل المناقشة) ومع ذلك، لن يستلزم هذا اختفاء المادة المطبوعة. وقد رأينا أنه من قبيل التفاؤل أن نأمل أن الكمبيوتر، خاصة برامج  الكتابة، سوف تساعد في إنقاذ الأشجار، فالكمبيوتر يشجع على إنتاج المادة المطبوعة. يمكننا أن نتخيل ثقافة دون كتاب، لكن بالرغم من ذلك سيتجول الناس حاملين أطنانًا وأطنان من الأوراق وسيكون هذا أمرًا غير عملي تمامًا وسيضيف مشكلة جديدة على المكتبات.

وقد رصد “دربي” حقيقة أن الحضارة العبرية كانت ثقافة تعتمد على الكتاب لا تنفصل عن حقيقة أنها كانت حضارة بدو هائمة. وأعتقد أن هذه ملحوظة مهمة للغاية، فقد استطاع المصريون أن ينقشوا سجلاتهم وتاريخهم على المسلات الحجرية، ولكن “موسى” لم يستطع. وإذا أردت أن تعبر البحر الأحمر فإن الكتاب وسيلة أكثر عملية في تسجيل الحكمة. وبالمناسبة فالحضارة العربية كذلك، وهى حضارة بدوية متنقلة، اعتمدت على الكتاب وقد فضلت الكتابة على الصور.

ولكن للكتب ميزة مهمة بالنظر إلى الكمبيوتر. فحتى لو كانت مطبوعة على ورق حمضي، والذي يظل باقيًا لمدة سبعين عامًا أو ما شابه، فإنها تدوم أكثر من الوسائل الممغنطة. بالإضافة إلى ذلك فهي لا تعاني من قصور أو نقص في الطاقة وأكثر مقاومة للصدمات الكهربية. وكما لاحظ “بولتر”: (ليس من الحكمة أن تحاول توقع التغيير التكنولوجي بعد أكثر من سنوات قليلة في المستقبل)، لكنه من المؤكد، حتى الآن على الأقل، ما زالت الكتب تعتبر أكثر وسيلة اقتصادية ومرنة لنقل المعلومات بأقل تكلفة.

إن الإعلام الإلكتروني يسبقك بينما يسافر الكتاب معك على نفس سرعتك، ولكن إذا تحطمت سفينتك ووجدت نفسك على جزيرة مهجورة فإن الكتاب سيكون مفيدًا لك وليس الكمبيوتر. وكما يشير “لاندو”: تحتاج النصوص الإلكترونية إلى محطات قراءة ووسائل فك الشفرة، لكن ما زالت الكتب أفضل رفيق لمسافر تحطمت سفينته ولليوم القادم كذلك.

وأنا على يقين، إلى حد ما، من أن التقنيات الحديثة سوف تعمل على اختفاء العديد من أنواع الكتب مثل الموسوعات والأدلة. خُذ على سبيل المثال مشروع الموسوعة الذي تعمل فيه مؤسسة “هورايزون أنليميتد”. فعند الانتهاء منه قد يحتوي على معلومات أكثر من الموسوعة البريطانية مع ميزة أنها تسمح بالمراجع المتقابلة واسترجاع غير خطي للمعلومات. وهكذا سنجد أن كل الأقراص المدمجة بالإضافة للحاسب الآلي سوف تشغل خُمس الحيز الذي تشغله الموسوعة والتي لا يُمكن نقلها أو تحديثها بسهولة مثل الأقراص الممغنطة، فليست لها المميزات العملية مثل الكتاب العادي، لذلك يمكن إحلالها بالأقراص الممغنطة تمامًا مثل دليل الهاتف. فالرفوف التي تشغلها اليوم في المنزل والمكتبات العامة أمتار وأمتار من مجلدات الموسوعة يمكن أن نتخلص منها في العصر القادم، ولن يكون هناك سبب للبكاء على اختفائها. ولنفس السبب اليوم لم أعد في حاجة إلى الصور الثقيلة لفنان لا مبال حيث يمكنني أن أرسل لحبيبتي صورة صادقة وبراقة. مثل هذا التغير في الوظائف الاجتماعية للرسم لم يجعله شيئًا مهجورًا ولا حتى الرسوم الواقعية لـ”أنيجوني” والتي لا تفي بغرض رسم صورة لشخص ولكن للاحتفاء بشخصية مهمة، لذلك فإن توكيل، شراء، إقامة معارض لهذه الصور يكتسب أبعادًا أرستقراطية.

سوف تظل الكتب لا غنى عنها ليس فقط في مجال الأدب ولكن لأي ظرف يحتاج فيه المرء للقراءة باهتمام ليس فقط ليتلقى معلومة، بل أيضًا ليتأمل ويتفكر.

إن قراءة شاشة الكمبيوتر ليست مثل قراءة كتاب. فكر في عملية تعلم كيف تستخدم إحدى البرمجيات، عادة ما يكون النظام قادرًا على عرض كل التعليمات التي تحتاجها على الشاشة، لكن المستخدمين الذين يرغبون في تعلم البرنامج عادة ما يطبعون هذه التعليمات ويقرؤونها كما لو كانوا يقرؤون كتابًا أو يشترون دليلًا مطبوعًا (دعوني أتجاوز عن حقيقة أنه من الواضح أن دليل الاستخدام الذي يأتي مع الكمبيوتر؛ على الإنترنت أو مطبوعًا؛ عادة ما يكتبه بلهاء متوترون وغير مسئولين، بينما يقوم أشخاص أذكياء بكتابة الكتب التجارية). ومن الممكن استيعاب أن برنامجًا مرئيًا يوضح بشكل جيد كيفية طباعة وتجليد كتاب، ولكننا لنحصل على إرشادات حول كيفية كتابة مثل هذا البرنامج نحتاج دليلًا مطبوعًا.

 وبعد قضاء أكثر من اثنتي عشر ساعة على جهاز الكمبيوتر، تصبح عيناي مثل كرات التنس وأشعر بالحاجة للجلوس في استرخاء على مقعد وثير لأقرأ جريدة أو ربما قصيدة  جيدة.

ويبدو لي أن الكمبيوتر ينشر شكلًا جديدًا من التعليم، ولكنه غير قادر على إشباع كل الحاجات الفكرية التي يستثيرها. وفي أوقات تفاؤلي أحلم بجيل الكمبيوتر الذي، مضطرًا لقراءة شاشة الحاسب، يصبح معتادًا على القراءة من الشاشة ولكنه في لحظة ما يشعر بعدم الرضا، ويبحث عن صيغة مختلفة للقراءة، بشكل أكثر استرخاء، وملزمة بطريقة مختلفة.

 

النشر  مقابل الاتصال

فُطر الناس على الرغبة في الاتصال مع بعضهم البعض. وفي المجتمعات القديمة كانوا يقومون بذلك شفهيًا، وفي المجتمعات الأكثر تعقيدًا حاولوا أن يقوموا بذلك عن طريق استخدام الطباعة. وللأسف فإن معظم الكتب المعروضة في المكتبات لا تزيد عن أنها منتجات لمطابع تافهة حتى لو كانت مطبعة تابعة لجامعة. وكما يشير “لاندو”؛ فنحن على أعتاب عصر “النشر  الذاتي”، وهكذا يصبح بوسع الناس أن يتواصلوا بشكل مباشر دون تدخل دور النشر، فكثير من الناس لا يريدون النشر، ببساطة يريدون أن يتواصلوا مع بعضهم البعض، وحقيقة أنه في المستقبل سوف يقومون بذلك عن طريق البريد الإلكتروني أو عبر شبكة الإنترنت سوف تكون نعمة كبيرة للكتب وللثقافة ولسوق الكتاب.

أنظر إلى متجر للكتب. هناك الكثير من الكتب. أتلقى الكثير من الكتب أسبوعيًا، ولكن إذا ما نجحت شبكة الكمبيوتر في الحد من كمية الكتب المنشورة، سيكون ذلك تطورًا ثقافيًا عظيمًا.

أحد الاعتراضات على التعليم الزائف للكمبيوتر؛ هو أن الشباب يصبحون معتادين أكثر وأكثر على الحديث من خلال صيغ مختصرة مشفرة مثل “dir, help, disk copy, error 67″، فهل هذا تعلم؟

أنا جامع للكتب النادرة وينتابني شعور بالسعادة عندما أقرأ عناوين القرن السابع عشر، التي  قد تحتل صفحة كاملة وأحيانا أكثر، تبدو مثل عناوين أفلام لينا ورتمولر. وكانت المقدمات تتجاوز صفحات طويلة. تبدأ بصيغ مطولة من المديح والثناء للمخاطب المثالي، عادةً ما يكون الإمبراطور أو البابا، وتمتد لصفحات وصفحات لتوضح أهداف وفضائل النص في أسلوب عصر الباروك المعقد. وإذا قرأ أدباء عصر الباروك كتبنا الحديثة، فسيصابون بالذعر والهلع حيث المقدمة صفحة واحدة توضح باختصار الإطار العام  لموضوع الكتاب، وتتوجه بالشكر إلى بعض المنح الوطنية والدولية، وتوضح بإيجاز أن الكتاب تم إنجازه بفضل حب وتفهم زوج أو زوجة وبعض الأطفال، وبراعة السكرتير الذي تولى كتابة النص اليدوي في صبر. نتفهم تمامًا كل الصعاب الأكاديمية والإنسانية التي تكشف عنها تلك السطور القليلة، مئات الليالي التي قُضيت في تأكيد الصور، وقطع الهامبورجر المجمدة التي أكلت بسرعة.

لكنني أتخيل أنه في المستقبل القريب سوف نجد ثلاثة سطور تقول “نحن، سميث، روكفيلر”، وسوف نفك شفرتها على أنها تعني “أشكر زوجتي، أبنائي والأستاذ سميث الذي راجع هذا الكتاب في صبر وأشكر مؤسسة روكفيلر، وسيكون هذا أسلوبًا بليغًا تمامًا مثل أسلوب عصر الباروك. إنها مشكلة البلاغة والاعتياد عليها. أعتقد أنه في السنوات القليلة القادمة سوف نبعث برسائل الحب العاطفية في شكل مقدمة قصيرة للغة البيزيك في صيغة “لو………. إذن” حتى نحصل، كمدخل، على رسائل مثل “أنا حبك، لذلك لا يمكنني أن أعيش دونك”. (وبالإضافة إلى ذلك، تم إعداد قائمة لأفضل أعمال الأدب الإنجليزي المميزة بلغة البرمجة، وعلى ما أذكر ففي إحدى هذه اللغات تصبح أكون أولا أكون هكذا… 2 B OR Not 2B ). 

هناك فكرة غريبة تشير إلى أنه كلما تحدثت بلغة شفهية، أصبحت أكثر عمقًا وتفكرًا. يخبرنا “مالارميه” أن تهجي “وردة” كافٍ لاستثارة كون من الروائح والأشكال والأفكار. من المعتاد في حالة الشعر أن الكلمات الأقل تعبر عن أشياء أكثر. ثلاثة سطور من “باسكال” تقول أكثر من مائة صفحة طويلة ومملة لبحث عن الأخلاقيات والميتافيزيقا. إن السعي وراء تحقيق المعرفة الجديدة والدائمة يجب ألا يكون سعيًا وراء كمية معلوماتية أولية. فأعداء  المعرفة يختبئون في مكان آخر.

 

ثلاثة أنواع من النص المتشعب

ماذا نعني بالنص المتشعب؟ بداية يجب أن نضع تمييزًا دقيقًا بين الأنظمة والنصوص، فالنظام (على سبيل المثال، النظام اللغوي) هو كل الإمكانات التي تعرضها لغة طبيعية. وفي هذا الإطار، فإنه يحيط بقواعد العلامات غير المحدودة، كما عرفها “بيرس”؛ كل عنصر لغوي يمكن تفسيره من منظور علم السيموطيقا…. كلمة بتعريفها وحدث بمثال ونوع طبيعي بصورة، وهكذا قد يكون النظام محدودًا ولكنه غير محدد. فأنت تتحرك في شكل حلزوني. من هذا المنظور؛ فكل الكتب المفهومة تكون قد وضعت من خلال وفي إطار معجمي جيد. وهكذا فإذا كنت قادرًا على استخدام قاموس ويبستر الثالث، فيمكنك أن تكتب كلًا من “الفردوس المفقود” و”عوليس”. ومن المؤكد، إذا كان الحال كذلك، فإن النص المتشعب يمكنه أن يحول كل قارئ إلى مؤلف. وليس عليك سوى أن تقدم نظام النص المتشعب لكل من شكسبير ودان كوايل لتتوفر لديهما كل المميزات اللازمة لكتابة “روميو وجولييت”.

قد يثبت أنه من الصعب إنتاج نفس هذا النظام من النصوص، رغم ذلك، فإذا أخذت على سبيل المثال موسوعة “هورا يزون أنليميتيد”، فمن المؤكد أن أفضل تفسيرات القرن السابع عشر قد وردت فيها. الأمر يعتمد على قدرتك على العمل من خلال الروابط الموجودة سلفًا، ومع معرفتك وفهمك لهذا النظام، تكون لك كامل الحرية في أن تكون “جيبون” أو “والت ديزني”. وفي الحقيقة، قبل ظهور هذا النوع من النصوص المتشعبة، كان بوسع الكاتب أن يكتب أي كتاب أو قصة أو قصيدة أو رواية بمساعدة  معجم جيد.

لكن النص ليس نظامًا لغويًا أو موسوعيًا. فأي نص يعمل على الحد من الإمكانات غير المحدودة وغير المحددة لنظام ما ليخلق عالمًا مغلقًا. وعمل مثل “صحوة فينيجانز” يُعد بالتأكيد عملًا مفتوحًا للعديد من التفسيرات، لكنه لن يقدم لك أبدًا دليلًا لأعمال مثل “النظرية الأخيرة” لـ”فيرمات” أو “البيبلوجرافيا الكاملة” لـ”وودي ألان”. يبدو هذا أمرًا تافهًا، لكن الخطأ الفعلي للتفكيكيين غير المسئولين، أو النقاد أمثال “ستانلي فيش”، هو تصديق أنه بالإمكان عمل كل شيء نريده في النص، وهذا خطأ صارخ. فالنص المتشعب لـ”يوسا” عن المجموعة الكاملة لـ”توما الأكويني” يُعد بمثابة أداة رائعة. وبنظام مثل النص المتشعب الذي يستند إلى “ويبستر الثالث” و”الموسوعة البريطانية” يُمكنك عمل ذلك، أما مع نص متشعب مرتبط  بعالم “الأكويني” فلا يمكنك ذلك. ويعتبر النص المتشعب محدودًا ومحددًا رغم  أنه مفتوح على عدد لا يُحصى من التساؤلات الجوهرية.

هناك احتمال ثالث، والذي أشار إليه “مايكل جويس” بأننا قد نستوعب هذه النصوص غير المحدودة والمحددة، وكل مستخدم يمكنه إضافة شيء ويمكنك أن تطبق هنا نوعًا من القصص التي بلا نهاية. عند هذه النقطة سوف تختفي الفكرة الكلاسيكية عن التأليف، وسيكون لدينا طريقة جديدة لتطبيق مفهوم الإبداع الحر، فمثلًا مؤلف كتاب “العمل المفتوح”، الجزء الأول، لا يمكنه إلا أن يرحب بهذا الاحتمال. ورغم ذلك هناك فرق بين تنفيذ نشاط إنتاج نصوص وبين وجود نصوص مُنتجة بالفعل. ستكون لدينا ثقافة جديدة حيث يوجد فرق بين إنتاج عدد غير محدود من النصوص وبين التفسير الدقيق لعدد محدود من النصوص. وهذا ما يحدث في ثقافتنا الحالية، حيث نُقَيّم بشكل مختلف عزفًا مسجلًا للسمفونية الخامسة لبيتهوفن وحفلًا لموسيقى الجاز.

نحن نتقدم نحو مجتمع أكثر تحررًا حيث يتعايش فيه الإبداع الحر مع التفسير النصي. ويعجبني ذلك. المشكلة في القول بأننا استبدلنا شيئًا قديمًا بآخر. لدينا الاثنان معًا، حمدًا لله. فالتنقل بين محطات التليفزيون أمر ليس له علاقة بقراءة فيلم. يُقدر مشاهدو التليفزيون من الإيطاليين “بلوب” كعمل فريد في مجال البرامج المسجلة، لأنه يدعو كل شخص لاستخدام التليفزيون بحرية، لكن ذلك ليست له علاقة بإمكانية أن يقرأ كل شخص فيلمًا لـ”هتشكوك” أو “فيلليني” كعمل فني في ذاته.

 

التغيير مقابل الدمج

يذكر “ديبري” أن اختراع الصور حرر الرسامين من الالتزام بالمحاكاة. ولا يسعني هنا إلا أن أوافق على ذلك، فبدون اختراع “داجوري” لم يكن من الممكن أن تظهر المدرسة الانطباعية. لكن فكرة أن التكنولوجيا الجديدة تلغي دورًا سابقًا، تعد فكرة مبسطة للغاية. فبعد اختراع “داجوري”، لم يعد يشعر الرسامون بأنهم مضطرون أن يكونوا مجرد صناع (عمال) مُكلفين بإعادة إنتاج الواقع كما نراه. لكن هذا لا يعني أن اختراع “داجوري” شجع فقط على الرسم المجرد، فهناك مدرسة كاملة في الرسم الحديث لم تكن لتظهر دون النموذج التصويري. لا أفكر فقط في الواقعية المفرطة بل أيضًا (دعوني أقول ذلك) فيما قاله “هوبر”: الواقع تراه عين الرسام من خلال عين تصويرية.

من المؤكد أن اختراع السينما أو النصوص الكوميدية المصورة قد حرر الأدب من بعض مهام القص التي كان يؤديها تقليديًا، لكن لو أن هناك شيئًا مثل أدب ما بعد الحداثة، فسيتواجد لأنه تأثر بشكل كبير بالسينما أو التصوير الكوميدي، وهذا يعني أنه في تاريخ الثقافة لم يحدث أبدًا أن شيئًا قتل شيئًا آخر. ولكن هناك شيئًا عمل على تغيير شيء آخر بشكل جاد.

يبدو لي أن التناقض الحقيقي ليس بين الكمبيوتر والكتب، ولكنه بين الكتابة الإلكترونية والكتابة اليدوية أو المطبوعة. لقد ذكرت سلفًا مغالطة “ماكلوهان” الأولى، طبقًا لها حلت المجرة المرئية محل مجرة جوتنبرج. أما بالنسبة لمغالطته الثانية فهي تتمثل في أننا نعيش في مجتمع إلكتروني جديد يتسم بالعالمية بقدر كافٍ ولكنه ليس قرية، إذا كان ذلك يعني مجتمعًا إنسانيًا حيث يتفاعل الناس مع بعضهم البعض بشكل مباشر. المشكلة الحقيقة للمجتمع الإلكتروني هي العزلة. فالمواطن الجديد في هذا المجتمع الجديد لديه الحرية في أن يخترع نصوصًا جديدة، يلغي الفكرة التقليدية عن التأليف، يلغي الانفصال التقليدي بين القارئ والمؤلف، يكسو الأفكار الشاحبة لـ”رولان بارت” و”جاك دريدا” بالعظم واللحم (على الأقل هذا ما  سمعته من المتحمسين للتكنولوجيا، سيكون عليك أن تسأل دريدا إذا كان تصميم النص المتشعب حقًا يطرد شبح المعنى المبهم….. أنا لست راعيًا لأخي….. وبقدر ما يهتم بارت، كان هذا في بلد آخر، وبالإضافة إلى ذلك فقد توفي). لكننا نعرف أن قراءة نص بعينه، دعنا نقول، موسوعة “ديديرون”، يحدث تغييرًا في الشئون الأوربية، فماذا سوف يحدث مع شبكة الإنترنت؟

أنا متفائل. أثناء حرب الخليج أدرك “جورج لاكوف” أن أفكاره عن الحرب لا يمكن نشرها قبل نهاية الصراع. ولذلك فقد اعتمد على شبكة الإنترنت ليطلق تنبيهًا في وقته. من الناحية السياسية والعسكرية كانت مبادرته غير ذات قيمة لكن هذا لا يهم، فلقد نجح في الوصول إلى مجموعة من الأشخاص حول العالم لديهم نفس شعوره.

هل يمكن للكمبيوتر أن يكون أداة ليس فقط للربط بين اثنين من النفوس المنعزلة بل أيضًا بين مجتمع حقيقي من الأفراد المتفاعلين؟ فكر فيما حدث عام 1968 باستخدام نظم الاتصال التقليدية، مثل الصحافة والإذاعة والرسائل المكتوبة، لقد تورط جيل كامل من أمريكا إلى فرنسا، ومن ألمانيا إلى إيطاليا، في صراع مشترك. لا أحاول تقييم ما حدث من الناحية السياسية أو الأخلاقية. ولكنني ببساطة أسجل أنه حدث. وبعد سنوات عديدة، ظهرت حركة طلابية ثورية في إيطاليا، لا تستند إلى المبادئ الماركسية كما كانت سابقتها. كانت سمتها الرئيسة هي أنها حدثت عن طريق جهاز الفاكس، بين الجامعة والجامعة، تم استخدام تكنولوجيا جديدة لكن كانت النتائج هزيلة نوعًا ما. فقد  تم احتواء هذه الانتفاضة في غضون شهرين. لم تستطع تكنولوجيا الاتصال الجديدة أن تمنح الروح لحركة ما لمجرد مجاراة ما هو سائد فقط.

وقد حاولت الحكومة الإيطالية مؤخرًا أن تفرض قانونًا جديدًا أهان مشاعر الشعب الإيطالي. وقد تم توصيل رد الفعل العام من خلال جهاز الفاكس. وفي مواجهة العديد من رسائل الفاكس وجدت الحكومة نفسها مضطرة لتغيير القانون، وهذا مثال جيد للقوة الثورية لتقنيات الاتصال الحديثة. لكن بين رسائل الفاكس وإلغاء القانون حدث ما هو  أكثر من ذلك، كنت مسافرًا خارج البلاد، ورأيت فقط الصور في الصحف الأجنبية وقد صورت مجموعة من الشباب معًا، في مسيرة أمام البرلمان وهم يحملون لوحات غاضبة. لا أعرف ما إذا كانت رسائل الفاكس وحدها تكفي أم لا. بالتأكيد تبادل رسائل الفاكس خلق نوعًا جديدًا من الاتصال بين الأشخاص، ومن خلالها أدرك الناس أن عليهم أن يلتقوا معًا ثانية.

في أول هذه القصة كانت هناك أيقونة، ابتسامة “بيرلوسكونى” التي أقنعت كل من يراها من الإيطاليين ليصوتوا له. بعد ذلك شعر كل المعارضين بالإحباط والعزلة. فاز رجل الإعلام. ثُمّ، في مواجهة غضب لا يُحتمل، كانت هناك تقنية جديدة أعطت الناس إحساسًا بعدم الرضا إلى جانب القوة. ثُمّ  جاءت اللحظة التي خرجوا فيها من عزلة استخدام الفاكس ليلتقوا معًا ثانية، ويفوزوا.

من الصعب نوعًا ما أن تصيغ نظرية من واقعة واحدة، لكن دعوني أستخدم هذا المثال مجازًا، عندما ينجح التتابع المتكامل للوسائط المتعددة للأحداث في أن يعود بالناس إلى الواقع غير العملي فإن شيئًا جديدًا سيحدث.

ليس لدي قاعدة للأحداث التي لها نفس الإطار، وأدرك أنني أقترح منهج “كاسيدوروس”*، وأن استعارتي تبدو مثل تركيبة “روب جولبرج” ** مثلما قدمها جيمس. ج. أودونيل.

ويبدو لي نموذج “روب جولبرج” أنه النموذج الميتافيزيقي الوحيد لمستقبلنا الإلكتروني.

……………………

* فلافيوس ماجنوس أيورليوس كاسيدورس سيناتور(490 – 585). وكان قد بدأ حياته كرجل دولة، ثم تحول إلى راهب.
وتم تقديم سيرته الوافية لأول مرة عام 1979 بواسطة “جيمس. ج. أودونيل”.
** روب جولبرج (1883 ـ 1970)، حصل على جائزة بوليتزر في مجال الكارتون، وهو كذلك نحات ومؤلف. ولد في سان فرانسيسكو وتخرج  مهندسًا في جامعة بيركلي.
……………………
ـ من ندوة حول مستقبل الكتاب عقدت بجامعة سان مارينو في  يوليو1994.
ـ يوجد هذا المقال أيضا فى مجلد تحت عنوان مستقبل الكتاب، (مطبعا كاليفورينا، جامعه بركلي،1997) تحرير جيوفرى ننبرج، يضم المجلد اثنى عشر ورقة عمل من الندوة.
المصدر: موقع أومبرتو إيكو على الإنترنت.
 [1] في كتابه فيدروس، يشرح أفلاطون عملية سقوط النفس البشرية إلى عالم المحسوسات – بعد أن عاشت في العالم العلوي – من خلال اتحادها مع الجسد. لكن هذه النفس، وعن طريق تلمُّسها لذلك المحسوس، تصبح قادرة على دخول أعماق ذاتها لتكتشف، كالذاكرة المنسية، الماهية الجلية التي سبق أن تأمَّلتها في حياتها الماضية: وهذه هي نظرية التذكُّر، التي يعبِّر عنها بشكل رئيس في كتابه مينون، من خلال استجواب العبد الشاب وملاحظات سقراط الذي “توصل” لأن يجد في نفس ذلك العبد مبدأً هندسيًّا لم يتعلَّمه هذا الأخير في حياته.
 [2] الكتاب المقدس للعامة.. نسخة مصورة من الكتاب المقدس ظهرت لأول مرة في عصر القديس أنسجار، رئيس أساقفة همبورج ـــ بريمن، ثم ظهر مطبوعًا في العصور الوسطى. وتم إعداد لتوضيح تشابه الرموز بين العهدين القديم والجديد.
[3] المختصر في الفلك والجغرافيا، لـ”هورنيوس”، بداية القرن الثاني عشر. وعُرف هورنيوس في البداية كقس في كنيسة “أوتون”، لكن لاحقا استقرت الآراء على أنه كان باحثا ومفكرا رحالة، عاش لفترة في انجلترا ثم ألمانيا التي عاش فيها كراهب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق