‏إظهار الرسائل ذات التسميات جيمس جويس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات جيمس جويس. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 28 أغسطس 2011

الأدباء الكبار بين المدونات وفيسبوك وتويتر


فى مقالها بالجارديان تميل شارلوت هيجينز لفكرة استخدام جيمس جويس لتويتر – إن كان معاصرا لنا بالطبع، محيلة إلى وجهة نظر كاتب سيرته الذاتية جوردون بوكر الذى أشار إلى أن جويس كان مولعا بالتقنيات الحديثة، كمثل ولعه بالسينما وتقنياتها، والتليفون حتى أنه قال عنه إنه لو عاصر ظهور الموبايل لما تركه.

أفكر بالتالى فى الأدباء الكبار – تحديدا بعض الأدباء الذين تهتم بهم هذه المدونة – وهل لو عاصروا وسائط الإنترنت الاجتماعية كانوا سيستخدمونها؟

أعتقد أن أوسكار وايلد كان سيهتم بشكل كبير بالفيسبوك وتويتر، ورغم احتقاره البين للمجتمع حوله الذى سيظهر فى ستاتوساته وتويتاته على الموقعين، إلا إنه سيمتلك عددا كبير من الأصدقاء على الفيسبوك والفولوورز على تويتر. سيستخدم وايلد الموقعين لوضع تعليقاته القصيرة اللاذعة التى ستتحول لمقالات وحوارات لمسرحياته فيما بعد، أو أحيانا سيستخدم الاقتباسات المنتقاة من مقالاته ومسرحياته الفعلية، وايلد المولع بنفسه سيختار بعناية الصورة الشخصية التى سيضعها فى بروفايله على الفيسبوك، التى ستظهر ملامحه الجميلة وشعره الناعم وربما قامته الجذابة. يقول أليكس روس فى المقال الذى كتبه عن أوسكار وايلد فى النيويوركر أن لورد هنرى، أحد الشخصيات الثلاث الرئيسية فى رواية صورة دوريان جراى، لو كان معاصرا لنا لكان يقضى وقتا طويلا على الإنترنت، لورد هنرى صاحب الأفكار السامة التى تظل بالنسبة له مجرد أفكار لا ينفذها فى الواقع، كما يقول عنه بازيل هالوارد "أنت لا تقول شيئا أخلاقيا، ولا تقوم بشىء خاطئ"، تاركا هذه المهمة لتلميذه دوريان جراى، كان سيقضى الوقت الآن على الفيسبوك وتويتر محللا نفسيات مستخدمى الموقعين. ولكن لورد هنرى الذى "يعتقد الناس أنه (وايلد)" كما يقول وايلد، ربما لا يتورط فى شرور العالم مثلما سيفعل أوسكار، فالوقت الطويل الذى سيقضيه وايلد على الإنترنت لن يمنعه من المشاركة الاجتماعية على أرض الواقع. وربما صورته وجاذبيته التى سيحاول تقديمهما بعناية على الفيسبوك سيساعدانه على صنع دائرة أصدقاء حميمة يمكنها أن ترضى ميوله الجنسية بشكل يسير وآمن.

فرناندو بيسوا لن يكون مولعا جدا بالفيسبوك وتويتر، ربما سيكون لديه حساب على الفيسبوك ولكن لن يتجاوز عدد أصدقاءه العشرات، نفوره من مظهره سيجعله يتحفظ على وضع صورة شخصية له، الأرجح أنه سيحتفظ بالصورة الباهتة التى يضعها الفيسبوك لمن يتكاسلون عن وضع صورة شخصية، ولن يضيف الكثير من المعلومات عن نفسه، أو يشارك فى تزويد حائطه بشكل مستمر مما سيجعله غير مثير للاهتمام لمستخدمى الفيسبوك. ولكن ولع بيسوا الأساسى سيكون بالمدونات، أعتقد أنه سيهتم بها سريعا ومن وقت مبكر، مجموعة من المدونات – أربعة أو أكثر – ستظهر وتؤثر فى الأوساط الأدبية، تتنوع من حيث كونها تحمل نثرا أو شعرا أو مقالات أو ترجمات أو حتى آراء سياسية وفلسفية، هذه المدونات ستُقدَم للجمهور على أنها نتاج شخصيات مختلفة ذات خلفيات تاريخية متنوعة تمثل كل ما يمكن أن تمثله الإنسانية فى عصرنا، ولكن هذه الشخصيات لن يكون لها أى أثر واقعى، ولن يعرف أحد أن فرناندو بيسوا هو القائم على هذه المدونات.

نجيب محفوظ سيتابع وسائط الإنترنت بحرص واهتمام، ولكنه سيتحفظ على عمل حساب له بالفيسبوك أو التويتر، رغم أن عددا من أصدقائه ومريديه سيقترح عليه ذلك، بل أن بعضهم سيصنع باسمه حسابات ويحاولون تسليمها له. محفوظ سيرفض كل ذلك، وسيكتفى بعمل مدونة إلكترونية (غير جذابة) تكتفى بإعادة نشر مقالاته التى تنشر فى الصحف، ويضع عليها قصصه القصيرة التى يكتبها كاستراحات من كتابة الروايات، المدونة من وجهة نظره سيكون هدفها التواجد والوصول للقراء الشباب. ولكن بعد وقت لا بأس به سيفاجأ الوسط الأدبى برواية لمحفوظ تدور أحداثها عن شخصيات تتعامل بشكل مباشر مع وسائط الإنترنت كالفيسبوك وتويتر، سيندهش الجميع من طابع الرواية ولغتها القريبة من لغة الشباب. سيتحفظ البعض ويقول إن محفوظ يتحرك فى عالم ليس خبيرا به، أو أن الرواية كانت تحتاج شابا متعايشا مع هذه الأوساط ليكتبها وتكون أفضل، ولكن فى النهاية ورغم كل الانتقادات ستثير الرواية الإعجاب مثلما ستثير الدهشة.

صمويل بيكيت شخصيته تنفر من الاجتماعيات بصفة عامة، وجل كتاباته تدور حول الفشل فى التواصل بين الناس، وربما تجعله مواقع التواصل الاجتماعى أكثر يقينا من هذه الفكرة. أما فكرة أن يكون لديه حساب على تويتر أو الفيسبوك أو حتى مدونة فسوف يقابلها بصمت وسخرية داخلية. ولكن فى وقت ما سيقنعه أكاديمى ومعجب أمريكى بأن يتعاون معه فى إنشاء موقع مختص بكتابات بيكيت والدراسات التى أجريت حولها. سيتعاون بيكيت مع الأمريكى بحرص فى البداية، ولكن فى لحظة ما سيقنعه الأمريكى بأن يضع نصوصه التى لا تصنف كأشكال تقليدية - كقصة أو قصيدة أو مسرحية - على مدونة ملحقة بالموقع، هذا الذى سيفعله بيكيت، لتُجمع هذه النصوص وتُصنف فى أعماله الكاملة – إلى جانب النصوص الإذاعية والتلفزيونية والسينمائية – على أنها نصوص الإنترنت. ولكن بعد وفاته سيكشف الأكاديمى الأمريكى أن بيكيت تأثر بشكل كبير بوسائط الإنترنت وإن كان هذا لا يبدو للقارئ غير المتعمق، مبينا أن الحوارات التى تتكون من جمل قصيرة لا تفضى إلى شئ التى تتميز بها أعماله المسرحية الأخيرة هى أشبه بالحوارات التى يتبادلها مستخدمو التويتر.

أمير زكى
أغسطس 2011

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

روايات جويس تتحول إلى قصص مصورة




لا يزال أدب الأيرلندى الشهير جيمس جويس – أحد أهم أدباء القرن العشرين – عصيا على القراءة بالنسبة للكثيرين، ولأن أعماله تتسم دوما بالصعوبة والغموض فقد حاول النقاد والأكاديميين والمحبين لأدبه استخدام الكثير من الوسائل المساعدة لتيسير قراءته، أدى ذلك لظهور عشرات الكتب الشارحة لرواياته ودلالاتها، وأيضا تشكيل العديد من مجموعات القراءة التى يتبادل أعضاؤها أفكارهم حول أعماله. وفى عيد بلوم هذا العام – وهو يوم 16 يونيو الذى تحتفل فيه الأوساط الثقافية الغربية سنويا باليوم الذى دارت فيه كل أحداث رواية يوليسيس وسمى عيد بلوم على اسم شخصية ليوبولد بلوم بطل الرواية - ظهر برنامج إذاعى أسبوعى للكاتب الأيرلندى ومذيع البى بى سى السابق فرانك ديلانى يتناول فيه رواية يوليسيس بالشرح والملاحظات.

ولكن جهود محبى جويس لم تتوقف عند هذا الحد، الفنان الأمريكى روبرت بيرى الذى كان يحضر مجموعات قراءة رواية يوليسيس فكر فى تحويلها إلى عمل مصور وأن ينشره على شبكة الإنترنت مستخدما تقنياتها فى إمكانية فتح صفحات موازية للشرح والتعليق على كل رسم، مثلما يحدث تعليق على كل فقرة من الكتاب أثناء القراءة الجماعية. بدأ بيرى مشروعه فى يوم عيد بلوم عام 2008 على مدونة مجانية بمشاركة الأكاديمى المختص بجويس مارك بارزانتى، ومصمم المواقع جوش ليفيتاس قبل أن ينتقل المشروع إلى موقع خاص بهم فى عيد بلوم فى العام التالى. مشروع بيرى لقى اهتماما من عدة اتجاهات، فالجزء الأول الذى انتهى منه (الجزء المعنون بتليماخوس) شهد حوله مناقشات عديدة من القراء، بالإضافة إلى مشاركة بعضهم فى التمويل المطلوب من فريق العمل لاستكمال المشروع، حتى أنه أصبح متاحا من قبل شركة آبل كتطبيق على أجهزة الآى باد، غير التخطيط لنشره ورقيا فى المستقبل.

مشروع مشابه وإن كان حظه من الشهرة أقل يقوم به ستيفن كرو فى مدونته (اليقظة قيد التحقق)، الشهرة الأقل ربما يكون سببها أنه يقوم برسم الرواية الأصعب لجويس وهى يقظة فينيجان، المحتوى التعليمى يقل فى مدونة كرو خاصة لأنه يعمل وحده بالمدونة، ولكن مع ذلك فأحد أهدافه كما يذكر هو دفع الناس لقراءة الرواية.
عدد من الأعمال الأدبية الشهيرة تحولت مؤخرا إلى كتب مصورة، منها المحاكمة لكافكا وموبى ديك لهرمان ملفيل وماكبث لشيكسبير، ولكن هذه الأعمال تحمل حبكة وأحداثا تساعد فنان الجرافيك على التعامل معها، فى حين تصبح المهمة مع جويس صعبة للتقنيات الأدبية المختلفة التى يستخدمها.

وصعوبة روايات جويس، هى ما تجعل روبرت بيرى يذكر فى أحد الحوارات أنه لا يستطيع أن يفكر فى أى مشروع مشابه فى المستقبل لأنه سيعمل على يوليسيس طوال السنوات العشر القادمة. كذلك ستيفن كرو الذى يشكو أن عاما كاملا قد مر قبل أن ينهى الفصل الأول من يقظة فينيجان.

ولا تتوقف الصعوبات عند بطء المهمة، فرواية يوليسيس التى تم منع تداولها فى أمريكا وإنجلترا فى عشرينيات القرن الماضى لأسباب أخلاقية، صادفت نسختها المصورة مشكلة شبيهة مع شركة آبل التى وجدت بعض الصور المرسومة فيها غير لائقة لظهور أجساد عارية فيها، حاولت الشركة تعديل هذه الصور ثم تراجعت بعد الصخب الإعلامى الذى أحدثته تلك المحاولة. وربما كان لهذا الصخب جانبه الإيجابى فى الترويج لمشروع بيرى، ولكن لا يزال التحدى الأخلاقى قائما مع التقدم فى رسم الرواية.

موقع يوليسيس مرئية: www.ulyssesseen.com


مدونة اليقظة قيد التحقق: wakeinprogress.blogspot.com


نشر فى الأهرام المسائى 6/11/2010

الأحد، 22 أغسطس 2010

جيمس جويس يكتب عن صورة دوريان جراى لأوسكار وايلد



عن خطاب من جويس لشقيقه ستانيسالوس جويس، بتاريخ 19 أغسطس 1906، من كتاب خطابات جيمس جويس، المجلد الثانى.

الترجمة عن كتاب (التراث النقدى المتعلق بأوسكار وايلد (Oscar Wilde: The Critical Heritage
ترجمة: أمير زكى
أغسطس 2010
***

انتهيت للتو من قراءة دوريان جراى*، بعض الفصول مثل هيوسمانس** يحصر فيها الرذائل، يضع قوائم بالعطور والأدوات. الفكرة الأساسية رائعة؛ دوريان مفرط الجمال، ولكنه يصبح شريرا جدا، هو لا يكبر فى حين تكبر صورته. أستطيع تصور المادة التى استطاع من قاضى وايلد استخدامها، فليس من الصعب قراءة ما بين السطور. يبدو أنه كان لوايلد نيات طيبة أثناء كتابته للرواية، أمنية ما بأن يضع نفسه أمام العالم، ولكن الكتاب مثقل بالأمثال والأكاذيب، فلو كانت لديه الشجاعة لأن يطوّر تلميحاته فى الكتاب لربما كان أفضل، أعتقد أنه فعل ذلك فى بعض الكتب التى نشرت بشكل محدود.



* أخطأ جويس وكتب Grey بدلا من Gray.
**  يوريس كارل هيوسمانس Joris-Karl Huysmans (1848-1907) أديب فرنسى، من أشهر كتبه رواية (ضد الطبيعة)، ويقال إن تلك الرواية هى التى أطلق عليها وايلد فى (دوريان جراى) الكتاب الأصفر، ذلك الذى أهداه لورد هنرى لدوريان فأثر فيه تأثيرا بالغا وساعد على إفساده.