توقيف المسار الديمقراطي 1992 لم تعد ترتهن إلى عنصر المفاجأة و لا المنافسة، ببخطى سياسية حثيثة واثقة من الفوز، و جسم عليل أنهكه المرض؛ لدرجة أن جعل منه مجرد صورة شاخصة لا تستطيع الحركة و لا تقوى على الكلام ! يتجه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة البالغ من العمر 77 سنة إلى عهدة رئاسية رابعة. بعد أن حَسم أو قل حُسِم أمر ترشحه، و معه أمر الرئاسة عموما؛ فمجرد أن يقرر الرئيس التَّرشح فهذا يعني في الجزائر تمديد رئاسي جديد ! نظرا لانعدام أدنى أمل في حدوث مفاجأة كيف ما كانت؛ فالانتخابات في الجزائر بعدقدر ما حسم أمرها على اعتبار أن نتائجها معروفة سلفا من قبل أن تجرى. ففي الجزائر مرشحان لا ثالث لهما: مرشح السلطة، و هو المرشح الموعود بالرئاسة سلفا؛ و مرشح أو _ مرشحون بصيغة الجمع _ لتنشيط العملية الانتخابية عادة ما يطلق عليهم المرشح الأرنب “le candidat lièvre “. و هؤلاء عادة ما ينالون بعض المكاسب السياسية بعد انتهاء “الكرنفال الانتخابي” لقاء جهودهم التنشيطية، بحيث يؤثثون مشهد المعارضة الانتقائية الجديدة. و قد يلحقون بالحكومة مثل ما حصل مع محمد السعيد مرشح انتخابات الرئاسية ل 2009 و الذي حصل على اعترف له في 2012 بحزبه الحرية و العدالة؛ ثم ألحق بعدها بالحكومة ليحتل بوزير الاتصال.
و مع ذلك يبقى العنصر الغيبي حاضرا و بقوة؛ و لأن الآجال بيد الله؛ ففي حالة وفاة مفاجئة للرئيس أثناء الانتخابات أو مباشرة بعدها؛ من شأن طبخة التمديد الرئاسي أن تفسد، ما سيعيد عقارب الساعة إلى حالة الصفر !
مقتبس من مقال بعنوان:الجزائر ومسار السنوات العجاف، الطريق الى قصر المرادية لرشيد شريت