لهدف من كتاب هنري ميللر على ما نقرأ، هو ان يحكي قصة حياته. عنوان الكتاب: «الكتب في حياتي» صادر عن «دار المدى» والترجمة لأسامة منزلجي، يحكي عن الكتب كتجربة حيوية، وليس دراسة نقدية ولا يحتوي برنامجاً لتثقيف النفس. ميللر يرى انه وجدت في السابق وستوجد دائماً كتب ثورية حقاً، أي مُلهمة وملهِمة، وهي نادرة طبعاً. والمحظوظ من يصادف حفنة منها في حياته. وزيادة على ذلك، هذا النوع من الكتب لا يغزو الجمهور العام. انها المخزون الخفي الذي لا يغذي الرجال الأقل موهبة الذين يعرفون كيف يجذبون رجل الشارع. إن النتاج الأدبي الشاسع في المجالات كلها، يتألف من أفكار مستهلكة، والسؤال الذي يطرحه ميللر هنا، والذي لم يجد له جواباً للأسف، هو إلى أي مدى سيكون عملاً مؤثراً تقليص المخزون الفائض من العلف الرخيص. واليوم هناك شيء واحد مؤكد: ان الأميين حتماً ليسوا الأقل ذكاء بيننا.
«الكتب في حياتي» يراه الناقد أحد أفضل ثلاثة أو أربعة من كتب هنرى ميللر التي يحبها قراؤه. انه كتاب وضع فيه ميللر الكثير من الفكر والجهد. وهو كان يوّد لو انه استطاع ان يضيف إليه جزءاً ثانياً أو ثالثاً، بما انه لم يأت إلا على ذكر عدد ضئيل من الكتّاب الذين أولع بهم وكان تأثيرهم عليه هائلاً. بل ان بعض أصحاب اقوى تأثير في ميللر لم يقترب منهم حتى.